لماذ يضرب ويعتصم العمال؟؟


فاطمة رمضان
الحوار المتمدن - العدد: 4022 - 2013 / 3 / 5 - 09:05
المحور: الحركة العمالية والنقابية     


دائما ما نسمع من يقول "لماذا يبدأ العمال بالأعتصام والإضراب، ولا يبدأون بتقديم الطلبات وانتظار الرد؟"، كما نسمع :" هل تستطيع الحكومة أو الرئيس تنفيذ المطالب مرة واحدة؟ لماذا لا يعطونهم فرصة للتنفيذ؟"، وفي الحقيقة أكتب اليوم لكي أشرح أن العمال دائما ما يبدأون بتقديم الطلبات والتفاوض، ودائما ما يبدون حسن النوايا، ولكن الطرف الآخر هو من يدفعهم للاعتصام والإضراب دفعاً، بعد أن يعد ولا ينفذ، وبعد أن يوقع علي اتفاقيات تصبح بمثابة قانون، ولكن المسئولين دائما ما ينقضون عهودهم التي قطعوها علي أنفسهم، ويعتبرون أن ما يوقعون عليه من اتفاقيات كأن لم تكن. فكيف يطلب من العمال بعد ذلك أن يصدقونهم؟؟
أمامنا ثلاثة أمثلة تحدث الآن دليل علي ما نقول، وهي في ثلاثة مجالات مختلفة ولكن المسئولين في الثلاث حالات هم مسئولين حكوميين كبار، وزيران ومستشار رئيس الجمهورية، أحدهما لعمال ميناء العين السخنة، والثانية لموظفي القوي العاملة والهجرة، أما الثالثة فهي لمن اجتازوا الاختبارات بالطاقة الذرية ويعطلونهم عن استلام علمهم، وفيما يلي نبذة عن كل حالة من الحالات الثلاث:
1- عمال ميناء العين السخنة والذين أضربوا واعتصموا خلال هذا العام ثلاث مرات، ليس بسبب أنهم محبون للإضراب وتعطيل العمل كما يتصور البعض، ولكن لمحاولة إدارة شركة موانئ دبي نقض كل العهود، وكل الاتفاقيات التي يتوصلون إليها، ويوقعونها في حضور كبار المسئولين سواء علي المستوي المحلي في محافظة السويس، أو علي مستوي وزراء ومسئولين بالدولة، فقد كان إضرابهم الأول في شهر فبراير الماضي وذلك بعد أن قضوا شهور يترددون علي وزارة القوي العاملة والهجرة في جلسات تفاوض لم يصلوا فيها لشئ، فأجبروا بهذا الشكل علي الدخول في إضراب من أجل مطالبهم المشروعة والقانونية باعتراف المسئولين، وكانت نتيجة صمودهم رغم محاولات تشويه الإضراب أن تم توقيع اتفاقية عمل جماعية في حضور محافظ السويس، وقائد الجيش الثالث ومندوبة وزير القوي العاملة والهجرة. وتم تنفيذ بعض ما نصت عليه الاتفاقية وبقيت الإدارة تماطل في تنفيذ باقي البنود حتي شهر أكتوبر وعندما طالبها العمال بتنفيذ الاتفاقية قامت بفصل 7 من العمال، ولم تستجب الإدارة لكل محاولات التدخل لحل المشكلة ليضطر العمال للإضراب مرة ثانية دفاعاً عن حقوقهم وعن حق زملائهم في العمل وضد فصلهم تعسفياً. خصوصاً أن وزير القوي العاملة خالد الأزهري عندما ذهبت إليه النقابة المستقلة لتطالبة بالتدخل ووقف فصل زملائهم قال لهم أنه لن يستطيع عمل شئ، وعليهم القبول بالفصل لأن هذا هو قانون العمل. وفض العمال إضرابهم ذلك الذي استمر لما يقرب من أسبوعين بعد أن ذهب إليهم