الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتضمن العدد الثالث والعشرون بعد المائة من نشرة "مُتابعات" الأسبوعية فقرة بعنوان "في جبهة الأعداء" بشأن العلاقات الصهيونية/الأمريكية وفقرة عن صراع الأعداء لتقاسم النُّفُوذ في سوريا على حساب الشّعب السّوري، وفقرة عن العدوان الأمريكي ضد شعب اليمن، وفقرة عن بعض سمات الوضع في تونس، في ضوء أسعار مستلزمات شهر رمضان والعيد والظروف التي تدفع ذوي الإختصاص من أطباء ومهندسين إلى مُغادرة البلاد وفقرة عن ارتفاع أسعار الغذاء بنهاية شهر نيسان/ابريل وفْقَ مؤشر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، وفقرة عن التداعيات المُحتمَلَة للرسوم الإضافية الأمريكية ( كجزء من الحرب التجارية ) على اقتصاد البلدان الإفريقية
في جبهة الأعداء
الدّعم الأمريكي للكيان الصهيوني
يشكل الدّاعم الأمريكي ( العسكري والإقتصادي والسياسي والإعلامي) أهم ركائز استمرارية وُجُود الكيان الصهيوني وتوسُّع حركة الإستيطان والإحتلال، ووافقت الولايات المتحدة، سنة 2016، على رفع قيمة الدّعم العسكري من ثلاثة مليارات دولار إلى 3,8 مليارات دولارا سنويا، بداية من سنة 2018 ولمدّة عشر سنوات، قابلة للتّجديد ولزيادة المبلغ، كما أنشأت شركات التكنولوجيا الأمريكية مصانع ومراكز بحث بفلسطين المحتلة تُشغّل أكثر من 25 ألف مُستوطن صهيوني بشكل مُباشر، وتوَلِّدُ إيرادات سنوية بقمية 2,3 مليار دولارا، فضلا عن تمويل مشتريات الكيان الصّهيوني من الأسلحة والعتاد الأمريكي في إطار برنامج ( Foreign Military Financing ) وعن المنظومات المُضادّة للصواريخ وعن استخدام الجيش الصهيوني للذخيرة التي يخزنها الجيش الأمريكي في فلسطين المحتلة، وارتفعت قيمة الدّعم العسكري والإقتصادي الأمريكي إلى أكثر من 26,6 مليار دولارا، منذ بداية العدوان المكثف على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة سنة 1967 وشعب لبنان واليمن، ولا تقتصر المُساندة الأمريكية على الدعم العسكري، بل تشمل التعاون التكنولوجي والاستخباراتي ( مع الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي والهند...) لكي يُعزّز الكيان الصهيوني دوره كقوة إقليمية مُهيمنة على الوطن العربي من الخليج إلى المغرب، بفضل الدّعم المُطلق لأهم القوى الدّولية، وفق موقع الصحيفة الصهيونية "معاريف" بتاريخ الثامن من نيسان/ابريل 2025...
صمد الإقتصاد الصهيوني خلال العدوان المستمر منذ بداية تشرين الأول/اكتوبر 2023، رغم الإغلاق ونزوح المُستوطنين من الجليل والنّقب والمناطق المُحيطة بقطاع غزة، بفعل الدّعم الإمبريالي وبفعل تواطؤ الأنظمة العربية، بل تمكّنت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من تجربة وسائل المراقبة والأسلحة الفتاكة في غزة والضفة الغربية، واستفاد مُجمّع الصناعات العسكرية الأمريكية والتصنيع العسكري الصهيوني من هذا العدوان لإبراز كثافة عمليات التدمير والقتل التي ساعدت على إنجازها الأسلحة والمعدّات الصهيونية، وارتفعت مبيعات شركتَي الصناعات العسكرية الصهيونية "البيت" و"رافائيل" إلى الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا والهند، وارتفعت عائدات ثلاث شركات أسلحة صهيونية ( Elbit Systems و شركة رافائيل و شركة الصناعات الجوية )، منذ انطلاق العُدوان ( تشرين الأول/اكتوبر 2023)، وهي شركات مدرجة في قائمة أكبر 100 شركة في العالم، إلى 13,6 مليار دولار، بفضل زيادة قيمة العقود المحلية مع الجيش الصهيوني وارتفاع وتيرة الطلب العسكري من الولايات المتحدة والهند وألمانيا والمغرب و بريطانيا والفليبين، وفق معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وموقع الصحيفتَيْن الصهيونيتَيْن "يديعوت أحرونوت" بتاريخ السّادس من نيسان/ابريل 2025 و "معاريف" بتاريخ الثامن من نيسان/ابريل 2025 والموقع الصّهيوني "معهد القدس للاستراتيجية والأمن" بتاريخ التّاسع من نيسان/ابريل 2025
