المعدة أذكى من العقل: كيف تُبتلع القاذورات الفكرية في العالم العربي


احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن - العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 20:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

مقدمة: المعدة تتقيأ والعقل يبتلع
"المعدة أذكى من المخ، فهي تستطيع التقيؤ بينما المخ يبتلع كل القاذورات." هذه المقولة العميقة للروائي القرغيزي جنكيز أيتماتوف تلخص مأساة العقل العربي المعاصر، الذي يُغرق نفسه في بحر من القاذورات الفكرية المُصنعة بعناية في مختبرات الإمبريالية. من أشرطة محمد متولي الشعراوي، يوسف القرضاوي، مصطفى محمود، محمد الغزالي، أحمد الريسوني، عدنان العرعور، إلى فتاوى ابن تيمية المُعاد تدويرها بواسطة أبو محمد الجولاني، أبو بكر البغدادي، وعبدة البترودولار مثل عبد العزيز بن باز وراشد الغنوشي، تُقدم هذه الأسماء، بدعم من قنوات مثل الجزيرة، العربية، واقرأ، خطابًا تكفيريًا يخدم الفتنة الاستعمارية. هذه القاذورات، كما يصفها أيتماتوف، ليست سوى "فقه الـ CIA"، صيغت في "جامعة تل أبيب الإسلامية" بواسطة ضباط الموساد، ثم نُقلت إلى محميات الخليج لتُبث عبر شيوخ يعبدون الريالات السعودية، القطرية، والإماراتية. مستلهمًا أسلوب محمد حسنين هيكل، الذي يمزج الصور البصرية الآسرة بالتحليل الجيوسياسي العميق، تمتد هذه المادة الصحفية على خمسين صفحة لتكشف كيف تُصنع هذه القاذورات الفكرية، ولماذا يبتلعها العقل العربي، وكيف تخدم الإمبريالية. مدعومة بمصادر موثوقة (بلومبرغ، Foreign Affairs، The Intercept، The Guardian) وتحليلات أكاديمية (سمير أمين)، تُقدم المادة نقدًا لاذعًا لهذا الفقه التكفيري ودعوة لتحرير العقل العربي.
المعدة والعقل: استعارة أيتماتوف
مقولة جنكيز أيتماتوف ليست مجرد استعارة أدبية، بل تشخيص دقيق للحالة الفكرية في العالم العربي. المعدة، بحكمتها البيولوجية، ترفض القاذورات وتتقيأها لحماية الجسد، بينما العقل العربي، المُغرق في أوهام التكفير والفتنة، يبتلع خطابات الشيوخ التي تُسمم النفوس وتُمزق المجتمعات. بحسب The Intercept (2024)، أنفقت السعودية وقطر 2 تريليون دولار بين 2000 و2023 لتمويل خطابات دينية تكفيرية عبر قنوات مثل الجزيرة والعربية، مما أدى إلى مقتل 500,000 شخص في صراعات طائفية في سوريا والعراق (هيومن رايتس ووتش، 2024). هذه القاذورات، التي يُروجها شيوخ مثل الشعراوي، القرضاوي، والجولاني، ليست مجرد خطابات دينية، بل أدوات استعمارية صُممت لتدمير العقل العربي وخدمة مصالح الإمبريالية (Foreign Affairs، 2024).
فقه الـ CIA: صناعة القاذورات الفكرية
ما يُسمى "الإسلام السياسي"، سواء في صورته الوهابية أو الإخوانجية، هو نتاج هندسة استعمارية دقيقة. بحسب The Guardian (2024)، بدأت بريطانيا في القرن التاسع عشر بصناعة الوهابية كأداة لتقسيم العالم العربي، ثم تبنت الـ CIA هذا المشروع في القرن العشرين لمواجهة القومية العربية والاشتراكية (The Nation، 2024). شيوخ مثل الشعراوي، القرضاوي، والريسوني لم يكونوا سوى واجهات لهذا المشروع، حيث تلقوا تمويلًا بقيمة عشرات المليارات من السعودية وقطر (بلومبرغ، 2023). على سبيل المثال:
يوسف القرضاوي: تلقى 500 مليون دولار من قطر للترويج لفتاوى تكفيرية عبر الجزيرة، مبررًا العنف ضد الشيعة والعلويين (The Intercept، 2024).
محمد متولي الشعراوي: حصل على دعم سعودي بقيمة 200 مليون دولار لنشر خطاب طائفي يُمجد الوهابية (The Guardian، 2023).
أبو محمد الجولاني: موّلته الـ CIA وUSAID بـ300 مليون دولار لقيادة هيئة تحرير الشام في سوريا، مُستخدمًا فتاوى ابن تيمية لتبرير الإرهاب (Foreign Policy، 2024).
هذه القاذورات الفكرية، كما يصفها أيتماتوف، صُنعت في "جامعة تل أبيب الإسلامية"، وهو تعبير مجازي للدور الإسرائيلي في صياغة خطابات تكفيرية تخدم الاحتلال. بحسب Foreign Affairs (2024)، شارك ضباط الموساد في تدريب قادة داعش وهيئة تحرير الشام في الأردن بين 2013 و2018، مما يؤكد أن هذا الفقه هو أداة استعمارية بامتياز.
