أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الخالق الفلاح - بين الاخلاق والسياسة














المزيد.....

بين الاخلاق والسياسة


عبد الخالق الفلاح

الحوار المتمدن-العدد: 6235 - 2019 / 5 / 20 - 23:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين الاخلاق والسياسة
من الصعب على المرء، مهما كان انتماؤه السياسي، أن ينكر أن مجال السياسة أصبح خلال السنوات الاخيرة التي مضت أقل تحضرا ودماثةً وكما يعتقد البعض أن السياسة تستدعي التخلي عن القيم والأخلاق والتوجه إلى أساليب تتحرر من القيم فكانت الأخلاق والسياسة لهما مفهومان متناقضان.كما يتصورون أن السياسة هي أن تحافظ على كيانك والبقاء قائما سواء على مستوى الأفراد والحكومات والدول باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وهؤلاء يستندون لنظرية ميكيافيلي الذي يرى أن الأخلاق يجب إبعادها عن السياسة لأنها العائق الوحيد أمام تطور الدول وله مقولة مشهورة «الغاية تبرر الوسيلة ومن هذا المنظور ومع الاسف ان العظمة و الغلبة ينالها الأمراء المخادعون الذين لا عهد ولا وفاء لهم ،والبقاء في السلطة فوق كل الغايات والاعتبارات وبكل الوسائل حتى ان كانت غير مشروعة . لان القوة الغالبة في سياسة حكومات الدول في الزمن الحالي هي المصالح وليس الأخلاق، وذلك على الرغم من ادعاء الدول المتقدمة على التمسك بالمبادئ والأخلاق، باعتبارها الحصن الذي يحمي الدول والحضارات من الوقوع في براثن التدهور والانهيار وهي على ما يبدو ان الحديث عن الأخلاق عموماً والأخلاق في السياسية اليوم مجرد نزوة اخترقت شرفات الحلبة المشتعلة التي تأوي ومايُفترض أن تكون أسرة السياسية واعية بدورها وأسباب وجودها ؛ ولأن الإحتقان العلائقي الذي يعيشه أفراد الأسرة السياسية هي عدم التوازن فيها والسياسة تعني في اللغة وماخوذة من فعل ساس الحصان أي قاده إلى حيث الماء. فالأصل في الفعل السياسي قيادة الناس و تنظيم شؤونهم وقضاء مصالحهم. غير أن تجارب البلدان في السياسة و تجارب الشعوب تبين كيف أن الحصان لا يقاد دائما ومن المفيد والضروري استدعاء الأخلاق في السياسة لإنقاذها من بين طواحين أفراد اسرهم الذين يتمادون في التنكيل بها فالأخلاق والسياسة ماهيتان مختلفتان بطبيعتيهما عندهم ومن المحال احتواء إحداهما للأخرى ، نظرياً قد تكون ثمة «معايير أخلاقية» للعمل السياسي، لكن إسقاط ذلك على الواقع يبدو أقرب للخيال، فالعلاقة معقدة بين قيم الأخلاق المعروفة، مثل «الصدق والنزاهة والوفاء..الخ «، والوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف السياسية، التي تعتمد غالباً على ممارسة الكذب والخداع، لكون السياسة تشكل بيئة خصبة لتحقيق المكاسب المادية وصفقات الكواليس والامتيازات المعنوية والوجاهة والألقاب، وقد ساهم في تعزيز هذا السلوك طغيان وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة. ويمكن التمييز بين بلدان الخضوع والخنوع التي تحكم بالنار والحديد و الدول الديمقراطية المستقرة سياسيا، التي تشكل صناديق الاقتراع وتكريس مبدأ تداول السلطة من خلال الأحزاب السياسية، مخرجا للرد على كذب السياسيين واستبدالهم، عندما يفشلون في تحقيق برامجهم ويكتشف الجمهور خداعهم، وهذه ميزة مفقودة في الدول التي تحكمها أنظمة بوليسية وأبوية،أو تصل الى الحكم عبر الانقلابات العسكرية . إن سر نجاح البعض من الدول المتقدمة كان في تبني قيم ومبادئ أخلاقية أصبحت راسخة لدى شعوب هذه الدول، إلا أن هذه الدول أو معظمها خرجت عن هذه الضوابط والقواعد الأخلاقية في سياساتها الخارجية، فكانت معاييرها مزدوجة وفق مصالحها التي تدعيها، والتي لا تخدم بالتأكيد مصالح الشعوب الاخرى .مع وجود التناقض الشديد ما بين المبادئ والقيم الداخلية التي ترعاها وتحافظ عليها، وبين سياساتها الخارجية التي تعتمد مبدأ المصلحة كمبدأ في التعامل مع العالم الخارجي، خاصة مع العالم الإسلامي و بالرغم من أضراره الخطيرة على علاقاتهم ومصالحهم.
رغم ذلك يمكن دمجهما في زوايا محددة ( اي السياسة والاخلاق ) في تفاعل متبادل ترعاه أجواء الحرية والاعتدال، لأن الفضيلة السياسية أو الأخلاق في السياسة لا يمكن أن تنمو عيانياً في مناخات التطرف والعنف والغلو ومع غياب حقوق المواطنة والعدالة والمساواة والمشاركة. وقد ميز المفكرون والفلاسفة منذ أفلاطون الفارق الكبير في البنية الأخلاقية بين الفرد الذليل والمدفوع وراء أهوائه ونزواته عن الذي يتمتع بكامل حقوقه الطبيعية، المدنية والسياسية ويصبو لقيم الخير والحق والجمال والعدل، فالأخلاق هي مجموعة القيم والمثل الموجهة للسلوك البشري نحو ما يعتقد أيضاً أنه خير وتجنب ما ينظر إليه على أنه شر، وكلاهما، السياسة والأخلاق، تستهدفان تمليك الناس رؤية مسبّقة تجعل لحياتهم هدفاً ومعنى، وبالتالي تلتقيان على الدعوة لبناء نمط معين من المبادئ والعلاقات الإنسانية والذود عنهما، لكن تفترقان في أن طابع المبادئ والعلاقات التي تعالجها السياسة تختلف نوعياً عن تلك التي تتناولها الأخلاق تصل إلى حد التعارض عند ميكيافيللي الذي يغلّب السياسة على الأخلاق في كتابه " الأمير"، ليظهر السلوك الميكافيللي كما لو أنه يتنكر صراحة لجميع الفضائل الأخلاقية حين يبرر استعمال كل الوسائل لتحقيق الغايات السياسية!!.. أن ممارسة الفرد لاي عمل وفي جميع المجالات يتحتم عليه الالتزام بالمعايير الأخلاقية الثابتة ، وأن تلتزم الدول والمؤسسات بالالتزامات الأخلاقية. سوف يُستنتج من أن المعايير والضوابط تلك لها دور مهم في إرساء قواعد الممارسة المهنية والروابط السياسية والاجتماعية الفاضلة .والخلاصة في القول ان العلاقة بين السياسة والأخلاق، ينقسم بين طرفين. بين الوصل بينهما أو الفصل. و الأمر يتقدر بين الفلاسفة بحسب منظوراتهم. و فيها ينفصل المنظور البراغماتي للسياسة عن المنظور الأخلاقي. لكن التاريخ معيار. واحترام القيم الانسانية هو المعيار الحقيقي على الدول اليوم و تقدمت بالأمس؟
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي



