|
مُتابعات - العدد العشرون بعد المائة بتاريخ التّاسع عشر من نيسان/ابريل 2025
الطاهر المعز
الحوار المتمدن-العدد: 8317 - 2025 / 4 / 19 - 12:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتضمن العدد العشرون بعد المائة من نشرة "مُتابعات" الأسبوعية فقرة عن تجمع تضامني نظمه الصحافيون العاملون في فرنسا، تضامنًا مع زملائهم الفلسطينيين، تليها فقرة عن عُملاء عرب، وعن السباق بين السعودية والإمارات في مجال العمالة للولايات المتحدة وفي مجال تخريب البلدان العربية، وفقرة عن بعض أسباب الحرب الإقتصادية التي أعلنتها الولايات المتحدة على الصّين وفقرة عن إعادة تسليح أوروبا وفقرة عن التناقض بين توجهات الحكومة ( إعادة التّسلح وإنعاش الصناعات الحربية) واحتياجات المواطنين، مثل الحاجة للسّكن وفقرة عن ارتفاع ثروة مُستثمِري وادي السيليكون (كاليفورنيا) وعميق فجوة الدّخل والثروة بين الأثرياء وسُكّان المنطقة وفقرة عن مشاريع الهيمنة الأمريكية طويلة الأجل ( أجل غير محدود ) على ثروات أوكرانيا
في جبهة الأصدقاء – تضامن نظّم بعض الصحافيين العاملين بوسائل الإعلام الفرنسية تجمُّعَيْن تضامُنِيَّيْن مع زملائهم في غزة، يوم السادس عشر من نيسان/ابريل 2025، قبل يوم واحد من يوم الأسير الفليطيني، أحدهما في مدينة باريس والثاني في مدينة مرسيليا، وأصدروا بيانًا هذا مُلَخّصُه: أدت الغارات على قطاع غزة إلى مقتل أكثر من مائتَيْ صحفي وإعلامي فلسطيني خلال ثمانية عشر شهراً، وفقًا للمنظمات الدولية المدافعة عن الصحفيين، مثل مراسلون بلا حدود، ولجنة حماية الصحفيين، والاتحاد الدولي للصحفيين، بالتعاون مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين، مما يُشكّل مذبحة لا مثيل لها في تاريخ مهنتنا، وفي تاريخ كل الصراعات، وفق دراسة حديثة أجرتها جامعة براون الأميركية [...]كان جميع هؤلاء الزملاء المُستهدَفِين يرتدون الخوذات والسترات الواقية من الرصاص، والتي تحمل عبارة " "صحافة"، مما يشير بوضوح إلى أنهم محترفون في مجال الإعلام وتم اغتيالهم لمنعهم نهائيا من نقل وقائع ما يجري في غزة، وقد تلقى بعضهم مكالمات هاتفية تهديدية من مسؤولين عسكريين أو من قِبَلِ المتحدث باسم الجيش المُعْتَدِي، وتشير كل المُعطيات إلى أنهم تعرضوا لاستهداف متعمد من قبل الجيش الإسرائيلي ( كما وردت في البيان). [...] وباعتبارنا صحفيين ملتزمين بشدة بحرية الإعلام، فمن واجبنا أن ندين هذه السياسة، وأن نظهر تضامننا مع زملائنا الفلسطينيين، وأن نطالب مرارا وتكرارا بالحق في دخول غزة... نحن لا نطلب هذا لأننا نعتقد أن التغطية الإعلامية لأحداث غزة لن تكون مكتملة بدون الصحفيين الغربيين، بل إن هدفنا هو نقل وحماية زملائنا الفلسطينيين من خلال تواجدنا، والذين يظهرون شجاعة لا تصدق، من خلال إرسال صور وشهادات لنا عن المأساة التي لا يمكن قياسها والتي تجري في غزة...
