أالراسمالية حركة طبيعية اجتماعية (ملحق).


حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن - العدد: 5171 - 2016 / 5 / 23 - 14:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أالراسمالية حركة طبيعية اجتماعية (ملحق).
في تعليقها السابق اعترفت الاخت امتثال بان معلوماتها عن الاسس الاولية للماركسية قليلة ومع ذلك واصلت انتقادها لما كتبه حسقيل على انه لا يتطابق مع المبادئ الاولية للماركسية. اما في التعليق الحالي فقد برهنت الاخت امتثال على ان معلوماتها عن المبادئ الاولية للماركسية لا تتجاوز الصفر. وتعليقها في رايي لا يستحق الرد. ومع ذلك اناقش الاراء التي جاءت في تعليقها لفائدة سائر القراء.
"البتي بورجوازي ينتج قيماً عظيمة لكنه لا ينتج ثروة" !!
الاخت امتثال لا تستطيع فهم هذه العبارة. اذ كيف ينتج قيما عظيمة ولا ينتج ثروة؟ ان البتي برجوازي ينتج حقا قيما عظيمة. فمثلا قام العلماء باكتشاف الجينات. انه من اعظم الاكتشافات العلمية التي حققها الانسان. ولكن اية ثروة اضافها العلماء الى المجتمع عند اكتشافهم العظيم هذا؟ انهم لم ينتجوا مادة ملموسة تضيف شيئا الى الثروات الاجتماعية. ان انتاج شيء يضيف ثروة الى الثروات الاجتماعية يتطلب عمل الانسان على الطبيعة لانتاج مادة جديدة تشكل ثروة جديدة. ان اتحاد العمل البشري مع الطبيعة هو الوحيد الذي يخلق ثروة. والبتي برجوازي لا ينتج ثروة لانه لا يعمل على الطبيعة لتحقيق انتاجه. بهذا المعنى ينتج البتي برجوازي انتاجات عظيمة ولا ينتج ثروة.
"أنا لا أعلم ما هي القيم العظيمة التي هي ليست ثروة"
كل ما ينتجه الانسان بدون العمل على الطبيعة هو ليس ثروة. الموسقي الذي يلحن قطعة موسيقية لا يضيف ثروة فام كلثوم مثلا اطربت الشعوب العربية في العالم ستين عاما ولكنها لم تنتج ثروة. وكذلك لاعب كرة القدم او ممثل الافلام او الطبيب لنفس السبب المذكور اعلاه. انتاج الثروة يتطلب انتاج مادة جديدة تضاف الى الثروات الاجتماعية. فانتاج حذاء او قبعة او قميص او زراعة قمح او رز هو انتاج ثروة تضيف مادة جديدة الى ثروات المجتمع.
"في النظام الرأسمالي لا قيمة إلا للنقود التي هي كل الثروة "
لا اعلم من اين تعلمت الاخت امتثال ان النقود هي كل الثروة. المعادن الثلاثة التي استعملت كنقود، النحاس والفضة والذهب، هي سلع مادية كغيرها من السلع قبل ان تصبح نقودا يستطيع الانسان استخدامها في الحياة الاجتماعية كما يستعمل غيرها من السلع. يستطيع مثلا ان يستعمل الذهب لصياغة ادوات الزينة ولذلك هو ثروة. وكونه سلعة مادية هو ما جعل بالامكان استعماله كنقود. بهذا المعنى فقط تشكل النقود ثروة. فبامكان الانسان ان يستعمل الذهب للتزيين وللخزن كثروة او لغير ذلك ومن هذه الاستعمالات المتعددة يمكن استخدامه كنقود.
وليس في نظرية ماركس ما يفيد بان النقود هي كل الثروة بل انها مجرد ثروة معينة من ثروات المجتمع، فهي ثروة نقدية وحسب. ثروات المجتمع لا حصر لعددها والنقود مجرد احدى هذه الثروات.
كانت المعادن الثلاثة تستعمل كنقود مباشرة او بالتعبير عنها بنقد ورقي على ان يكون بالامكان استبدال النقد الورقي بما يعادله من النقد الذهبي بكل حرية. فيما عدا الحرب العالمية الاولى التي اصبحت فيها النقود الورقية لا قيمة لها كان بالامكان مثلا تحويل الدينار العراقي الى جنيه استرليني ذهبي حتى الثلاثينات من القرن الماضي وقد عشت شاهدا لذلك. الا ان هذا النوع من التبادل بين النقود الورقية والنقود الذهبية الغي في اواخر الثلاثينات قبيل الحرب العالمية الثانية. ولدى الغاء تبادل الورقة النقدية بما يقابلها من النقد المعدني، الذهب، لم يعد بالامكان اعتبار النقود الورقية ثروة. وفي حياتنا اليوم تقوم مطابع النقود الورقية في كافة بلدان العالم بطبع المليارات من الاوراق النقدية التي لا قيمة لها اكثر من قيمة الورق المطبوعة عليه وتلقيها في التداول مما يجعل قيمة النقود الورقية تهبط هبوطا متواصلا. ان اعتبار النقود الورقية اليوم ثروة اجتماعية ناهيكم عن جميع الثروة لا معنى له ولا علاقة له بالمبادئ الاولية للماركسية. لم تعد النقود الورقية في ايامنا ثروة بل مجرد اوراق نقدية. وقد حدد ماركس قانون قيمة الاوراق النقدية غير المسندة بالنقود الذهبية بان قيمها الاجتماعية تعادل مهما كان عددها قيمة النقنود الذهبية اللازمة لاكمال المعاملات النقدية للمجتمع في تلك اللحظة. هذا هو قانون النقود الورقية غير المسندة بالمعدن الذهبي كما وضعه ماركس للنقود الورقية.
