مناقشة بعض التعليقات


حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن - العدد: 5237 - 2016 / 7 / 28 - 13:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

مناقشة بعض التعليقات
عند نشر مقالي الاخير فتحته ورايت فيه تعليقا واحدا هو تعليق الاخ فاخر فاخر
وحين فتحت المقال يوم امس من اجل الجواب على اسئلة الاخ فاخر فوجئت بوجود عدد غير اعتيادي من التعليقات لم استطعع قراءتها بعد. وقررت ان استمر فيما اردته من الجواب على اسئلة الاخ فاخر فاخر.
أنت تقول ..
"القضاء على نظام طبقي مثل النظام الراسمالي عن طريق قرار في مؤتمر تعقده بعض الدول الراسمالية خرافة لا حقيقة لها."
نعم ان ذلك خرافة اذ انه يعني ان النظام الراسمالي يقضي على نفسه بنفسه اي انه ينتحر. فقد اثبت التاريخ ان النظم الطبقية لا يمكن تغييرها الا بالقضاء على نظام قائم وانشاء نظام جديد. وهذا ما حدث في ثورات العبيد وفي الثورات البرجوازية وفي الثورة الاشتراكية. والنظام الراسمالي الامبريالي ما زال قائما بابشع صوره في الولايات المتحدة الاميركية التي نصبت نفسها منذ انتهاء الحرب الباردة شرطيا للعالم تستعمل القوة تجاه اي نظام لا يعجبها وبدون الالتجاء الى المحافل الدولية كالامم المتحدة وبدون موافقة مجلس الامن. هذا ما جرى في افغانستان وفي العراق ويجري في شتى ارجاء العالم.
تقول ان النمري قال
"أن روح النظام الرأسمالي هي خلق نقود جديدة كل يوم والدول الرأسمالية مدينة اليوم بعشرات التريليونات من الدولارات وأميركا وحدها بعشرين ترليون"
عزيزي فاخر ان النقود لا تخلق وانما تطبع في المطابع وبالورق المتوفر بكثرة. والدول الراسمالية كانت منذ فصل النقود الورقية عن النقود الذهبية حتى الان تطبع النقود في مطابعها تكلفها اثمان الورق والطبع وتنزلها الى السوق على انها نقود تشتري بها ما تشاء وتشتري الخدمات بما لم يكلفها اكثر من ثمن الورق وثمن طبعه. وقد اكتشف ماركس قانون قيمة مجموع النقود الورقية في المجتمع.
"فكيف تكون رأسمالية ومدينة؟
نعم هي راسمالية امبريالية ومدينة في الوقت ذاته وهذا لا يتعارض مع كونها دولا امبريالية. دراسة موضوع الاستدانة هو موضوع معقد ينبغي شرحه. وشرحه يتطلب الاجابة على العديد من الاسئلة التي تتعلق بالاستدانة. من يقوم بعمليات الاقتراض؟ لماذا يقوم بعمليات الاقتراض؟ ما هو هدف الاقتراض؟ من يقوم بتسديد القروض وفوائدها؟ لدى الاجابة على كل هذه الاسئلة نستطيع ان نفهم لماذا هي دول امبريالية وهي دول مقترضة في الوتق ذاته. نتخذ الولايات المتحدة مثالا على الاجابات على هذه الاسئلة.
من الذي يقوم بعمليات الاستدانة؟ ليس ميلياديرات الولايات المتحدة هم المقترضون بل الحكومة الاميركية هي المقترضة. فالراسماليون الاميركيون يواصلون استغلالهم للطبقة العاملة والكادحين لزيادة ارباحهم ومضاعفتها وهم ليسوا بحاجة الى الاستدانة او الاقتراض. الحكومة وحدها هي المقترضة.
لماذا تقوم الحكومة الاميركية بالاقتراض؟ الحكومة الاميركية هي ككل حكومة راسمالية خادمة مطيعة ومخلصة للطبقة الراسمالية. ولكي تساعد على مضاعفة ارباح الطبقة الراسمالية فانها تحتاج الى الاقتراض. فقد شاهدنا في الازمة الاقتصادية الاخيرة كيف قامت حكومة الولايات المتحدة بانقاذ اكبر مصارفها واكبر شركاتها من الافلاس بان منحتهم مئات المليارات التي اقترضتها.
من الذي يجهز الولايات المتحدة بالقروض؟ ان القروض التي تقترضها الولايات المتحده هي نهب ثروات الاجيال القادمة من الشعب الاميركي. فليس لدى الولايات المتحدة مصدر للقروض غير الشعب الاميركي. والاجيال القادمة من الشعب الاميركي هي التي عليها ان تسدد هذه القروض وفوائدها. القروض هي عملية نهب تقوم بها الولايات المتحدة من ثروات اجيالها القادمة.
