هل أقفل صفحة الفيس بوك


محمد حسين يونس
الحوار المتمدن - العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 07:25
المحور: المجتمع المدني     

أعيش فيما يشبه الكهف بعيدا عن الناس إلا في اضيق الحدود ..و مع ذلك ..تصلني الأخبار ..و الأفكار دون أن أسعي لها.. أغلب أهلنا .. اصبحوا أقرب للأميين .. يجهلون القراءة و الكتابة إلا في توافه الأمور ..إهتماماتهم محدودة و محددة في تأمين أكبر قدر من الأموال التي تسمح لهم بالحياة في مجتمع تزايد الأسعار بمتوالية هندسية ..و تقود الحكومة فيه موجات الغلاء برفع تعريفة الوقود و الكهرباء و الغاز و المياة و المواصلات .. و كل ما تقدمة من خدمات .. أو تحصلة من ضرائب و أتاوات .
المصريون الكادحون الذين أتعامل معهم .. لا يشغلهم اليوم إلا تدبير مصاريف المدارس ..و الملابس .. و طعام الإفطار للأطفال .. و تكلفة إنتقالهم .. و ثمن كيس الشيبسي و زجاجة المرطبات التي تباع في كانتين المدرسة بضعف الثمن .
السادة الذين يفكون الخط ..و يقرأون مقالاتي الطويلة (نسبيا ) علي الفيس بوك .. يسببون لي إزعاجا شديدا .. بليهم للكلمات .. و فهم ما لا اقصده ..و نبشهم في ضميرى لإستخراج ما يجعلهم ينتصرون ويدينونني بقياساتهم .. بما في ذلك إتهامات (سياسية و دينية و سلوكية و أخلاقية ) ..
كل واحد .. يريد أن يسمع النغمة التي تطربه ..من مغني مسن .. و يدفعني دفعا .. لان ابرر ..و اشرح .. و أعتذر .. و اطبطب .. و أدادى .. كما لو كنا في مستشفي للمجانين .
البعض ينصحني ان أكتب ما أريد .. بغض النظر عن راى المتلقي . و رغبته ..و في أحيان كثيرة أتبع هذه النصيحة ..و لكن في النهاية أندم .. لقد ناقشت بعقل و منطق .. من يحفظون دروسهم .. و كتبهم ..و لا يعرفون إلا راى وحيد أملته عليهم أجهزة البث و الدعاية ...
نحن نعيش بين ناس غلابة بفكرهم إذا لم يكن حديثي .. ىقادر علي إقناعهم .. فانت تخلق بذلك عداوات لا لزوم لها .
أنا غير مقتنع بحكم الدروايش المتدينين .. الذين يرون أن مجتمع بدوى منذ الف و أربعمائة سنة هو المثالي المطلوب إستنساخه .. و هو أمر اراه إن لم يكن سوء تقدير فهو غفلة ..و مع ذلك ..فإن حديثي .. يحاول أن يبين بصور غير مباشرة قناعاتي هذه .. و أحاول تجنب التصادم .. مع المصابين بفيروس التعصب لوجهة نظرهم .. و هكذا لا اكتب ما أريد قوله عن الدولة الثيوقراطية التي يسعون لها .
في نفس الوقت لا أؤمن بكفاءة الضباط السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية ..أو قدرتهم علي إدارة دولة مثل مصر ..
و هكذا فواحدة من الأمور التي أتجنب الحديث عنها هي ترديد ما تيثه أجهزة الأعلام عن إنجازاتهم و قدراتهم .. و إنتصاراتهم
ما حدث أثناء الفترة من 1968 حتي مابعد أكتوبر 73 .. ويردده الناس بإقتناع أن قواتهم المسلحة قد صمدت و أذاقت العدو ويل الهزائم ..و دمرت ناسه و تحصيناته .. و إنتصرت ..يتعارض مع ما رصدته خلال هذه الفترة .. التي كنت فيها بمسرح الأحداث أو ما سمعته من الذين تم حصارهم أو اسرهم .
كانت هناك معاناة و تضحيات من الجنود و المدنيين .. و تذبذب بين الفشل و النجاح .. لكن لم نعاني من هزيمة كاملة أو نحقق إنتصارا واضحا ..
