خاشقجي!


اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن - العدد: 5857 - 2018 / 4 / 26 - 19:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


عُرف بين أوساط المثقفين الليبراليين والكتاب السعوديين و بعض السياسيين أنه مثقف سلطة (ملتبس) لا ينتمي الى السلطة بقدر ما يوظف انتمائه الى جماعة الاخوان المسلمين. وقبل أن يتشكل في الصحافة كاتباً له شأنه الثقافي و السياسي (...) كان في ذهاب و اياب الى افغانستان برفقة الأمير تركي بن فيصل. وقد انخرط مقاتلاً أياماً معدودة (...) في صفوف الجنود الافغان الذين يقاتلون من اجل طرد جنود الاتحاد السوفياتي من افغانستان. ولجمال خاشقحي صورة في زيّه العسكري بلحية طويلة وهو حاملاً الكلاشنكوف. وكان يباهي بها لدى البعض من أصدقائه (...)

إن مهنة الصحافة في حراك دقائق توجساتها الفكرية و الثقافية وفي إنتماءاتها الثقافية و السياسية ولا يمكن إخفاء الهوية الفكرية و السياسية بين بعض المثقفين و الكتاب و الصحافيين الذين يحاولون اخفاء انتماءاتهم السياسية و الفكرية. وقد بلغ جمال خاشقجي المستحيل في محاولة اخفاء حقيقة هويته الاخوانية و الظهور على حقيقته الاخوانية بين اترابه من الاخوانيين و المقربين من الاخوانيين (...)

وكانت المصلحة السياسية الحزبية الاخوانية في مقتضى امر ذلك: في أن يتشكل في أنشطته الثقافية و السياسية (كمثقف سلطة) وكانت قوة "الشّم" لدى زملاء المهنة في معرفة هوية الكاتب الآخر قوة لا تجاريها قوة (...)

وتأتي الملاحظة: ملاحظة (آمرة) في ان يغادر و يراقب الوضع خارج خطر إلقاء القبض (...) لقد بلغ جمال خاشقجي شأواً ملتبساً في اهمية الثقافة و السياسة "الملغومة" وقد أدرك حقيقة أفعاله الملتبسة لدى مجتمع يأخذ طريقه الوطني في الحداثة و التحديث وفي مقالاته و كتاباته ومقابلاته تراه مأخوذاً بصدام داخلي عميق بين "الوطن" و المنفى (!)

و تراه مقبلاً مدبراً من الوطن وفي الوطن، الا اني احسبه حزم امره في المنفى مرغم اخاك لا بطل وكان الجواب يأتي سليماً من الوطن انت غادرت من رغبة لديك (...) وعليك ان تعود إن أردت (...)

و تراه يكشف عن براقع اختفاء حقيقته الاخوانية قائلاً في تغريداته: "ليس من العدل ان يشجع الصغار للتعدي على الاخوان و رجالهم وعندما نبحث عن الاعتدال لا نجد غيرهم لنقلب في صفحات كتبهم وعملهم. الاخوان اكبر من تنظيم انهم تيار ساهم في المواءمة بين الاسلام و العصرنة ساهم في ذلك علماء منهم و آخرون مروا عليهم أمثال عز الدين ابراهيم ابو شقة الغزالي عودة. وغيرهم و غيرهم ولا يمكن البحث عن اعتدال دون العودة لنتاجهم. باختصار يتهمون الاخوان بالارهاب و عندما يبحثون عن الاعتدال لا يجدون غير كتبهم... "

ولا يمكن اخفاء جرائم الاخوان المسلمين على مدى تاريخ تشكلهم بمساهمة الاستعمار البريطاني (...) فكانت لهم محاولة فاشلة في اغتيال الرئيس المصري الخالد جمال عبدالناصر و محاولة أخرى في اغتيال نجيب محفوظ و القيام بتنفيذ اغتيال فرج فودة و الرئيس المصري انور السادات. و معلوم ان تاريخ الاخوان المسلمين الذي يريد الكاتب خاشقجي زوراً و بهتاناً ان يلمع واجهة تاريخهم السياسي بالاعتدال و تبرأة ساحتهم من جرائم القتل و الارهاب (!)

ولا يمكن ان ينال شرف الوطنية كاتب يحترف الكذب و التزوير في الدفاع عن الاخوان و ادراجهم زوراً و بهتاناً على طريق الاعتدال في الحياة الفكرية و السياسية و يُكشّر الخاشقجي عن همزات و لمزاته الاخوانية المعادية للتحولات الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية التي تأخذ طريقها التجديدي بالاناطة بالمجتمع على طريق الحداثة و التحديث مشيراً الى رفض ذلك في شخص ولي العهد الامير محمد بن سلمان قائلا: "بأن ولي العهد يمتطي عجلة تحريف التاريخ". و معروف ان الاخوان يرون التاريخ بين دفتي الدين. و خارج ذلك لا حساب للتاريخ عندهم (...) ولا وجود للتاريخ عند الاخوان المسلمين الا فيما تدفع به حركتهم المادية و الفكرية في الحياة (!)