الزخم الثوري بالشوارع، والمصانع والاغتصاب الجماعي هدية النظام للمرأة في عيدها


فاطمة رمضان
الحوار المتمدن - العدد: 4043 - 2013 / 3 / 26 - 01:47
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

في الوقت الذي تستمر فيه المواجهات في الشارع المصري ما بين نظام محمد مرسي بأجهزته القمعية، وبين المحتجين من الثائرين علي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تسوء كل يوم. وكذلك علي استمرار مسلسلات القمع التي وصلت لحد سحل المواطنين في الشارع وقتلهم بدم بارد، واختطافهم وتعذيبهم بشكل وحشي حتي الموت، وكذلك اختفاء النشطين وظهروهم كجثث فيما بعد، ومؤخراً التهديد المباشر لمحمد مرسي في خطابه يوم 24 مارس، والقرارات بضبط وأحضار السياسيين، والكلام عن المنع من السفر وإغلاق القنوات الفضائية.
وفي الوقت الذي كان فيه العصيان المدني في بورسعيد، والقتل بشكل يومي في شوارعها، كما كان هناك أيضاً الاشتباكات المستمرة في مدينة المنصورة والتي قتل فيها شباب برصاص الشرطة وتحت عجلات مدرعات الشرطة، هذا بخلاف اقتحام الشرطة لمقرات الأحزاب والمستشفيات الميدانية، هناك أيضا مواجهات في الكثير من المدن المصرية مثل المحلة الكبري، والفيوم وغيرها، كذلك الاشتباكات في المقطم في المنطقة التي بها هيئة إرشاد الإخوان المسلمين.
هذا بخلاف توقف العمل في قطاعت تشمل عشرات الآلاف من العمال مثل عمال صناعة الطوب، وعمال المخابز، والذي أتي علي أثر رفع الدعم عن الوقود، مما أدي إلي توقيف أصحاب المصانع وأصحاب المخابز للعمل بها، فأصبح عشرات الآلاف من العمال بلا عمل. هؤلاء العمال الذين يعملون بدون أي عقود أو ضمانات ناهيك عن كونهم يعملون في بيئة عمل تعرض صحتهم بل حياتهم نفسها للخطر، كل ذلك تحت سمع وبصر الحكومة المصرية بكل وزاراتها، ومؤسساتها.
كذلك تصعيد القمع ضد العمال الذين يمارسون حقهم في الإضراب أو الاعتصام السلمي، فقد وصل الأمر للفض بوحشية، واستخدام الكلاب البولسيسة في فض اعتصام عمال بروتلاند الاسكندرية، بل القبض علي أكثر من 80 عاملاً منهم، ما زال 18 عامل محبوسين حتي الآن بتهمة التحريض علي الإضراب عن العمل، كذلك امتناع المستشفي الميري بالإسكندرية عن علاج المصابين منهم، ثم حرمان 450 عامل من حقهم في العمل تحت سمع وبصر الحكومة المصرية.
لقد تعاملت الأجهزة الحكومية بنفس الطرق القمعية مع عمال فرج الله، عمال أبو قير للأسمدة، ومصانع الغاز بالأقصر وقنا، والراتنجات بالمنصورة وغيرهم.
والغريب في الأمر أن نجد الحكومة كانت مستمرة في سيناريو الانتخابات لولا حكم المحكمة، كانت مستمرة رغم اعتراض المحكمة الدستورية علي قانون الانتخابات وكذلك الكثير من قوي المعارضة المدنية.
فدائما ما كان من يجلس علي كرسي الحكم منذ إزاحة مبارك يحاول استبدال الزخم الثوري في الشارع، بالانتقال للمسار الانتخابي، والذي يهدف تحويل الثائرين من فاعلين، إلي مجرد أصوات في صندوق الانتخابات، وهو المسار الذي بدأه المجلس العسكري عقب إزاحة مبارك مباشرة، بجر الشعب المصري للصندوق للاستفتاء علي التعديلات علي الدستور، وهو الاستفتاء الذي تغني له العالم كله وسموه بالعرس الديمقراطي. وقد كان الاستفتاء علي التعديلات الدستورية هي أولي خطوات تعاون المجلس العسكري مع القوي الإسلامية. وكلاهما كان هدفه تفريغ الشارع من الزخم والطاقة الثورية به. لقد كان الاستفتاء كذلك خطوة في طريق ترسيخ الطائفية في المجتمع عبر الدعاية الدينية الفجة لدعوة الناخبين للتصويت بنعم من أجل الشريعة الاسلامية، ثم رأينا بعدها حرق الكنائس، والتهجير الجماعي للاقباط، ومذبحة ماسبيرو.
وقد كانت تلك نقطة بداية حرف المسار، وتحويل الانقسام بين القوي بدلاً من أن يكون علي أساس من مع تحقيق مطالب الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي من هم مع تغيير أسس الحكم في دولة الليبرالية، ومن يريدون تثبيت أركانها، أصبح الانقسام بين من يريدون الدولة المدنية (حتي لو سحلت العمال وجوعتهم)، ومن مع الدولة الدينية. وهو الفخ الذي دخلت فيه قوي المعارضة بكل سهولة، وما زال هذا الانقسام موجود ويتعمق حتي وصلنا لجبهة الانقاذ والتي تضم داخلها قوي ثورية وأخري ضد الثورة، تريد الإبقاء علي أسس دولة الاستغلال. وهنا لا نستغرب أن يخرج عمرو موسي رجل النظام السابق ليعلن أنه يرغب في عام بدون إضرابات، ويدين إضرابات العمال من أجل حقوقهم، ويخرج من الجبهة من يدين العنف من الطرفين، وهنا يتساوي الجاني والمجني عليه.

