وسطن إيدك ..و سطن


محمد حسين يونس
الحوار المتمدن - العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 09:37
المحور: الادب والفن     

عبر التاريخ إبتكر البشر العديد من المنافسات.. لإظهارمن هو الأقوى أو الأسرع أو الأكثر ذكاء و حيلة .. و عندما إستأنسوا الحيوانات وجدناهم يقيمون سباقات للخيل ..و النوق .. و الكلاب و حتي السلاحف .. يرتادها الناس .. و يراهنون علي الفائز . يتحمسون و يصرخون .. و يفرحون بالنصر .. و يشعرون بالخزى و البهتان عندما يفشل من تصورا أنه الأكثر قدرة علي الكسب .
أعجب أنواع هذه السباقات كان يقام في بعض الأحياء الشعبية ببلدنا بين حمير عربجية المنطقة سواء كانت حمير حرة أو مقيدة بعربة كارو ..أو مثل ذلك الريبوت الحيوى الذى إخترعه أبو عمة مايلة و أخد بيه تاج الجزيرة
في ذلك اليوم رايته .. كان يقف باول الطريق المضبب يتقافز بين اليمين و اليسار ممسكا بيده لجام حمار حديدى صنعه حديثا .. و يحكي عن إمكانياته الفذة التي تجمع بين حيوية الحيوان و قدرات المكن و الالات
قفز فوق ظهر الكائن الهجين .. و جرى فى الزقاق الضيق المبلط ببلاطات مستطيلة فسمعنا لوقع دقات حوافره ، ضربات متتالية متسارعة ملفتة للنظر .
دار حول الميدان و عاد ثانيا للشارع الضيق المبلط كريه الرائحة حاملا على ظهره لافتة جديدة مكتوب عليها كلام غامض .. يمكن فهمه علي أساس أنه تبريرا لما أحدثه من مصائب .. وقد يتصوره البعض بثا للأمل ورؤية مستقبلية نافذة
لقد جاءت فكرة هذا الريبوت العجيب نتيجة لالهام من الأنوناكي .. استورد كل قطعة منه من مكان مختلف وكان فخورا به ودائم الكلام عنه فيقول انه الحل الامثل والوسيلة الصحيحة للمواصلات التى تناسب بلدنا بطرقها الضيقة ومشاكلها الخاصة وأننا نستطيع به أن نستغنى عن كل ما هو سائد في بلاد الفرنجة .
كان يبتسم إبتسامة صفراء لذجة و هو يستعرض مهارته فى القيادة .. رافعا رجليه أو ممسكا الدركسيون بقدميه .. أو راقدا فوقه .
وكان يتعمد أن تصدر عن عادمه فرقعات متتالية قبل أن يبدأ ليتأكد من أنه قد لفت نظرها تماما ثم يدور تاركا مقوده لمصادفات القصور الذاتي
.
فى الدورة الاخيرة رفع العجلة الامامية ليسير على قائميه الخلفيين وصاح
(( هذا بفضل توفيق الرب و عبقرية الإنسان )) .. ثم قفز من فوقه ، رافعا زراعيه الى أعلى متجها بالتحية الى الخرائب التى احتلتها مجموعة من العربجية الجالسين على كراسي قش متناثرة مهتزه ذات ثلاث أرجل ..
. وضع قطعة من السكر فى فمه مديرا مفتاح التشغيل فى اتجاه عكسى
المضيفات في الخرابة يتجولن لابسات ملابس الحداد السوداء الكاشفة عن أرجلهن وأفخاذهن – وبوت طويل اسود ..لا .. أبيض مخرم أقصد ذهبى .... مش مهم
اقترب منا ليحيينا .. كانت النسوه يغنين ويصفقن ويضحكن واختلطت كلمات الاغانى الغامضة ولم أستطيع أن افسر هل يقلن العسل النحل .. العسل النحل .. أم يقلن شوجر .. شوجر .
كان أسمر كثيف الشعر ربما يكون خفيفه .. مش مهم . ..كان طويلا... بل أقصر من أن يكون طويلا .. ولكنه في الغالب سمينا بدون كرش فهو يزاول نوع من أنواع الرياضة .
يلبس الجلباب البلدى والعبايا في الحارة و قميصا مشجرا وبنطلونا واسعا من اسفل في الديسكو ولكن ماذا يهمكم من ذلك .
