حوار مع عبد المطلب العلمي


حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن - العدد: 5111 - 2016 / 3 / 22 - 12:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

حوار مع عبد المطلب العلمي
عزيزي الاخ عبد المطلب. انا اتتبع كل الوثائق التي اوردتها من خطابات ستالين مع المعارضين تروتسكي وزينوفييف وكامينيف حين كانوا ما يزالون اعضاء في اللجنة المركزية للحزب وبحضورهم. والان بداية عملية صلح بريست ليتوفسك التي تسردها يوما يوما. ولكني ذهلت حين قرات ما سميته الانتفاضة بدلا من ثورة اكتوبر. وهذا هو موضوع هذا الحوار، اذ انك واسع الاطلاع على تاريخ الاتحاد السوفييتي ولا ادري كيف توصلت الى ان ماجرى في اكتوبر كان انتفاضة وليس ثورة.
من المعروف نظريا ان الثورات البرجوازية تنتهي بيوم قيامها بصرف النظر عما اذا انجزت اهداف الثورة البرجوازية كاملة ام لم تنجز. وهذا واضح في استجابة لينين في رسائل من بعيد حين اطلع من الصحف على ثورة شباط. كتب في رسائل من بعيد تعيش الثورة البروليتارية. وعند وصوله الى محطة بتروغراد وخطب تحية للجمهور الذي تجمع للترحيب به بدأ خطابه بشعار عاشت الثورة البروليتارية. وهذا يعني ان مرحلة الثورة البرجوازية قد انتهت وليس ثمة مرحلة استكمال الثورة سواء اانجزتها الحكومة ام لم تنجزها. وان المرحلة التالية هي مرحلة الثورة البروليتارية، الثورة الاشتراكية.
كان شعار الحزب الشيوعي بعد ثورة شباط البرجوازية شعار كل السلطة للسوفييتات. هذا الشعار كان شعار الحزب في فترتين مختلفتين. كانت الفترة الاولى بعد ثورة شباط البرجوازية. فقد نشات بعد هذه الثورة سلطتان مزدوجتان لمدة قصيرة. سلطة حكومة كيرنيسكي البرجوازية وسلطة السوفييتات بقيادة المنشفيك. فكان شعار الحزب كل السلطة للسوفييتات يهدف الى جعل الحكومة شكلا من اشكال دكتاتورية العمال والفلاحين الثورية التي كتب عنها لينين في كراس تكتيكان. ولكن تخاذل المنشفيك واستسلامهم للحكومة البرجوازية انهى هذا الشعار.
وحين انتخبت السوفييتات الحزب الشيوعي لقيادتها في حزيران على ما اتذكر اعلن لينين ان هذا يعني الثورة. واصبح شعار كل السلطة للسوفييتات شعارا للثورة الاشتراكية. وجرت ثورة اكتوبر وفق هذا الشعار وتحقق يوم اعلان الثورة. وفي الاجتماع الاول يوم الثورة تحقق شعار كل السلطة للسوفييتات كسلطة الطبقة العاملة، دكتاتورية البروليتاريا. وحين دعا الحزب بقية الاحزاب للاشتراك في الحكومة السوفييتية دعاها الى الاشتراك وفقا لسياسة الحكومة السوفييتية لذلك لم تستجب لدعوة الحكومة السوفييتية.
من اهم مهام دكتاتورية البروليتاريا تحطيم الدولة الراسمالية وجيشها وكافة مؤسساتها. وهذا ما حدث في اليوم الاول من الثورة. اذ بدلا من الدولة التي كانت قائمة قبل الثورة اصبحت دولة السوفييتات بهيئة حكمها وكامل مؤسساتها وجيشها. ولم يبق من الدولة السابقة اثر رسميا. هل هذا يدل على ان ثورة اكتوبر هي ثورة اشتراكية ام انتفاضة برجوازية؟
النقطة الثانية هي موضوع تنفيذ مهام الثورة البرجوازية. الحكومة البرجوازية لم تحقق الشعارات التي رفعتها كاهداف الثورة. واهم هذه الاهداف التي لم تحققها هدف القضاء على النظام الاقطاعي، هدف كل ثورة برجوازية. وكان ثمة شعار السلام وهو ليس من اهداف الثورة البرجوازية ولكن كوارث الحرب العالمية وتضحيات الجيش الروسي المحروم من الملابس والسلاح فرضا هذا الشعار على الثورة البرجوازية الروسية. ولكن شعار السلام هو شعار شعبي من واجب اية حكومة بما في ذلك حكومة ثورة اكتوبر السوفييتية وهو ما اعلنته الدولة السوفييتية في اول اجتماع لها بعد الثورة.
