|
الديكتاتور 16 ( الشاهد )
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2837 - 2009 / 11 / 22 - 11:15
المحور:
الادب والفن
المشهد السادس عشر (مدينة الشاهد) ( يذرع رعد ساحة المدينة ليلاً ومعه ولاء وضابط وثلاثة جنود ) رعد ( بعصبية ) : اللعنة .. اللعنة على أهل هذه المدينة . ولاء : ماذا ترجو من قوم لا حول لهم ولاقوة ؟ هذا هو حال شعبك في كل المدن والقرى . رعد : كان حرياً بهم أن يصدقوا أني الزعيم ، وألا يعاملوني وكأني لص هارب من قبضة العدالة . الضابط : إنهم يستقوون بجوارهم ، لأنهم في أقصى حدود دولتنا . رعد ( محتداً) : صَدَقَ مَن قال إن الغلام يستقوي بأمه عندما يستشعر بخطر غيره . الضابط : والآن ما العمل يا سيدي ؟. رعد ( بتحدٍ) : علينا أن نعاود الكرة مرة أخرى . ولاء : أتقصد أن نعاود الطلب منهم ثانية ، لإرغامهم على الإقرار بسلطتك ؟. الضابط ( مقاطعاً ) : المعذرة سيدي ، كيف لنا أن نطلب ذلك ، وقد خرجوا عصر هذا اليوم في مسيرة تأييد حاشدة لأخيك الزعيم ؟. رعد : إذن ، فلنطلب الحماية منهم إلى أن نلتقط أنفسنا ، ونقرر بعدها ما يمكن لنا فعله . ولاء : ولِمَ الإصرار على هذه المدينة دون سواها ؟. رعد : لأنها بعيدة جداً عن قبضة الزعيم ، ثم أنها في أقصى شمال البلاد ، ولو استجد أي طارئٍ ، سيكون بإمكاننا اللجوء إلى الدولة المجاورة . الضابط ( يومئ برأسه ) : فكرة جيدة . ولاء ( مرتاباً ) : لا بأس .. لا بأس . رعد ( يشير بيده إلى الضابط ) : اذهب واحضر لنا وجهاء المدينة . الضابط : أمرك سيدي ( يخرج) . ولاء ( ساهماً بعمق ) . رعد : ما بك أيها الوزير ؟. ولاء ( مرتبكاً ) : لا شيء .. رعد ( بخبث ) : لكني أراك ساهماً بعمق ، هل تفكر بشيء ما ؟. ولاء ( يفرك رأسه بيده) : لا شيء على الإطلاق . رعد ( بعصبية ) : لا شيء ، لا شيء .. ألم تتفقه في حياتك غير هذه الجملة اللعينة ؟. ولاء ( يبتسم بتصنع ) : نحن تلامذتكم سيدي ، وما ترونه مناسباً ، نراه مناسباً ولا نعترض عليه. رعد : هل لي أن أعرف ما هي تحفظاتك حول ما اقترحه قبل قليل ؟. ولاء : ليس لدي أي تحفظات سيدي ، لكن ثمة شك عميق في أن يوافقوا على طلباتنا . رعد ( متجهماً ) : إن وافقوا أو لم يوافقوا ( بانتقام ) سيدفعون الثمن في كل الأحوال . ولاء : ألا يكفي الثمن الذي دفعه رفاقنا في ساحة القصر ، وها نحن ندفعه الآن في أقصى بقاع الدولة . رعد ( حانقاً ) : لا تكن جباناً ( محذراً ) إياك ثم إياك التراجع عما نحن فيه الآن . ولاء ( مطأطئاً ) : أمرك سيدي . ( يدخل الضابط ومعه رجلان ) رعد : ما عندك أيها الضابط ؟. الضابط ( يشير بيده إلى الرجل الأول ) إنه المفوض عن رئيس بلدية المدينة ( يشير إلى الرجل الثاني ) وهذا المفوض عن أهلها . رعد ( محتداً ) : ولماذا لم تأت بوجهائها ؟. الضابط ( مرتبكاً ) : سيدي لقد .. الرجل الأول ( مقاطعاً ) : إن جميع وجهاء المدينة يبلغونك اعتذارهم الشديد . الرجل الثاني : إننا لا نخرج عن طاعة الزعيم . الرجل الأول : حقناً لدماء الأبرياء ، نرى أن من