الخليج، أنظمة العمالة والتّطبيع تُمثّل الإنقلابات العائلية – بدعم الإستخبارات والقوى الأجنبية - قاسمًا مُشتركًا لحكام الخليج ( انقلاب قابوس بن سعيد على أبيه في عُمان وأبناء زايد على أبيهم في الإمارات ومحمد بن سلْمان على أبيه في السعودية وحمد على أبيه في قَطَر...)، ويتوافق حكام السعودية والإمارات على "الإثم والعدوان" وعلى تخريب البلدان العربية ( سوريا وليبيا واليمن...) والتّآمر على الشعب الفلسطيني والشُّعُوب العربية علنًا، ولكنهم يتنافسون مدى القُدْرَة على التخريب والتّدمير، مُستخدمين عائدات الرّيع النفطي والدّيني ( السعودية) والنفطي والتجاري ( الإمارات)، وبلغت هذه المنافسة – غير الشّريفة – خلال الأشهر الأخيرة حدّ السباب والشتائم على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يدّعي كل فريق إنه أكثر عمالة للإمبريالية الأمريكية وأكثر عداءً للشعب اللفلسطيني، وفي باب سباق العُملاء، أعلن محمد بن سلمان، إثر انتخاب دونالد ترامب اعتزامه استثمار مبلغ يتراوح بين 600 مليار و تريليون دولار في الإقتصاد الأمريكي، مما دَفَع أبناء زايد في الإمارات إلى إعلان استثمار 1,4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، وراجت بعد ذلك إشاعة تفيد إن آل سعود سوف يرفعون مبلغ استثماراتهم في الإقتصاد الأمريكي إلى 1,5 تريليون دولار، وتعود حدّة التّنافس إلى رغبة كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في حماية نظامَيْهِما من قِبَل الإمبريالية الأمريكية، وتمتد المنافسة بينهما منذ عشر سنوات إلى اليمن ومصر والسودان وغيرها، ولا يزال التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني يجري في الكواليس، فيما قَطَعت الإمارات أشواطًا في مجال التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، غير إن نفوذ الإمارات في السودان يتعرّض لانتكاسة بفعل الهجوم المُضادّ الذي يشنه الجيش السوداني، وهزيمة قوات الدّعم السريع في الخرطوم ( 26 آذار/مارس 2025) وتدعم الإمارات – المتورّطة كطرف في حرب السودان منذ سنوات - قوات "الدّعم السريع" التي أصبح وجودها مقتصرًا على جنوب غرب البلاد، وولايات دارفور على الحدود مع تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، ومع جنوب السودان، حيث يدعم نظام جنوب السودان وأهم شركائه التجاريين ( الإمارات وأوغندا وكينيا ) قوات الدّعم السريع، وتُغذّي الإمارات الحرب في هذه المناطق من خلال نهب الذّهب والموارد السودانية مقابل إمدادات الأسلحة، مما قد يُغذّي النّزعات الإنفصالية في المناطق الغنية بالمعادن، على غرار جنوب السودان الذي أدّى انفصاله إلى حرمان السودان من حوالي 75% من مواردها النفطية...
من كواليس الحرب الإقتصادية نشر موقع مجلة "إيكونوميست" يوم 18 شباط/فبراير 2025، تحليلا قصيرًا عن سيطرة السيارات الصينية على أسواق دول "جنوب العالم"، وسيطرة شركة بي واي دي الصينية سوق السيارات الكهربائية، بعدما أصبحت أكبر الشركات إنتاجا لها وفق وكالة رويترز ( 23 آذار/مارس 2025) وسبق أن نشرت وكالة رويترز/طومسون يوم الثامن عشر من شباط/فبراير 2025، تحليلا عن توسّع شركات السيارات الصينية في الأسواق العالمية، خاصة في دول الأَطْراف، حيث تجاوزت شركات مثل "بي واي دي" و"جيلي" الشركات "الغربية" من حيث الصادرات، وبلغ حجم الصادرات الصينية 4,7 ملايين سيارة سنة 2024، بفعل زيادة إنتاج السيارات الكهربائية وكذلك محركات