فرنسا: جيلي جون أم جيلي نوار؟!
حسن أحراث
الحوار المتمدن
-
العدد: 8041 - 2024 / 7 / 17 - 20:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
GILLET JAUNE OU GILLET NOIR?!!
إنها حال الديمقراطية البورجوازية، بفرنسا وخارج فرنسا، خدمة البورجوازية أولا وأخيرا، "سلما" أو حربا..
وبفرنسا، ورغم مختلف الألوان السياسية اليوم أو الأمس، أي من الجبهة الوطنية الى التجمع الوطني، ومن الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي وحزب ميلونشون France Insoumise (غير المرحّب به، بل والمرفوض، على الأقل حسب ماكرون) الى الجبهة الشعبية الجديدة ذات التركيبة الهشة، فإن الأوضاع لا تزداد إلا ترديا في صفوف الطبقة العاملة بالخصوص. ولن نتوقع الخير العميم (كل حسب حاجته، أي المجتمع الشيوعي) للعمال والمهاجرين وغيرهم من المستغَلين في حال تشكيل الحكومة من طرف الجبهة الشعبية الجديدة "الفائزة" في الانتخابات الأخيرة، وهو الفوز بطعم الهزيمة؛ أو من طرف غيرها (تحالف Ensemble pour la République...). كفى من الأوهام..!!
إن حال فرنسا اليوم لا يختلف كثيرا عن أحوال بلدان أخرى رغم التفاوتات التاريخية بالخصوص، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية مع حزبي الديمقراطيين والجمهوريين، وبريطانيا مع حزبي العمال والمحافظين...الخ. لأن الجهات المتحكمة في اللعبة السياسية تملك/تحتكر كل وسائل تسيُّدها للحياة السياسية، ومن بينها المال والإعلام والتكنولوجيا. وذلك ليس بغريب في ظل الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية للامبريالية بجل المواقع الاستراتيجية على الصعيد الدولي، بما في ذلك نهب واقتسام خيرات الشعوب وتأبيد معاناة هذه الأخيرة. وتبقى شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان مجرد شعارات للاستهلاك وذر الرماد في العيون، وكذلك ما يسمى ب"المؤسسات الدولية"؛ ومن بينها الأمم المتحدة والبنك العالمي وصندوق النقد الدولي. وإجرام الكيان الصهيوني اليومي في حق الشعب الفلسطيني يفضح ذلك وبتواطؤ رجعي صهيوني امبريالي..
أما الخرجات الاستعراضية لبعض الفئات الاجتماعية بفرنسا (جيلي جون، مثلا...) ورغم القمع الذي استهدفها فلن تُغيّر موازين القوى لفائدة أعداء البورجوازية، أي العمال، أو تُسقط نمط الإنتاج الرأسمالي الذي صار بفعل التواطؤ والتخاذل السياسيين من طرف من يدعي مناهضة الرأسمالية واقعا مريرا ليس سهلا تجاوزه راهنا..
وحتى الأحزاب السياسية التقليدية وكذلك النقابات المرتبطة بها، والمقصود الحزب الاشتراكي (PS) والحزب الشيوعي (PC) والكنفدرالية العامة للشغل (CGT)، لن تنجح في ذلك، علما أن هذه المهمة، أي تغيير موازين القوى أو إنجاز الثورة الاشتراكية، لم تعد تعنيها في شيء رغم الشعارات المرفوعة والتي تبقى في مجملها بعيدة عن الشعارات الاشتراكية التي تفرضها مرحلة الثورة الاشتراكية. إنها آليات لخلق التوازنات وضمان استمرار "السلم" الاجتماعي. أما الصراع الطبقي النقي الذي تحدث عنه لينين بين البروليتاريا من جهة والبورجوازية من جهة أخرى فقد وُضع بإحكام وبأيادي ملطخة بدماء الأبرياء ب"الثلاجة" الرأسمالية، وكأن هذه الأخيرة قدر مُحتّم.
وهل بغير العنف الثوري ستُرجع الحقوق وتُنتزع المكتسبات وتُصنع الثورات البورجوازية والاشتراكية...؟!!
وعن أي اشتراكية (المجتمع الاشتراكي) يمكن الحديث في غياب أو تغييب ديكتاتورية البروليتاريا؟!!
عموما، فكلما تواصلت سيطرة ونفوذ الامبريالية عبر ربوع العالم كلما تعمّقت مآسي الشعوب المضطهدة، خاصة وغياب الشرط الذاتي؛ و"تأجلت" بالتالي وبعنف دموي مهام الثورة البورجوازية وكذلك الثورة الاشتراكية. وليس غريبا مرة أخرى أن يستمر ما يسمى ب"بُؤر التّوتّر" في العديد من مناطق العالم. وحتى في حالة انطفاء بؤرة، تشتعل أخرى بهدف استمرار النهب والاستغلال والمناورات الرامية الى اختبار وتجديد الترسانة الرجعية والصهيونية والامبريالية عسكريا وتكنولوجيا...
إن إرادة الشعوب لا تُقهر ومصيرها بيدها، بفرنسا وخارج فرنسا..