سوريا – ساحة منافسة صهيونية تركية
التقى ممثلون من تركيا الكيان الصهيوني في أذربيجان لمناقشة آلية منع الصراع بين قواتهما العسكرية في سوريا، وسبق أن أعلنت سلطات الدّين السياسي في تركيا الأطلسية، يوم الرابع من نيسان/ابريل 2025، إنشاء قاعدَتَيْن عسكريّتَيْن إضافِيّتَيْن في سوريا، وستتمركز إحدى القاعدتين في قاعدة تياس الجوية (T4) قرب تدمر وسط سوريا، والأخرى في مطار منغ العسكري على بعد 13 كيلومتراً من الحدود مع تركيا، وبدأت تركيا تنفيذ أعمال بناء في قاعدة "يتي فور" الجوية، حيث تعتزم نشر أنظمة الدفاع الجوي ونَقْلَ أنظمة الدفاع الجوي "إس-400" التي اشترتها من روسيا إلى قاعدة تياس... أما الجيش الصّهيوني فقد كثّف القصف ضد مواقع عسكرية وعلمية وبحثية ومدنية سورية، منذ استيلاء وُكلاء تركيا الأطلسية على السّلطة، واحتل الجيش الصهيوني مواقع عديدة في جنوب سوريا، ونفذ طيران العدُوّ ليلة الثالث من نيسان/أبريل 2025، عدوانًا وحشيا على قاعدة " تي فور" وعدد من القواعد الجوية الأخرى في سوريا، اعتراضًا على تعزيز الوجود العسكري التّركي في سوريا، وفق وسائل إعلام الإحتلال الصهيوني...
فَرَضت تركيا وصايتها على سوريا بدعم من روسيا والولايات المتحدة، وأعلنت وكالة "إنترفاكس" الرّوسية يوم الحادي عشر من نيسان/ابريل 2025، إن تركيا تحاول الحصول على الدّعم الرّوسي والأمريكي والصّهيوني لضمان سيطرتها على سوريا التي يحكمها وُكلاؤُها منذ الأسبوع الأخير من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وأكّدت تركيا وروسيا ( فضلا عن الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ) دعم السلطات الجديدة، رغم تسجيل "هيئة تحرير الشام" "جماعة إرهابية" محظورَة، وتجسيدًا لنفاق نظام الدّين السياسي في تركيا الأطلسية، أعلنت وسائل الإعلام الصهيونية والتّركية، يوم العاشر من نيسان/ابريل 2025، إن حكومتَيْ تركيا والكيان الصهيوني تُجْرِيان "مُشاورات في أذربَيْجان لِمنع تصعيد الوضْع في سوريا، ومناقشة آلية لفض النزاع بين الجيشين التركي والإسرائيلي وتجنُّب الحوادث غير المرغوب فيها بينهما في الأراضي السُّورية " وفق صحيفة "صباح" التركية بتاريخ الخميس العاشر من نيسان/ابريل 2025، وهو ما كانت تفعله روسيا مع سلطات الإحتلال الصهيوني، على حساب الشّعب السُّوري، وأعلن وزير الخارجية التركي "إن الجيش التركي يحتاج إلى آلية لفض النزاع مع إسرائيل مماثلة لتلك التي لدى أنقرة مع روسيا والولايات المتحدة، بما أن جيشنا ينفذ عمليات في سوريا"، وفق صحيفة "حُرِّيِّيت" بتاريخ 10 نيسان/ابريل 2025
اليمن
كَثَّفَ الجيش الأمريكي عدوانه على شعب اليمن، منذ الخامس عشر من آذار/مارس 2025، ردّا على استهداف المقاومة اليمنية مواقع عسكرية واستراتيجية صهيونية، للتعبير عن اندماج المصالح والأهداف بين الإمبريالية والصّهيونية، وأسقطت المقاومة اليمنية ست طائرات أمريكية من طراز “إم كيو-9” وتبلغ تكلفة كل طائرة حوالي 30 مليون دولار، وعشرين طائرة آلية ( بدون طيار) وفقا لتقرير بثّتْهُ شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، نقلا عن دائرة أبحاث الكونغرس، وأعلنت الشبكة إن الجيش الأمريكي نفذ مئات الغارات على اليمن، طيلة 35 يوما متتاليا من القصف، بعد إعلان استئناف حظر عبور السفن الصّهيونية البحر الأحمر"دعما للشعب الفلسطيني"، وأدّى العدوان الأمريكي إلى مقتل وإصابة المئات من اليَمَنِيِّين معظمهم من الأطفال والنساء، من ضمنهم أكثر من 230 شهيدا وجريحا من العُمّال والمُسعفين والمدنيين خلال 14 غارة شنّها جيش العدوان الأمريكي على مُنشأة ميناء "رأس عيسى" النّفطية بمحافظة الحديدة السّاحلية غرب اليمن، يوم الجمعة 18 نيسان/ابريل 2025، ومع ذلك تواصل المقاومة اليمنية إطلاق الصواريخ لنصرة فلسطين ولإسقاط الطائرات المسيرة الأمريكية وقصف المنشآت الصهيونية، رغم الحصار الأمريكي والأوروبي ( و"الغربي" عموما) وكذلك الخليجي الذي يمنع وُصُول الأدوية والغذاء ...
تونس – استنزاف
ترتفع ميزانية إنفاق الأُسَر في تونس ( كما في بلدان المُسلمين) خلال شهر رمضان الذي يختَتِمُهُ عيد الفطر، وهو عيد الحلويات والملابس الجديدة للأطفال، وقَدّرَت المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك كلفة ملابس العيد للطفل الواحد لعيد الفطر 2025 بنحو 450 دينارأ (حوالي 150 دولارا، وهي قيمة الأجر الأدنى الشّهْرِي المضمون ) للطفل الواحد، وهو مبلغ مرتفع تعجز عن توفيره الفئات محدودة ومتوسطة الدخل مما يُجبرها على الإقتراض لمواجهة مصاريف العيد فضلا عن الفئات الفقيرة التي تُلْغِي بَعْضًا من مظاهر الإحتفال بالعيد، بفعل ارتفاع الأسعار، رغم تراجع التضخم من 10,4% خلال شهر شباط/فبراير 2023 إلى 5,7% بنهاية شهر شباط/فبراير 2025 وفق البيانات الرّسمية التي تنتقي مجموعة من السلع والخدمات وتُقْصِي أخرى، وبالتالي لا تُراعي ارتفاع أسعار مستَلْزمات شهر رمضان ( ما بين 40 و 60 دينار أو ما يُعادل 13,3 و 20 دولارا في اليوم لكل أُسْرة) وأسعار ملابس الأطفال وحلويات العيد التي استمرت أسعارها في الإرتفاع، في ظل ارتفاع نسبة الفقر إلى 16,6% من العدد الإجمالي لسكان تونس، وفق تقديرات للمعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، خلال شهر آذار/مارس 2024، وقدّرت دراسة أعدتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة بالتعاون مع الحكومة التونسية، ونُشِرت خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2024، نسبة الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر بحوالي 26% من العدد الإجمالي للأطفال ( 3,4 ملايين طفل)...
في هذا المناخ من ارتفاع الأسعار وانخفاض الأُجور وارتفاع نسبة البطالة والفقر، ارتفع عدد المهاجرين غير النظاميين، كما ارتفعت وتيرة الهجرة النّظامية لذوي الكفاءات والخبرات وقَدَّر رئيس نقابة المهندسين التونسيين عدد المُهندسين الذين غادروا البلاد للعمل في الخارج - خاصة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا - بنحو 6,5 آلاف مهندس خلال سنة 2022، فيما قدّرت رئيسة نقابة الأطباء التونسيين عدد الأطباء الذين غادروا البلاد للعمل في بلدان أخرى بحوالي ثلاثة آلاف بين سنتَيْ 2022 و 2024، وعبّر 80% منهم عن إرادتهم في العودة إذا تحسّنت ظروف العمل، وتعد الأجور الضعيفة أحد أبرز أسباب هجرة المهندسين والأطباء التونسيين إلى أوروبا وخاصة فرنسا وألمانيا وبريطانيا والنمسا وإيطاليا والبرتغال، وكذلك إلى دويلات الخليج وكندا والولايات المتحدة، ويُشكل ارتفاع هجرة الكفاءات وذوي الخبرات خطرا على جودة الخدمات وعلى التنمية بالبلاد، وخسائر كبيرة للبلاد التي تُخصّص موارد مالية وبشرية هامة لتأهيل طلبة الطّب والهندسة وغير من الإختصاصات المكلفة...