الاحتراق الداخلي، وكتبت مجلة "إيكونوميست" البريطانية: تم تقييم سيارة "بي واي دي" الصينية في معرض ديترويت ( الولايات المتحدة) للسيارات، سنة 2009، وجاء تقييم الأداء من حيث "التصميم وجودة البناء والتشطيب" مخيبا للآمال، إلا أنه منذ ذلك الحين، شهدت صناعة السيارات العالمية تحولا جذريا، حيث أصبحت الصين أكبر مُصَنّع للسيارات في العالم، وتفوّقت على شركة تسلا المملوكة لإيلون ماسك، لتصبح الشركة الصينية أكبر منتج في العالم للمركبات الكهربائية بالكامل من حيث الحجم، كما تتفوق بفارق كبير عند احتساب السيارات الهجينة القابلة للشحن، وتمكّنت شركة "بي واي دي" من وضع حدّ لسيطرة شركات السيارات الأجنبية على سوق السيارات في الصين، ونجحت "بي واي دي" وشركات صينية أخرى مثل شيري وجيلي وسايك في تحويل الصين إلى أكبر مُصدر للسيارات في العالم، والتّفوّق على كل من ألمانيا واليابان، وتطمح للإطاحة بفولكس فاغن وتويوتا من قمة صناعة السيارات العالمية، ورفع حجم مبيعاتها الخارجية إلى 7,3 ملايين سيارة سنة 2030، وارتفعت حصة العلامات التجارية الصينية في مبيعات المركبات الكهربائية بأوروبا من نحو 4% سنة 2021 إلى 10% سنة 2024، وفق وكالة رويترز (25/03/2025)، وعرقات العقبات والرّسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصادرات الصينية بنسبة 100% منذ رئاسة جوزيف بايدن، دخول المركبات الكهربائية الصينية إلى السوق الأميركية، كما تزايدت العقبات في أسواق الهند وكوريا الجنوبية واليابان، لكن السيارات الصينية على حصة هامة من الأسواق الأخرى: 15% من سوق المركبات في تايلند، على سبيل المثال، وركّزت الشركات الصينية على دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية ( البرازيل والمكسيك...) وأفريقيا، وهي أسواق تشكل مجتمعة أكثر من 20 مليون عملية بيع، فيما تعد روسيا أكبر مستورد للسيارات الصينية، خصوصًا بعد انسحاب شركات السيارات "الغربية" منذ بداية الحرب في أوكرانيا ( شباط/فبراير 2022)، حيث ارتفعت حصة العلامات التجارية الصينية في السوق الروسية من 9% سنة 2021 إلى 61% سنة 2023، وفقا مجلة إيكونوميست، وتحاول شركات السيارات الصينية الإلتفاف على الرُّسُوم الجمركية من خلال بناء مصانع في الخارج، مثلما فعلت شركة "بي واي دي" في تايلند وأوزبكستان وتخطط لإنشاء مصانع في البرازيل والمجر وإندونيسيا وتركيا والمكسيك. ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين من نحو مليون سيارة سنة 2019 إلى 11,3 مليون سيارة سنة 2024، مسجّلة نموًا بأكثر من 10 أضعاف خلال 5 سنوات، بفضل الدعم المالي الحكومي الذي يُقدَّم في إطار برامج استبدال السيارات التقليدية بأخرى كهربائية، وعلى سبيل المقارنة بلغت مبيعات السيارات الكهربائية 1,5 مليون سيارة في الولايات المتحدة، رغم زيادة بنسبة 10% في مبيعات السيارات الكهربائية خلال العام 2024، وقد ينخفض حجم المبيعات بسبب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن إلغاء الدعم الحكومي، وفي أوروبا، انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية خلال سنة 2024 وبلغت نحو 3,2 ملايين سيارة وبلغت نسبة الإنخفاض 6% مقارنة بسنة 2023، بسبب تباطؤ المبيعات في ألمانيا، ويُتوقَّعُ أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية خلال سنة 2025، بنسبة 18% لتتجاوز 20 مليون وحدة وأن تبيع الشركات الصينية وحدها 12,9 مليون سيارة كهربائية...
