أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايناس البدران - تحت المطر














المزيد.....

تحت المطر


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 1652 - 2006 / 8 / 24 - 06:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


باكر النهار.. والشمس مغللة بالغبش، تبدت السماء كأقرب ما تكون الى الارض تتزاحم غمائمها لتعكس ظلالا خالجها الرمادي بالعاجي المضيء.

ما لبثت ان نثت ابرا قزحية على المارة، مما دفعهم الى حث خطاهم واتقائها بمظلة او صحيفة. اما هي فأختارت غصنا ظليلا افلح في درء بضع قطرات عنها. رائحة القهوة مازالت عالقة بأنفاسها، وبقايا دفء يسري في عروقها.

مع بدء دبيب الحياة اشتد انهمار المطر وصار يتقافز ثقلا على الحشائش الصفر العائمة مكونا بركا صغيرة اذكت المكان برائحة الارض الطيبة حيث يغمرها المطر.

كانت تغالب عذاب الانتظار بمتابعة لحن صباحي بعيد.. وتنقل نظرها ما بين الزرع المنتشي ببشائر الخصب، والطريق الاسفلتي المغسول بالماء.

برهة وانشقت الارض عن كوة من لهب واهتزت ارجاؤها لعصف دموي مزق ثوب الامان ناصع البياض.. غامت الرؤى امامها وهي تتلقى صفعة مدوية ادمت خدها بلحاء شجرة صفصاف فالتصقت بها مستغيثة في التحام جنيني. ذابت رفرفة اجنحة مذعورة في صمت مريب، غدا الدخان سيد الموقف ازاح ستار السكون اخيرا صوت انين تلقفه صدى بعيد الاصوات تتناهى تعلو لتختلط بدوي الصدمة بالدم المسفوح مشربا بالمطر بركام الرماد. الاجساد التي اغفلها الانفجار خلفها للدوار بمتاهات الهلع، الاقدام غاصت بأوحال بؤر غرينية ضاربة للحمرة بعدها سكن كل شيء.

طفت على سطح عقلها كلمات قالها يوما:

- ان عالمنا هذا قابل للتشكل وفيه متسع للجميع، لم تكن الحياة بالنسبة لهما استسلاما او انتظارا لقدر محتوم، ولا حتى بحثا عن حلم وردي.. وانما اختيار مسؤول حد المجازفة وتجريب لسبر اغوار ومحاولات لاكتناه حقائق اسمى واغنى.

حمل الصدى في الريح حشرجة غشي عينيها الدمع وهي ترنو الى اشلاء كانت عيونا حالمة قبل قليل تتأمل تفحم الشجر، تصدع الجدران، اصطبغت بالاحمر القاني، المشهد كله صار لوحة حية لعذابات مسجاة بلا اكفان.. وهي تحاول احتواء صدمة ذلك الصمت الذي يعقب ضجة عالم يتشظى.

طال وقوفها بانتظار الصباح مصحوبا بزقزقات العصافير، باللحن المفعم بالحنين، بضجيج الباعة والمركبات. كانت الريح ساكنة، وحدها نقرات المطر ظلت تهدهد اغفاءة الموت. حينما اطل امامها بقامته السامقة كانما انبثق من فراغ ودون ان ينبس بكلمة احاط كتفها بذراعه عيناه تشعان حزنا ازليا، نظراته طمأنينة تحتويها.. وكعصفور مبتل دست رأسها في ياقة معطفه وهي تغالب ارتجاف اوصالها. بللت قطرات من مطر شفتيه الشــاحبتين فعادتا ورديتين ترشفان حبات الدمع وتهمســان بوعد عذب.

بالحب الكبير المتغلغل فيهما التقيا حاملين ذات العذاب يسكنهما عالم يتوحد.. يولد من رحم الجراح.. من ذوب الاشلاء الوردية فيورق زرعا وعشبا وزهرا بريا.

غسلت الارض دماءها ودموعها.. شربت من ماء السماء حتى تطهرت وارتوت فتح الرجل مظلته وهو يتنهد.. امسك بيدها وسارا جنبا الى جنب تحت المطر.



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات الاختزال في القصة القصيرة


المزيد.....




- روسيا تحشد 110 آلاف جندي قرب مدينة أوكرانية استراتيجية وفقا ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: لبنان المتحارب بين -أهلَين-.. صواريخ - ...
- بي بي سي داخل مبنى التلفزيون الحكومي الإيراني الذي تعرض لقصف ...
- إيران تُشيّع جثامين قادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في المو ...
- السودان: البرهان يستجيب لهدنة إنسانية في الفاشر لمدة أسبوع
- تحوّل في خيارات التعليم بالصين: الشباب يصطفّون للانضمام إلى ...
- النمسا: عواصف قوية وبَرَد كثيف يشلّان مهرجانًا شهيرًا
- عراقجي يقول إن الإيرانيين -لم يستسلموا- والحوثيون يعلنون إطل ...
- صحف عالمية: إسرائيل تفشل إستراتيجيا بغزة وداخليا بعد حرب إير ...
- إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يستوعبه عقل وجنودن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ايناس البدران - تحت المطر