قدّر المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية، عدد المهندسين الذين غادروا البلاد بين سنتَيْ 2015 و 2020 بنحو 39 ألف مهندس، ويُغادر البلاد ثلاثة آلاف مهندس وأكثر من ألف طبيب سنويا.
إفريقيا – تأثيرات الرسوم الجمركية الإضافية الأمريكية
تُمثل القارة الإفريقية الحلقة الضّعيفة في تدفّق الإستثمارات الخارجية والمبادلات التجارية وقد تُؤَدِّي الحرب التجارية والحدّ الأدنى – بنسبة 10% - للرُّسُوم الجمركية الأمريكية إلى اضطراب وعدم استقرار اقتصادات الدول الإفريقية التي تجاوز حجم مبادلاتها مع الولايات المتحدة 71 مليار دولارا سنة 2024، وبلغت قيمة الصادرات الأمريكية 32,1 مليار دولار، في حين تصل واردات واشنطن من القارة 39,5 مليار دولار، ويبلغ عجز الميزان التجاري الأمريكي مع إفريقيا 7,4 مليارات دولار، وسوف يتحمّل اقتصاد إفريقيا تداعيات حرب تجارية دولية، وقرّرت الولايات المتحدة تطبيق رسوم جمركية بنسبة 11% على السلع الواردة من الكاميرون و14% على سلع نيجيريا و32% على سِلَع أنغولا و17% على زامبيا، و30% على الجزائر، و31% على ليبيا، و10% على العديد من الدول الأخرى مثل مصر والسنغال والمغرب.
حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، يوم الخميس الثالث من نيسان/ابريل 2025، من أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات البلاد تشكل "خطرا كبيرا" على الاقتصاد العالمي (... ) ومن المهم تَجَنُّبُ الإجراءات التي يمكن أن تلحق مزيدا من الضرر بالاقتصاد العالمي"، ويُتَوقّعُ أن يُسبّب القرار الأمريكي ( أحادي الجانب) العديد من التداعيات على المستوى الدولي، مثل تراجع قيمة الدولار في الأسواق، وارتفاع تكاليف مجموعة من المنتجات التي تُصدّرها أو تستوردها الدّول الإفريقية بسبب ارتباط كثير من العملات الإفريقية باليورو أو بالدولار، وارتفاع نسبة التضخم التي تُعاني منها دول إفريقية عديدة منذ انطلاق الحرب في أوكرانيا، المستمرة منذ 24 شباط/فبراير 2022، وتُعتَبَر قيمة المبادلات التجارية بين قارة إفريقيا والولايات المتحدة ضعيفة، خلافًا لعلاقاتها التجارية القوية مع الصين والاتحاد الأوروبي التي سوف تُعاني بدورها من ارتفاع الرُّسُوم الأمريكية، لأن الولايات المتحدة تعتبر إن الشُّركاء مثل الصين والإتحاد الأوروبي وكندا يسرقون أمريكا وتسببوا في ارتفاع العجز التجاري الأمريكي، ونظرًا لارتباط اقتصاد معظم دول إفريقيا بالإتحاد الأوروبي وبالصّين فإن أي أزمة أو اضطراب على المستوى الأوروبي أو الصيني سينتقل مباشرة إلى إفريقيا ويتسبب في خسائر اقتصادية لها، مما يجعل إفريقيا تستورد الأزمات الاقتصادية وارتفاع الأسعار والتضخم، لأن الدول الإفريقية تمثل الحلقة الأضعف في الإقتصاد الدّولي، وأظهرت الأزمات الدّولية السابقة ( أزمة 2008 – 2009 وأزمة وباء كوفيد 2020 – 2021 والأزمة المرتبطة بحرب أوكرانيا...) إن قارة إفريقيا سوف تدفع الفاتورة الأكبر في الحرب التجارية...
