القصاص لشيماء!


أحمد بهاء الدين شعبان
الحوار المتمدن - العدد: 5348 - 2016 / 11 / 20 - 11:20
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية     



سقطت الرفيقة والمناضلة "شيماء الصبّاغ"، وروت الأرض المصرية بدمها الطاهر. قدمت عمرها الغض دفاعاً عن كل ماهو نبيلٍ وراقٍ فى هذا الوطن، وفى مواجهة جيوش الظلام والقهر، والقبح والانحطاط.
وحتى الآن، ورغم مرور مايقرب من عامين كاملين على جريمة اغتيال الرفيقة العزيزة، مازالت عملية القصاص من القتلة تراوح مكانها، ونشهد مراوغات هنا وهناك، ومماطلات بهذا الشكل أو غيره، بهدف التنصل من معافبة المجرم، والتهرب من تحميل القاتل مسئولية فعلته الشنعاء.
لكن هذا الأمر ليس بالجديد: وإلا فدلونى على واحد فقط ممن أطاحوا بعيون شبابنا، أو قنصوا أرواح فرساننا، منذ 25 يناير وحتى الآن، نالوا جزاء جريمتهم، أو مسّهم، ولو من بعيد، شُبهة العقاب؟ّ!.
هل يعنى هذا أن نيأس من المطالبة بالقصاص ممن أجرم فى حق شعبنا وثواره؟!: القصاص من قتلة الشهداء الأبطال: "خالد سعيد"، والشيخ "عماد عفت"، و"مينا دانيال"، و"الحسينى أبو ضيف"، وغيرهم وغيرهم، ومن أدمى عيون العزيز "أحمد حراره"، وأصاب المئات من خيرة أبنائنا، فأعجزهم عن السعى والحركة؟!.
على الإطلاق لا: بل أن علينا أن نستمر فى التنديد بهذه الجرائم ضد الإنسانية، وهى جرائم لا تسقط بالتقادم، وواجبنا الضغط من أجل المحاكمة الناجزة للقتلة، والقصاص لدم خيرة أبنائنا، والعمل بكل الطرق لفضح عملية التستر على من اقترفها، وهى جريمة لا تقل شرّاً، عن جريمة القتل الأصلية ذاتها !.
لكن هذا ليس وحده ما يُرضى الشهداء فى مرقدهم القدسى، وإنما ما يُرضيهم أيضاً، أن تتحقق الأهداف التى من أجلها ضحّوا، وفى سبيلها بذلوا أرواحهم رخيصة.
إن القصاص الحقيقى للشهيدة "شيماء الصبّاغ"، هو أن نعمل جادين على ألا تسقط راية النضال من أجل تحقيق حلم شعبنا الكبير: العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
القصاص من قتلة "شيماء الصبّاغ" ورفاقها، هو فى أن نناضل من أجل ألا يكون فى بلادنا سجن وسجّان. قاتل وضحيّة. ظالم ومظلوم، أو باطش ومبطوش به !.
القصاص من قتلة "شيماء الصبّاغ" ورفاقها، هو فى أن نحرم جلاديها من متعة الشعور بالانتصار، وانتشائهم لأنهم، بإقدامهم على اقتراف جريمتهم الدنيئة، أوقفوا مسيرة الحرية، وحالوا دون تقدم جحافل النهار!.
وهو فىإصرارنا على أن نبنى مجتمعاً حقيقياً، يؤمن بقيم العلم، والعمل، والحق، والتقدم، والتضامن الإنسانى، والتسامح، والمساواة، والمواطنة، ويُشجع على الانفتاح الفكرى وينبذ التعصب والعنصرية وكراهية المختلفين !.
القصاص لـ "شيماء" فى ألاّ يكون فى بلادنا جائع، أو محتاج، أو جاهل، أو أمى، وألا يهيمن على وجوده رموز الفساد، أو يتسلط عليه أذناب الاستبداد، وألا تحكمه الخرافة، أو تفرض جماعات التكفير، أو القبضة الحديدية، سطوتها عليه.
وأخيراً، فإن القصاص من قتلة "شيماء الصبّاغ" هو فى أن نُمتِّن وحدتنا، وأن نلم شتاتنا، وأن نُجًمِّعَ إرادتنا، وأن نخدم القضية التى دفعت الغالية "شيماء" حياتها ثمناً لها ... بحق!.
فبهذا وحده نقتص لشهدائنا، القصاص الأكيد !.