لم يعُد المجال يسمح بالهزل..!!
حسن أحراث
الحوار المتمدن
-
العدد: 8039 - 2024 / 7 / 15 - 15:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كيف يستمرُّ القمع والاستغلال والنهب وصنوفٌ مختلفة وبشعة من الاضطهاد وبالبلاد نقابات (5) يُحكى أنها "ذات التمثيلية"، وخاصة الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل؛ وأحزاب معروفة تدّعي "اليسارية" وجمعيات، بل ائتلافات يصل عدد بعضها الى عشرين (20) إطارا؟!!
كيف يتواصل مسلسل الرداءة وبالبلاد "مناضلون" كثيرون منتشرون طولا وعرضا بالفايسبوك وبباقي منصات ووسائل التواصل الاجتماعي ومردِّدون "كلّ التضامن" دون توقف، بل ويدْعون الى "التضامن" ويستغربون "عدم التضامن"؟!!
كيف لا يعير النظام القائم أيَّ اهتمام لهذه "الجيوش"، منها المُتجوِّلة ومنها الرابضة بثكناتها "الى يوم الدين"، ويواصل بالتالي عبثه وإمعانه في تعميق جراح الجماهير الشعبية الكادحة، ومن بينها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء؟!!
يكفي أن أشير الى معاناة عاملات وعمال "سيكوميك" بمكناس التي عمّرت لما يزيد عن ثلاث سنوات والى معاركهم التي تُواجه بشراسة من طرف النظام و"بلطجيته" وبالتجاهل من طرف حواري النظام.
ماذا يُعجز "الجيوش" المتأهّبة وذات الصيت "العالمي" للتضامن مع "ضحايا حقوق الإنسان" (صحافيون ومدونون و"نشطاء" يبحثون عن البوز والتمويلات والجنسيات الأجنبية عبر طلبات اللجوء السياسي...) عن التضامن مع (مثلا) عاملات وعمال "سيكوميك"، بل ومؤازرتهم ليلا ونهارا، حتى انتزاع حقوقهم المشروعة؟!!
لقد أبدع الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان لازمة ذات دلالة معبرة تقول: "لقد بثنا نلحظ من ضمن ما نلحظ " (رسالة الائتلاف المفتوحة الى رئاسة النيابة العامة). لكن للأسف الشديد، لم يلحظ إلا ما يريد أن يلحظ (لديه عين ميكة). فالإجرام الذي استهدف عاملات وعمال "سيكوميك" لم يلحظه "ائتلافُنا" الناعم كما لم يلحظ جرائم أخرى في حق مناضلين ومواطنين، حسب تقديره لا "يسعون بشكل سلمي وحضاري للتعبير عن آرائهم أو مطالبهم، تماشيا مع ما يضمنه لهم دستور المغرب في بابه الثاني و(...) المصادق عليهما (المقصود العهدين الدوليين) من طرف بلادنا".
إنه الإغراق في الولاء وعشق الانبطاح..
إنه مخجل وعار أن نُميِّز بين "الضحية" و"الضحية" على قاعدة موقفها/توجُّهها، أو للدقة ولائها..
أين يكمن الخلل، بل الاختلالات؟
حقيقة، من ضمن الأسئلة المطروحة غير الأسئلة التي "حفظناها عن ظهر "قلب" وكذلك الأجوبة عنها، ومن بينها "ما العمل؟" و"بم نبدأ؟"، وهي الأسئلة الحارقة التي تُسائلنا دائما رغم إساءتنا لها، و(...):
- كيف في خضم الصراع الطبقي المحتد وفي راهنيته وشروطه الحالية أن تتفاقم موازين القوى لفائدة النظام القائم وقاعدته الطبقية (الكمبرادور والملاكين العقاريين)؟
- اين المناضلين حقيقة، ومن بينهم بالخصوص المناضلين الماركسيين اللينينيين، وخاصة في الميدان والى جانب الطبقة العاملة؟
أسئلة، ليست من باب الاتهام المجاني وإلقاء اللوم على الآخر؛ إنها تعنينا جميعا إذا سلمنا فعلا بانتمائنا الى الماركسية اللينينية وانخرطنا في معارك الطبقة العاملة وقضاياها من باب الانتماء الطبقي البروليتاري وليس من باب "التضامن" البورجوازي الصغير أو المتوسط.