مستشار الرئيس د. محمد فؤاد جاد الله، وناهد العشري وكيل وزارة القوي العاملة لشئون التفاوض، وتم الاتفاق علي إلغاء قرار الفصل، والتحقيق مع العمال السبعة فيما هو منسوب إليهم من التحريض علي الإضراب. وتم فض الإضراب بعد توقيع اتفاقية بحضور المدير التنفيذي لشركة دبي، وممثلي العمال من النقابة المستقلة. ثم فوجئ العمال يوم الأربعاء الموافق 19 ديسمبر بالشركة تعلق إعلان بفصل العمال السبعة، واتصل العمال علي كل المسئولين الذين حضروا التفاوض وتعهدوا أمامهم ولكن أحداً لم يسأل في العمال. فماذا تفعل لو كنت مكانهم، أعلن العمال الاعتصام بالموقع وسط تهديدات بفصل آخرين وللآن لم يقرر العمال أيقاف العمل، فهل سيتدخل أحد من السادة المسئولين قبل أن يضطر العمال لإيقاف شحن وتفريغ السفن؟؟
2- المثال الثاني هم موظفي القوي العاملة والهجرة في شتي المحافظات، والذين منذ سنوات من قبل إزاحة مبارك وهم يتقدمون بمطالبهم للوزراء الوزير يلو الآخر، فهم يعانون من سوء أوضاعهم الوظيفية والمالية. وهناك تمييز واضح ضدهم سواء في الآجور أو المميزات الآخري فزملائهم بالوزارة يتقاضون ضعف ما يتقاضون هم، وزملائهم في الوزرارات الآخري أضعاف (تصل لعشرة أضعاف ما يتقاضونه). ولم يكتفوا بذلك بل ظلوا يطالبون وزراء العمل بعد الثورة بداية من البرعي، وصولا للأزهري، وفي كل المرات يأخذون وعود وعهود لا تنفذ. حتي عندما اعتصموا وتظاهروا وأخذوا الوعود لم يتم تنفيذ شئ بحجة عدم وجود موارد. وذلك رغم وجود الموارد التي يتقاضي كبار الموظفين بالوزارة الآلاف منها شهرياً، وهم لا يصلهم سوي الفتات، حتي الفتات لا يصل لكل المحافظات. وأخيرا يقرر وزير القوي العاملة والهجرة خالد الأزهري اختيار وكلاء وزارة، والغريب في الأمر أن يتم اختيار شخصيات تدور حولها الشبهات ويرفضها العاملين في المديريات، فما كان من العاملين بمديرية الجيزة إلا أن ذهبوا لمقابلة الوزير لإعلامه برفضهم لمن اختارها لمديريتهم فرفض المقابلة بحجة اجتماع في مجلس الوزراء، وقابلوا مستشاريه وشرحوا لهم المشكلة، وانتظروا الرد. فكان رده سريعا في اليوم التالي مباشرة بأن تحدي العاملين وأرسلها لاستلام العمل، فكان رد العاملين الاعتصام بالمديرية، فماذا تفعل لو كنت مكانهم؟؟
3- الحالة الثالثة هي حالة من اجتازوا اختبارات التعيين في الطاقة الذرية، في وقت نحن أحوج فيه لأمثالهم خصوصاً وأنهم حصلوا علي كل الموافقات، والاعتمادات المالية، فلماذا المماطلة لمدة خمسة شهور، وحرمانهم من حقهم في العمل، وحرمان مصر من الاستفادة بجهودهم وكفائتهم، فماذا تفعل لو كنت مكانهم؟، قاموا يوم الأحد 23 ديسمبر بوقفة احتجاجية يطالبون فيها وزير الكهرباء بحقهم في العمل، فما كان من السادة المسئولين سوي استدعاء الأمن المركزي والشرطة العسكرية لفضهم والقبض علي ثلاثة منهم؟؟!!