أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - إدريس ولد القابلة - قانون الإرهاب السيئ الصيت مهندسه ومدبره فؤاد عالي الهمة















المزيد.....


قانون الإرهاب السيئ الصيت مهندسه ومدبره فؤاد عالي الهمة


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 1897 - 2007 / 4 / 26 - 11:20
المحور: مقابلات و حوارات
    


قانون الإرهاب السيئ الصيت مهندسه ومدبره فؤاد عالي الهمة
حوار مع بوبكر انغير / ناشط حقوقي

يقر بوبكر أنغير أن المحصلة العامة تفيد أنه لا فرق بين نهج فؤاد عالي الهمة وإدريس البصري في تدبير الملف الأمني، بل يعتبر أن الأول اكتفى بتتميم سياسة سلفه، أجرينا معه الحوار التالي لكشف مرتكزات هذا الطرح ودوافعه.

- في عهد الملك الحسن الثاني، كان إدريس البصري، الرجل الثاني بالمملكة ورجل ثقة الملك والمدبر للملفات الكبرى، فهل يقوم فؤاد عالي الهمة بنفس الدور ويحتل نفس الموقع حاليا؟
+ من الصعب جدا أن تخلق السياسة المغربية رجلا من طينة إدريس البصري، لأنه كان استثنائيا في قمعه للمعارضة السياسية بنفس قسوته على أنصار وأتباع النظام القديم، الذين يخشى ان يصلوا إلى الحسن الثاني بدون واسطته، لذا راكم إدريس البصري عداوات من الطرفين، وحكم بالدسيسة والحيلة والقوة طيلة ثلاثين سنة، وخلق دولة داخل دولة قوامها الفساد والزبونية، وميع الحياة السياسية وأباح جميع المحرمات السياسية من شراء الذمم في الانتخابات وفي الملفات السياسية كما قمع الانتفاضات السلمية بالرصاص وهو صاحب مقولة شهداء الكوميرة، وكان لا يعير للإنسان قيمة او منزلة، كما راكم ثروات كبيرة عن طريق النهب والتسلط بطرق مباشرة او عن طريق عائلته او الولاة الذين كان يعينهم بالطبع مقابل الخضوع واقتسام خيرات الأقاليم والجهات، إدريس البصري بالنسبة للمرحوم الحسن الثاني كالحجاج بالنسبة لعبد الملك بن مروان أي صاحب المهام الصعبة والآثمة في نفس الوقت.
لابد من الإشارة إلى أن علاقة إدريس البصري بفؤاد عالي الهمة علاقة متوترة ويطبعها نوع من إحساس إدريس البصري بأن عالي الهمة نسي ونكر جميله وانقلب عليه وألح على صديقه الملك محمد السادس بضرورة تنحيته، لذلك يمكن تلخيص التوتر بينهما بأنه تنافس على من يكسب رضا الملك محمد السادس، ودليل ذلك التصريحات المتكررة للوزير السابق إدريس البصري في عدد من الجرائد الدولية والتي عبر فيها عن خشيته من كون الملكية بالمغرب مهددة، ببساطة لأن الملك يعتمد على مستشارين ورجالات دولة بدون خبرة كبيرة، ولسان حاله يقول إذا أردتم يا صاحب الجلالة ان تقوي الملكية فلا بد من رجل قوي يخشاه المغاربة وهو بالطبع إدريس البصري.. فؤاد عالي الهمة، وزير الداخلية المغربي الحقيقي الآن، لا يمكن مقارنته بإدريس البصري لسببين رئيسيين في اعتقادي: السبب الأول : فؤاد عالي الهمة رجل يعمل في إطار مجموعة يمكن تسميتها بالحكومة المصغرة الحقيقية التي تحكم البلاد، لذلك فهو يتمتع بصلاحيات أمنية وسياسية، صحيح انها واسعة لكنها ليست مطلقة كالتي كانت لسلفه، فتواجد مستشارين مخضرمين