إعادة تسليح أوروبا أقَرّ البرلمان الأوروبي ( ذو السّلطة الرمزية والضعيفة أمام المفوضية الأوروبية التي تمثل الحكومات) يوم الثاني عشر من آذار/مارس 2025 "الكتاب الأبيض حول مستقبل الدفاع الأوروبي"، وهو عبارة عن تبرير سياسي لخطة الإستثمار الأوروبي المُكثّف في صناعة الأسلحة، أو "إعادة تسليح الاتحاد الأوروبي" خلال السنوات الخمس القادمة، ويُقدّم وجهة نظر الإتحاد الأوروبي ( الحكومات ونواب البرلمان الأوروبي) بشأن الوضع العالمي، واعتبر هذا النّص المُصادَق عليه من قِبَل من يُعتبرون نواب الشعوب الأوروبية :" إن أمن أوروبا مرتبط بقدرة أوكرانيا على مقاومة روسيا ( خصوصًا إثْر ) التغيير في السياسة الأمريكية: " (...) مما يفرض على أوروبا تعزيز أمنها ودفاعها لتكون قادرة على مساعدة أوكرانيا..." ويُهاجم النّص روسيا التي يعتبرها "العدو المشترك للاتحاد الأوروبي" كما يُهاجم الصّين التي " تُشكِّل خطرًا على الأمن الإقليمي والعالمي، وكذلك على المصالح الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، وعَدُوًّا منهجيا للإتحاد الأوروبي (...) وتُقَوِّضُ النظام الدولي القائم على القواعد من خلال انتهاجها المتزايد لسياسة خارجية حازمة وسياسات اقتصادية وتنافسية عدائية، في إطار تحوُّلِها إلى قوة مهيمنة..."، كما يصف النّص "خطورة الوضع في إفريقيا على أمن واستقرار الإتحاد الأوروبي، بسبب الحروب ( التي تشعلها أوروبا وشركاتها العابرة للقارات) والإرهاب وعدم الاستقرار وانعدام الأمن والفقر وتغير المناخ في منطقة الساحل وشمال شرق أفريقيا وليبيا ( وتشكل هذه العوامل) مخاطر جسيمة على أمن الاتحاد الأوروبي... ويرتبط عدم الاستقرار وانعدام الأمن في الجوار الجنوبي ومنطقة الساحل ارتباطًا وثيقًا ويَظَلّان خطرًا دائمًا على إدارة الاتحاد الأوروبي لحدوده الخارجية..." يتمادى النّصّ في تحليل الوضع في مناطق أخرى من العالم، مع المُرُور مَرّ الكرام على مُساهمة الإتحاد الأوروبي ( خصوصًا كدُوَل أعضاء في حلف شمال الأطلسي ) في تخريب الوطن العربي وإفريقيا، لِيُبَرِّرَ زيادة الإنفاق العسكري "لمجابهة التّحدّيات المتعلقة بالأمن والهجرة وتغير المناخ وبالتنمية الإقتصادية وتكثيف المنافسة..." ويرى ممثلو الحكومات والنواب الحلَّ في إعادة التّسلّح والتّحرّش بروسيا والصّين و "تزويد الإتحاد الأوروبي بالوسائل الكفيلة بضمان أمنه ومواجهة التّحدّيات" ويُبرّر النّص " التّدخّل العسكري وإرسال الجيوش إلى جميع القارات لضمان وجود ومصالح أوروبا". بعد التبرير السياسي وتحديد الأهداف، يأتي ذكر الموارد الهائلة التي تتطلّبها استراتيجية الإتحاد الأوروبي ( الذي يتخذ قراراته بإجماع مُمَثِّلِي الحكومات)، وتتمثل في "تعزيز صناعة الدّفاع لضمان أمن القارة" وقدَّرتها المُفَوّضيّة الأوروبية بنحو ثمانمائة مليار يورو، خلال السنوات الخمس القادمة "لمواجهة العدوان الرّوسي"، ووجب على كافة الدّول زيادة ميزانياتها العسكرية، وعلى سبيل المثال حددت فرنسا لنفسها هدف مضاعفة ميزانيتها العسكرية لتصل إلى 100 مليار يورو بحلول العام 2030، ونظرًا لضُعف قدرات التصنيع العسكري الأوروبي – خصوصًا في مجال