تجار اللجوء ومهندسو الإرهاب: الخونة السوريون والفلسطينيون لأمة مضطهدة
احمد صالح سلوم
الحوار المتمدن
-
العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 16:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مقدمة: عبثية الخيانة
في أزقة المدن الأوروبية المعتمة، حيث يبحث النازحون عن ملجأ، يتكشف مشهد بشع: سوريون وفلسطينيون، ورثة تاريخ المقاومة، يتعهدون بالولاء لجهادي، أحمد الشرع—المعروف بأبي محمد الجولاني—تتساقط من يديه دماء أبناء جلدتهم. هؤلاء ليسوا مجرد ضالين، بل تجار لجوء يبيعون تراثهم من أجل الربح، ومهندسو إرهاب ممولون من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) عبر واجهتها، وكالة التنمية الأمريكية (USAID)، ووكلائها في قطر، تميم بن حمد، وتركيا، رجب طيب أردوغان، عبر قاعدة إنجرليك. خيانتهم هي تنكر للحرية، رفض للأصالة مقابل راحة زائلة من عملات الإمبريالية. إنهم يصطفون مع هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني، التي تُوصف بـ"الثوار" من قبل أمراء الحرب في قاعدة العديد، ليخدموا آلة استعمارية تستعد لنهب روح سوريا. مع اقتراب ترامب والصهاينة والأتراك وملوك الخليج كالنسور، سيجد هؤلاء الخونة أن الـ50 مليار دولار الموعودة للإرهاب قد تبخرت، وأوهامهم تحطمت. "الخوازيق" الصهيونية والأمريكية والسعودية والقطرية والتركية ستصيب الجميع، بدءًا من أمثال شامل الفلسطيني، الذي قاتل إلى جانب الجولاني ليُعتقل بأوامر أمريكية، وصولاً إلى الجولاني نفسه، المحكوم عليه بالتخلص منه كما حدث مع السادات وشاه إيران وصدام حسين. في هذه العبثية، يكشف التحليل الوجودي حقيقة: خيانة شعبك هي نفي لوجودك، لكن المقاومة تبقى الترياق الأبدي.
تجار اللجوء: السوريون والفلسطينيون في أوروبا
في عواصم أوروبا—برلين، ستوكهولم، أمستردام—ينسج السوريون والفلسطينيون النازحون تجارة دنيئة. ليسوا لاجئين بالمعنى النبيل، بل تجارًا يقايضون تراثهم بأوراق اللجوء والمال. يتجمعون خلف الجولاني، الجهادي الذي ترهب هيئته سوريا، ليس بدافع الإيمان بل طمعًا في الربح. هؤلاء هم جنود مشروع نظمته الـCIA، يمر عبر وكالة USAID، التي طالما كانت واجهة للعمليات السرية. تقارير من ذا إنترسبت (2017) تكشف دور USAID في توجيه ملايين الدولارات لجماعات المعارضة السورية، بما في ذلك المنتسبون لهيئة تحرير الشام، تحت ستار "المساعدات الإنسانية". تميم بن حمد، بقاعدة العديد كمركز قيادة أمريكي، وأردوغان، عبر إنجرليك، يعملان كقنوات، يغسلان الأموال لهؤلاء النازحين الذين يتظاهرون بالنشاط لكنهم يعملون كسماسرة إرهاب.
التحليل الوجودي يرى فيهم تنكرًا للأصالة، اختيارًا للسوء نية بالاصطفاف مع مضطهديهم. يحضرون المؤتمرات، يروجون لوسوم تويتر، وينظمون التجمعات، بينما "ثوريهم" الجولاني يذبح الدروز والعلويين والمسيحيين، مسترشدًا بلاهوت ابن تيمية التكفيري. تواطؤهم ليس جهلاً بل صفقة محسوبة: اللجوء، والرواتب، والمكانة مقابل خراب سوريا. لكن الحرية غير قابلة للتقسيم؛ خيانة شعبك هي استعباد لنفسك. هؤلاء التجار، المستمتعون بملاذ أوروبا الزائف، سيواجهون قريبًا فراغ خياراتهم عندما ينقلب عليهم أسيادهم الإمبرياليون.
