عجلة الانتاج المزعومة التي ترتوي بدم العمال وعرقهم


فاطمة رمضان
الحوار المتمدن - العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 10:22
المحور: الحركة العمالية والنقابية     



ذكرني الحديث الدائم عن عجلة الإنتاج، التي ترتوي بدم وعرق العمال المصريين بالأمثال القديمة في بداية ظهور طواحين الدقيق والتي كانت تقول بضرورة أن تتظفر الطاحونة بدم أدمي حتي تدور وتنتج.
فإن ما يحدث مع العمال من تعدي سافر وصل للهجوم علي عمال عزل يصلون الفجر أثناء اعتصامهم في داخل شركة بورتلاند بالإسكندرية بأكثر من 25 عربة أمن مركزي، ويطلقون عليهم الكلاب البوليسية المسعورة لتنهش في عظامهم بعد أن أنهي الجوع والفقر علي ما تبقي لهم من لحم، لدرجة أن يلقي العمال أنفسهم في الأدوار العليا بالشركة للتخلص مما يتعرضون له من ضرب وتعذيب.
ولم تكتفي حكومة ما بعد الثورة بذلك، بل أنها تقوم بالقبض علي العشرات من العمال، ليتحول العمال المجني عليهم لمتهمين. بل تمتنع المستشفي الميري عن تقديم العلاج للمصابين منهم، ثم تقوم الشركة بحرمان ما يقرب من 500 عامل من عملهم، كل هذا يحدث ولم نسمع صوتاً لمسئول يري أن ما حدث من جرائم ضد العمال أي مشكلة بداية من فض اعتصامهم بوحشية، أو القبض عليهم وتلفيق التهم لهم، أو أمتناع أطباء عن علاج مرضي ومصابين، وصولاً للفصل بالجملة؟؟!!
وإذا نظرنا لوجدنا نفس السياسة والفلسفة في التعامل مع العمال في كل مكان خلال الأسابيع القليلة الماضية. ففي الأقصر أمتنعت مستشفي الأقصر عن تقديم الرعاية للمضربين عن الطعام من عمال مصنع الأنابيب، وفي قنا تم القبض علي العمال، وإصدار أمر قبض علي عمال آخرين لكي يقايضوا العمال علي حرية زملائهم مقابل فض الإضراب والتخلي عن الحقوق.
والآن يخرج صاحب مصانع فرج الله من لقاءه مع محمد مرسي لكي يتمادي في ظلمه وذله للعمال المحرومين من حقهم في العلاوات السنوية وحقهم في الأرباح، التي يجنيها من عرق وصحة عمال مصانع شركاته، فبدلاً من الجلوس علي مائدة التفاوض مع العمال ونقابتهم، نجده يرسل لمرسي يحرضه علي العمال مهدداً بإغلاق المصانع وتشريد العمال، ويخرج في الإعلام ليشوه العمال، ثم تقوم إدارته بالتحايل علي العمال وخداعهم ويجعلونهم يوقعون علي محضر ضد زملائهم، بعد أن أفهموهم بأنهم يوقعون علي مطالب بتشغيل الشركة، وقبض الراتب. ثم في أول يوم تشغيل يتم القبض علي قيادات العمال، بتهم لا يصدقها عقل، فهل يعقل أن يستطيع حوالي 20 عامل بالتغلب علي أكثر من 2000 عامل وإجبارهم علي الإضراب.
هجمة جديدة علي عمال مصر وكادحيها لا لشئ سوي لأنهم يستخدمون حق من حقوقهم المشروعة وهو الحق في الإضراب والاعتصام السلمي، علماً بأن عمال مصر يلجأون للإضراب والاعتصام عندما تنسد في وجوههم كل الطرق، وتغلق في وجوههم كل الأبواب.
ويأتي إضراب واعتصام العمال في مواجهة أصحاب أعمال يستبيحون حقوقهم حتي الوارد منها في القانون، ولا يستجيبون لأي مطالبة بتنفيذ هذه الحقوق، متعللين طوال الوقت بالظروف الأقتصادية. رجال الأعمال لا نسمع كلمة منهم عن الظروف الأقتصادية ومعاناة الفقراء وهم يرفعون في الأسعار يومياً، ولا أحد يحاسبهم.
فوق كل هذا التعسف والجرائم التي ترتكب في حق العمال، نجد هجمة إعلامية من رجال الأعمال ضد العمال يتهمونهم بالابتزاز، ويطلقون علي مطالبتهم بحقوقهم بأنها مساومة رخيصة، وانحراف اخلاقي، ونسمع ممن يخرق القانون ولا يقوم بتنفيذه بالنسبة لحقوق العمال من يتحدث عن خرق العمال للقانون، ويستفيض في شرح شروط الإضراب في قانون العمل، وينسي أن في نفس القانون -سئ السمعة الذي وضعه رجال أعمال مبارك، وما زال يستخدمه رجال أعمال مرسي ضد العمال- أن به مواد عن ساعات عمل وحق في العلاوة الدورية والاجتماعية، ...وأنه يضرب بها عرض الحائط، لدرجة أن بعضهم تحدث عن أن ظاهرة الإضرابات يجب تفسيرها من قبل خبراء نفسيين.
أقول لمرسي وحكومته ورجال أعماله، أنكم لا تريدون استيعاب الدرس حتي الآن، وهو أن القتل لم يوقف خروج الشعب المصري للتظاهر والمطالبة بحقوقه، وأن ما فعلتموه في بورسعيد حول مدينة بورسعيد بكل طوائفها، وبكل تلاوينها السياسية من السلفيين وصولاً لليبراليين والاشتراكيين والناس العاديين في الشارع أن أصبحوا علي قلب رجل واحد، وربما نجحت في أن تكون الشرارة لبدء عصيان مدني ينهي عهدكم.
كذلك لن يوقف تعسفكم وجرائمكم ضد العمال، من إضرابات العمال واعتصاماتهم، ولن تنجحوا في تشويه صورة العمال فكذبكم وتلفيقكم سرعان ما ينكشف، يكفيني أن أقول لكم ما قالته أحدي أمهات العمال في وادي القمر " أنا عرفت دلوقتي مين البلطجية، زمان كنت بصدقهم لما يتكلموا عن البلطجية، بس دلوقتي ولادنا مش بلطجية هما اللي بلطجية".