ان قانون كارل ماركس للنقود الورقية لم يعد صحيحا في ايامنا لدى تحول اغلب المعاملات التجارية وعمليات البيع والشراء تجري عن طريق التحولات المصرفية من حساب فرد الى حساب فرد اخر بواسطة بطاقات القرض وليس للنقود وجود في هذه المعاملات. ان هذا الوضع يتطلب وضع قانون جديد يحدد طبيعة هذه المعاملات الخالية من اي نوع من النقود.
"فكيف فيه ينتج البتي بورجوازي قيمة عظيمة أعظم من النقود؟"
البتي برجوازي اذن ينتج قيما عظيمة مثل جميع المنتجات الفكرية والفلسفية والترفيهية والاخلاقية وحتى الافكار الدينية بدون ان ينتج مادة، ثروة، لان كافة هذه الانتاجات ليست ثروة.
"هل السيد حسقيل قوجمان تجاوز ماركس أم أنني لا أفهم ما يقول ؟"
لنترك تجاوز ماركس جانبا لانه لا معنى له سواء بالنسبة لحسقيل او لامتثال. ولا يبقى الا الافتراض الثاني الذي افترضته الاخت امتثال.
"سعيد زارا
الرفيق قوجمان تحية
تقول ان البورجوازية الوضيعة لا تنتج ثروة و هنا اتفق تماما مع حضرتك,
و تقول ان البروليتاريا هي منتجة كل الثروات و هنا اتفق تماما مع حضرتك,
و تقول ايضا لا يمكن للبورجوازية الوضيعة ان تستولي على انتاج البروليتاريا
كيف ذلك؟؟؟"
عزيزي الاخ سعيد زارا
ان كون البرجوازية الصغيرة (الوضيعة حسب قولك) لا تستطيع ان تستولي على انتاج البروليتاريا واضح جدا. لان البروليتاريا لا انتاج لها تمتلكه. فهي تمتلك سلعة قوة عملها تبيعها للراسمالي من اجل الحصول ما يجعل بامكانها اعادة انتاج قوة عملها بما في ذلك استمرار وجودها كطبقة عاملة. ان ما تنتجه سلعة قوة عمل العامل اثناء استخدامها في الانتاج هو ملك للراسمالي الذي اشترى السلعة واستخدمها ولا تمتلك الطبقة العاملة من انتاجها شيئا. ولذلك لا يستطيع البتي برجوازي استغلال الطبقة العاملة لعدم وجود لديها ما يستغله او يستطيع استغلاله.
"هل ممكن أن تشير الى ماركس يقول هذه الجملة -قوة عمل العامل هي السلعة الوحيدة التي تنتج عند الاستعمال اكثر من قيمة انتاجها- ؟"
كلا لا استطيع ان اشير الى ماركس يقول هذه الجملة. ولكن نظريته كلها هي اثبات هذا القول. فان نظريته الاساسية هي البرهنة على ان شراء الراسمالي سلعة قوة العمل بقيمتها الحقيقية في السوق ثم استعمالها في الانتاج الصناعي يؤدي الى انتاج قيم اكبر مما دفعه عند شرائها. وهذا هو قانون فائض القيمة جوهر النظرية الماركسية.
"زينة محمد
تقول يا رفيق -البتي برجوازيون كالعمال ينتجون قيما وقيما عظيمة ولكنهم لا ينتجون ثروة لان ما ينتجونه لا يضيف شيئا الى ثروات المجتمع. والقيم التي ينتجها البتي برجوازيون اعظم واهم من القيم التي ينتجها العمال بحيث لا يطلق عليها قيما بل اسماء اخرى.- ....يستغل هذا القول لتبرير الفرق الكبير في الأجور حالياً بين طبقة البتي برجوا والعمال حيث يتقاضى المهندس او الطبيب او مبرمج الكومبيوتر اضعاف ما يتقاضاه العامل الذي ينتج الثروة !
ولكن السؤال لماذا قيمة انتاج البتي برجوا أعظم وأهم كيف تم قياس هذه الأهمية؟
اعتقد انك تتفق معي بأنه لولا الإنتاج المادي لا وجود للإنتاج الفكري!"
الجواب على سؤالك الاول هو ما نشاهده يوميا في حياة المجتمع. فانتاج البتي برجوازي اعظم نراه في اجور او رواتب او مكافات او دخول البتي برجوازيين. رواتب الاستاذ الجامعي لا تقاس مع اجور العامل. وكذلك راتب العالم والموسيقي والرياضي والمفكر عموما لا يقاس مع اجور الطبقة العاملة. وقد فسر كارل ماركس ذلك بكون ان البتي برجوازي يبذل سنوات من عمره في العمل والدراسة من اجل اتقان المهنة التي يريد اتقانها مما يؤدي الى رفع قيمة انتاجه. لذا فان انتاجه اعظم قيمة من انتاج العامل.
اما كوني اتفق معك بانه لولا الانتاج المادي لا وجود للانتاج الفكري فهذا صحيح. وهذا هو اساس النظرية الماركسية. الاساس الاقتصادي للمجتمع هو الذي يقرر كل اركان الصرح العلوي للمجتمع السياسية والاجتماعية والاخلاقية والفكرية وحتى الدينية اطلاقا. وصحيح جدا قولك انه لولا الانتاج المادي لا وجود للانتاج الفكري. الانتاج المادي (اي عمل الانسان على الطبيعة) هو الاساس الاقتصادي للمجتمع.