من هو سلام عادل؟ (1)


ارا خاجادور
الحوار المتمدن - العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 19:48
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية     

في أحد اللقاءات مع الأخ العزيز علي أنور الشيباني التي تتكرر مره أو مرتين كل عام تقريباً، وتسود فيها كالعادة حرارة العواطف والسعي الى التعويض عما فاتنا من وقت دون لقاء، هذا الى جانب أننا نعرف أيضاً أن فترة الزيارة لا تتعدى ثلاثة أيام، مما يفرض على اللقاءات كثرة الموضوعات التي يجري تناولها. وكذلك تُطرح قضايا سياسية وتاريخية وغيرها من جوانب الحياة الواسعة، ولا يغيب عن تلك الأيام القليلة الإنسجام والتسلية والنكات، وحتى إستغلال أوقات الأكل في المطعم لمواصلة الحديث والنقاش، وفي كل لقاء يسألني عن معرفتي وعلاقتي بسلام عادل، وفي أوقات لاحقة لاحظت خلال لقاءاتي مع الرفاق، خاصة الشباب منهم، ذات الإهتمام الواسع بهذا الأمر.

إخترت في لحظتها هذا السؤال: من هو سلام عادل؟ عنواناً أردت من خلاله أن أعطي صورة واقعية عن الشهيد سلام عادل بحدود معرفتي به عبر صحبة ورفقة النضال المشترك من أجل عراق حر وسعيد، وبما يستجيب لأسئلة الرفاق حوله أيضاً، وأن أبين من خلال ذلك السؤال أيضاً معرفتي الصميمية بهذا القائد الشاب الذي لم يأتي قبله بعد إعدام الرفيق فهد من يسد أو يشغل الفراغ الذي تركه الرفيق فهد بعد إعدامه، وتحديداً في مركز قيادة الحزب ـ الحزب الشيوعي العراقي.

دخل الرفيق سلام عادل سجن "نقرة السلمان" وهو في مقتبل العمر، وبعد إطلاق سراحه إنخرط في حياة العمل الحزبي السري وما يتطلبه من حذر وإختفاء وغير ذلك من التدابير الضرورية لحماية النضال الحزبي بأبعاده الطبقية والوطنية والخاصة. لقد مر الرفيق سلام عادل خلال حياته النضالية بمراحل وظروف مختلفة واجهت الحركة الوطنية والحزب زادته خبرة وكفاءة ليصبح واحد من أبرز زعماء الحركة الشيوعية.

حققت فترة قيادته للحزب الكثير من الإنجازات والنجاحات، ولكن كما هو الواقع دائماً فقد تعرضت أيضاً إلى بعض الإخفاقات. لقد قضت الأيادي المجرمه عليه وعلى العديد من الكوادر الحزبية والكثير من المواطنين، المدنيين منهم والعسكريين، بعد إنقلاب شباط الفاشي عام 1963. كان سلام عادل ذلك الشاب الذكي والمتحمس الذي أسكت بصموده وبطولته أفواه الإنقلابيين وكبح رغبتهم في إستنطاقه تحت التعذيب المروع.

في هذه المادة عن سلام عادل لا أرغب في أن أمس أو أمارس تقويماً للقياديين الآخرين أو غيرهم، ولا أرغب أن أكون في هذا الموقع أصلاً، ولا حتى عن سلام عادل نفسه، إنني أحاول وأحرص على أن أقدم وأعكس صورة خاصة وقريبه جداً عن شخصية هذا القائد المناضل، الذي عملت وعشت معه بعض سنوات الكفاح كما هي، ومن خلال الصورة التي رسخت في الذاكرة، وتوخيت بأن تكون تلك الأسطر عفوية وبسيطة جهد المستطاع.

تعرفت على سلام عادل في سجن "نقرة السلمان" وتوثقت علاقتى به أكثر فأكثر بعد خروجي من السجن بعد ثورة 14 تموز/ يوليو 1958. وبديهي أني لا أقدم رواية أو سجل أحداث يومية، وإنما أذكر بعض اللقطات ذات الدلالة التي تكونت عندي من خلال علاقتي به دون الدخول في الكثير من التفاصيل، وبديهي أنها تشير الى أحداث مهمة بعينها، ولكنها أحداث ليست منفصلة أو منقطعة عن الواقع العام بكل تداخلاته.

قرأت وسمعت الكثير عن إنجازات سلام عادل، وحين أتحدث عنه أحاول قدر المستطاع أن أبتعد عن إستحضار ما سمعت من أحاديث هذا أو أقوال ذاك، وأسعى الى قول ما عشته كما هو دون ضفاف أو رتوش، فالحقيقة دائماً هي الأجمل والأدق، وأكثر تعبيراً عن الأحداث العاصفة، والأسهل وصولاً الى الآخرين.

حين يُذكر أبو إيمان يبرز أول ما يبرز من سيرته الحافلة موقفه من وحدة الحزب كقضية ذات أبعاد متعددة، قضية كانت هامة للغاية، وهي هامة الآن أيضاً، وستبقى كذلك. ولا يوجد حزب يريد أن يكون قوة تغيّر في مجتمع ما دون أن يحقق وحدته الداخلية، وفي أطرافه القريبة والبعيدة، وفي صلاته بالمجتمع ككل. ولم يكن سلام عادل يُقدر وحدة الحزب على الصعيد النظري حسب، وإنما كان له دور حيوي ورئيس على الصعيد العملي.

إن جهود ومساهمات وثمار مواقف سلام عادل من موضوع وحدة الحزب كانت محطة لا يمكن أغفالها أبداً، وتندرج في مقدمة العديد من المحطات الجدير بالتقدير والإحترام والإستثمار كتجارب بناءة مرت في حياة شعبنا وحزبنا وفي حياة الرفيق سلام عادل، وأثرت على دور الحزب في الحياة العامة للمجتمع العراقي، وليس على الطبقة العاملة فقط.

يتبع ...