أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمد حمزة - والأدباء إذا جاعوا















المزيد.....

والأدباء إذا جاعوا


إبراهيم محمد حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 2909 - 2010 / 2 / 6 - 17:40
المحور: الادب والفن
    


والأدبــــــــــاء إذا جــــــاعوا .. !!
رحلة فى عالم الأدب ، حين يجوع مبدعه
إبراهيم محمد حمزة

أما عن اليأس والإحباط والأسى ، فحدّث ولا حرج ، أدباء ينتحرون ، أدباء يكتئبون ، أدباء يهربون من حضن الكلام الذى يلقى بهم فى أسن الفقر والجوع ، يلقى جمال السجينى بتماثيله فى النيل ، يحرق أبو حيان التوحيدى كتبه ،وقديما عاش الخليل فى خص له والناس تأكل الدنيا بعلمه ، ومات الأخفش جوعا ، كل هذا وكثير غيره نلقاه ولا عجب ، ولكن أن يصل الحال بالأدباء" المشاهير " إلى الجوع ، فهو ما يستحق وقفة تأمل ، لقد ترك أديب قديم تعبيرا عجيبا لن تجد أبلغ منه ، قال ( لا إله إلا الله .. لما عشنا ؛ متنا )
بهذا التعبير البليغ البالغ القسوة نطق القاضى عبد الوهاب البغدادى المالكى ، حين ترك بغداد ، وعاش جائعا حتى قال وهو يغادرها إلى مصر " والله لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين فى كل غداة ما عدلت بلدكم بلوغ أمنية" وانطلق لمصر فمات فى أول وصوله من أكلة اشتهاها ، وقال وهو يتقلب ، ونفسه تتصعد
هذه المقولة " لما عشنا ؛ متنا " .
ـ فى البحث عن بصلة :
هكذا الأدباء فى أزمنة متعاقبة ، عاشوا ، فأدركتهم "حُرفة الأدب " و"حرفـُة الأدب " بضم الحاء وسكون الراء هى الحرمان وسوء الحظ ، مثلما قال الشاعر :
(ما أنصفتنى يد الزمان ولا / أدركتنى غير حرفة الأدب )
ورغم قلة ما كتب حول فقر الأدباء ، فإنها واقع مخجل بلا شك ، وربما تحولت وتحورت الأن لأشكال أخرى منها العجز عن العلاج ، والاضطرار للعمل فيما لا يناسب المبدع ، لدينا سير مبكية لمبدعين ابتلعهم الفقر ، وطحنهم العوز مثل أحمد محرم ،وإمام العبد ، وخليل مطران ، والكاظمى والمويلحى ، وابن عروس وغيرهم كثير كثير ..
وقد أورد الكاتب محمد دياب تجربته عن الأدب والفقر والعلاقة بينهما قائلا " وأثناء إعداد كتابي «عباقرة الفن والأدب.. جنونهم وفنونهم» بحثت كثيرا إن كان ثمة علاقة سببية بين الفقر والاشتغال بالأدب، ولم أجد من بين مجموعة الآراء الكثيرة التي قرأتها رأيا أراه الأرجح في تحليل هذه الظاهرة مما ذهب إليه عالم النفس الشهير يونج حينما يقرر بأن كل فرد منٌا يولد مزودا بقدر محدود من الطاقة، ولا بد أن تجيء القوة الغالبة المسيطرة على الجهاز النفسي كله فتحتكر لنفسها كل تلك الطاقة ولا تدع لغيرها إلا النزر اليسير"
ولعل أدباء الدقهلية يذكرون الأديب الراحل الزجال الكبير محمد عبد العزيز ملحة ، والذى كان يعمل – وهو فى السبعين – فى محل خردوات بالسكة الجديدة بالمنصورة ، وكان يقول (فى حداشر شهر تسعة / خرجونى لدنيا واسعة / تهت فيها ولمّا أموت / حيقولولى فى ألف كسعة )
وزمن شاعر كبير مثل أمل دنقل ليس بعيدا ، وقد طالعنا المقدمة الرائعة التي كتبها الأديب اليمني المعروف عبد العزيز المقالح لديوان صديقه الراحل الشاعر الكبير أمل دنقل، إذ يصف فترة من حياة أمل فيقول: «وقد وصل الحال به وبزميله الشاعر حسن توفيق إلى أن يتبادلا ارتداء قميص واحد في الحفلات والسهرات ولعدة أشهر، فإذا خرج أحدهما انتظر الآخر في المنزل حتى يعود زميله».
وهذا الاحتياج هو ما دفع إبراهيم عبد القادر المازنى للعمل بالصحافة ، فصار همه كله البحث عن مقال يقول المازنى " كذلك انا زوج الحياة الذى لا يستريح من تكاليفها ، أقوم من النوم لأكتب ، وآكل وأنا أفكر فيما أكتب ، فألتهم لقمة وأخط سطرا أو بعض سطر ، وانام وأحلم أنى اهتديت إلى موضوع " كما يذكر فى كتابه " صندوق الدنيا "