#عبد_الخالق_الفلاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتشبهوا اليوم بالبارحة فالحرب لن تقوم
- همسة في الضمير لكي يبقى قلبه ينبض
- نقطة من بحر التهديدات المصطنعة
- الفشل المستمر لمجلس النواب
- الاعلامي الارهابي والتسجيل الصوتي للبغدادي
- سياسات ترامب العرجاء المثيرة للجدل
- الصراعات و حماية الحياة والكرامة الانسانية
- الصراع الانساني. بين الظلام وروح البقاء
- نسمع جعجعة ولم نرى طحين
- *** واقفرت الايام حزناً ***
- شهداء الفيلية ...دفاتر الروح النابضة
- الادارة الامريكية وقرارات خلط الاوراق
- الوطنية والموقف الوطني
- التجسس مهمة قذرة لتخريب البلدان...القسم الثاني
- التجسس مهمة قذرة لتخريب البلدان ..القسم الاول
- العلاقات والزيارات والنوايا الحسنة
- الانتهاء من الارهاب بين الحقيقة والاوهام...القسم الثاني
- الانتهاء من الارهاب بين الحقيقة والاوهام...القسم الاول
- اعرف الفساد تعرف اهله...القسم الثالث والاخير
- عبارة ام الربيعين تعمق جراحها


المزيد.....




- شاهد كيف فصلت الشرطة الأمريكية بين محتجين مؤيدين للفلسطينيين ...
- -أطفالي خائفون، بينما تفتش الكلاب عن طعامها في المقابر القري ...
- قناة محلية: فضيحة ترافق ظهور -المستشارة الرقمية- لخارجية أوك ...
- الجيش الروسي يتسلم دفعة جديدة من مدافع الهاون -2 بي 11- عيار ...
- معزيا بمقتل 3 جنود بكرم أبو سالم.. أوستن يبحث مع غالانت المف ...
- الخبير الهولندي يحذر من زلازل قوية وشيكة ويحدد موعدها
- لبنان.. 3 إصابات بغارة إسرائيلية على بعلبك
- كونوا -شفرات حادة تجتث بحزم-!.. زعيم كوريا الشمالية يخاطب مس ...
- مسؤول في الخارجية الروسية: علينا تعزيز ترسانة البلاد الصاروخ ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /06.05.2024/ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الخالق الفلاح - بين الاخلاق والسياسة