هذا وما زال العمال يحتجون من أجل مطالبهم الذين اعتقدوا أنها حتما ستتحقق بعد إزاحة مبارك، ولكن خاب أملهم فخرجوا مرة أخري لاستكمال مشوارهم في النضال من أجل استكمال مطالبهم التي يطالبون بها من قبل الثورة، ولكنهم أضافوا إليها محاربة الفساد والفاسدين في شركاتهم، فوجدنا ذلك في غزل ميت غمر، وغزل شبين وغزل المحلة والحديد والصلب والألمنيوم بنجح حمادي، وفي حاويات الأسكندرية...... كما بدأت معارك استرداد الشركات بحصول العمال علي أحكام نهائية بعودة عدد من الشركات التي بيعت بالفساد للقطاع العام، وكذلك بداية ظهور تجارب إدارة ذاتية من العمال لشركاتهم بعد أن عمد عدد من رجال الأعمال بعد الاستفادة بكل المميزات والإعفاءات التي قدمتها الدولة لهم، وبعد استنزافهم لأموال الشعب المصري في البنوك إلي إغلاق المصانع والشركات وترك العمال بلا عمل.

المرأة المصرية من قيادة الثورة إلي الاغتصاب الجماعي في الميادين العامة:
لقد كانت المرأة المصرية جزءاً أصيلاً من الثورة في مصر، فمنذ البداية تتقدم المرأة المصرية صفوف المظاهرات والمسيرات والاعتصامات، سواء أثناء حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني، أو ضد ضرب العراق، أو في معركة القضاة، أو في الحركة المطالبة بالتغيير، ثم في اعتصام الـ 18 يوماً، وفي كل المعارك التالية لها، وقد نالت المرأة نصيبها من الاعتقال والضرب الاستشهاد. حتى أن أحد أهم الطرق التي حاولت سلطة مبارك استخدامها لإخماد الحركة المطالبة بعدم التمديد له 2005، هو محاولة كسر إرادة هؤلاء النساء المشاركات في الحركة بجسارة وصلابة، فقد كان التفكير الشيطاني بأن يتم التحرش بالنساء المشاركات في المظاهرات يوم الاستفتاء على تغيير الدستور، لدرجة استخدام بلطجية النظام في تمزيق ملابس البعض منهن، ورغم هذا استمرت المرأة في قيادة الحركة (وقد طور نظام مرسي هذا السيناريو الشيطاني المعادي للمرأة فأصبحت المرأة تغتصب في ميدان التحرير، وتطعن في أماكن حسساسة بعد الاغتصاب الجماعي ويخرج أعضاء مجلس الشوري ليقولوا بأن الاغتصاب هو مسئولية المرأة).

هذا ولم تكن مشاركة المرأة في المجال السياسي العام فقط، بل شاركت العاملات بقوة في الاعتصامات والإضرابات العمالية، وشاركن في قيادة هذه الإضرابات والاعتصامات، فنجد النساء في صدارة الصور طوال الأربع سنوات السابقة علي الثورة.
وهناك الكثير من الأمثلة فوداد وأمل من غزل المحلة، وكريمة وفاطمة النبوية من الضرائب العقارية، وعائشة أبو صماده من شركة المعسل بدمنهور، وميرفت من تحسين الأراضي، وسامية وسحر من الرائدات الريفيات بالصعيد.

كذلك أخذت النقابيات نصيبهن من التعسف، فقد رصدت أحد التقارير (قبل الثورة) الإجراءات التعسفية التي صدرت بحق القادة العماليين في 43 موقع عمل خلال ثلاثة أعوام فقط، حيث رصد التقرير 996 إجراءً تعسفيًا، منها 72 إجراء كان في مواجهة النساء العاملات، و 20 إجراء في مواجهة أعضاء مجالس إدارات اللجان النقابية.

في هذا الوضع علي القوي الثورية أن تنتبه إلي المخاطر التي تحيط بالثورة جراء هذا الوضع، الذي فقد فيه الكثير من الشباب الثوري الثقة في قوي المعارضة المدنية، ولم يعودوا يعترفوا بها قيادة لهم. في نفس الوقت الذي يتعرض فيه العمال وكافة الطبقات الاجتماعية التي تناضل علي الأرض بشكل يومي لمحاولات التكسير والتشويه اليوميه. كما تتعرض المرأة لهجمة تحاول اعادتها للوراء سنوات وسنوات، ومحاولة إزكاء الطائفية.
وعلي القوي الثورية أن تعمل علي بناء الطريق الثالث الذي يصطف فيه من يريدون استكمال الثورة معاً، وآن الآوان أن تعمل هذه القوي علي رأب الصدع ما بين السياسي والاجتماعي والاقتصادي، آن الآوان للقوي السياسية أن تقف مع العمال في خندق المطالبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حتي يستطيع العمال معهم الانتقال خطوات نحو التصدي لاضطهاد المرأة والأقباط.