غذاء
يقيس مؤشر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) التغيير الشهري في الأسعار الدّولية ( أي أسعار الجملة في الأسواق الدّولية وليس أسعار الجملة في الأسواق المحلية أو أسعار الإستهلاك) لسلّة من السلع الغذائية الأساسية التي لا تتضمن الخضار والفواكه والعديد من المنتجات الضرورية الأخرى، وتقتصر على مجموعات الحبوب والزيوت النباتية والسكر واللحوم والألبان ومشتقاتها، وارتفعت الأسعار إلى مستوى قياسي، بنسبة 5,7% خلال شهر نيسان/ابريل 2024، مقارنة بنفس الشهر من سنة 2023، وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) استمرار ارتفاع أسعار الغذاء العالمية خلال شهر نيسان/ابريل 2025، مع تسجيل زيادات ملحوظة في أسعار الحبوب واللحوم ومنتجات الألبان، ما يعكس استمرار الضغوط على الأمن الغذائي العالمي، وزاد المؤشر بنسبة 7,6% بنهاية شهر نيسان 2025 مقارنة بالشهر ذاته من العام 2024، مسجلاً أعلى مستوى له منذ منتصف عام 2023، فهل ارتفع دخل الأُجراء والعمال والفقراء بنفس هذه النّسب؟ علمًا وإن أسعار الحبوب ( الغذاء الرئيس لمعظم سكان العالم كالأرز والقمح ) قادت الإرتفاع ضُعْف إنتاج القمح في روسيا وأستراليا وتقلص إنتاج الأرز في آسيا وانخفاض حجم المعروض العالمي، كما ارتفعت أسعار الذرة بسبب مخاوف من تقلص الصادرات من أميركا الجنوبية، وارتفعت أسعار اللحوم ومنتجات الألبان بسبب "ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، بالإضافة إلى تقلّبات في سلاسل التوريد الأوروبية" وفق منظمة "فاو"...
شهدت أسعار الغذاء العالمية ارتفاعات حادة منذ سنة 2022، وتعلّلت شركات الغذاء التي تحتكر جمعَ وتخزين ونقل وتوزيع الإنتاج العالمي "بالحرب في أوكرانيا التي عطّلت صادرات الحبوب والزيوت النباتية من البحر الأسود، ورفع تكلفة الشحن والتأمين، وتراجعت الأسعار تدريجياً خلال 2023، لكنها ظلت مرتفعة مقارنة بالمستويات التاريخية، وأشار تقرير للبنك العالمي إلى "اضطرابات المناخ وتزايد الحواجز التجارية وارتفاع تكاليف الأسمدة والطاقة التي تُشكّل عوامل ضغط على أسعار الغذاء في الأسواق العالمية"، وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة (فاو) استمرار تقلبات الأسعار، مما قد يؤدي إلى "تفاقم أوضاع الأمن الغذائي في الدول النامية، خصوصًا تلك التي تعتمد على الواردات الغذائية".
للتّذكير: يَفْرض صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية توريد الإنتاج الفلاحي بدل إنتاجه محليا بذريعة ارتفاع التكاليف ( الحبوب والبطاطا واللحوم والألبان ومشتقاتها... ) ومَنْع تحديد السّعر الأقصى أو تحديد سعر أدنى لشراء الدّولة إنتاج الفلاحين، كما ترفض، بل تحظر هذه المؤسسات الدّولية دعم أسعار الغذاء والطاقة والأدوية والنقل والسّكن، وتفرض تقليص الأجور وإلغاء الدّعم الإجتماعي...
الولايات المتحدة، نموذج الدّولة الطّبَقِية
يتضمن اقتراح ميزانية الحزب الجمهوري الأمريكي ( إدارة دونالد ترامب) خفض الميزانية الإتحادية بقيمة 880 مليار دولارا من برنامج الرعاية الصحية ( ميديكيد) و بقيمة 230 مليار دولارا من برنامج المُساعدات الغذائية، فضلا عن خفض تمويل الوكالات الحكومية التي تُقدم المساعدة في مجالات الإسكان بأسعار معقولة والنقل والسلامة والمحاربين القدامى، والأطفال ذوي الإعاقة الخ وذلك لتوفير مبلغ يفوق 4,5 تريليون دولارا تم إقراره من خلال التخفيضات الضريبية لأغنى وأكبر الشركات، وبذلك تقتطع الدّولة الموارد المالية المُخصّصة للفقراء والمَرْضى والمحرومين من المأوى، ولبرامج الرعاية الطبية والمساعدات الغذائية ليستفيد أثْرى الأثرياء من "كَرَم" الدّولة التي تُمثّل مصالحهم ( مصالح الأغنياء ) وتُحارب الأكثرية من الفئات المتوسطة والفقيرة والكادحة...