المُكَوّنات الإلكترونية - سوف يستفيد المُجَمّع الصناعي العسكري الأمريكي من هذه المبالغ الضّخمة، في ظل هيمنة الأسلحة الأمريكية على أسلحة الدّول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، خلافًا لما تروجه حكومات الإتحاد الأوروبي (خصوصًا فرنسا وألمانيا) من " خلق فرص العمل والخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية "، ويُساهم الإعلام في الحملة الإيديولوجية لتخويف المواطنين من "العدوان الرّوسي الوَشيك"... من الناحية الإقتصادية يُمثل الإنفاق العام ( شراء الدولة للمعدات العسكرية )، من الناحية النّظرية ومن وجهة النظر الكينزية المُبسّطة " دعمًا للنشاط الإقتصادي وللنمو"، غير إن كافة الحكومات الأوروبية ترفع سن التقاعد وتُخَفِّضُ قيمة المعاشات والإنفاق على الصّحّة والتّعليم والإسكان، ولا تتضمن خطط الموازنة مُخصّصات إضافية للتدريب والبحث العلمي، وبالتالي لن ينتفع قطاع التّصنيع ولن تكون زيادة الإنفاق العسكري سوى فرصة إضافية لزيادة أرباح المصارف والشركات والأثرياء ولن تعود بالنّفع على العاملين والفُقراء، بل بالعكس يتم تحويل الإنفاق الإجتماعي إلى إنفاق حربي لا يحتاج سوى العمالة المُؤهّلة وبعض المهندسين والفنيين... إن الدعوات الأوروبية لإعادة التسلح مفيدة لبعض الرأسماليين في قطاع غير تنافسي ذي ربحية مرتفعة، خصوصًا بعد عمليات الإندماج بين شركات صناعة الأسلحة الأوروبية، وأهمها اندماج شركة نيكستر (المعروفة سابقًا باسم جيات) الفرنسية مع شركة أسلحة ألمانية، كما إن ارتفاع نفقات التسلّح تزيد من مستوى الدّيْن العام الذي يُسدّده المواطنون في شكل ضرائب مُباشرة أو غير مباشرة وفي شكل انخفاض حصّة النفقات الإجتماعية والمرافق والخدمات العمومية...
فرنسا – هل يمكن حل الأزمة بواسطة التّسلّح؟ تبدو حكومات فرنسا وألمانيا ومعظم حكومات دُوَل الإتحاد الأوروبي عاجزة عن توفير المال للرعاية الصحية والمُستشفيات العمومية والتعليم والنقل، ولكنها مستعدة لمضاعفة الميزانيات العسكرية، وهي في حالة استعداد للحرب ضدّ روسيا، وأعلنت حكومة فرنسا "إعادة تنشيط الصناعات العسكرية" وجَمَعَت مصنعي الأسلحة والمصرفيين والمستثمرين لتنظيم زيادة إنتاج البارود والمدافع والصواريخ والدبابات والطائرات المقاتلة والطائرات الآلية (بدون طيار)، كخطوة في الطريق نحو الحرب، وأعَدّت الدّولة – في استعادة لمناخ أيام الحرب - كُتيّبًا دِعائِيًّا من ثلاثين صفحة يقدّم تعليمات بخصوص الإجراءات التي يجب القيام بها للبقاء على قيد الحياة ولحماية النّفس في حالة "وجود تهديد وشيك لأمن فرنسا" ويحثّ الكُتَيّب على الوشاية بتعلّة المُشاركة في المجهود الحربي وتلافي الأضرار... تتضمّن الدّعاية السياسية للحرب جانبًا "فَرْعِيًّا" يتمثل في "فَرْض الإنضباط" و "الطّاعة" على العُمّال وإجبارهم على زيادة وتيرة العمل وخفض أو إلغاء الحوافز والمكتسبات، بذريعة "إن البلاد، بل قارة أوروبا كلّها، في حالة خَطَر" مِمّا يُبرّر مضاعفة ميزانية الحرب وعدد الجنود والطائرات والسفن الحربية والصواريخ ( وجميعها من إنتاج شركات خاصّة يُسيطر مالكوها على قطاعات صناعية أخرى وعلى