صفق له الشباب ونادوه بالاسم .. اسم عادى نسمعه كثيرا .. واستقبلوه بالاحضان ولكنه لم يهتم إلا بالبلكونه حيث تقف .. فلقد أثار كل هذه الضجة ليلفت نظرها وتختاره بجوارها دونا عن باقى فتوات الحى .
قبض زميلى على كفي وجذبني لنسير بعيدا .
قال – لم نكن نستطيع فى الماضى أن نقف فى الشارع من شدة الزحام فهو قبل أن يخترع آلته هذه كان يحضر راكبا عربة جيب ويسير بها مستعرضا وكنا نلتصق بالجدران ..
وكنا نلتف حوله عندما يذهب لقصره وكانت النساء فى البلكونات يطلقن الزغاريد وفى يوم غطوه بأكوام الزهور والورود..كن يردن تحيته علي طريقتهن
هل تعرف أن الورد قاتل .. انتحر عاشقان بأن ناما فى غرفة ممتلئة بالورود فماتا فى حضن الورد
اقتربنا من بوابة المتولى .. من على بعد ظهرت المأذنتان العاليتان ثم السور الحجرى ..والابواب الضخمة الني كانت مغلقة الا من فتحة صغيرة ..
وكان هناك ناس كثيرون متجمعين أمامها .. ينظرون الى أعلى حيث علقوا من قبل رؤوس رسل هولاكو حينما أتوا مهددين .. ثم راس طومان باى ،المستسلم لسليم الأول .
يقفزون كما لو كانوا يؤدون رقصة متعارف عليها الرجال بملابس السهرة .. اما النساء فكن شبه عاريات .. يغنون (( يلا ننط ... ننط ننط...... ننط ننط ننط لفوق ونط.... ننط نط ....... ننط ننط ننط..))
جذبنى لنعود عبر الطريق المسقوف الدافىء المحاط بالمبانى القديمة المحلاة بالمشربيات الخشبية
.
قال .. زادت الانفجارات .. وتهدمت واجهة المنزل .. خرجت من تحت الانقاض أرقص وأغنى وأضحك .. فلقد ماتت أمى وأختى وحبيبتى ... كن سيصبحن مومسات .
يجب أن تتعلم الرقص .. حقا ستجد الصالات مزدحمة وضيقة .. ولكن الشاطر من يعرف كيف يرقص بلدى وأفرنجى وعلى الحبل .
عدنا الى الزقاق .
.
فوجدناه يلبس ملابس مترودتيل أنيقة .. ويقدم السمك الصعير المقلى لمجموعة من العربان..
قال انه سمك جيد مقلى فى البخور والتبغ وعرق الحيوانات .. وعرفنا بذلك أنها اختارته لجوارها بالبلكونة وفى المحل
تساءل الآخر أين كنتما ..؟؟ ثم قص علينا ما فاتنا .
لقد قفز ثانيا من فوق آلته العجيبة لابسا بدلة بجيوب وبارية.. وصافح البيه .. سلم عليه .. وأخذ عم اسماعيل أبو احمد لحضنه وطبطب عليه .. وسلم على عبده الميكانيكى ثم ترك يده وأمسكها ليهزها بعنف .. ثم التفت ناحية البيه وقال – مرحب يا سعادة البيه .
كان الاطفال قد تجمعوا حول الاغراب ينظرون اليهم بفضول مما أثاره فصرخ فيهم ليبعدهم
ثم وقف على حجر كبير وقال أرجوكم لا داعى للزحام.. لا داعي للشجار اتركونا فى حالنا لناكل عيش .
لم يبتعدوا وزاموا تعبيرا عن ضيقهم .. وهنا هز قبضته وقال ..(( سيداتى انساتى .. سادتى .. انتهى سبق الحمير .و لن يتكرر ))
قذفوه بالطماطم والبيض الممشش و صاحوا من كل جانب .. لم ينته ..و شتائم أبناء الحوراى
خفت حدة نظراته.. وابتسم بخبث ابتسامة مفتعلة ثم أسرع تجاه آلته أيقظها و بدأ يدور بها من جديد رافعا يديه الى أعلى صائحا جلا .. جلا.. جلا .. هوب.. هوب.. هوب.. واحد اثنين ثلاثة.
فتح عينك .. فترد الجوقة .((.تاكل ملبن)) عينك عينك .. فيقولون ..(( تاكل ملبن )) .. فينك فينك.. (( تاكل ملبن )) .. اوعى لجيبك لا العيب عيبك قرب جرب نشن وسطن ايدك وسطن .