أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - دائرة العلاقات المربعة في فلسفة الفن الثامن















المزيد.....

دائرة العلاقات المربعة في فلسفة الفن الثامن


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 1976 - 2007 / 7 / 14 - 05:19
المحور: الادب والفن
    



أن الفرق بين التيارين، العقلي والتجريبي، الذي دأبت الفلسفة على اتخاذهما كمسارين منذ نشوء الفكر الإنساني، أن جل الفرق هو ما اجتهد فيه الفلاسفة على طول الطريق، وفي مرآة الفلسفة، الفن، كان ذلك واضحا في دعوات الأفكار المطروحة اشد الوضوح، وكانت هذه الصفة، البحث، عن الفرق ، هي ما تميز الفن بكافة مجالاته وأنواعه في القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
حيث أن من العدل القول بان الفنانين اجتهدوا كجهد الفلاسفة في بحث المسائل الأساسية، ولكنها كانت على أساس فلسفي سائد، حيث تم تضمين المواضيع الفنية من مسائل الميتافيزيقية الشيء الكثير.

لم يفترض أي من فلاسفة القرن التاسع عشر والثامن عشر أن مسائل المنهج النهائية هي الفلسفة المنشودة، حيث اعتبروا نظرية المعرفة، الابتستمولوحيا، تمهيدا صدوريا لعملية التفلسف الأصلية، التي هي بالضرورة عملية من الأشياء وطبيعتها، وشروط تمهد الخير الإنساني، ولم يكن جل كتاباتنا منصبا على الميتافيزيقيا بمعناها ألبديهيي، بل دعوا لمناهج العلم أن تطبق على المسائل الميتافيزيقية أيضا، والعظمى منها، والتي تتعلق بطبيعة العقل والمادة وعلاقتهما بعضهما ببعض، وفي الواقع كان معظم الذين اتخذوا هذا السبيل ثم هم بحق علماء فلسفة، مثل ديكارت ومهمتهم توضيح ثم تطبيق المناهج نفسها التي حققت نجاحات علمية، على المسائل الميتافيزيقية، وبهذا يتم الاختبار للمنهج ولذات الميتافيزيقيا بنفس الوقت والحالة.

في هذا السياق نرى أن فن المتلقي الفاعل، لم يحن أوانه بعد، فمبدأ العلية الكانتي، يفترض أن لكل شيء وحادثة علة، هو حكم مسبق على نتائج بحث قد لا تضمن حيادية الباحث، الفنان المتلقي، ولكنه قانون ضروري من قوانين الطبيعة، متأصل في طبيعة الأشياء، ولان صدقه يمكن أن يدرك العقل الذاتي المحض لخائض تجربة الفن الثامن، فذلك دون الرجوع إلى التجربة يعد أمدا منافيا لماهية الفن الثامن التجريبية، فالروابط المسلم بها مسبقا في الطبيعة، والضرورية في نظام الواقع الموضوعي، تجعل النظرة إلى قوة العقل تتحول إلى حدس قوي بمثل هذه الروابط والعلاقات الحقيقية من ناحية، إدراك غير مستند إلى نتائج بحثية صرفة من ناحية أخرى، فللحصول على ثقة نظام فني تدعم حركة آلية يتم الافتراض مسبقا أن هنالك حقيقة ولو مصورة للبنية الداخلية للنظام، وللوجود الفني ذاته، ولكل ذلك مدارك عقلية محصنة نحيل التفكير إلى التقيد بالعلية المسبقة، ولن يكون الفن بحثا ذا نتائج منتظرة لتغيير الواقع الإنسان، بل مرآة لواقع الحياة، كما حدث في المذهب الواقعي دون الخروج من إطار الفلسفة السائدة، فلسفة العلية.

ولو كان لعقل الفني يعرف أن مثل هذه المبادئ والمسلمات بالعلية صادقة من باب البداهة الذاتية أو الفطرية، وكل هذه المعرفة من خلال حدس عقلي عن طبيعة صدق العلاقات الحقيقية بين الإنسان والمحيط مع ذاته، ورجوع كل ذلك للعلة الأولى، لو كان ذلك صحيحا، فقد تم مع الأخذ بذلك تحديد دون الفن دونما مبرر لهذا الخط الأحمر والمسلمة التاريخية، في مسائل فلسفية وعلمية عظمى كالعلة الأولى، وصفه تابعا للنتائج الفكرية، وما على الفن إلا العرض لذلك كما هو، مع إن ذلك يثبت مجددا إن العقل فنيا ليس مجرد ملكة تجريدية ثابتة على الدوام، بل أداة استدلال واكتشاف بنفس الوقت.

