أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - السلطة والثروة في الصراع السياسي















المزيد.....

السلطة والثروة في الصراع السياسي


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 11:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يجر بعد تقييم علمي جاد لتشكل النظام السوري وتطوره ، لاسيما ما يتعلق بدور السلطة في تحول أهله وحلفائه من الطبقة الوسطى ومادون إلى الطبقة الرأسمالية ، وبدورها في إعادة تشكل الطبقة الرأسمالية والبنية الاجتماعية تحت سيطرته ولمصلحته . وبقيت مقاربة هذا الجانب الأهم في مكونات النظام بحدود الفضيحة والإثارة والتحريض ، وحصر ذلك بإطار سوء ا ستغلال الدولة ومؤسساتها وسرقة المال العام والفساد . ولم يجر الربط الجدلي بين الثروة والسلطة في سياق التفسير من أجل التغيير على أسس " عادلة " على الصعد كافة ، وخاصة على الصعيدين السياسي والاجتماعي . ولم تكشف آليات الثروة السلطوية وكيفية نموها وتوزعها وحقيقة دور السلطة في خلق مناخات الامتيازات والتراكمات وتوزع الناتج الاجمالي الوطني
معظم ما جرى من محاولات في هذا الاتجاه هو ما جاء في بيانات وطروحات قوى معارضة تضمر التوجه للفصل بين الثروة والسلطة ، وفصل السياسة عن التطور الاجتماعي ، وفصل الرغيف عن الحرية ، وخاصة تلك الطروحات الداعية إلى " المصالحة الوطنية " و " المشاركة في السلطة " تحت سقف النظام بعد تعقيمه من حالة الطواريء والأحكام العرفية . وقد انعكس ذلك في عدم أخذ البعد الاجتماعي مساره الصحيح في بلورة برنامج موحد لقوى التغيير الديمقراطي ، وانعكس بالتالي ، في عدم الوضوح أن تتم لاحقاً إعادة بناء البلاد وفق معايير العدالة الديمقراطية الإنسانية . الأمر اللافت في هذا الإلتباس أنه لايتأتى من مجرد تعددية في وجهات نظر ، وإنما من الحرص على بقاء الصراع محصوراً بالطبقة الاقتصادية ذاتها ، سواء عبر تسوية سياسية تعيد اقتسام السلطة والثروة ، أو عبر تبادل قسري للمواقع بين ضفتي الصراع ، لتبقى هذه الطبقة مسيطرة ، مع شركائها في الخارج ، على الطبقات الشعبية وعلى مسارات تطور المجتمع لصالحها في المستقبل

بكلام آخر ، إذا ماربط و’علل ثراء أهل النظام بالسلطة التي يحتكرونها ، فإن هذا يعني أن السلطة ولاّدة الثروة أو واسطتها ، ويدخل في مضمون التغيير الديمقراطي حق كل الطبقات والفئات الاجتماعية في السلطة .. وتبرز حقوقها في عائد توظيف السلطة ديمقراطياً ، وهذا في مصلحة الطبقات الشعبية إذا احترمت الديمقراطية حقاً . وما جرى في بلدان أمريكا اللاتينية في السنوات الأخيرة يبشربذلك . سياسياً ، يعني ذلك أيضاً ، أن الطبقات الشعبية لها الحق في إعداد آلياتها السياسية لحماية وتوسيع حقوقها . وهذا ما يستدعي تجاوز ومرحلة الدور النخبوي في حراك التغيير الديمقراطي ، ودمقرطته ، إن في العلاقة بين جهات الحراك المتعددة ، أو في العلاقة مع الطبقات الشعبية سياسياً وبرنامجياً وحركياً . بمعنى تطوير هذا الحراك وتعميقه وتعزيزه بما يفتح الآمال المبشرة أمام كل أبناء المجتمع

وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى أنه ، ليس من المنطق ومن العدالة بشيء ، أن يعتبر حنين قطاع من البورجوازية ، صغر أم كبر ، إلى زمان الوصل بالسلطة أيام شكري بك القوتلي وخالد بك العظم ورشدي بك الكيخيا ، وا سقاطه على هذا الزمن الرديء ، والقبول باقتصاد السوق والتجارة الدولية الحرة والخصخصة على كل الصعد ما يفضي علمياً وعملياً إلى تعميق وتوسيع الفقر والآلام الاجتماعية بالنسبة للأكثرية الساحقة من الشعب ، أن يعتبر فعل سوي وسليم ، وحنين الطبقات الشعبية إلى اليسار السياسي والحركة النقابية المكافحة للدفاع عن حقوقها ومصالحها ، والتمسك بحلمها الاشتراكي الإنساني لتتحرر من الاستغلال بواسطة الديمقراطية ، يعتبر فعل منحرف وخاطيء . خاصة إذا عدنا بالذاكرة وعرفنا ، أن أسلاف هذه البورجوازية كانوا عريقين جداً في لعبة السلطة والثروة ولم يكونوا يمارسون الحكم هواية أو في سبيل الله . وللعلم ، شكري بك القوتلي رئيس الجمهورية السورية أكثر من مرة ، كان أحد خمسة من مالكي الشركة الخماسية العملاقة للمنسوجات بدمشق وشريكاً في شركات عدة في سوريا ومصر ، ورشدي بك الكيخيا رئيس حزب الشعب ، الذي تداول حكم سوريا مع قرينه الحزب الوطني ، كان ملك زيت الزيتون في سوريا ، وخالد بك العظم رئيس وزراء ووزير مرات عدة ، كان إقطاعياً كبيراً لايعرف أين تبدأ وأين تنتهي حدود أملاكه المتنوعة . وكان الصراع بين الحزبين الوطني والشعب وكبار الصناعيين والتجار على السلطة ، هو في جوهره وعلى المكشوف ، من أجل تحويل مجاري الثروة إلى خزائن سادتها تارة هؤلاء وتارة أولئك

التقاطع اللافت بين مجتمع البكوات سابقاً ومجتمع رفاق الحزب القائد الآن هو ، أن البكوات صنعوا الدولة السورية ، ثم لما أرادوا احتكارها مع عوائدها من الثروة على حساب الطبقات الشعبية خسروها . ورفاق الحزب القائد ا ستولوا على الدولة وأعادوا بناءها على مقاس مصالحهم ، ولأنهم احتكروها على حساب الطبقات الشعبية أيضاً خسروها سياسياً وأخلاقياً الآن وغداً سيخسرونها كلية

على ضوء ذلك ، يتضح أكثر فأكثر ، لماذا كاد الحراك من أجل " التغيير الديمقراطي " أن يكون مقتصراً على النخب الثقافية والسياسية ، ولماذا كاد أن يكون غير وارد لدى هذه النخب وضع مسألة جذب الطبقات الشعبية إلى هذا الحرا ك ، ولماذا ماهو مطلوب من قبل الطبقات الشعبية غير وارد في برامجها ، بل إنه خارج محددات آني ولاحق وخارج ترتيب أولويات ومراحل ، ولماذا قوى التغيير ليست موحدة .. وليست قادرة على الحسم ، ويراهن بعضها على مفاعيل الخارج في التغيير . كما يتضح نتيجة لذلك وجود مفهومين متوازيين للتغيير الديمقراطي في البلاد
أولهما ، المطروح من قبل معظم النخب الثقافية والسياسية .. وهو التغيير ضمن إطار النظام الاجتماعي القائم مع بعض التحسينات عليه . لاخلاف جذري بينها وبين النظام حول اقتصاد السوق والارتباط بالتجارة العالمية الحرة ومقتضياتها تصفية القطاع العام وخصخصة شاملة لمؤسسات الدولة الانتاجاية والمرفقية والخدماتية ، بل الخلاف حول أسلوب الحكم . والمطلوب إحداث نقلة في شكله من ا ستبدادي إلى ديمقراطي ليبرالي ، يتيح المشاركة في السلطة و " تداولها " عبر صناديق الاقتراع . أي الانتقال بالنظام السياسي الاجتماعي من قطبية الحزب الواحد القائد إلى قطبية حزبية متعددة ، تمارس وتتداول السلطة فيه أطراف من نسيج واحد ، دون أن يخل ذلك بالاستقطاب السياسي الاجتماعي القائم على طبقتين .. طبقة مالكة للثروة والسلطة .. وطبقة ( طبقات شعبية ) محرومة من الثروة والسلطة
وثانيهما ، هو مفهوم الطبقات الشعبية ، الذي يتجاوز النظام السياسي الاجتماعي القائم برؤية طموحة مشروعة لتحقيق نظام اجتماعي سياسي مغاير ، تتوفر فيه الديمقراطية بكافة أبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وتكون منفتحة على آفاق أكثر عدالة وإنسانية . أي أنه على نقيض الاستبداد السياسي والاقتصادي معاً ، ما يضعه بالمطلق على نقيض أيضاً مع اقتصاد السوق والتجارة العالمية الحرة وتصفية القطاع العام وخصخصة مؤسسات الدولة الانتاجية والمرفقية والخدماتية وحرمان الطبقات الشعبية من الدعم الحكومي لمتطلباتها المعيشية والصحية والتعليمية

