أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمد حمزة - السبعينيون .. هؤلاء الذين أفسدوا الشعر وضيعوه















المزيد.....

السبعينيون .. هؤلاء الذين أفسدوا الشعر وضيعوه


إبراهيم محمد حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 1862 - 2007 / 3 / 22 - 12:27
المحور: الادب والفن
    



لا تحتاج إلى جسارة ؛ لتقول إن الشعر فى مصر قد سقط بالضربة القاضية ، سقط أمام أشكال فنية وإبداعية أكثر تواصلا مع متلقيها ومنذ أن دق لويس عوض المسامير فى نعش الشعر العربى الكلاسيكى وكتب على الشاهد " لقد مات الشعر العربى إلى الأبد ، مات بموت شوقى "
منذ هذا الحين والخصام يحتد بين القارىء والشاعر ، لأن الشاعر لم يشعر بالشارع ، فانفض عنه أهله .. بل لعل المرء يتعجب حين يتذكر أن بيننا شعراء فى قيمة عبد المنعم عواد يوسف وفاروق شوشة والتهامى وأحمد عبد المعطى حجازى وكمال نشات… فأين الشعر ؟
- شعراء جنس ثالث :
شعراء هذا اليوم جنس ثالث
فالقول فوضى والكلام ضباب " نزار "
هذه شهادة من شاعر كبير ؛ يثبت فيها فساد هذه الأشكال المدعاة للشعر العربى ؛ تحت ستار التحديث والتواصل والتعبير عن واقع جديد ، وهى شهادة لا تزال صالحة ؛ مثلما ظلت صرخة "محمود درويش " فى " الكرمل " لا تزال صالحة أيضا حين قال " أنقذونا من هذا الشعر
الذى تحول إلى نكتة الصباح اليومية "
بل من العجيب أن شاعرا وصفه صلاح عبد الصبور أنه من المؤمنين بالتقاليد الشعرية القديمة يقول عن شعر التفعيلة " إن مصر ابتليت هذا العام بشيئين : هذا الشعر والحمى الإسبانيولى "
ولأن الشعر ليس نية طيبة فحسب ، فقد خرجت للحياة الأدبية – والكلام لصلاح عبد الصبور – نماذج أدبية رديئة كان جديرا بأصحابها أن يكتموها بين أضلاعهم أو فى أدراج مكاتبهم ، ولكن خرجت تلك النماذج إلى الحياة العلنية لكى تملأ الجو الأدبى ضجة بلا صدى ، وأنا – والكلام ما زال لعبد الصبور – أعذر القارىء حين يرى تلك البضاعة الرديئة فينصرف عنها " أقول لكم عن الشعر – صـ61
غموض الدلالة وآلام التلقى :
وقد أثيرت قضية الغموض والإبهام والمعاظلة والتعقيد إلخ …. فى نقدنا القديم ، ولم يجزعوا منه إلا إذا فقد الدلالة فى نهاية رحلة التلقى ، وقد أشار الجرجانى فى " أسرار البلاغة إلى أن القارىء يأنس ويفرح إذا استطاع بعد جهد ان يحصل على معنى يستحق الجهد الذى بذله "
لكنه يذم التعقيد إذا كان اللفظ لم يرتب الترتيب الذى بمثله تحدث الدلالة على الغرض ، وقد ذم هذا الجنس لأنه احوجك إلى فكر زائد عن المقدار الذى ينبغى فى مثله "
وهو وعى مبكر جدا فى عصر – صار كل شىء فيه علما كما قالوا هم حقا .
ولعل إشارة أبى إسحاق الصابى " والتى أوردها ابن الأثير فى " المثل السائر " تشهد بدقة وفهم طبيعة الشعر إذ يرى ان " أفخر الشعر ما غمض ، فلم يعطك غرضه إلا بعد مماطلة منه "
فإن حاولنا العودة إلى عالم القصيدة السبعينية يكون علينا أن ننبه أن القصيدة هنا ليس المقصود بها قصيدة النثر أو الشكل الكلاسيكى أو غيره فقط المقصود القصيدة الغامضة التى لا تنبىء القارىء شيئا سوى مزيد من البعد عنها
ولنتوقف مع نماذج من قصيدة السبعينيين ، نماذج مأهولة لشعراء معروفين ؛ وليس أشهر من رفعت سلام الذى يقول :
" ولقد يثير البعض تساؤلا - يبدو مشروعا وبريئا، ظاهريا - عن كيفية التمييز بين الشاعر والمهرج في ساحة الشعر. يبدو هذا التساؤل بريئا - ظاهريا - لأنه يصدر كنوع من المماحكات المضادة للتجديد، بغرض اثارة الغبار واطلاق «بالونات الاعاقة»، لا بغرض الدفع بتيار التجديد "
ولنبحث عن هذا التجديد فى " إشراقات " الصادر عن الهيئة عام 1999م يقول :
ألا لا ألا : لا لا لا لا بث
ولا لا لا إلا لأ من رحل
فكم كم وكم كم ثم كم كم كم وكم
قطعت الفيافى والهامة لم أصل "
ولنتساءل : هل القارىء الطبيعى المعنى به الشاعر يستطيع تحمل آلام التلقى البشعة لهذه النصوص ؟
وهل منع الوضوح تحميل القصيدة العربية بأقصى اندفاعات السياسة وأتم درجات الوعى ؟
وهل ما نشهده فى قصيدة " دنقل " مثلا من وضوح عبر عن سطحية فى طرح أمل دنقل ؟
سيقول لك المخلفون من الشعراء إن الحكومات تحارب قصيدة النثر .. وأن الحكومات لا تريد لها قائمة وأن الحكومات ضد الوعى الجمالى بها والدليل أنها لا تدرجها فى مناهج التعليم
وهى أمور أظنها تجاوزت حقها فى الرد ، بل أظن الحكومات على العكس لابد أن ترحب بهذه النوعية من الأشعار التى تلغى الشعر كأداة مقاومة شعبية …
إن أحد النقاد الغربيين – جورج نونمشار – يرى فى كتابه دلالات الأثر" أن القدرة الشعرية تكمن فى جعل ذلك الجانب المظلم من الكينونة يفصح عن نفسه "
ولهذا نسأل عبد المنعم رمضان مثلا – عن الجمال فى قوله :
" كانت حجتى أن آكل الموتى / وأن أستأنف الإبلاغ عن جسدى / بأنى هالك بالغيم / أنى حجر ملقى……… " ديوان الغبار 1992م