هوامش من اجتماع حلف شمال الأطلسي – بروكسل 04 و 05 نيسان/ابريل 2025
الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي - تكتيكات جديدة للهيمنة
نشرت صحيفة نيويورك تايمز ( 04 نيسان/ابريل 2025) بعض تفاصيل الدّعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا، من خلال كتاب "التاريخ السري للحرب في أوكرانيا"، فقد زوّدت الولايات المتحدة أوكرانيا، خلال إدارة الرئيس السابق جوزيف بايدن، بكميات هائلة من الأسلحة تبلغ قيمتها حوالي سبْعِين مليار دولار، وخططت أيضًا وأدارت العمليات العسكرية لجيش أوكرانيا وحلفائه من مليشيات اليمين المتطرف ضد روسيا، من مقر الجيش الأمريكي في أوروبا في قاعدة "فيسبادن" بألمانيا، فكانت الحرب مُصَمَّمَة ومُخَطَّطَة ومُوَجَّهَة من قبل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وتحت قيادتهما...
رَوّجت بعض وسائل الإعلام وبعض الخُبراء تفاؤلاً ساذجًا بشأن إدارة دونالد ترامب التي قد تَضَعُ حدًّا للحرب من خلال اتفاق مباشر بين الرئيسين ترامب وبوتن، وأنها، على عكس الحلفاء الأوروبيين، ستنسحب من عمليات حلف شمال الأطلسي ضد روسيا أو حتى من حلف شمال الأطلسي، غير إن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو فَنّد ذلك خلال اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي في بروكسل ( 4 و 5 نيسان/ابريل 2025)، وأوْضَح إن إدارة دونالد ترامب تريد "تعزيز بناء حلف شمال الأطلسي ليُصبِح أشدّ قُوّةً وأكثر فتكًا" وأوضَحَ إن الولايات المتحدة مُصِرّة على تعزيز الرّدع العسكري وتحرص على زيادة الإنفاق العسكري لكل دولة عضو في حلف شمال الأطلسي إلى ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي، لأننا نعتقد جازمين إن التهديدات – ضدّ دول حلف شمال الأطلسي - خطيرة ويجب مواجهة هذا التهديد بالتزام كامل وحقيقي، وتوفير الوسائل الضرورية لكي يكتسب حلف شمال الأطلسي القدرة على الوفاء بالالتزامات وعلى الدفاع عن أراضي كل دولة عضو في الحلف وعلى رَدْع أي عمل عدواني، وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي: "تُشكّل روسيا تهديدًا طويل الأمد لنا، بالإضافة إلى المشاكل المتنامية مع الصين وكوريا الشمالية وإيران. هذه الدول الأربع مترابطة بشكل متزايد، وهذان المسرحان للعمليات مترابطان ومتشابكان بشكل متزايد" .
حضر وزير خارجية أوكرانيا هذا الاجتماع في بروكسل، ووعَدَهُ وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي بالحصول على مزيد من الدعم العسكري لمهاجمة البنية التحتية للطاقة الروسية، خلافًا لما تروجه وسائل الإعلام الأمريكية بشأن اتفاق ترامب ويوتين القاضي بتجنب مهاجمة البنية التحتية...
تعمل الولايات المتحدة على تعزيز وجودها العسكري في المشرق العربي بالتعاون مع الكيان الصهيوني وتواطؤ أنظمة التّطبيع العربي ضد شعوب فلسطين واليمن ولبنان وسوريا وإيران والصّومال، وكتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" ( 28 آذار/مارس 2025): "إن الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية اتحدت في محور جديد، وهو CRINK ، الذي يعمل ضد أميركا لتحدي العقوبات الغربية وتقويض المصالح الأميركية" ( CRINK هي الأحرف اللاتينية الأولى للبلدان المذكورة) .
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