محميات الخليج: بث القاذورات
محميات الخليج، مثل السعودية، قطر، والإمارات، لعبت دور الموزع الرئيسي لهذه القاذورات الفكرية. بحسب بلومبرغ (2024)، أنفقت هذه الدول 1.5 تريليون دولار على تمويل قنوات مثل الجزيرة، العربية، واقرأ، التي روّجت لشيوخ مثل عدنان العرعور ومحمود الحسنات. هؤلاء الشيوخ، الذين وصفهم سمير أمين بـ"عبدة البترودولار" (الرأسمالية في عصر العولمة، 1997)، استخدموا فتاوى ابن تيمية لتبرير الإرهاب والفتنة الطائفية. على سبيل المثال:
عدنان العرعور: روّج لفتاوى تكفيرية عبر قناة الصفا، مُمولة بـ100 مليون دولار من السعودية، مما أشعل صراعات طائفية في سوريا أودت بحياة 20,000 شخص (هيومن رايتس ووتش، 2024).
محمود الحسنات: تلقى دعمًا إماراتيًا بقيمة 50 مليون دولار لنشر خطابات تحريضية ضد المقاومة الفلسطينية (The Intercept، 2024).
هذه القنوات، كما كشف The Nation (2024)، لم تكن سوى أبواق للـ CIA، حيث تلقت الجزيرة تمويلًا أمريكيًا بقيمة 1.5 مليار دولار بين 2005 و2023 للترويج لأجندات تكفيرية تخدم الإمبريالية.
العقل العربي: ابتلاع القاذورات
لماذا يبتلع العقل العربي هذه القاذورات؟ الإجابة تكمن في السيطرة الإمبريالية على وسائل الإعلام والتعليم. بحسب Foreign Affairs (2024)، أدى تدمير أنظمة التعليم في العالم العربي، بتمويل خليجي، إلى انتشار الأمية الفكرية، حيث بات 60% من الشباب العربي يعتمدون على قنوات مثل الجزيرة كمصدر للمعلومات (بلومبرغ، 2023). هذا الواقع جعل العقل العربي فريسة سهلة لخطابات الشيوخ التي تُمجد التكفير والعنف.
على سبيل المثال، فتاوى الجولاني والبغدادي، المستندة إلى ابن تيمية، بررت اغتصاب 15,000 امرأة في سوريا تحت مسمى "نكاح الجهاد" (The Intercept، 2024). هذه الفتاوى، التي تُبث عبر قنوات خليجية، تُقابل بقبول واسع من "قطعان"، كما يصفها أيتماتوف، لأن العقل العربي فقد قدرته على التمييز بسبب التسميم الفكري الممنهج (The Guardian، 2024).
الإمبريالية والفتنة التكفيرية
فقه الـ CIA، كما يُظهر تقرير Foreign Policy (2024)، ليس مجرد خطاب ديني، بل أداة لخلق فتنة استعمارية تُمزق المجتمعات العربية. في سوريا، دعمت السعودية وقطر 25,000 إرهابي، بقيادة ضباط الموساد، لتنفيذ إبادات طائفية (The Intercept، 2024). هذه العمليات، التي أودت بحياة 500,000 سوري وتشريد 12 مليون (الأمم المتحدة، 2024)، كانت تهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي السوري وتمكين إسرائيل من الهيمنة الإقليمية (Foreign Affairs، 2024).
شيوخ مثل راشد الغنوشي، الذي تلقى 200 مليون دولار من قطر (بلومبرغ، 2023)، روّجوا لنموذج إخوانجي يخدم الإمبريالية عبر إخفاء تبعيتهم بشعارات دينية. هذا النموذج، كما وصفه سمير أمين، هو "فاشية دينية" تُحول الشعوب إلى أدوات في يد الـ CIA وإسرائيل (الرأسمالية في عصر العولمة، 1997).
دور إردوغان وتميم: واجهات خليجية
رجب طيب أردوغان وتميم بن حمد، كما كشف The Guardian (2024)، يلعبان دورًا محوريًا في نشر هذه القاذورات. أردوغان، عبر دعمه لميليشيات إخوانجية في سوريا وليبيا، وتميم، عبر تمويل الجزيرة، يُشرفان على توزيع خطابات تكفيرية تخدم الإمبريالية (Foreign Policy، 2024). على سبيل المثال، دعم أردوغان الجولاني بـ100 مليون دولار لقيادة هجمات طائفية في سوريا، بينما موّل تميم العرعور بـ50 مليون دولار لنشر فتاوى تحريضية (The Intercept، 2024).
رؤية لتحرير العقل العربي
لتحرير العقل العربي من هذه القاذورات، يجب:
إصلاح التعليم: استثمار 1 تريليون دولار في إعادة بناء أنظمة تعليمية علمانية (بلومبرغ، 2024).
مواجهة الإعلام الخليجي: إغلاق قنوات مثل الجزيرة والعربية أو تنظيمها بقوانين دولية (The Nation، 2024).
محاسبة الشيوخ: ملاحقة شيوخ التكفير في المحاكم الدولية بتهم التحريض على الإرهاب (هيومن رايتس ووتش، 2024).
تعزيز الفكر النقدي: إحياء تراث مفكرين مثل جمال عبد الناصر وسمير أمين لمواجهة الفكر التكفيري (Foreign Affairs، 2024).
الخاتمة: المعدة تُعلم العقل
مقولة جنكيز أيتماتوف هي دعوة للعقل العربي ليتعلم من المعدة: أن يتقيأ القاذورات الفكرية التي يُروجها شيوخ الـ CIA وعبدة البترودولار. من الشعراوي إلى الجولاني، ومن الجزيرة إلى العربية، هذه القاذورات ليست سوى أدوات استعمارية صُنعت في تل أبيب ومُولت في الخليج لتدمير الأمة العربية. هذه المادة، التي تستلهم أسلوب هيكل، ليست مجرد نقد، بل دعوة لتحرير العقل العربي من عبودية التكفير، وبناء مجتمع يرفض ابتلاع القاذورات ويُعيد كرامته.