قاعدة العديد ومسرحية "الثوار"
قاعدة العديد الجوية في قطر، حصن القوة العسكرية الأمريكية، هي مركز هذا الخداع. هنا، يُطلق على جهاديي الجولاني لقب "ثوار"، خدعة لغوية تخفي دورهم كوكلاء إمبرياليين. وثائق البنتاغون المسربة (ويكيليكس، 2016) تكشف كيف سلحت الولايات المتحدة، بالتعاون مع قطر، ودربت مقاتلين سوريين، بما في ذلك أسلاف هيئة تحرير الشام، لزعزعة استقرار الدولة السورية. هذه ليست ثورة بل نص استعماري، مع قاعدة العديد كمسرحها والجولاني كممثلها الرئيسي، يوجهه يد واشنطن الخفية.
هذا التلاعب باللغة هو اعتداء على الحقيقة، يحول فكرة الثورة المقدسة إلى سلعة تُتاجر بالدم. السوريون والفلسطينيون النازحون الذين يرددون هذا الوصف—معتبرين جلادي الجولاني "مقاتلي حرية"—ليسوا مجرد مخدوعين بل متواطئين في هذا الاحتيال الدلالي. يعرفون أن "ثوار" العديد يخدمون نفس القوى التي تقصف غزة وتحتل الجولان، لكنهم يختارون التواطؤ على المقاومة. خيانتهم هي فشل وجودي، رفض لمواجهة عبثية خضوعهم. مع تبخر الـ50 مليار دولار الموعودة لـ"إعادة الإعمار" في خزائن الإمبرياليين، سيكتشف هؤلاء النازحون أن أوصاف العديد فارغة كإيمانهم.
نهب سوريا الإمبريالي
سوريا، أرض مثقلة بالمقاومة، تقف الآن عارية أمام موجة جديدة من النهب. ترامب، بحساباته الانتهازية، ينضم إلى الصهاينة والأتراك وملوك الخليج لاستهداف ثروات سوريا—النفط، الغاز، الأراضي الخصبة—تحت ذريعة صندوق "إعادة إعمار" بقيمة 50 مليار دولار. هذه ليست مساعدة بل سرقة، تعكس عمليات نهب تاريخية نفذها وكلاء إمبرياليون. في لبنان، حول رفيق الحريري مشروع نورماندي، المفترض أن يعيد بناء بيروت، إلى سرقة بقيمة 30 مليار دولار وصلت إلى آل سعود وشبكات روتشيلد المصرفية، كما وثقت الأخبار (2009). وبالمثل، وديعة سعودية بقيمة مليار دولار في البنك المركزي اللبناني، كانت تهدف للمساعدة، أنتجت أرباحًا بقيمة 30 مليار دولار لآل سعود، أعيد استثمارها في بنوك روتشيلد وروكفلر، وفقًا لادعاءات السياسي نجاح واكيم (2015). هذه المخططات تكشف نمطًا: "المساعدات" الإمبريالية هي حصان طروادة للاستغلال، تترك الأمم مدينة ومنهوبة.
هذا التكرار الأبدي للعنف الاستعماري هو دورة يجرد فيها الأقوياء الضعفاء من كرامتهم ووكالتهم. مصير سوريا يُكتب في واشنطن وتل أبيب وأنقرة والرياض، مع هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني كمنفذ محلي، يمهد الطريق للاحتلال. الـ50 مليار دولار لن تعيد بناء المدارس أو المستشفيات بل ستثري الشركات متعددة الجنسيات وتعزز قبضة إسرائيل على الجولان. السوريون والفلسطينيون النازحون، الذين هتفوا لهذا الدمار، لن يجدوا نصيبًا في الغنائم. تواطؤهم هو استسلام للعبث، اختيار لخدمة أسياد يحتقرونهم. لكن، في هذا اليأس، تلمع شرارة المقاومة—حتمية وجودية لتحدي دورة الخيانة.