في الاجتماع الاول للسوفييتات بعد الثورة صدر مرسوما الارض والسلام كاول قرارات الدولة السوفييتية. ولكن هل حققت الدولة السوفييتية شعار الارض كما تحققه الدولة الراسمالية؟ بالطبع لا.
ان الدولة الراسمالية المنتصرة في ثورة برجوازية تقضي على الاقطاع بتحويل الارض من سلعة اقطاعية الى سلعة راسمالية بما يسمى الاصلاح الزراعي. وهذا يعني ان الارض تبقى سلعة متداولة يجري شراؤها وبيعها ورهنها وتاجيرها ولكن في نظام راسمالي. وهذا ما يسمى الاصلاح الزراعي وتوزيع الارض على الفلاحين. ولكن مجلس السوفييت قضى على الاقطاع بصورة مختلفة كل الاختلاف. مجلس السوفييت في قراره الغى الارض كسلعة متداولة. انه امم الارض وحرم بيعها وامتلاكها وتاجيرها. وهذا هو الحل الاشراكي لقضية الارض وليس حلا برجوازيا. وهذا يعني ان تاميم الارض كان عملية اشتراكية وليس عملية راسمالية. وهذا اثبات اخر على ان ثورة اكتوبر كانت ثورة اشتراكية وليس انتفاضة منذ اليوم الاول في تاريخها.
النقطة الثالثة هي الجيش. فقد كان للحكومة البرجوازية جيش جرار ولكنه جيش فقير ليس له سلاح وليس له حتى ملابس الجيش الحقيقية. ولم يكن في روسيا البرجوازية سوى هذا الجيش. ولكن الجيش الذي حارب حرب التدخل التي جرت بعد الثورة لم يكن الجيش الروسي السابق بل كان الجيش الاحمر. فهل كان هذا الجيش الذي تكون في خضم الثورة جيشا برجوازيا ام كان جيشا برولياريا، جيشا احمر، جيش دكتاتورية البروليتاريا؟
النقطة الرابعة هي ما هو الاسم الذي اطلقه لينين قائدها وصائغ سياستها وكيف وصفها. في السنوات القليلة التي عاشها لينين بعد الثورة كتب وتحدث كثيرا عن ثورة اكتوبرالاشتراكية. وانها انجزت مهام الثورة البرجوازية، القضاء على بقية الاقطاع كزء من قراراتها الاولية. ولم ترد في كل خطاباته وكتاباته اية كلمة انتفاضة. تحدث دائما عن ثورة اكتوبر الاشتراكية. فعلى اي اساس اطلقت عليها اسم الانتفاضة. هل كان لينين خاطئا في فهمه لثورة اكتوبر وانك الان صححت خطأه؟ ولا حاجة هنا الى التاكيد على ان ستالين لم يتحدث او يكتب عنها الا ثورة اكتوبر الاشتراكية. اعتقد انه ليس من حق احد ان يغير اسم ثورة اكتوبر، الثورةالاشتراكية، عن الاسم اطلقه عليها لينين.
لو كانت ثورة اكتوبر مجرد انتفاضة وليست ثورة اشتراكية لكان هذا يعني ان ما تحققه الحكومة السوفييتية مقتصر على تحقيق مهمات الثورة البرجوازية او اتمامها. وهذا يعني ان الدولة السوفييتية يجب ان لا تتخذ قرارات اشتراكية محضة. وهذا غيرصحيح منذ الاجتماع الاول للسوفييتات. اضافة الى قرارات تحقيق اهداف الثورة البرجوازية بتاميم الارض اتخذت الحكومة السوفييتية قرارات اشتراكية مطلقة. اعلنت تاميمها ومصادرتها لجميع الشركات والمصارف الراسمالية المحلية والاجنبية الكبيرة بدون تعويض. وهذا لا علاقة له بالثورة البرجوازية ومضاد لكل المبادئ الراسمالية. وهذا دليل قاطع على ان ثورة اكتوبر كانت ثورة اشتراكية منذ اعلانها ومنذ رفع شعار كل السلطة للسوفييتات قبل الثورة والنضال الدائم والمثابر من اجل تحقيقه في ثورة اكتوبر.
فثورة اكتوبر١-;-٩-;-١-;-٧-;- كان هدفها استكمال مهام الثوره البرجوازيه التي استنكفت الحكومه المؤقته عن تنفيذها بطريقة بروليتارية الى جانب مهمتها الاصلية، القضاء على النظام الراسمالي.على اي اساس اطلقت اسم الانتفاضة على ثورة اوكتوبر اعظم ثورة في تاريخ البشرية لحد الان؟