ولكن اغلب الفنون قدمت لنا بصورة مستقلة عن تجربة إنسانية للمتلقي، كما يقدم الفن الثامن، قدمت لنا علة كل حادثة ولو كان بعضها يتقدم بصورة تجعل التصديق ضرورة، ولو، ولكن ذلك يقتصر على حقائق الرياضيات والعلوم الطبيعية التي لا فضل فيها لتلك الفنون، أي لا دخل للفنان الباحث فرضا في نتائجها المحسومة مسبقا، وهنالك بعض القضايا اللفظية من باب المنطق التي تم عرضها كتدليل على أساس منطقة علة عالم الفن والتي لا تعد فنا عن أمور الوجود أو الواقع، وهي علاقات بين المعاني أكثر منها قواعد علمية، وتستمد من أللفض القوة المنطقية بوصفها محسومة النتائج، ومن باب الأخذ بمبدأ عدم التناقض وعلى أساس هذا المعيار فمسالة البت في قضية محسومة قبل عرضها فنيا هو الطريق الموقع في التناقض ولذا كان الابتعاد عن التجربة التي يقدمها الفن الثامن، هو الرغبة في إبقاء الدليل العقلي المحض دون التجربة مقياس للأمور كلها في عالم الفن.

إن مبدأ العلية لا يمكن إنكاره بوصف الفنان قائم كمحرك أولي للفن وتداخلات هذا العالم الافتراضي، وانه واضع لقانون أو حد يحكم علة الحوادث التي تبني هذا العالم، ولكن إنكارنا له لا يكون بالضرورة نسفا لهذا العالم، فالأمور ليست كلها قابلة للتصديق دون التجربة العملية للمتلقي ، فلو إن مبدأ العلة غير ثابت في الحكم على كل مجريات الإحداث المتخيلة من قبل الفنان والمقدمة تباعا للمتلقي، إذا لدينا هنا فجوة ذات بعدين، الأول هو إن المعنى غير المعلن يبقي الإجابات على نسبة من الأسئلة حول مجريات الأمور والمسائل المطروحة رهنا بالفنان، والثاني نرى إن يجرنا إلى نهايات مفتوحة بطول الطريق المؤدي إلى تقصي الحقيقة من قبل المتلقي، فلو نابع تابع راجع له بالضرورة، ولكن إن مبدأ العلة وشموليته لو تحقق ذلك، وذلك حدث.

إن السلطة العقلية للفنان لم تكن كافية لتعليل عالم فني متخيل، وذلك واضح من خلال تقبلنا لمسالة إن العقلين أنفسهم من الفلاسفة كانوا غير نقديين حين اقروا بان نظام العلة الشمولي حقيقة حدسية تجر العقل رغما عنه للتصديق، وهي تصدق بالضرورة على كل الأشياء والحوادث ومجمل العالم الفني المتخيل بالضرورة، لكن ذلك لا يعد تحليلا لكل المبادئ التي هي من النوع القبلي والتركيبي بنفس الوقت والتي تتخذ صفة الكلية لذا تكون غير خاضعة للتجربة، مبادئ محسومة، تحدد علاقة المتلقي بكافة المحيط الفني، قبل الشروع في دخوله المحيط، مما لا يتيح للمتلقي أي فرصة حتى باستثمار الفجوات التي بقت فاضيه حتى على التعليل الشمولي الذي اعترضه الفنان ذاته.

لو كان العقل الفاعل للمتلقي قد أعطى فرصة كونه ليس مرآة سلبية تكونت حدسيا نماذج فنية في ذاتها أو في معانيها، لما اعتمد إلى الإحكام القبلية لعالم فني متنهل ومفترض تركيبا، لكان استطاع أن يفعل تدريجيا ليؤلف هو بذاته من مادة فنية خام من تجربة حسية نظاما فاعلا معقولي الظواهر، وليس من ضروب المثالية أن العقل ذاته هو الواقع الوحيد، أبدا، ولا كون المتلقي بذات العقل الشمولي للفنان ليستطيع ابتكار عالما خاصا به، فوجود الحوادث بذاتها يكون قائما كمبدأ عقلي رغم خروجه عن مدارك العقل الفني، ولكنها رغم كونها حقائق مستقلة، وواقعية، ولكنها بنفس الوقت ليست مناهل المعرفة ما دامت لا تتقبل خضوع عقلي تجريبي، على أساس أن مفهوم الفن ذاته، هو البحث عن قواعد البحث أو الشروع مثلها مبدئيا بقياس الحقائق التي تقدمها دون تمهيد مسبق، الحواس عن الواقع، وإخضاع الموضوعات لسن القوانين، مع الأخذ بنظر الاعتبار على تعميم هذه النظرة العقلية دون الانتباه إلى كون ذات عقل المتلقي سيقع في نفس مشكلة فجوات الفنان وعدم تعليل كل شيء، فتسن قوانين لا تخرج عن الإدراك العام والفكر السائد أساسا في العالم الفني المتخيل، فمسالة الخروج من الموضوع قد تكون سهلة مقارن بالمحاولات الذاتية للمتلقي بالهرب من قيود الزمان والمكان الموضوعة مسبق والتي تحيل إلى الموضوع المراد تفنيده، وتحملنا الادراكات الحسية الصادرة من واقع الحال للموضوع على اختلافه البت باستحالة التحرر من هذين القيدين في ظل هذه المعادلة.