الإعلام وعلى العديد من مجالس البلديات والأقاليم ومقاعد البرلمان وبالتالي فإن ضخ عشرات أو مئات المليارات في الصناعات الحربية يُشكل فرصة ذهبية لتجار الأسلحة للدفاع عن مكانة الإمبريالية الفرنسية في العالم، ولضمان حُصُول الرأسماليين الفرنسيين على نصيبهم من الكعكة في تقطيع أوصال أوكرانيا أو الكونغو أو أي بلد آخر، وتَتِمّ ترجمة زيادة الإنفاق الحربي بخفض ميزانيات الصحة والتعليم والخدمات والسّكن والنّقل وخفض عدد إلأطباء والممرضين والمُدَرِّسِين، ففي فرنسا يصل عدد المتقدمين للحصول على السكن الاجتماعي إلى مستويات قياسية، ويُقدّر عدد الأُسَر التي تقدّمت بمطالب للحصول على السّكن الإجتماعي بأكثر من 2,6 مليون أُسْرَة، سنة 2020، ويوجد في شوارع باريس وضواحيها حوالي ألْفَيْ طفل بدون مأوى، وارتفعت درجة البؤس مما جعل حوالي 900 ألف أسرة عاجزة عن دفع إيجار السكن الاجتماعي بنهاية سنة 2022، بسبب ارتفاع قيمة الإيجار والطاقة بشكل مُجحف، وفقًا للمسح الوطني الذي أجراه اتحاد السكن الاجتماعي ونشره خلال شهر كانون الثاني/يناير 2024، ويمثل هذا الرقم 19.6% من الأسر المستأجرة في مساكن اجتماعية ( HLM)، و تم طرد واحد وعشرين ألفًا وخمسمائة أسرة من منازلها من قبل سلطات إنفاذ القانون سنة 2023، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 23% مقارنة بالعام 2022. الولايات المتحدة – فوارق في قطاع التكنولوجيا: نشرت المُؤسّسة البَحْثِيّة، "جوينت فينتشر سيليكون فالي" يوم السابع من آذار/مارس 2025، تقريرها السّنوي ( منذ 1995 ) الذي يعنى بتحليل الظروف الاقتصادية والاجتماعية في منطقة وادي السيليكون وأَظْهَر التقرير زيادة غير مسبوقة في تركّز الثروة في هذه المنطقة الصناعية والتكنولوجية، حيث يمتلك أغنى تِسْع أثرياء ما يعادل 15 ضعف ما يملكه نحو 50% من العدد الإجمالي لسكانها نصف سكانها مجتمعين، وعبّر مُدير منظمة "جوينت فينتشر سيليكون فالي" عن تخوفه من اتساع فجوة الثروة التي قد تُشكّل "عاملا مزعزعًا للاستقرار" مما يُنذر ببوادر ثورة اجتماعية. تمتد منطقة "وادي السيليكون" بين سان فرانسيسكو وسان خوسيه، وتحتضن نحو 56 مليارديرًا و145 ألف مليونير، ويستحوذ 1% فقط من السكان -حوالي 9 آلاف أسرة- على 42% من إجمالي الثروة، بما يعادل 421 مليار دولار، كما يملك 10% من السكان 71% من الثروة الجماعية سنة 2024، بزيادة نقطة واحدة مقارنة بعام 2023، ويتصدّر مارك زوكربيرغ ( شركة ميتا وشركة تسلا...) قائمة الأثرياء، تليه لورين باول جوبز (وريثة مؤسس آبل) ومؤسسَيْ "غوغل" لاري بيغ وسيرجي برين، ثم جينسن هوانغ الرئيس التنفيذي لـ"إنفيديا" وإريك شميدت المدير التنفيذي السابق لغوغل، وجان كوم مؤسس واتساب، وروبرت بيرا مؤسس "يوبيكويتي نيتووركس" والمُستثمر جورج روبرتس... أما بالنسبة لعموم السّكّان فإن متوسط الدخل السنوي مرتفع ويصل إلى 157,1 ألف دولار للفرد، وهو ضعف المتوسط الوطني، ومع ذلك فإن 30% من الأسر في وادي السيليكون فقيرة وتعتمد على المساعدات الإجتماعية، وتعيش 10,1% من العائلات بأقل من خمسة آلاف دولار سنويًا، فيما يواجه 37% من الأطفال خطر انعدام الأمن