ورجال دولة كبار مقربين من الملك محمد السادس ومؤثرين في القرار الاقتصادي الوطني والدولي، يجعل مهمة استفراد عالي الهمة بالقرارات المصيرية أمرا خاضعا للتوافق والتراضي، لاسيما ان الأوضاع الدولية والإقليمية الجديدة في العالم والمتمثلة أساسا في انبعاث دعوات الإصلاح السياسي والانفتاح الإعلامي والسياسي للمغرب المفروض بفعل الفتوحات التكنولوجية والإعلامية، صعبت من مهام التحكم السياسي المطلق لوزارات الداخلية في العالم كما كان قائما قبل ذلك في العقود الماضية، إذ أن تطور النضال الحقوقي العالمي وازدياد دور حقوق الإنسان صعب من مهام القمع والتنكيل بالمعارضين بطريقة مباشرة سافرة، لذا نجد فؤاد عالي الهمة ينهج منهجا انفتاحيا وبالطبع من تحت الطاولة مع مجموعة من مدراء الصحف الوطنية والدولية، وذلك فيما يمكن تسميته بالتحكم غير المعلن في وسائل الإعلام، عكس إدريس البصري الذي كان لا يتوانى لحظة في سجن الصحفيين مباشرة، كما ان فؤاد عالي الهمة يمارس ما يمكن تسميته بالتحكم في الخريطة السياسية عن طريق الولاة والعمال، الذين لا يختلفون في مجملهم عن ممارسات الولاة السابقين في النهب المالي لخيرات البلاد عبر صفقات لا تحترم المعايير او عبر الضغط على الجماعات المحلية والبلديات للحصول على حصص مالية من المشاريع التنموية والبنيات التحتية عن طريق المقاولين مباشرة او عن طريق سماسرة مكلفين بذلك. كما انه يتحكم في كثير من القيادات السياسية الحزبية والجمعوية في بلادنا عبر طرق واساليب مختلفة، وبطرق لبقة وديبلوماسية كالدعم المالي للأحزاب او تقسيم الدوائر الانتخابية بين الأحزاب ومنع أخرى من الترشح في دوائر اخرى، والغرض الاساسي هو ان يحصل الجميع على الكعكة السياسية البرلمانية بدون ان يتمكن أي طرف من الاستحوإذ عليها او ان يفكر في الاستغناء عن الآخرين، فؤاد عالي الهمة يريد ان تتمثل جميع الأحزاب في البرلمان والجماعات والبلديات لكن دون ان يحكم أي حزب بمفرده لتسهيل عملية التحكم السياسي.
السبب الثاني : فؤاد عالي الهمة ورث تجربة ما سمي بالتناوب التوافقي أي ان احزاب الكتلة الديموقراطية وصلت إلى دفة التدبير الحكومي، وحرص الملك محمد السادس على انجاحها وقطع الطريق أمام الخيارات السياسية الاخرى وخاصة الخيار الاسلامي، فرض على مهندس النظام السياسي، أي فؤاد عالي الهمة، تغيير منهجية التحكم أي الانتقال من التحكم البصروي المباشر والسافر إلى التدخل المبرمج والناعم والذي يفرض تنازلات غير استراتيجية لكنها ذات وقع نفسي مهم لفائدة الأحزاب التقليدية.
اجمالا يمكن اعتبار سجل فؤاد عالي الهمة أفضل من سجل سابقه إدريس البصري .لكن هذا القول لا يمنع بأن لفؤاد عالي الهمة أخطاؤه وتجاوزاته في ميدان حقوق الإنسان، خصوصا اثناء الأحداث الإرهابية التي عرفها المغرب في ماي 2003 والتي عرفت صدور قانون الإرهاب السئ الصيت والذي ارغمت كل التنظيمات السياسية على مباركته والذي كان مهندسه ومدبره هو فؤاد عالي الهمة، وهو قانون كما تعلمون ضَيَّق على الحريات وسمح بتجاوزات خطيرة في ميدان حقوق الإنسان.
- ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين نهج وأسلوب التعامل والتعاطي مع الملفات الكبرى بين فؤاد عالي الهمة وإدريس البصري؟ وهل الأول كرس استمرار أسلوب سلفه؟
+ أسلوب عالي الهمة في تدبير الملفات الكبرى بالمغرب لا يختلف بشكل جذري عن سلفه إدريس البصري، إذ كلاهما يعتمد بشكل كبير على المقاربة الأمنية القمعية ويستبعد المقاربة البيداغوجية الديبلوماسية التي تبحث في عمق الاشكالات ودواعيها الباطنية، فلنأخذ على سبيل المثال لا الحصر ثلاث قضايا ولنقارن كيف تعامل معها الاثنان، سنجد بدون عناء كبير أن هناك تطابقا في الأسلوب: القضية الأولى : الانتخابات، بحيث يعلم الجميع في المغرب ان جميع الانتخابات التي اشرف عليها إدريس البصري كانت مزورة ومباركة في دهاليز وزارة الداخلية، كما انه اشرف بنفسه على تأسيس عدة احزاب معروفة سميت انذاك بالأحزاب الإدارية ومنها من تأسس قبيل الانتخابات وحصد مقاعد اكثر من تلك الأحزاب التي عملت في المجال السياسي لمدة عقود، كما ان تزوير النتائج كان بطرق مباشرة وملموسة وواضحة للعيان، نفس المقاربة ولو باختلاف في التفاصيل اعتمدها فؤاد عالي الهمة، إذ ان انتخابات 2002 عرفت صنع احزاب جديدة كما عرفت منع احزاب اخرى من تغطية جميع الدوائر الانتخابية، كما عرفت النتائج تأخيرا في اعلان النتائج غير مسبوق في الحياة السياسية، وكان هذا التأخير برأي معظم المراقبين مشكوكا في امره، كما ان نتائج اللائحة الوطنية عرفت تلاعبات خطيرة، فضّلت بعض الأحزاب السكوت عنها درءا لانتقام وزارة الداخلية، اما استعمال الاموال في شراء اصوات الناخبين فكانت ظاهرة لافتة وواقعة لا غبار عليها في انتخابات 2002. اما انتخابات ثلث مجلس المستشارين لسنة 2006 فكانت الفضيحة التي ندد بها الجميع بما فيهم ملك البلاد، أثبتت من جديد أن لا جديد في مقاربة وزارة الداخلية بين إدريس البصري وفؤاد عالي الهمة لقضية الانتخابات، إذ ان استمرار حرمان الشعب المغربي من حقه في تقرير مصيره السياسي عبر اختيار ممثليه بحرية ونزاهة ثابتة بين الجيلين وبين العهدين، رغم بعض الحملات التطهيرية التي قامت بها وزارة العدل لملاحقة بعض المستشارين المتورطين، لكن تبين للجميع لا جدية وزارة العدل او قل للدقة: عدم قدرتها على ملاحقة مجال سيادي خاص بوزارة الداخلية وهو التوازنات السياسية ذات الطابع الأمني، هذه المتابعات القضائية والحملات التطهيرية نفسها التي قام بها إدريس البصري عندما أصدرت بعض الجهات الدولية تقارير حول المخدرات بالمغرب، إذ عمل على استغلال التقرير للإنتقام من عدد من منافسيه الاقتصاديين وبعض السياسيين.
القضية الثانية : الفساد الإداري والمالي والرشوة
لاشك ان وزارة الداخلية في عهد البصري كانت مرتعا خصبا للفساد وللإفساد برأي معظم المختصين الحقوقيين في المغرب وخارجه، إذ يكفي أن نرجع إلى تقرير البنك الدولي لسنة 1993 والذي أشار بوضوح إلى وجود فساد إداري بالمغرب وإلى أن الرشوة تنخر المجتمع المغربي وأوصى بعدة توصيات مهدت لتجربة التناوب التوافقي تلافيا لما يصطلح عليه في حينه بالسكتة القلبية، ربما قد يعتبر تجنيا تخصيص وزارة بعينها بأنها مرتشية او فاسدة لكن هذا الأمر قد يصبح معيبا في البلدان التي تكون فيها الوزارات مستقلة من حيث الاختصاصات والتوجهات بعضها عن بعض، لكن في المغرب يمكن الحديث عن أم الوزارات أو عن الحزب السري حيث ان وزارة الداخلية تؤثر بشكل كبير في القضاء كما تؤثر في مجمل الحياة العامة، لسبب بسيط ان الوزير الأول في المغرب لا يملك صلاحية مراقبة ولا تعيين الولاة بل هي حصرا من اختصاص الملك وبإشراف وزارة الداخلية فقط .فكيف يمكن ان نضمن استقلال القضاء او اصلاحا اداريا في وقت يعتبر فيه الولاة خارج مراقبة الحكومة وباعتبارهم ملوكا صغار يسيرون الأقاليم والجهات بدون رقيب ولا حسيب.