وتأسيساً على ذلك ، حتى تتمكن قوى التغيير الديمقراطي من التخلص من حالتها الراهنة ، والانتقال إلى حالة أكثر معافاة وقدرة ، ينبغي أن تتجاوز مرحلة النخبوية في حراكها ، وتتجاوز مرحلو تعدد المفاهيم ، وذلك من خلال إعادة قراءة علمية شاملة للتناقض الأساس بين النظام والغالبية الساحقة من الشعب ، ومن خلال زيادة وتوسيع القواسم المشتركة بين مختلف قوى التغيير السياسية والاجتماعية . مع الأخذ بعين الاعتبار ، أن العلاقة بين الثروة والسلطة هي علاقة أزلية ، وستستمر طالما ظل المجتمع مقسماً إلى طبقات . وستواصل عمليات التمايز والصراعلت الاجتماعية دورها في صنع السياسة وآليات السياسة ، التي تعبر عن مصالح القوى المتصارعة ، وسيتواصل وجود اليمين واليسار والتطرف والعقلانية .. ألخ .. لكن عندما نختار مجتمع الديمقراطية الكاملة وسيلة للحوار والاختيار والقرار بديلاً لمجتمع البكوات ومجتمع رفاق الحزب القائد ، فإننا نتجاوز الاستبداد والحرمان .. ونتجاوز سلبيات جدلية الثروة والسلطة .. ونسلك الدروب الصحيحة



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجمع اليساري الماركسي ( تيم ) مابين التكامل والتمايز
- خوفاً من ألاّ يفوز الرئيس المرشح للرئاسة
- سوريا إلى أين في المنعطفات الإقليمية الجديدة .. ؟
- في الأول من أيار .. عيد العمال العالمي
- أبطال الحرية .. سلاماً مع الاعتذار
- قمة ملتبسة لأنظمة مهزومة
- العودة إلى الشعب
- شعب جدير بالحرية والنصر
- حس المسؤولية الضائع .. الانتخابات مجدداً
- معك ياأم الكون في يومك العالمي
- في التعذيب .. وضحايا التعذيب
- دروب الضياع والتدمير الذاتي
- التهريب في التهريب .. المازوت مثلاً
- الميز السياسي والاستحقاقات الانتخابية
- حتى يكون مجلس الشعب برلماناً .. سلطة تشريعية
- سلطان أبا زيد .. شهيدا
- العبثية الاقتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 2
- العبثية الافتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 1
- حول أثرياء حرب اقتصاد الفساد
- خلفيات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بدر الدين شنن - السلطة والثروة في الصراع السياسي