الغذائي، كما تضم المنطقة 12,5 ألف مشرد، بالإضافة إلى حوالي ثمانية آلاف آخرين في مدينة سان فرانسيسكو لوحدها، وفق تقرير "جوينت فينتشر سيليكون فالي" التي علّق مُديرها :إن النظرية التقليدية التي تفترض إن ازدهار الإقتصاد يعود بالنّفع على الجميع خاظئة، ولا تنطبق على وادي السيليكون، حيث لا تستفيد من النّمو سوى قِلّة من المواطنين، خصوصًا لأن قطاع التكنولوجيا يعتمد على قوة رأس المال الاستثماري وليس على الرواتب، فضلا عن تباطؤ نمو الوظائف، إذ وفّرت شركات التكنولوجيا 75 ألف وظيفة جديدة بين سنتَيْ 2020 و2022، لكنها سرعان ما ألغت أكثر من ثمانين ألف وظيفة بين سَنَتَيْ 2023 و2024، أي إن نمو الوظائف كان سلبيًّا بين 2020 و 2024، لأن التركيز انتقل من النمو السريع إلى الكفاءة، مما أدّى إلى ارتفاع الأرباح بدون تحقيق تحقيق نمو المنطقة ككلّ، خصوصًا في مدينة سان فرانسيسكو التي تأثّرت بالتغيرات الاقتصادية بشكل خاص وفقدت قرابة أربعين ألف وظيفة خلال سنتَيْ 2023 و2024، وبقيت نسبة 20% من المكاتب شاغرة، خصوصًا منذ جائحة كوفيد، حيث تم تعميم العمل عن بُعْد، وهو لا يزال مرتفعًا مقارنة ببقية الولايات الأميركية. من ناحية أخرى، خسرت منطقة وادي السيليكون جزءًا هامًّا من سُكّانها، ولكن توقّف هذا النزيف بفضل العمال الأجانب الذين أصبحوا يُشكّلون نحو ثُلُثَيْ (66% ) موظفي قطاع التكنولوجيا، ومن بينهم 23% من حاملي الشهادات الجامعية من الهند و18% من الصين و17% فقط وُلدوا في ولاية كاليفورنيا، ويمثل المهاجرون 41% من سكان وادي السيليكون، مقابل 27% في كاليفورنيا عمومًا، و14% في عموم الولايات المتحدة، مما يؤكد - بحسب تقرير منظمة "جوينت فينتشر سيليكون فالي" – أن " نشاط المنطقة يعكس ظاهرة عالمية بُنيت على عقول كفاءات من جميع أنحاء العالم"، ورغم تباطؤ النمو، لا يزال وادي السيليكون في صدارة الابتكار، حيث كان مصدرًا ل 23,6 ألف براءة اختراع تم تسجيلها سنة 2024، ولاستقطاب استثمارات رأسمالية بلغت 69 مليار دولار، منها 22 مليارًا في مجال الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، يشير التقرير إلى بداية تراجع الهيمنة لصالح مراكز تكنولوجية ناشئة حول العالم. من جهة أخرى، تعكس المنطقة عدم توازن بين عدد الموظفين وتطور البنية التحتية وخصوصًا في مجال الإسْكان، حيث تعاني الشركات من أزمة إسكان حادة بسبب ارتفاع الأسعار، وارتفع متوسط سعر المنازل خلال عقد واحد بنسبة 53% ليصل إلى 1,9 مليون دولار، مما اضطر عددا من الشركات الكُبرى إلى التّوسّع في مدن أخرى مثل أوستن في تكساس وسياتل، حيث ارتفعت نسب التوظيف بنسبة 11% و15% على التوالي، كما حصلت مدينة أوستن على 2781 تصريح بناء لكل 100 ألف نسمة خلال الفترة ما بين كانون الثاني/يناير 2023 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أي 5 أضعاف مدينة سان خوسيه، وعشْرة أضعاف مدينة سان فرانسيسكو، مما يشير إلى توجّه واضح للشركات نحو بيئات أكثر دعمًا للنمو العقاري، وبينما تسعى حكومة كاليفورنيا إلى فرض خطط بناء جديدة، لا تزال البلديات مترددة في التنفيذ، مما قد يهدد مستقبل النمو في وادي السيليكون.
