أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - انقلاب فتحاوي فاشل















المزيد.....

انقلاب فتحاوي فاشل


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 1936 - 2007 / 6 / 4 - 11:25
المحور: القضية الفلسطينية
    


الانسحاب الاسرائيلي من غزة عقّد الوضع، وجعل اسرائيل بحاجة لحماس لادارة الشؤون المدنية لاكثر من مليون فلسطيني، اكثر مما هي حماس بحاجة لاسرائيل. واذا لم تشأ اسرائيل ان تعود غزة لتصبح جزءا من تل ابيب، فسيكون عليها التوقف عن تدبير الانقلابات من خلال دحلان وامثاله، وان تعترف بانه لا حل دون حماس.

يعقوب بن افرات

من اليوم الاول لإبرام اتفاق مكة في 9 شباط الماضي بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، حذّرنا ان الاتفاق هش سياسيا، وانه مجرد هدنة بين الطرفين لن تصمد طويلا، بسبب فقدان الاساس السياسي المتعلق بالموقف من شروط اللجنة الرباعية التي تنص على الاعتراف باسرائيل وبالاتفاقات الموقعة معها ونبذ العنف، كشرط لازالة الحصار الذي شل حكومة حماس وقاد للاقتتال الداخلي. (راجع الصبار، شباط 2007). ولم نكن وحدنا في هذا الموقف من الاتفاق الذي تفجر بعد شهرين فقط من توقيعه لتعود المعارك الدموية الى شوارع غزة من جديد.

في صلب اتفاق مكة كان تشكيل حكومة وحدة وطنية، هدفها الاساسي فك الحصار المالي عن حكومة اسماعيل هنية. الطريق الى ذلك كانت من خلال تعيين وزراء امثال وزير المالية سلام فياض ووزير الاعلام مصطفى البرغوثي، المقبولين على الدول المانحة. غير ان هذه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تصر على التزام حماس بشروط الرباعية. وحماس من جانبها تصر على عدم الاعتراف بإسرائيل، وتكتفي باحترام الاتفاقات الموقعة معها دون الالتزام بها، في محاولة للالتفاف على هذه الشروط.

حكومة الوحدة التي تشكلت بعد شهر من المداولات، كشفت عن خلافات عميقة بين فتح وحماس. فقد ازيل الحصار عن عدد من الوزراء، بينما بقي رئيس الحكومة هنية ووزراء حماس رهن العزلة. الموقف الامريكي والاسرائيلي رفض الاعتراف باتفاق مكة، وتم تسريب عدة انباء عن عدم ارتياح امريكي لقيام الملك السعودي برعاية الاتفاق. وتبين ايضا ان الحصار على حماس اشتد، في الوقت الذي كانت فيه العواصم الاوروبية والعربية تستقبل الوزراء الفتحاويين، وتوصد ابوابها في وجه رئيس الحكومة هنية.



البعد الاقليمي وبذور الانفجار

اتفاق مكة كان حلا وسطا بين طرفين مختلفين في كل شيء تقريبا. فقد توخّت حماس من الاتفاق ان يمنحها شرعية دولية وعربية، دون ان تضطر لتقديم تنازلات جوهرية في مواقفها؛ اما فتح وحلفاؤها من الاوروبيين والدول العربية، فقد رأوا في الاتفاق اطارا عاما يتم من خلاله استدراج حماس نحو مواقف اكثر مرونة، ودفعها لملاءمة نفسها لشروط الدول المانحة، وافساح المجال امام ابو مازن للتفاوض مع اسرائيل دون معارضة.

البعد الاقليمي كان حاسما في الوصول للاتفاق. فحماس وصلت الاتفاق كجزء من تحرك المحور الذي تنتمي اليه بقيادة ايران وسورية. وقد سعت ايران وسورية للتقرب من السعودية للوصول الى انفراج معين في المنطقة، والتقليل من حدة المواجهة المباشرة معها في الشؤون المتعلقة بامن الخليج الذي تزعزع على ضوء الحرب العراقية والتسلح النووي الايراني من جهة، واضطراب الساحة اللبنانية من جهة اخرى. وكنا قد علّقنا على الطابع الاقليمي للاتفاق في نفس العدد من "الصبّار"، حيث قلنا:

"ان مصير الفلسطينيين لن يُحسَم بعد اليوم في غزة ورام الله، بل في الرياض وطهران. واذا لم تتفق امريكا وايران على صيغة حول مصير العراق، او اذا توتر الحال في لبنان بين الحريري المدعوم امريكيا ونصر الله المدعوم ايرانيا، فقد تشتعل النار الداخلية في غزة ايضا". القرار الامريكي تقديم مشروع قرار حول المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري الى مجلس الامن، رغم المعارضة الشديدة من حزب الله ودمشق، الامر الذي يشكل ارضية خصبة لانفجارات في المناطق الفلسطينية.