أن الأمر المراد تجوزه من قبل المتلقي ولو ضمنيا، وهو جوهر الحقيقة المقدمة، ولكنه حسب المعطيات ليس في مجال الخروج من نظام محكم قبلي بهذه الشمولية، وان الإدراك للعلاقات بين جوهر الحقيقة المقدمة والحقيقة هي مسلمات بديهية، تثبت صحتها بقبول شمولي للكلية والعكس صحيح.

وهنا يكون الفنان والمتلقي أما ظاهرة نقدية داخلية، أثناء التجربة الفني ذاتها، فحين لا يكون هنالك تجاوز ممكن لما هو معطى في الواقع الحسي لعالم الفن المتخيل، فعملية الفصل بين الحكم على الأشياء في ذاتها كحقائق بديهية ومسلمات، وبين مواضيع لا يمكن إخضاعها لو بكونها تنتمي لميتافيزيقيا منفوع أخر، ولا تنسى كون المتخيل الفني كعالم هو ميتافيزيقيا فنية، ولا بد من قانون يحكم علاقة الفنان بالمتلقي كنواة فاعلة في المجتمع على وفق معادلة ما، تعتبر كونها تتحدد بالمسافة التي تفصل الفنان عن واقع المتلقي ابتداء، ويكون الأثر طرديا، في حالة ثبات المنظومة الفنية، أو عكسيا في عملية النقد الفعلي للعقل الفني من خلال معالجة علمية للمحيط الفني المتخيل، ولكن حين يعتمد المتلقي مبدأ الشمولية دون خيارات أخرى لفهم مدركات المنظومة الفنية للمحيط على أساس واقعي، فأكيد سوف يتعذر عليه الخروج من مفارقات معلوية، ولا يمكن للتأمل العقلي المختص بتجاوز مواضيع طبيعية الظواهر المقدمة، أن يفند التعليل الشمولي للمتخيل القيم بهذه البساطة، لان حتى مجرد الشك لن يجحد منفذا علميا لتبديل آلية المحيط المحكوم مسبقا بعلية فنية من قبل الفنان.

أن التحدي القائم لعقلين متواصلين في محيط مفترض، هو العمل الفني، ليكون في اشد حالاته وهدره للطاقة العقلية حيث يتم التناظر غير المعلن عن القضايا المطروحة، فالتناقض يكون سيد الموقف بالنسبة للتحليل الثالث من قبل نافد لهذه العلاقة الفنية بين عقل فنان ومتلقي، ولكن ذلك بافتقار واضح إلى نقد أداة البحث ذاتها وعدم احتكامها لنتائج ذلك النقد، فالعقل الفني يحكم الطرفين، وتبقى هذه حقيقة كون المحيط الفني قائم بقانون فنان مسبقا، ومسالة توجيه نتائج عملية البحث من قبل المتلقي لقضايا هذا المحيط غير مسموح بها ضمن العلاقة المذكورة، بما يجعل من الحد الشمولي معوقا وفق حجة الالتزام بالسائد من نظام فني.

أن إحالة مجمل الظواهر والمعطيات في المحيط والكون الفني إحالة مسبقة إلى قانون فنان يحكم دون منازع، لهو من العبث والهدر للطاقة والتفكير أن نحاول كمتلقين إيجاد ذات عقلية مستقلة تحت وطأة هذه البديهية، ولكن مجرد التفكير بعالم للمتلقي ضمن هذا العالم لا يحل لدينا مشكلة التناقض بين العالمين، الطرفين، العقلين، فمهما كانت الضرورات العقلية بمكان أو زمان أن نعي موضوعا فنيا، كذات قائمة، تحاول تفنيدا ونقد الموضوع، فالنتيجة كونهما عقليين في التوجه، وعكس ذلك بذات الوقت.
الكاتب
سرمد السرمدي



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مربع دائرة العلاقات الفنية
- الية المطلق التفاعلي في فلسفة الفن الثامن
- البحث عن الماهية في فلسفة الفن الثامن
- ماهية الفن الثامن وفق فلسفة الفن الثامن
- نظرة لفلسفة الفن الثامن
- ما هو الفن الثامن ؟


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - دائرة العلاقات المربعة في فلسفة الفن الثامن