الخيانة ومعناها!


أحمد بهاء الدين شعبان
الحوار المتمدن - العدد: 4242 - 2013 / 10 / 11 - 12:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان     

الدلائل التى تدين جماعة الإخوان الإرهابية، بالفعل المادي الذي يعني ارتكاب جريمة "الخيانة العظمى"، تترى، وتتجمع، وتتراكم، حتى لا نعود قادرين على متابعتها، وتكاد ـ فى زحمة الأحداث ـ أن تتوه منا فى الزحام.

سنلقي الضوء، فى هذا السياق، على ثلاث وقائع بالغة الخطورة، يُشَكِّل اجتماعها وتضافرها معًا، دليل إدانة جديد، لا يرقى إليه شك، فى أن "الجماعة" ضالعة ضلوعًا أكيدًا، فى مخطط خارجى، يستهدف الإضرار العمدى الجسيم بأمن البلاد، ويوقع، إن لم يتم سحقه سحقًا كاملًا، خسائر فادحة، بالمصالح الوطنية العليا، ومستقبل الوطن والشعب، قد لا يمكن تداركه فيما بعد!.

أولاً: وقائع تآمر مايُسمّى "التنظيم الدولى" للجماعة على أمن مصر واستقرارها:

بالصوت والصورة والملاحقات الإعلامية المُثبتة، قبل 30 يونيو، ثم بشكل محموم بعدها، فإن هذا التنظيم الدولى، الذى كونته "الجماعة" ويُقاد بواسطة عناصرها (المصرية)، وانتشر حتى غطّى مايقرب من ثمانين دولة، انبرى فى التآمر المعلن، الممنهج، ضد مصر، وأمنها، واستقرارها السياسى والاقتصادى، وأعلن، على رءوس الأشهاد، وفى بياناته التى أشاعها بعد كل اجتماع عقده، وآخرها من مدينتى "لاهور" الباكستانية، و"اسطنبول التركية"، منذ أيام، موقفه النظرى والعملى، والمادى والسياسى، الداعم لتخريب الأوضاع فى مصر، وإشاعة الفوضى والعنف المتعمد فى ربوعها، بهدف إلحاق الأذى بالبلاد، وإسقاط الحكم، وتحريض الدول الأجنبية على قطع مساعداتها للجيش المصرى، بقيادة الفريق أول"عبدالفتاح السيسى"، وزير الدفاع، "والذى يريد تأسيس دولة ديكتاتورية، والقيادات فى الجيش تستغل "المعونة الأمريكية" لصالحها، ولذلك يجب قطع هذه المعونة، مع عدم اعتراف المجتمع الدولى بالحكومة الحالية فى مصر، لأنها حكومة غير شرعية!"، على حد قول "عبد الله الحداد"، ابن "عصام الحداد"، وشقيق "جهاد الحداد"، الإرهابيين المحبوسين على ذمة قضايا التخريب والتآمر، وعضو "المكتب الإعلامى" لتنظيم جماعة الإخوان" الدولى، ومقره مدينة "لندن". ( جريدة "الوطن"، 5 أكتوبر 2013).

وهى الدعوات التى لم تتوان الإدارة الأمريكية عن الاستجابة لها فور إزاحة حكم "مرسى والإخوان"، بتجميد "المناورات المشتركة"مع مصر، وإيقاف تسليمها شحنة طائرات الـ"F16" المُتعاقد عليها، والتى كان قد حان موعد تسليمها لمصر.

وآخر المستجدات، فى هذا الشأن، ما ذكرته شبكة CNN"" الإخبارية الأمريكية من أن إدارة الرئيس "باراك أوباما"، قد "قررت تطبيق تعـليق المعونة ووقف (المساعدات) لمصر، بالكامل، خلال الأيام المقبلة"، مُرجعةً السبب إلى مزاعمها بـ" قيام الجيش (المصرى)، بعزل الرئيس السابق "محمد مرسى"، وما تلى ذلك من أحداث!"، (موقع "اليوم السابع" الإلكترونى، 9 أكتوبر 2013).