لدرجة جعلت الشعراء مثار للسخرية ؛ ومدعاة للهزء بهم ، فماذا يفعل قارىء أمام ديوان بعنوان " أوقع فى الزغب البيض " وهو ديوان أمجد ريان الصادر عن دار شعر عام 1990م فلتقرأ مثلا :
كنت أنحنى والخطوط تنفرج / كنت انحنى والخلايا تشب / الروح الرواح / الدهشة / الحريق / الأشداق / الوشيش / الإشراق / الخمش / الشهيق ...إلخ
ورغم شاعرية امجد ريان المتوقدة فإن نوعا من الغرائبية المتآكلة تبدو بوجهها القبيح ولا تغادر النصوص السبعينية إلا قليلا .. وهذ الغموض السائد فى شعرهم نجد الدكتور محمد هادى الطرابلسى يقسمه إلى نوعين : غموض هدم وغموض بناء ، أما غموض الهدم فيقسمه إلى ثلاثة أقسام : أولها الغموض الحاصل بقصد التعمية والتضليل ، ثم غموض حديث الوجود فى الشعر ثم الغموض المتولد عن القصور ...
ولا يمكن اعتبار السبعينيين عديمى الموهبة ، بل هم أصحاب توهج صارخ فى مواهبهم لكنه توهج فى الصورة ، والشعر ليس صورة فقط .
الشعر المتوحش :
ولذلك ينصحنا عفيفى مطر قائلا : " على الشاعر أن ينصت إلى همس لكون ، ومن همس الكون وإنصات الشاعر تغترف المعرفة ، ويستمد الشعر وتستقى اللغة الجديدة المطواعة ، ليس فقط القادرة على المسايرة ، بل للتمهيد لعالم جديد أو الدعوة لعالم نقى "
لهذا الحد من البراءة يتصور عفيفى مطر دور الشعر مغيرا خارقا ، والحق أن تجربة " عفيفى مطر " تظل استثناءً نادرا فى تاريخ الشعر العربى كله ، حيث ظل مهموما بقضايا " حقيقية " وتناغم مع احاسيس البشر الساعية للحرية والأمل ، ورغم ذلك ظل غموضه محببا مقبولا لأنه يحمل شيئا وراءه ، فهو يحمل حساسية نادرة قد تتغير من دواوينه الأولى مثل : " من دفتر الصمت " إلى دواوينه الأخيرة " أنت واحدها … " أو " فاصلة إيقاعات النمل " أو " احتفاليات المومياء المتوحشة " فقد كنا نقرأ له فى البدايات : " رياح الرغبة الأولى .. تزلزلنى / وتفتح بابها الأسود / على فرعين يهتزان بالتفاح والحيات / على نهرين ثلجيين / يرقد فوق ثلجهما : ملائكة وجنيات "
هذا التدفق الموسيقى والوعى بتكامل الرؤية والقدرة على التواصل ، تخلى عنه عفيفى مطر بوعى تام ، فقد تبدلت الصورة والدلالة والألفاظ وازداد الشعر توحشا فى مواجهة قارىء تنهش الأمية نصف فؤاده ، والفقر ينهش النصف الآخر – بتعبير سيد حجاب . حتى أن ناقدة كبيرة مثل فريال جبورى غزول ترى ان شعر مطر يمثل : " قمة الغموض فى الإنتاج الشعرى العربى " ثم تعترف بعدم فهمها لهذا الشعر رغم مساعدة الإخوان العراقيين والمصريين لها فى اختراق القصيدة المطرية ( نسبة لعفيفى مطر ) وكان ذلك فى معرض تصديها لقصيدة واحدة لا غير هى قصيدة " قراءة " التى يقول مطلعها : تلبس الشمس قميص الدم / فى ركبتها جرح بعرض الريح / والأفق ينابيع دم مفتوحة للطير والنخل / سلام هى حتى مطلع النوم .. سلام .