واضح من كل ذلك ان الولايات المتحدة هي اكبر دولة مقترضة في التاريخ وهي اكبر دولة امبريالية في تاريخ البشرية في ان معا. القروض لا تغير من طبيعة الدولة الامبريالية بل تترافق معها.
"ويقول النمري أن نظام الانتاج الرأسمالي يقوم حصراً على إنتاج البضاعة ولذلك حدد ماركس دورة الانتاج الراسمالي (نقد - بضاعة - نقد):"
هذا غير صحيح اطلاقا. فانتاج البضاعة او السلعة ليس انتاجا راسماليا. انه انتاج حرفي يقوم المنتج بانتاج البضاعة او السلعة من اجل بيعها واستخدام اثمانها لشراء حاجياته من البضائع. وقانون الانتاج البضاعي هو س ن س كما حدده ماركس. الحذاء مثلا يصنع الحذاء بادواته البدائية والمواد الخام التي يشتريها (سلعة) ثميبيعها في السوق ليحصل على ثمنها نقودا (نقود) كي يشتري ما تحتاجه من طعام ومسكن واعادة انتاج نفسه كعامل (س). اي ان معادلة الانتاج الحرفي هي س ن وليس ن س ن.
اما الانتاج الراسمالي فهو نقود سلعة نقود (ن س ن) كما حدده كارل ماركس. الراسمالي يلقي النقود في السوق ليشتري سلعة قوة عمل العامل ويستخدم السلعة التي اشتراها في انتاج بضائع جديدة ينزلها الى السوق ليحولها الى نقود مع فائض قيمة او ارباح. وسلعة قوة عمل العامل هي السلعة الوحيدة في العالم التي يؤدي شراؤها واستعمالها الى نشوء سلعة اعلى قيمة من قيمة السلعة المشتراة. وهذا هو ما يجري في العالم الراسمالي الامبريالي حاليا. ان الانتاج الراسمالي ليس (س ن س) بل (ن س ن).
"لكن أميركا حصن الرأسمالية العالمية هي اليوم أكبر مستورد للبضائع ورؤوس الأموال في العالم" هذا خطـأ مضاعف. فالولايات المتحدة ليست مستوردا للبضائع اولا وليست مستوردا للراسمال ثانيا.
ان ماتستورده الولايات المتحدة من الصين وسائر الدول الاسيوية المتاخرة ليس استيرادا للبضائع وانما هو تصدير الراسمال او الراسمالية الامبريالية المالية وهذه هي اهم صفات الراسمالية الامبريالية كما حددها لينين في كتابه. انها تصدر الراسمال من اجل شراء او انتاج بضائع ليس للحصول على خدمات بل من اجل بيعها كسلع في ارجاء العالم لزيادة ارباحها وقد كتبت عن ذلك في مقال سابق ولا اجد حاجة هنا لتكرار كتابته.
والولايات المتحدة ليست مستوردا للراسمال. فالراسماليون الكبار الذين يحوزون على المليارات وعشرات المليارات هم الذين يملكون الراسمال بلا حدود. والحكومة الامبريالية تحصل على الاموال عن طريق القروض من اجل تحقيق مهمتها الاساسية خدمة الراسماليين الاميركيين. وهذا ايضا موضوع كتبته في مقال سابق ولا ارى حاجة لتكراره.
فكيف تكون أميركا رأسمالية و 80% من إنتاجها القومي هو من الخدمات التي لا تنتج ثروة، رأسمالية بدون ثروة !!؟ لا اعلم من اين توصلوا الى ان 80% من انتاجها القومي هو من الخدمات. ان ما تستورده او تنتجه الولايات المتحدة في البلدان المتاخرة لا يشكل الا جزءا ضئيلا من انتاجها القومي. اغلبية انتاجها القومي الحقيقي هو منتجات الشركات الامبريالية في الولايات المتحدة وهو بالدرجة الرئيسية في ايامنا انتاج الاسلحة المنتجة من اجل ابادة الحياة على الكرة الارضية وانتاج مستلزمات غزو الفضاء وتسليحه.
وكلمة انتاج ثروة يجب ان تعني زيادة ثروات المجتمع الراسمالي. وانتاج الثروة على هذا الاساس يجب ان يتحقق عن طريق عمل الانسان على الطبيعة وليس ثمة طريقة لانتاج ثروة جديدة غير ذلك. ان الخدمات هي نقل الثروات من انسان الى اخر وليست انتاج ثروة جديدة للمجتمع.
العالم اليوم يعيش اقسى واسوأ ظروف الامبريالية حيث فرضت الولايات المتحدة نفسها شرطيا على العالم تستخدم اسلحتها للتدخل في اي بلد تشاء وابادة الملايين بدون استشارة او نيل موافقة الامم المتحدة او مجلس الامن.