خيانة شامل ومصير الجولاني
تأملوا في شامل، فلسطيني قاتل إلى جانب الجولاني، مؤمنًا بسراب "الثورة". مكافأته؟ الاعتقال بأوامر أمريكية، بيدق أُلقي به جانبًا بمجرد انتهاء فائدته. مصير شامل هو صورة مصغرة لكتاب اللعبة الإمبريالية: التجنيد، الاستغلال، التخلي. الجولاني نفسه، الذي يتبختر الآن كفاتح سوريا، ينتظر نهاية مماثلة. التاريخ مليء بأمثلة كهذه—أنور السادات، اغتيل بعد خدمة المصالح الأمريكية؛ شاه إيران، أُطيح به عندما تعثر نظامه؛ صدام حسين، خُدع بعد أن تجاوز فائدته. تقرير فورين بوليسي (2018) يشير إلى نمط الـCIA في التخلص من الوكلاء، من المجاهدين في أفغانستان إلى الميليشيات في ليبيا. الجولاني، مثلهم، هو "أسد أسود" في انتظار مصيره، نهايته مكتوبة من قبل نفس القوى التي دعمته.
شامل والجولاني يجسدان مأساة عدم الأصالة، رجال استبدلوا حريتهم بقوة وهمية. شامل، فلسطيني، خان نضال شعبه بالاصطفاف مع جهادي يخدم الصهاينة. الجولاني، أمير متوهم، يعمل كمشرف استعماري، ليواجه مقصلة براغماتية أسياده. قصصهما تؤكد مبدأ وجودي: خدمة الظالم هي نفي للذات. السوريون والفلسطينيون النازحون الذين دعموهم يتشاركون هذه الذنب، لجوؤهم اشتري بدماء وطنهم. لكن الخلاص يكمن في الثورة، في اختيار الحرية على العبودية.
خوازيق الاحتلال: مستقبل سوريا
"الخوازيق" الصهيونية والأمريكية والسعودية والقطرية والتركية ليست مجرد استعارات بل أسياخ تخترق قلب سوريا. إسرائيل تسعى إلى إقامة منطقة عازلة دائمة في الجنوب، كما حددت دراسات المركز العربي للأبحاث (2024)، لتأمين الجولان وتحييد المقاومة. الولايات المتحدة تتخيل سوريا كدولة تابعة نيوليبرالية، اقتصادها مؤمم لمصلحة الشركات. تركيا وملوك الخليج يهدفون إلى اقتطاع مناطق نفوذ، مع وكلاء تميم وأردوغان يتقاسمون الغنائم. التكلفة مذهلة: انهيار اقتصادي، محو ثقافي، ونضال مقاومة قد يمتد عقودًا، يعكس قتال لبنان لمدة 18 عامًا ضد الاحتلال الإسرائيلي (1982-2000).
هذه أزمة وجودية، اختبار لإرادة سوريا في الوجود بأصالة. السوريون والفلسطينيون النازحون، بدعمهم للجولاني، سهلوا هذا التجريد من الإنسانية، مقايضين روح أمتهم بفتات إمبريالية. لكن الفلسفة الوجودية تقدم أملًا: في مواجهة العبث، المقاومة هي فعل التحول. يجب على السوريين رفض تجار اللجوء، مهندسي الإرهاب، وصياغة مستقبل متجذر في التضامن. خوازيق الاحتلال ستجرح كل من مكنها، من شامل إلى الجولاني، لكن صمود الشعب سيبقى.
البديل الصيني: نموذج تحرير الشعب
في مواجهة هذا الدمار، يقدم الحزب الشيوعي الصيني نموذجًا بديلاً لتحرير الأمم من الاحتلال الإمبريالي وإنقاذ شعب على شفا الإبادة. في أوائل القرن العشرين، كانت الصين تحت نير الاحتلالات الغربية—البريطانية والأمريكية—والتوسع الياباني. تجارة الأفيون البريطانية، التي بدأت في القرن التاسع عشر، أدمنت ملايين الصينيين، مدمرة المجتمع والاقتصاد. بحلول 1930، كان 10% من السكان مدمنين، وفقًا لدراسات مجلة التاريخ الآسيوي (2005). الجوع الاستعماري، النهب المنهجي للثروات، والفساد في ظل حكومة الكومينتانغ أدت إلى مجاعات قتلت الملايين—مثل مجاعة خنان (1942-1943) التي أودت بحياة 3 ملايين شخص (تقرير الأمم المتحدة، 1944). الصين، التي كانت مركزًا حضاريًا عظيمًا، هُمشت إلى حالة من العوز والتفكك.