هذا الأمر الذي ألفناه في عهد البصري نفسه مازال ساريا حتى الآن، إذ ان فؤاد عالي الهمة ووزارته احتفظ بأكثر من 50 في المائة من الولاة السابقين كما ان معدلات الرشوة والفساد المالي والإداري متفشية أكثر من الماضي، ويكفي أن نرجع إلى تقرير منظمة ترانسبارنسي انترناسيونال لهذه السنة، لنتأكد من خطورة هذه الظاهرة على الإدارة المغربية بصفة عامة، في الوقت الذي حاكم فيه وعذب وشرد إدريس البصري المعارضة السياسية والحقوقية بسبب إدانتها واستنكارها للفساد والرشوة والمحسوبية، أما في عهد فؤاد عالي الهمة فقد قام هو الآخر بفصل مجموعة من المناضلين الحقوقيين من الذين أعلنوا استنكارهم للفساد والمحسوبية داخل القضاء، من مهامهم، كما وقع مع أصحاب رسالة إلى التاريخ الذين أدوا ثمن رأيهم في التنديد بما يقع في دهاليز المحاكم عندنا في المغرب.
القضية الثالثة هي قضية المخدرات والهجرة السرية:
كان من بين القضايا الخلافية الخطيرة التي تعكر دائما صفو العلاقات المغربية مع الجيران الأوروبيين وخاصة مع إسبانيا، قضيتا المخدرات والهجرة السرية، إذ أن في عهد إدريس البصري كانت الدول الأوروبية تشكو دائما من استمرار إنتاج المغرب للمخدرات وبغطاء رسمي مباشر من طرف وزارة الداخلية في عهد البصري إلى حدود أن هناك تقارير دولية اشارت إلى تورط مسؤولين كبار في الدولة في الاتجار بالمخدرات، كما ان الهجرة السرية كانت كذلك ورقة استعملتها وزارة الداخلية في عهد إدريس البصري من اجل ابتزاز اوروبا وكسب مال بدعوى تقوية جهود محاربة الهجرة السرية، لكن الواقع ان شبكات تهريب البشر تعرف تورطا بصرويا واضحا كما يعرف سكان المناطق الحدودية الشمالية ذلك بشكل جيد، فهل تغير الأمر في عهد فؤاد عالي الهمة؟ يمكن ان نقول بدون أي تردد بأن المغرب مازال اكبر مصدر للمخدرات إلى أوروبا، ودليلنا على ذلك التقرير الذي أعدته جمعية الريف لحقوق الإنسان خلال الاشهر الماضية، كما ان الخبر الذي أوردته بعض الصحف المغربية والمتعلق بسقوط مروحية المانية في مدينة بن سليمان محملة بالمخدرات، يؤكد بأن وزارة الداخلية المغربية في عهد فؤاد عالي الهمة لم تستطع ان تحارب المخدرات ربما بسبب وجود شبكات نافذة تسيرها أو لحسابات أخرى لا نعرفها، المهم أن المخدرات والحشيش أساسا ما يزال المغرب من كبار مصدريه حيث أصبح البعض يتحدث عن البحر الابيض المتحشش.
اما الهجرة السرية فما تزال مقاربة وزارة الداخلية في عهد فؤاد عالي الهمة مرتكزة على المقاربة القمعية التي تنحو في بعض الأحيان منحى التمييز العنصري ضد هجرة الأفارقة الذين يتخذون من المغرب معبرا لهم، إذ أن تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية سبق ان أثارت موضوع سوء المعاملة التي يتعرض لها الأفارقة المهاجرون من طرف قوى الأمن المغربية، كما ان عهد فؤاد عالي الهمة مليء بمؤتمرات حول الهجرة الأورو متوسطية و هجرة الأفارقة، وكلها مؤتمرات لم تغير في واقع الهجرة شيئا رغم الدعم الأوروبي المتواصل لتنمية المناطق المصدرة للهجرة.
هذه القضايا الثلاث وغيرها تثبت ان مقاربة الملفات الكبرى بالمغرب لم تختلف كثيرا عن عهد البصري إلى عهد فؤاد عالي الهمة، إذ ما يزال المغرب يبحث عن بدائل حقيقية لمعالجة القضايا المصيرية والحساسة . نفس الشيء يمكن ان نقوله عن تعامل وزارة الداخلية مع الصحافة الحرة المستقلة وغيرها من القضايا التي بقي التعامل معها مستقرا ولم تتأثر بتغيير الوجوه والتسميات.