لقد "فرح" جُلُّنا "للحراكات" (التعليم والصحة، وقبلهما بإفني وتازة وجرادة والريف...)، كما "فرح" هذا الجُلّ لبعض الفصول، وخصة منها فصل "الربيع" (الربيع العربي بتونس ومصر و...). لكن الفرح تبخّر، وتواصل الحزن والألم وتوطّدت أركان الأنظمة الرجعية المدعومة من طرف الامبريالية والصهيونية. وأكثر من ذلك، توغّل التوسّعُ الصهيوني السري والعلني، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا...، وترسّم التطبيعُ السياسي تحت إشراف النظام القائم وزبانيته الرجعية وعلى يد القوى الرجعية الظلامية "المتنكرة" و"رفاقها" في "اليمين" و"اليسار" (حزب العدالة والتنمية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية...).
والآن، أي مناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني من طرف "التشكيلات" السياسية والنقابية والجمعوية (الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، مثلا)، وفي نفس الآن تغييب التصدي للنظام القائم فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية؟!!
وبالنسبة للدينامية النضالية بالساحة السياسية، لا نُبخِّس نضالات الشغيلة التعليمية أو الصحية أو غيرها بالمغرب أو بخارجه، نريد بقوة وبدون لُبس أو لف التأكيد على دور الطبقة الاجتماعية المؤهلة لصنع الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، أي الطبقة العاملة، في حالة بناء حزبها الثوري الماركسي اللينيني المنظِّم والمؤطِّر؛ وهنا بيت القصيد. هنا، فليتنافس الثوريون حقا..
لم يعُد المجال يسمح بالهزل في ظل نظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي يأتي على اليابس والأخضر..!!
لم يعد المجال يسمح للعب على الحبل. كيف لمن يدعي النضال أن يسكت عن تواطؤ القوى السياسية التي تدعي خدمة شعبنا، وكيف لمن يدعي النضال أن يخضع للبيروقراطية النقابية والجمعوية وينفذ قراراتها بدون خجل؟!!
كفى من المَسْكنة وادعاء المظلومية وذرف دموع التماسيح، سواء من طرف المناضلات والمناضلين أو من طرف بنات وأبناء شعبنا، ولو يكونوا عاملات أو عمالا أو فلاحات فقيرات أو فلاحين فقراء. إنها مرحلة المواجهة النضالية المنظمة، أي أن نكون أو لا نكون، لا منزلة بين المنزلتين بدعوى ضعفنا او عجزنا. لنرفع التحدي الطبقي من أجل انتصار البروليتاريا وهزم البورجوازية (الكمبرادور والملاكين العقاريين)..
كفى من العواطف الجياشة والتعاطي العاطفي/الانتهازي مع القضايا السياسية المبدئية..
كفى من الاصطفافات السياسية القائمة على الولاءات "الريعية" المادية والمعنوية..
كفى من الشعارات البراقة لربح، وللدقة تسول "التصفيقات" و"الجيمات" الافتراضية..
كفى من معانقة الشيء ونقيضه وانتظار الذي قد يأتي أو لا يأتي. لنضع أيدينا في عجين الثورة من زاوية مبدعة ودقيقة وليس كهواية أو لعبة لإرضاء ذواتنا المريضة..
كفى من بناء "الأعشاش" المثقوبة في الهامش..
إنها ليست لعبة "دراري"، إنها معركة فضح القوى السياسية المتخاذلة والقيادات النقابية والجمعوية البيروقراطية، والتصدي لها جميعها بالساحة السياسية؛ وبالتالي الانخراط في بناء الحزب الثوري "تحت نيران العدو". إنها المهمة النضالية التي لا تقبل التأجيل، كما أنها الخط الفاصل بين الجد واللعب..
لا تنسوا، إننا مرآتكم؛ وربما أعداءكم..