ومما يروى عنه "التقى أحد السائلين وكان سمجاً لحوحاً في السؤال بشاعر النيل حافظ ابراهيم فسأله أن يعطيه قرشاً فرد حافظ إبراهيم:
- والله عمرك أطول من عمري كنت حاقولك أنا كدا برضه.
وقد صاغ بيرم التونسى فكرة عجيبة ، حين اقترح توين فرقة زمر مكونة من العقاد والمازنى وهو ، وقد حدد بيرم أسباب اقتراحه بتكوين الفرقة قائلا :
( حيث إن باظ سوق الجرايد / قوم ندعبس عالمعاش ياما موايد / مدها سيدك بلاش فيها فوايد / اللى يلهف واللى يلهط مستوية )
ثم ينظم الأدوار فى الفرقة هكذا :
(خذ قفايا وهات قفاك وامسك معايا / طار صفيح والبس ياواد زعبوط براية / وإن لبس "عباس " كمان زعبوط وضنأر / فوقه عمة مألوظة والشال مزهر / هو بالأرغول يتمتم واحنا نجعر / عالطبل تنجح كمان الكوبانية )
وحقيقة لن تجد أفكه ولا اطرف من هذه القصيدة فى شعر بيرم على طرافته كله ، فتصور القارىء أن عباس (الأستاذ العقاد ) وقد ارتدى زعبوطا ، وأمسك " طار صفيح " وفكرة تبادل الأقفية كل ذلك يؤكد قدرة فنية مذهلة لدى بيرم ، الذى عاش فى المنفى – فى فرنسا – معيشة لا تناسب بشر ، ووصل به الأمر عام 1921م – كما يروى فى مذكراته أنه دار فى غرفته الخالية من أى شىء للاكل ، فلم يعثر إلا على "بصلة " فذهب لجاره الفرنسى مقترضا عود ثقاب ، وأعد الموقد من قاموس عربى فرنسى ، ديوان أبى العتاهية ، خطابات سيد درويش والعقاد وغيرهما وصعد اللهب من الكانون وارتكزت البصلة العزيزة فى احضان أبى العتاهية ،والعقاد ، وبحث بيرم عن بصلته فوجدها سقطت مع بدء اشتعال النار ولم تنضج . فارتضى دفء الحجرة ونام .
ـ السربونى وما فعله :
ومن أشد المواقف التى تصور حال بيرم وسخافة بعض المصريين هناك ، ما رواه بيرم لزهير ماردينى وسجله فى كتاب عنوانه " بيرم التونسى " صادر عن دار اقرأ بلبنان عام 1992م يقول بيرم أن الدكتور محمد صبرى السربونى أتى بيرم فى مسكنه شاكيا له ورطة وقع فيها ، حيث دعا مجموعة من أساتذته وأصدقائه للغذاء ، وهم يريدون طعاما شرقيا ، وبيرم أستاذ طهى ، فرجاه المساعدة ليتناولوا الطعام سويا ، وقرر بيرم قبول القيام بالأمر كله ، وذهب للسوق واشترى كل ما يحتاجه ، وجاء السربونى وأصدقاؤه وصديقاته ونظر للطاهى فإذا بى – بتعبير بيرم – أشر عرقا مرقا ، قدّم بيرم الطعام فنظر السربونى قائلا له بالفرنسية الزاعقة : ( يا ولد .. لقد تعبت اليوم ، فاذهب إلى دارك واتركنا لحياتنا الخاصة ) .
- النديم وسيرته :
- عاش النديم سنوات طويلة بلا عمل ، عالة على أصدقائه ومعجبيه ، كان دائم الاقتراض من معارفه ، لم ينتظم فى عمل ، تحالف مع الخديو توفيق وتقرب إليه ، واستزاره المدرسة التى أدارها فترة ، فزاره ، ورجاه أن تنتسب المدرسة والجمعية التى أنشأتها لولى عهده "عباس " فقبل الخديو ، وحينما التقى – فيما بعد – رئيس الوزراء أخذ ينافقه كما يقول هو ذاته " اجتمعت برياض باشا فى مصر ، وقد أضمر لى الأضر ، فنافقته ونافقنى ، وجاذبته الحديث فوافقنى ، حتى أخذت منه إذنا بجريدة التنكيت وما أردت إلاالتبكيت " ونعلم بأمر عمله فى القصر تلغرافيا ثم طرده ، وأمر محل له للخردوات ساعده فيه الأصدقاء ، ثم غلقه بعد أن أفلس ...
هذا وغيره كثير يرسم صورة أحادية الجانب لنديم ، لأن هذا الطرح يخلعه من ظروف وقته سياسيا ، ويجرده من طبيعة الثائر وأخطاء الزعامة ، فقد عاش النديم عمره القصير ، فما خان ولا باع ولابايع على وطنه احدا ، متحملا النفى والفقر والتشرد ...
حتى أن زوجه "فهيمة بنت مصطفى الحلاوية كانت دائما تسىء إليه وتغاضبه ، وقد لكمته مرة فكادت تسقط ثنيتيه من الفك الأعلى ، فربطهما بخيط من حرير ، وليته اتعظ بإمام العبد الذى قرر أن يتألم وحده بدون زوجة تزيده ألما وفقرا ، وربما نصمت حين نرى ابن دانيال الكحال ، يرد على سائله قائلا " يائائلى عن حرفتى فى الورى / يا ضيعتى فيها وإفلاسى / ماحال درهم إنفاقه / آخذه من أعين الناس ِ ) .