أوكرانيا – مشروع محمية أمريكية صرّح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت يوم الأربعاء 26 آذار/مارس 2025، إن الولايات المتحدة قدّمت وثيقة مُعَدَّلَة للشراكة الإقتصادية مع أوكرانيا بشأن المعادن الموجودة في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك تلك التي لم يتم استغلالها، ووصف بعض نواب البرلمان الأوكراني مشروع الإتفاق بالكارِثِي، ولا يترك نصيبًا لبريطانيا والدّول الإتحاد الأوروبي، لأن النسخة الجديدة من اتفاقية المعادن تجعل الولايات المتحدة مُختكِرة – خلال فترة غير مُحدّدة - لاستخراج المعادن الأرضية النادرة وجميع معادن أوكرانيا والبنية التحتية المرتبطة باستخراجها، مع تمتع الولايات المتحدة بحق نقض على استخراجها من قبل أوكرانيا، في مقابل المساعدات الأمريكية المقدمة لأوكرانيا، التي بلغت 120 مليار جولارا، خلال الفترة 2022 – 2024، بحسب معهد كيل، وينص مشروع الإتفاق على إنشاء صندوق يديره خمسة أفراد: ثلاثة أميركيين لهم حق النقض الكامل، وتشمل الإتفاقية جميع المعادن، بما في ذلك النفط والغاز والرواسب غير المستغلة في جميع أنحاء أوكرانيا، وستقوم الولايات المتحدة في البداية بتحصيل العائدات من الصندوق، ثم من أوكرانيا، مع إضافة نسبة 4% وسيتم نقلالأموال الموجودة في الصندوق إلى الخارج... تهدف الولايات المتحدة السيطرة الدائمة على كامل الأراضي والثروات الأوكرانية إلى أجل غير مسمى، ولا يجوز تعديلها أو إنهاؤها إلا بموافقة الولايات المتحدة، وتتمتع الولايات المتحدة بحقوق الأولوية ( الإحتكار ) فيما يتعلق بمشاريع البنية الأساسية الجديدة وحق النقض فيما يتعلق ببيع الموارد إلى بلدان أخرى...
#الطاهر_المعز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من التّأثيرات الجانبية للحرب التجارية
-
الحرب الإقتصادية – مقوّمات القوة والضُّعْف الأمريكيَّيْن
-
سلسلة محاولات تبسيط بعض المفاهيم الإقتصادية – الجزء الرابع
-
سلسلة محاولات تبسيط بعض المفاهيم الإقتصادية – الجزء الثالث
-
سلسلة محاولات تبسيط بعض المفاهيم الإقتصادية – الجزء الثاني
-
سلسلة محاولات تبسيط بعض المفاهيم الإقتصادية
-
مُتابعات - العدد التّاسع عشر بعد المائة بتاريخ الثاني عشر من
...
-
الحرب التجارية – حلقة من المعارك الأمريكية للسيطرة على العال
...
-
مُوجَز نظرية القيمة في كتاب رأس المال - كارل ماركس
-
سينما - عرض شريط -أنا ما زِلْتُ هنا - للمُخْرِج والتر ساليس
-
الدّيون، إحدى أدوات الهيمنة -النّاعمة- – الجزء الرابع
-
مُتابعات - العدد الثامن عشر بعد المائة بتاريخ الخامس من نيسا
...
-
الدّيون، إحدى أدوات الهيمنة -النّاعمة- – الجزء الثالث
-
الدّيون، إحدى أدوات الهيمنة -النّاعمة- – الجزء الثاني
-
الدّيون، إحدى أدوات الهيمنة -النّاعمة- – الجزء الأول
-
مُتابعات - عدد خاص – العدد السّابع عشر بعد المائة بتاريخ الت
...
-
الليبرالية الإنتقائية - من العَولمة إلى الحِمائية
-
دوّامة الدُّيُون في البلدان الفقيرة
-
المغرب 23 آذار/مارس 1965 – 2025
-
الولايات المتحدة وإعادة تشكيل النظام الرأسمالي العالمي
المزيد.....
-
نائبة رئيس الوزراء الأوكراني تكشف بنود اتفاق المعادن المبرم
...
-
تونس.. إيداع -تيك توكر- معروف السجن بتهم -ذات صبغة إرهابية-
...
-
الكتب أم الشاشات؟.. دراسة تكشف الفرق في نشاط دماغ الطفل بين
...
-
خطر كامن في البلاستيك يفاقم أمراض القلب عالميا
-
طبيب نفسي يحدد الأسباب الحقيقية للغيرة
-
دراسة صادمة.. أطعمة شائعة الاستهلاك تهدد الحياة أكثر من أحد
...
-
طبيب يكشف عن فوائد صحية غير متوقعة للنوم عاريا
-
رغم فوائدها العديدة.. دراسة تكشف عن تأثير خطير للقرفة على ال
...
-
غزة.. أعلى معدل لمبتوري الأطراف عالميا
-
المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: إيران لن تتنازل عن حقها
...
المزيد.....
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|