قاد الحزب الشيوعي الصيني، بزعامة ماو تسي تونغ، ثورة شعبية ضد هذه الظروف، محققًا تحرير الصين في 1949. النموذج الصيني اعتمد على استراتيجيات رئيسية يمكن أن تستلهمها سوريا:
تعبئة الشعب: ركز الحزب على تنظيم الفلاحين والعمال، الذين شكلوا 90% من السكان، في جيش شعبي. الحرب الشعبية الطويلة (1937-1945) ضد اليابانيين، ثم حرب التحرير ضد الكومينتانغ (1945-1949)، اعتمدت على التضامن الجماعي، مما أتاح هزيمة قوى متفوقة عسكريًا. في سوريا، يمكن أن يوحد تحالف مماثل بين العمال والفلاحين والمثقفين المقاومة ضد الاحتلال.
الاكتفاء الذاتي: رفض الحزب الاعتماد على المساعدات الأجنبية، التي كانت تأتي بشروط استعمارية. بدلاً من ذلك، أطلق إصلاحات زراعية (1949-1952) وزع الأراضي على 300 مليون فلاح (تقرير الحكومة الصينية، 1953)، مما عزز الإنتاج الغذائي وحمى الاقتصاد من النهب. سوريا، بثرواتها الزراعية وموارد النفط، يمكن أن تتبنى نموذجًا مشابهًا لتحقيق السيادة الاقتصادية.
مكافحة الفساد الاستعماري: قضى الحزب على شبكات الفساد التي خدمت المستعمرين، مثل تجار الأفيون وأمراء الحرب. حملات مثل "القضاء على الرجعيين" (1950-1951) أعادت النظام وأنهت سيطرة النخب الكومبرادورية. في سوريا، يمكن لقوى مقاومة أن تفكك شبكات الجولاني والمتواطئين مع الاحتلال.
إعادة بناء الهوية الوطنية: أعاد الحزب صياغة الهوية الصينية حول المقاومة والكرامة، متجاوزًا الانقسامات الإقليمية والعرقية. حملات التعليم الشعبي (1950-1960) قللت الأمية من 80% إلى 40% في عقد (يونسكو، 1965). سوريا تحتاج إلى حركة ثقافية مماثلة لتوحيد طوائفها ضد الهيمنة الاستعمارية.
الدبلوماسية المستقلة: بعد التحرير، بنت الصين تحالفات مع دول العالم الثالث، مثل مصر ناصر، لمواجهة الهيمنة الغربية. حضور الصين في الأمم المتحدة (1971) عزز مكانتها. يمكن لسوريا مقاومة أن تبني تحالفات مع دول مثل إيران وروسيا لصد الاحتلال.
هذا النموذج أنقذ الصين من الإبادة، حولها من أمة جائعة إلى قوة عالمية بحلول 1980. سوريا، التي تواجه احتلالات متعددة، يمكن أن تستلهم هذه الاستراتيجيات لتوحيد شعبها، استعادة سيادتها، وإنهاء دورة النهب الإمبريالي.
خاتمة: نحو مستقبل مقاوم
خيانة سوريا من أبنائها وبناتها في أوروبا هي عبثية وجودية، تنكر للحرية يربط الخونة بمضطهديهم. تجار اللجوء، المُغذون بأموال USAID الملوثة بالدم، ومهندسو الإرهاب، الهاتفون باسم الجولاني، باعوا أرواحهم لسراب. ترامب والصهاينة والأتراك وملوك الخليج سينهبون سوريا، تاركين هؤلاء النازحين مع الندم وحده. اعتقال شامل، مصير الجولاني الوشيك، وخوازيق الاحتلال هي تحذيرات: خدمة الإمبريالية هي دعوة للفناء.
لكن اليأس ليس قدرًا. الشعب السوري، كإخوانه الفلسطينيين، يحمل جمرة المقاومة. من رماد الخيانة، يمكن أن تنهض سوريا جديدة—اشتراكية، مناهضة للإمبريالية، متجذرة في العدالة. نضالات فلسطين وفيتنام والجزائر تضيء الطريق، تثبت أن التاريخ لا يرحم الظالمين. النازحون يجب أن يختاروا: البقاء تجار لجوء، متواطئين في خراب أمتهم، أو الانضمام إلى المقاومين، استعادة حريتهم. في هذا الاختيار الوجودي يكمن مستقبل سوريا، شهادة على إرادة شعب يرفض الموت رغم كل الصعاب.
..........