#إبراهيم_محمد_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكفير والتفكير .. عن الردة وأحوالها
- عن الرواية الإسرائيلية المكتوبة بالعربية
- فؤاد حجازى : الكتابة لم تشف غليلى رغم هذا العمر
- هل انتهى عهد الغرام اليهودى باللغة العربية ؟
- هذا -والله - ما حدث
- إبراهيم عيسى .. حين يعلم الطبرى
- آخر ومضات الروح
- زكريا الحجاوى .. رائد علم الحياة
- التكفير والتفكير .. عداوة للأبد
- اشتهاءات
- حكاية الرجل الصالح الذى سرق بلدا - قصة قصيرة -
- السبعينيون .. هؤلاء الذين أفسدوا الشعر وضيعوه
- هل تملك الجرأة على القراءة ؟؟؟
- الشعبية فى أدب إحسان
- رجال تكتب عن النساء ونساء أشجع من الرجال
- دكتور هيكل .. وانتصار البرجوازى العفيف
- الأحزاب السياسية : ولعبة الكومبارس السياسى
- قراءة فى كتاب -الكتاب : أملى .. مذكرات رايسا جورباتشوف -
- للهوان والهوى …. وسرقات جميلة
- لماذا فشلت الأصولية فى كل مشروعاتها ، ولماذا غرقت البرجوازية ...


المزيد.....




- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمد حمزة - والأدباء إذا جاعوا