الأفضل لنا ولكم الرحيل عن هذه المدينة ، وعدم الاستنجاد بأهلها المسالمين . رعد ( يطبق يديه بغضب ) : هكذا إذن . ولاء ( يومئ برأسه ) : هذا ما توقعته يا سيدي . رعد ( مشهراً سبابته في وجه الضابط ) : أيها الضابط لقد طلبت منك إحضار الوجهاء وليس الوكلاء ، أحضرهم حالاً وإلا .. الرجل الأول ( مقاطعاً ) : عذراً منك ، إن سادتنا كلفونا بالتفاوض معك نيابة عنهم ، لأن وقتهم الضيق لا يسمح بلقائك . رعد ( بعصبية مفرطة ) : أنسيتم من أنا ؟ لماذا تتجاهلون سلطتي أيها البلهاء ؟. الرجل الثاني : إننا نعرفك جيداً كما نعرف أنفسنا ، ولسنا نتجاهلك ، لكنك الآن لست ذي شأن أو سلطة . رعد ( يشير إلى الضابط وولاء ) : بعد أن سمعتم قول هؤلاء البلهاء ، ما قولكم ؟. ولاء : أرى أن ندعهم وشأنهم ، فالرهبة تملأ قلوبهم وحالهم لا يقل سوءاً عن حال باقي المدن . رعد ( ساخطاً ) : لن أتزحزح من هذا المكان قيد أنملة . الضابط : وما العمل يا سيدي ؟. رعد ( يشير إلى الرجلين ) : أنتما الآن أمام خيارين لا ثالث لهما . الرجل الأول : وما هي خيارتك ؟. رعد ( يحدق بالرجلين ) : إما أن تقبلوا زعامتي في هذه المدينة ، أو اقلب الطاولة على رؤوسكم جميعاً . الرجل الثاني ( هازئاً ) : أهذه هي خيارتك ؟. رعد : أجل ، وعليكم التفكير ملياً ابتداءً من هذه اللحظة . الرجل الأول : حسناً ، نحن ذاهبون إلى ولاة أمرنا ، وسنعرض عليهم الأمر. رعد ( يشهر سلاحه مهدداً ) : أريد الجواب بعد ساعة ( ينظر إلى ساعته ) لقد بدء العد التنازلي . ( يخرج الرجلان ) ولاء : لا أرى يا سيدي أي جدوى من عرضك هذا ، فكيف يمنحونك الأمان والسلطة ، وسيفك يحز رقابهم ؟. رعد ( يمشي خطوتان ويستدير للخلف ) : هكذا شعب لا يستحق أن يُحكم إلا بهذا النعل العسكري ( يخلع نعله الأيمن ) . ولاء : مهلاً .. مهلاً سيدي ، حاشا أن يكون هذا النعل رمزاً لسلطة أو حكم . الضابط : صدقت يا سيدي . رعد : هذا الشعب لا يفهم لغة العقل والمنطق ، إنه لا يفهم إلا بهذا النعل ( يرمي نعله بعصبية ) . ولاء : وكأنك تقول ، إذا كانت الحيوانات لا تفهم سوى بالضرب ، فإن هذا الشعب لا يفهم سوى بالنعل . رعد ( يومئ برأسه ): أجل وخطوتنا القادمة تحتاج إلى هكذا فهم . ولاء : وما هي الخطوة القادمة ؟. رعد (ينظر إلى ساعته ) : لقد مضى من الوقت نصف ساعة ( يشير إلى الضابط ) ما هي حال الحدود ؟. الضابط : الأمور تسير وفق ما هو مخطط له ، أما بالنسبة للحدود ، فقد استطلعتها ليلة البارحة ، ولم أجد جندياً واحداً فيها . ولاء (يقف بالمنتصف بين الضابط ورعد ) : ألغاز كثيرة تحوم حولي ، فهلَّ فسرتم لي إحداها . رعد ( يربت على كتف ولاء ) : هدئ من روعك أيها الوزير . ولاء : أمرك سيدي ، أعاهدك أنني لن أقلق بعد الآن . رعد : إن مصيرنا الواحد يحتم علينا السير معاً حتى النهاية . ولاء (مطرقاً ) : حتى النهاية . رعد ( ينظر إلى الساعة ) : ها قد مضى أكثر من خمسين دقيقة . ولاء : وما العمل يا سيدي ؟. رعد ( يشير بيده إلى الضابط ) : استعد للخطوة التالية . الضابط ( مطأطئاً ) : أمرك سيدي . رعد ( مصفقاً ) : لقد دقت ساعة الصفر . الضابط ( بحماس) : فلنبدأ بتنفيذ ما اتفقنا عليه . رعد ( بتشف ) : سأقلب ليل هذه المدينة الدامس إلى نهار ساطع ، وسأجعلها عبرة ودرساً للشعب . الضابط : ستراها تحترق ، مثلما احترقت روما قبل آلاف السنين ( يخرج مسرعاً ) . رعد ( مخاطباً نفسه ): أريد أن يصل لهيبها إلى القصر ، وأن يذر رمادها أطراف المدن . ولاء (متعجباً ): يا إلهي هذا خطير جداً . رعد ( بانتقام ) : فليتذكرني أبناء هذه المدينة بحرقة تكوي قلوبهم ، وليشهدوا لغيرهم أني الزعيم الذي لا ترد له كلمة . ولاء : بفعلك هذا تكون قد نقلت معركتنا إلى خارج الحدود . (تتصاعد أعمدة الدخان في سماء المدينة وتبدأ ألسنة اللهاب بالانطلاق من كل مكان ) رعد ( مزهواً ) : صُعِقت.. صُعِقت ، فلتكن هذه النيران شرارة المعركة الأولى . ولاء ( باستغراب شديد) : يا إلهي ، إذا كانت هذه النيران ليست سوى شرارة المعركة الأولى ، فما عساه أن يكون حجم المعركة ؟. ( يدخل الضابط لاهثاً ) الضابط ( محيياً ) : سيدي ، لقد انتهت المعركة . رعد ( محتداً ) : بل قد بدأت المعركة أيها الأبله ( يلتفت يمنة ويسرة ) . الضابط : سيدي ، الطريق أصبح جاهزاً للعبور . رعد ( يلوح بيده) : هيا بنا يا رجال . ( يخرجون ) * * *
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأسسة الطائفية في سورية
-
شيوخ الإرهاب في دمشق
-
الديكتاتور 15 ( الحِداد )
-
الديكتاتور 14 ( الانقلاب )
-
الديكتاتور 13 (صحوة الزعيم)
-
نقد رعاعية النظام السوري
-
الديكتاتور 12 (معسكر الجيش)
-
هيثم المالح ... الحق لا يوهن الأمة
-
الديكتاتور 11 (المؤامرة)
-
الإسلام بين الاستبداد والديمقراطية
-
الديكتاتور 10 (مرض الزعيم)
-
الديكتاتور 9 ( المواجهة )
-
النظام السوري : القمع خبز الثورة
-
الديكتاتور 8 (الاستعداد للمواجهة)
-
إخوانية حماس : عبث الإسلام السياسي
-
الديكتاتور 7 ( المعارضة )
-
الديكتاتور6 ( القصر- مكتب الزعيم )
-
الديكتاتور 5 ( منتدى العدالة )
-
ماركس والاعتراف بمحمد
-
الديكتاتور 4 ( قمع الصحافة )
المزيد.....
-
فيودور دوستويفسكي.. من مهندس عسكري إلى أشهر الأدباء الروس
-
مصمم أزياء سعودي يهاجم فنانة مصرية شهيرة ويكشف ما فعلت (صور)
...
-
بالمزاح وضحكات الجمهور.. ترامب ينقذ نفسه من موقف محرج على ال
...
-
الإعلان الأول ضرب نار.. مسلسل المتوحش الحلقة 35 مترجم باللغة
...
-
مهرجان كان: -وداعا جوليا- السوداني يتوج بجائزة أفضل فيلم عرب
...
-
على وقع صوت الضحك.. شاهد كيف سخر ممثل كوميدي من ترامب ومحاكم
...
-
من جيمس بوند إلى بوليوود: الطبيعة السويسرية في السينما العال
...
-
تحرير القدس قادم.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25.. مواع
...
-
البعثة الأممية في ليبيا تعرب عن قلقها العميق إزاء اختفاء عضو
...
-
مسلسل روسي أرجنتيني مشترك يعرض في مهرجان المسلسلات السينمائي
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|