ثانيًا: تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية، فى الداخل، وتناغمها، وانتشارها الجغرافي:

يستطيع أى مراقب، أن يلمس المدى الواسع الذى باتت تغطيه العمليات الإرهابية فى الأسابيع الأخيرة بالذات، وانتشارها فى البلاد من سيناء حتى الإسكندرية، مرورًا بالقاهرة: تفجيرات لسيارات مفخخة ( تحمل بصمات التمازج الإجرامى بين جماعة "الإخوان" وتنظيم "القاعدة" الإرهابى (المعولم !)، وبما يؤكد أن كل الجماعات الإرهابية المحلية والعالمية خرجت من عباءة "الجماعة"، وعملت لخدمة أغراضها! ـ عدوان بالأسلحة الثقيلة على المقار العسكرية والشرطية ومؤسسات الدولة ـ ترويع للمواطنين العزل ـ تعطيل للمرافق العامة واستهداف للأشخاص، ومنهم مسئولون كبار، كوزير الداخلية اللواء "محمد إبراهيم"، وآخرهم الأستاذ "خالد داوود"، على الرغم مما ماقدمه لهم من مساندة ودفاع، والإعلامية "بثينة كامل"، التى حطموا سيارتها وأوسعوها ضربًا!، هذا غير عشرات الشهداء الأبرياء، الذين سقطوا تحت سنابك الإرهاب والإرهابيين، من أبناء الشعب والقوات المسلحة والشرطة، ومن نماذجهم الأخيرة اللواء "نبيل فرّاج" الذى أردته رصاصة إخوانية غادرة!.

ثالثاً: افتضاح أبعاد المؤامرة امريكية على مصر والمنطقة:

وفضلًا عما تقدم، ومما يُكمل الإشارات السابقة ويمنحها مصداقية لا تقبل التشكيك أو التأويل، ما صرّح به "هيو شيلتون"، الجنرال الأمريكى المتقاعد، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأسبق، وهو من هو فى موقعه ومعرفته، لصحيفة "وورلد تريبيون" الأمريكية، وملخصه أن مصر اكتشفت، وأحبطت المؤامرة الأمريكية لـ "دعم الإخوان (المسلمين)، الذين وصلوا إلى سُدّة الحكم وسط اضطرابات لم يسبق لها مثيل، وهو الأمر الذى أدى للإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسى"، وذلك " قبل أن تتحول مصر إلى سوريا أخرى"، مُشيرًا إلى أن "ثورة 30 يونيو أفشلت المؤامرة، وحافظت على جيشها من الدمار الكامل".

لكن الأخطر فى حديث الجنرال " هيو شيلتون"، ما ذكره من أن ثورة 30 يونيو، وما تلاها من دعم الجيش المصرى للإرادة الشعبية، قد وضعا نهاية لـ" مشروع الشرق الأوسط الجديد"، (الأهرام، 5 أكتوبر 2013).

ولعل فى هذا الأمر مايُفسِّرالحقد الأمريكى، وإدارة أوباما، وتركيا وإسرائيل وقطر، فى مواجهة مصر وشعبها وجيشها ومؤسسات أمنها، بعد أن قضوا على حلمهم فى تحقيق المشروع الاستعمارى الذى طرحته إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق، "جورج بوش الابن"، فى عهد وزيرة الخارجية "كونداليزا رايس"، والذى يستهدف نشر ما أسموه "الفوضى الخلاّقة" لإعادة رسم خرائط المنطقة، وبما يحقق المصالح الأمريكية والصهيونية، وفى مقدمتها تدمير الدول والجيوش العربية الأساسية، على نحو ماحدث فى العراق وليبيا وسوريا، وأوقفت عبقرية شعب مصر ودور جيشها الوطنى، وضربتهما التاريخية فى 30 يونيو، و3 و26 يوليو، مؤامرة تنفيذه فى بلادنا!.

والآن، وبعد ماتقدم كله، وهو غيض من فيض، لابد وأن يتساءل المرء:

ماهى الخيانة إذن إن لم تكن كل هذه المسلكيات التخريبية، الثابتة والمعلنة، التى تمارسها جماعة الإخوان، بالتخابر والتفاعل والتدبير مع أعداء الوطن والأمة، من أجل تدمير مصر وجيشها ومقدراتها الاقتصادية واستقرارها السياسى؟!.

والأهم: لماذا يترك الحكم الجماعة المُخَرِّبة، وحلفائها الإرهابيين، يعيثون فسادًا فى البلاد، ويملأونها ترويعًا وتخريبًا، على نحو مانعاينه يوميًا، وما نراه من محاولات إسقاط الدولة وتخريب مؤسساتها، بعد استنزاف قواها العسكرية والأمنية، يوميًا، فى حروب الشوارع والمدن، فى المركز والأطراف؟!.

أسئلة تحتاج للحسم والحزم، خاصة أن الدولة يدعمها الشعب فى حربها المصيرية ضد الإرهاب، وفوّضها بذلك، وتملك ظهيرًا قضائيًا، بموجب قانون الطوارئ وصلاحياته، وحكم المحكمة باعتبار جماعة "الإخوان" جماعة محظورة، وأخيرًا باعتبار"جمعية الإخوان" جمعية باطلة!.

وأخيرًا نسأل: هل يتذكر الحكم المثل المعروف، "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"؟!.