حروب ضد المعنى :
إن ما يعطى عفيفى مطر قيمته أنه ترك الباب مواربا لفهمه ،من خلال تأخى العلاقات ، ونمو الدوال والفصل بين المرجعيات ؛ بينما انكر البعض الآخر هذا المر كحق تلقائى للقارىء الذى يقرأ ديوانك ؛
وظاهرة هروب السبعينيين من المعنى لا تحمل – فى تصورى – سوى فشل فى التعبير مهما تجمّل الشاعر بحثا عن مبررات إخفاقه وإخفاق دواوينه وإخفاق مجلاته ؛ حتى أن شاعرا مثل محمد آدم يقول بشكل مباشر : " من يقرأ مجلة "المحيط" مثلا؟ وأين "إبداع"؟ وحينما كانت موجودة من كان يقرأها؟ أما مجلة "الشعر" فهي مجلة ميتة" ( جريدة العربى عدد 895)
وإن كنا لا نبرأ النقد حتى يقول عنه عبد المعطى حجازى أن النقد يقف موقفا يبدو كأنه موجود وغير موجود فى آن واحد "
فلتشاهد حسن طلب – وهو شاعر قادر على تكريس ذاته كشاعر عالمى بالفعل ، لكنه يلجأ لما يسميه عبد الله السمطى " التشكيل الفسيفسائى فى مثل قوله : " الكساد / الوجوه الكساد / الفساد والجراد.. الوجوه الجراد / الجسوم الفساد الجراد الوجوه الكساد / اصطفتنى الجسوم الفساد الوجوه الكساد ..
………….
ولهذا يقول " أحمد زرزور " يمكننا القول بفم ملآن إن الكثير من القصائد النثر السبعينية لا تمتلك سوى شكلها اللا تفعيلى ، ولهذا أفضل الشعراء الذين بقوا على ولائهم التفعيلى لأنهم لم يزيفوا قناعاتهم ، وكم أتألم حين أذكر ديوان " حسن طلب الأول المدهش " وشم على نهدى فتاة " الذى اتسم بعفوية شعرية طافحة ، قبل أن يدخل فى نفق الهندسة الشكلية "
………..
إنها دعوة صادقة لا تبتغى الانتصار لرأى ، دعوة إلى التصالح مع القارىء للشعر .



#إبراهيم_محمد_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تملك الجرأة على القراءة ؟؟؟
- الشعبية فى أدب إحسان
- رجال تكتب عن النساء ونساء أشجع من الرجال
- دكتور هيكل .. وانتصار البرجوازى العفيف
- الأحزاب السياسية : ولعبة الكومبارس السياسى
- قراءة فى كتاب -الكتاب : أملى .. مذكرات رايسا جورباتشوف -
- للهوان والهوى …. وسرقات جميلة
- لماذا فشلت الأصولية فى كل مشروعاتها ، ولماذا غرقت البرجوازية ...
- شامبليون … عبقرى أم لص ؟!!
- فتنة النهضة
- نازك الملائكة . . والصعود إلى سماء الشعر
- رضوان الكاشف …… ساحر السينما وشاعرها
- إحسان عبد القدوس ......وسمو أدب الفراش
- ... -الغزو عشقا- عناق الفن والفكر فى رواية التاريخ
- فقه اللذة لماذا يكره رجال الدين النساء إلى هذا الحد ؟


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمد حمزة - السبعينيون .. هؤلاء الذين أفسدوا الشعر وضيعوه