عراقيون في برلين!


اسحاق الشيخ يعقوب
الحوار المتمدن - العدد: 4530 - 2014 / 8 / 1 - 00:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

برلين التي احببتها في عهدٍ مضى... أعود إليها و اتشكل في شئ من حبها... انشب الأظافر في الذاكرة اتفقد الاماكن أتأمل الوجوه أعيش الذاكرة خارج الذاكرة فأفيق بلا ذاكرة... تستحضر ذاكرة الماضي في ذاكرة الحاضر حتى على هشيش الاشجار الباسقات التي تلاعب الرياح بقاماتها في كبد السماء.. و جذورها تغط في أعماق الارض... ها انا اقترب الى شئ من الماضي... كأن المقهى الذي كنت اتجرع فيه الجعّة السوداء قبل خمسين عاماً هو ذات المقهى الذي أرده اليوم كأن طعم مرارة الجعة السوداء هي ذات الطعم كأني أتلمظ طعم الماضي في طعم الحاضر... و كنت و ثلة من العراقيين نتحوّط طاولة مترفة بذاكرة الماضي في ذاكرة الحاضر... و كان العراق و حركته الوطنية و قياداته الثورية مدار حديثنا بعد ان كنا نتصادم الذاكرة في برلين الذي يحُز نصفها جدار... و برلين الحرة الطليقة بلا جدار... و كان أحدنا يقول: جدار الحرية جدار برلين... و كان الآخر يضحك و يقول أللحرية جدار ؟! كيف تكون الحرية بجدار (!)

الحرية لا تطيق الجدران و لا القيود و الحدود... يرفع رأسه (...) بعد ان مسح نظارته بطرف قميصه و هو ينظر إلينا و نظارته تنزلق على أنفه المبروم المدبب: كلنا عهدنا الجدران و السجون و القيود منذ عهد نوري السعيد مروراً بعهد عبدالكريم قاسم وصولاً الى سجون صدام حسين... السجون و القيود و الجدران مرفوضة في الانظمة الرأسمالية و الاشتراكية و الشيوعية يسأل احدنا بشكل مطلق (!)
تهبط نظارته على ارنبة انفه و هو يصرخ منتشياً مرارة الجعة السوداء هذا ( المطلق ) هو خراب البصره في جمودنا و تساقطنا الواحد تلو الآخر خارج و على جادة اهدافنا الاشتراكية السامية (!)

النسبي و ليس المطلق فيما اقول المطلق لرجال الدين... و ليس لرجال الاشتراكية (!) هذه الثلة من العراقيين الذين وخَطَ الشيب رؤوسهم يتحدثون و يحللون و انفاسهم مشدوده في تاريخ حزبهم الشيوعي و هم في مدار المادية التاريخية الجدلية... ينتابني العجب و الحزن معاً انهم خارج حزبهم فافيض عجباً و حزناً انهم من اب و ام و خال و عم و اخ و ابن عم شيوعي... و كان البعض يؤكد محزوناً انه خارج الحزب لأنه قال شيئاً مغايراً لسياسة الحزب في الجبهة التي اقيمت بشروط بعثية صدامية مجحفة رغم معارضة الكثيرين: اذ كان (المطلق) في القيادة و النسبي يتسكع في متاهة ضياع نقاش الرأي و الرأي الآخر... نفِّذ ثم ناقش... اذا نفذت لماذا اناقش... و ان تمسّكت بالرأي طردت (...) شرط العضوية التي ارادها لينين يوماً هي السائدة (!)

1- الانتماء الخلوي
2- دفع الاشتراك الشهري
3- الموافقه على برنامج الحزب

ان (المطلق) الملعونة عندنا يذر قرنه في بند البرنامج السياسي و هنا مربط الفرس في ارادة المطلق في تهميش النسبي في وجهة النظر السياسية في الخروج على الاطار الايدلوجي على سياسة الحزب... و هو ما يتحقق في قمع المطلق للنسبي في التعسف في الاقصاء و الطرد و التشهير بالعضو الحزبي (!)

سياسة نفذ ثم ناقش سياسة لا تمت الى حرية الرأي و الرأي الآخر في الحزب الواحد... كيف لي ان أدعو الى الحرية و انا اقمعها في ذات الحزب الذي يدعو الى الحرية... الرأي الحر هو الرأي المنتج المبدع المنتصر لسياسة الحزب في الحزب و خارج الحزب (!)

الابداع و الابتكار في الانتاج لمنهجية حزبية صحيحة في الحرية و تجلياتها في جوهرية طبيعتها النقدية فان جرّدت من العضوية الحزبية في النقد و الاعتراض ضد سياسة الحزب و القائمين على قيادتها فان ذلك يُعد اعتداء على الحرية و ضرورة سيادتها في الحياة الحزبية (!)

اني اتوجس الماً شديداً امام صدقية هذه الانفاس الشاهقة و المترعة بوطنية الحب و هذا الاخلاص للعراق و للحزب الشيوعي العراقي لهؤلاء الرجال و النساء الذين أُنتزعوا انتزاعاً تعسفياً وفق مسؤولية المطلق و ليس وفق مسؤولية النسبية !!

ان الاحزاب الشيوعية ليست ملكاً لأمانات عامة خالدة و قيادات و زعامات بقدر ما هي ملكاً للطبقة العاملة (!) ان العضوية الحزبية هي الخالدة في الحزب و للحزب و ليس سلطة تستطيع ان تطرد او تجرد العضو الحزبي من عضويته الحزبية طالما هو يؤدي شروط عضوية انتماءاته الحزبية امام ما يُعرف بالخضوع لمادة البرنامج السياسي و ما يرتبط بحرية الرأي و الرأي الآخر الحزبي في النقد و إبداء وجهة النظر ففي ذلك كما أرى مبدئية حزبية يجب اخضاعها للحرية و مسؤوليتها النقدية و انه من الجريمة التاريخية لاحزاب الطبقة العاملة ان تكون هناك قامات ثورية عراقية و غير عراقية عرفتهم و تفاعلت مع معاناتهم سورية و لبنانية و مصرية و سودانية و خلافهم هم يحملون في نبض دمائهم شرف انتمائهم و اخلاصهم للاشتراكية و الشيوعية و هم خارج احزابهم (!)

حرية الرأي يجب ان لا تكون عقاباً في احزاب الطبقة العاملة و ايدلوجيتها الديمقراطية الثورية... لنطهر احزابنا من البيروقراطية الدغمائية و لنفتح صدور احزاب الطبقة العاملة بالحرية في النقد و الخروج على المادة الثالثة من شروط العضوية الحزبية فيما يتعلق بالبرنامج السياسي الحزبي ، فحرية الرأي و الرأي الآخر في حزب الطبقة العاملة يجب ان تسود على الجميع و بدون استثناء فهي الرافعة الحزبية للنهوض بالحزب من استدامة كبواته و عثراته التاريخية (!)

إن دعوة الى العوده الى حزب الطبقة العاملة لكل المبعدين و المفصولين بدون استثناء و بلا شروط من الذين هم خارج حزبهم... و الاعتذار لهم بخطأ الإبعاد و في الالتماس بعودتهم الى أحضان حزبهم:
ما يعني شجاعة في الأمانة المبدئية لحزب الطبقة العاملة (!)