لماذا انفجر الاتفاق؟

رغم اتهامات السلطة الفلسطينية لحماس بالتسبب في تفجير الوضع، الا ان الحقيقة ان فتح وحلفاءها الاسرائيليين والعرب والاجانب، قد بذلوا ما بوسعهم لحشر حماس في الزاوية، حتى لم تعد امامها خيارات كثيرة. ومنذ بداية هذا التحرك حذّرت حماس اكثر من مرة، بان فتح تستعد لانقلاب عسكري في غزة، وانها لن تدخر جهدا لاحباط المؤامرة. وكانت الشرارة التي أشعلت فتيل المعركة استقالة وزير الداخلية هاني القواسمي بعد قيام فتح بنشر قواتها الامنية المختلفة في شوارع غزة ورفض اخضاعها لاوامره.

في مقال نشر في صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية، يصف فهمي هويدي اسباب الاقتتال الداخلي في مقال بعنوان "مقدمات انفجار الوضع الفلسطيني". يضع الكاتب اللائمة على ابو مازن مباشرة، بينما يبرئ حماس من المسؤولية ويرى انها ردت دفاعا عن النفس. في مقدمة المقال يشير هويدي الى "تسريبات بان الامر سوف يُحسم في شهر يوليو (تموز) المقبل بعد ان تستكمل الحركة (اي فتح) ترتيب اوضاعها، سواء فيما يخص كميات السلاح او عودة المجموعات التي تتدرب في الخارج". وتبدو الاشارة الى القوة المقاتلة من فتح التي يصل عددها الى 500، والتي اخذت مصر على عاتقها مسؤولية تدريبهم في اراضيها بتمويل امريكي.

ويفيد المقال انه بعد ان تم اتفاق على تعيين هاني القواسمي وزيرا للداخلية، "فاجأ ابو مازن الجميع بقرارين اثارا الدهشة، وكانا مناقضين لروح الاتفاق، الاول انه استحدث منصب مدير الامن الداخلي، وعيّن له احد رجاله، وهو رشيد ابو شباك رغم ان القانون الاساسي الفلسطيني ينص على ان وزير الداخلية هو قائد الاجهزة الامنية. القرار الثاني انه اصدر قرارا بتعيين محمد دحلان مستشارا للامن القومي، الذي يتهمه البعض بانه المسؤول عن الفلتان الامني في القطاع، وانه احد خصوم الشرسين لحركة حماس. لم تكن هذه الخطوة مجافية لروح اتفاق مكة فحسب، وانما كانت مخالفة للقانون ايضا، لان دحلان نائب في المجلس التشريعي ولا يجوز له ان يجمع بين وظيفته كنائب يفترض ان يراقب اداء الجهاز التنفيذي".

ويكشف الكاتب عن مزيد من اختراقات ابو مازن لروح اتفاق مكة، اذ يكتب: "حين جرى التفاهم بين ابو مازن وهنية لتخفيف الحصار الذي تفرضه قيادات الامن الفتحاوية على وزير الداخلية، وعد رئيس السلطة بإبعاد مدير الشرطة، العميد علاء حسني، على ان يشغل مكانه محافظ نابلس، كمال الشيخ. ولكن ابو مازن لا يزال يماطل في تنفيذ الاتفاق وظل الرجل في مكانه متحديا الوزير ورئيس الوزراء". ويضيف الكاتب، ان فتح عملت على عرقلة عمل القواسمي عندما انتشرت بشكل "مفاجئ في شوارع غزة قوات مختلفة من الامن الوطني والمخابرات العامة والامن الوقائي في يوم الخميس 10 مايو (ايار)، وكلها اجهزة تابعة للرئاسة، الامر الذي ادى الى اصطدامها مع القوة التنفيذية التابعة لحماس".