كان صراع بين طرفين متكافئين .. كسبنا فيه عبور قواتنا لاصعب مانع مائي ..و خسرنا الكثير بسبب .. قرارات عشوائية غير مدروسة .. لقادة غير مدربيين .. أو ليس لهم خبرات سابقة يعتمدون عليها . ..
أمر أخر يحزنني أن السادة الذين يعتمدون علي مكافئات نهاية الخدمة و المعاش .. اصابهم الإحباط .. عندما تسلموا مستحقاتهم ..
فمعاش الراجل الأبهه اللي كان ملو هدومه أصبح لا يكفي لتسديد فواتير الكهرباء و الغاز و الصيانة و رسوم التليفونات المنزلية و المحمولة .. بعد أن توحشت الحكومة .. و قررت تغطية فشلها في الإدارة و زيادة الفاقدو المهدر و إسرافها في ترضية كبار الموظفين .. برفع الحصيلة من دم الناس .
الشخص الذى يقترب اليوم من سن المعاش عليه .. إما تجهيز نفسة لمعاناة لا تتوقف خلال الباقي من سنين عمرة .. أو التربح من وظيفته ..وإستغلال نفوذه .., ومراكمة مخزون يسمح له بعمل توازن في ميزان المدفوعات الأسرى .
إنها الأخلاق الجديدة التي قادت إليها الدولة موظفيها .. خليك مفتح .. المعاش مش حيكفي ..و قصادك مغارة الأربعين حرامي مفتوحة بدون محاسبة .. عبي ..و شيل .. بلا هبل .
يصراحة أى موظف لا يضع في إعتباره اليوم الاسود الذى سيواجهه بعد سن الستين سينظر له الناس علي اساس أنه أحمق .. في حين أن المرتشي الذى يفرض عمولته علي المتعاملين ألذى يجمع خزين البيات الشتوى مثل النمل .. هو النموج الناجح الفالح .. الذى ينضم .. لسكان الكومباوندات ..و الساحل الشمالي .
الخناقة التي لا تتوقف بين الأخوة المسلمين .. و الاقباط ..و التراشق بالحكايات و الحواديت ..و الفيديوهات .. و معايرة كل منهم للاخر بسبب ما يراه غير منطقي في دين الأخر .. تزعجني بشدة .. حتي أنني كدت أمس أن أعمل بلوك .. لعدد من المتراشقين .
الدين الإسلامي .. بصورته الأولي يحتاج إلي مراجعة .. فنحن لا نبيع و نشترى البشر و الأسرى .. و لا نتكسب تكاليف حياتنا من الغزو و إستنزاف الأخرين .. و لا نرى أن الزكاة .. و سيلة كافية لضبط إيقاع المجتمع ..و نستعيض عن ذلك بقوانين وضعية .. و نحاول أن نقنع .. الأخوة السلفيون بذلك ..و هو أمر يجب الا يستخدم في التنابذ بين ابناء الأديان المختلفة ..
و نحن لا نعرف المسيحية ..و ما يصلنا منها قد يكون غير متناسب مع الزمن الذى نعيشة .. و نرى أن الببوات الكاثوليك لهم السبق في عصرنة الخطاب المسيحي في حين أن رجال الدين القبط يتجمدون عند ما علمهم البطاركة الأوائل .. ومع ذلك .. لا يحق لنا أن نقترح عليهم إسلوب تطوير خطابهم .
رجال الدين ( الإسلامي و القبطي ) .. أدوات سهلة .. للحكام يسيطرون بواسطتهم علي الناس ..و مع ذلك فارجو الا تكون صفحتي مجال للمناقرة .. و فرد العضلات بين السادة المتعصبين .
الفيس بوك بالنسبة لي النافذة التي أطل منها علي أفكار و توجهات البرجوازية المصرية ..
أرقب تطوراتها ..و أتأمل إسلوب تلهيتها ..و مسخها ..و حصر إهتماماتها في التفاهات ..
و مع ذلك فهناك ركن مجهرى .. يحاول من يرتادونه أن يكونوا منطقيين .. أعرف أنه لا تاثير له ..و لن يجدى نفعا مع موجات التسونامي التي تطلقها أجهزة الحكومة..و لكنه بالنسبة لي .. خرم رفيع في جدار الجهالة ..أرى منه الخارج فلا تجعلونني كما نصحت الامهات (( الباب الليي يجيلك منه الريح سده و إستريح )) .. بلاش رزاله .. منفضلكم .. لا أنا و لا إنت حنغير الكون .