مسؤولية الطرفين

هذه المعلومات تدل على ان الاتفاق بين فتح وحماس وصل الى طريق مسدود. والواقع ان كلا الطرفين يتحملان مسؤولية التدهور الخطير الحاصل في قطاع غزة. فالمشكلة سياسية بالاساس، والفجوة بين الموقفين السياسيين للحركتين عميقة بدرجة لا يمكن جسرها: موقف يرى في المحور الامريكي-الاسرائيلي سندا اساسيا لحل القضية الفلسطينية؛ وموقف ديني اصولي يرى في المقاومة الحل الوحيد، ويتجاهل الظرف السياسي الراهن الذي يشهد من جهة معارضة شديدة من الدول العربية المؤثرة في المنطقة، ومن اوروبا وامريكا، ويشهد من جهة اخرى انقساما فلسطينيا عميقا حول سبل مواجهة الاحتلال.

لقد اوضحت حماس استعدادها لتفجير الوضع برمته من خلال اسقاط السلطة، اذا لم تُمنح امكانية الحكم بموجب القرار الديموقراطي الذي تمخضت عنه الانتخابات التشريعية. ولكن الحقيقة التي تتجاهلها حماس، هي ان هذه الانتخابات أُجريت على اساس اتفاق اوسلو الذي ترفض حماس الالتزام به، مما يسبب الحصار الدولي والعربي السياسي. وهو المنطق نفسه بالنسبة لموضوع الحصار المالي، اذ تريد حماس المنح التي تم اقرارها على اساس الاتفاقات التي ترفضها.

اما فتح التي جلبت السلطة الفلسطينية للاراضي المحتلة بفعل توقيع رئيسها الراحل ياسر عرفات على اتفاقات اوسلو، والتي تحظى لذلك بدعم اسرائيلي وامريكي وعربي واسع جدا، فلا ترى اي سبب يجعلها تتنازل عما تعتقد انه احتكار لها، اي السلطة، غير آبهة بقرار الشعب في الانتخابات الاخيرة.

ولاثبات جديتها فيما تصرح عنه، كسرت حماس الهدنة واعلنت جبهة مفتوحة مع اسرائيل، بالاضافة للجبهة الداخلية مع فتح، لتضع بذلك جميع الاطراف امام خيار صعب. فاذا دخلت اسرائيل الى غزة ستحوّلها الى ساحة قتال دامية، مما قد يُعيد الاحتلال الاسرائيلي لغزة، وبذلك لا يبقى من السلطة الا ذكرى مريرة لتحرر كاذب. البديل لهذا السيناريو الذي لا تحبّذه فتح واسرائيل، هو العودة لاتفاق مكة وازالة الحصار عن رئيس الحكومة، اسماعيل هنية. حماس وضعت كل الاوراق على الطاولة، وعلى اسرائيل وابو مازن ان يقررا ماذا يريدان، لانهما الطرف الذي لديه ما يخسره، اكثر مما لدى حماس.

بصرف النظر عن نتائج هذه الجولة من الاشتباكات، فالمؤكد هو ان الانسحاب الاسرائيلي من غزة الذي كان المفروض ان ينقذها من تحمل العبء عن اكثر من مليون فلسطيني يعيشون في بؤس وفقر، قد فاقم الوضع وعقّده. فقد صارت اسرائيل متعلقة بحماس التي انتقلت اليها مهمة "ادارة" القطاع مدنيا، وهي لذلك بحاجة اليها اكثر مما هي حماس بحاجة لاسرائيل. واذا لم تشأ اسرائيل ان تعود غزة لتصبح جزءا من تل ابيب، فسيكون عليها التوقف عن تدبير الانقلابات من خلال دحلان وامثاله، وان تعترف بانه لا حل دون حماس.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاول من ايار - حق العمال اولا
- السياسة الامريكية تصحح مسارها
- زلزال سياسي يزعزع مكانة بوش
- انقلاب سياسي محتمل في امريكا
- حرب بوش الخاسرة
- حرب جديدة لماذا؟
- فتح - حماس: صراع على السلطة
- عنوان سياسي للعمال
- حزب دعم العمالي - لماذا الآن؟
- شارون يورّث حكمه لاولمارت
- كاديما: اجماع اسرائيلي جديد
- باريس تشتعل مرة اخرى
- حرب اهلية فلسطينية على الابواب
- كاترينا تعصف بشعبية بوش
- نشوء وسقوط الامبراطورية الرأسمالية
- شارون يرسم الحدود وحده
- شرق اوسط جديد؟
- امريكا:مجتمع المُلكية ينقلب على دولة الرفاه
- هبوط الدولار يهز العالم
- الانتخابات الامريكية الدين يلعب لصالح بوش


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب بن افرات - انقلاب فتحاوي فاشل