- اعتبارا للتطورات التي عرفها المغرب، هل يمكن اعتبار فؤاد عالي الهمة رجل المرحلة، وإلى أي حد يمكن اعتباره "إدريس البصري" العهد الجديد؟
+ كان من المأمول أن يستفيد العهد الجديد من أخطاء سلفه في طريقة تعاطيه مع قضايا الشعب المغربي الا ان استمرار تهميش الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني وتفضيل المقاربة الأمنية في حل القضايا الشائكة، فوت فرصة حقيقية أمام العهد الجديد برموزه كافة وخاصة مهندسه وقائد قاطرته فؤاد عالي الهمة، لكن تراكم الأخطاء السياسية من قبيل قمع الصحافة المستقلة ومحاكمة المبلغين بالفساد وترقية المتهمين، ومنع مسيرات مناهضة غلاء فاتورة المعيشة واستمرار خروقات حقوق الإنسان في السجون وفي مخافر الشرطة من تعذيب وغيره من ضروب المعاملات اللإنسانية يجعل فؤاد عالي الهمة حافظا للوصية القمعية لسلفه وعربونا على ان المغرب الجديد، مغرب الحقوق والحريات لا يزال بعيدا، فكثير من المغاربة أفاقوا من صدمة التناوب وأصبحوا بالفعل مقتنعين بأن مغرب إدريس البصري مازال ساري المفعول.
- في نظركم، هل أحداث سنة 2007، لاسيما "تفجير 11 مارس وتفجيرات 10 مايو"، أظهرت محدودية جدوى نمط تدبير فؤاد عالي الهمة للملفات الكبرى؟
+ التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي ضربت المغرب وضعت من جديد المقاربة الأمنية موضع التساؤل، ففي الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون على ان الوضع الأمني تحت السيطرة وان السلطات الأمنية المغربية تم التنويه بها عالميا نظرا لخبرتها في تجفيف منابع الإرهاب .الا أن هذه الأحداث اكدت من جديد ان التعاطي الأمني القمعي وسياسة المداهمات والاعتقالات والمحاكمات السريعة لا تكفي لوقف زحف الإرهاب المحلي فما بالنا بالعالمي، انما يجب إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنشر العنف والجوع والكراهية، إذ ان الإرهاب ينبت بشكل منطقي انطلاقا من تربة الاقصاء الاجتماعي وغياب العدالة الاجتماعية ومن الاستبداد السياسي وانحصار الآفاق المستقبلية، لذا فمن اراد محاربة الإرهاب عليه بالبحث عن الجذور السوسيولوجية والثقافية وعدم الاقتصار على السطحيات وعلى النتائج.
- من الملفات الكبرى التي يساهم في تدبيرها فؤاد عالي الهمة، ملف الصحراء، حيث هناك من يعتبر أنه تعثر في تدبيره، فما هو تقييمكم بهذا الخصوص؟
+ قضية الصحراء من القضايا الكبرى التي ورثها فؤاد عالي الهمة من الحقبة البصروية، وأظن أن الأخطاء الكبرى التي ارتكبها البصري في تدبيره لهذا الملف مايزال فؤاد عالي الهمة يكررها، وهي في نظري ثلاثة أخطاء أوردها موجزة :
*استمرار التضييق على حرية التعبير على النشطاء الصحراويين، بشكل غير مبرر ولا يخدم الحق المغربي في تحقيق سيادته الكاملة، إذ سجن مثلا الناشط السياسي والحقوقي علي سالم التامك وهو يتأهب للمشاركة في انتخابات 2002، ويمكن ان يعتبر قبوله المشاركة في تلك الانتخابات مؤشرا حقيقيا على امكانية فتح حوار جدي وصريح مع شباب صحراوي نختلف معه في مواقفه، لكن يجب ان نقنعه او على الأقل نحاول ذلك .عكس الحوار هو ما وقع تماما، إذ تم سجن علي سالم التامك وتم ايقاد نار الفتنة من جديد، في السنين الأخيرة كذلك استمر اعتقال ومطاردة وسجن العديد من النشطاء الصحراويين، وأظن أن هذه المقاربة القمعية الموروثة عن العهد البصروي ستزيد التعاطف الدولي والمحلي مع الانفصاليين اكثر مما ستفيد في استئصال واجتثات الطرح الانفصالي.
*استمرار اعتماد وزارة الداخلية على مافيات من الأعيان لا تملك رصيدا شعبيا بل تفرض فرضا، مما يحرم الشباب الصحراوي من التعبير عن آرائه السياسية في مؤسسات منتخبة عبر المشاركة السياسية الحرة ويفوت على الدولة المغربية فرصة إعطاء الأمل للشباب واعطائهم الكلمة والاخذ بيدهم لبناء المستقبل المشترك، إذ أن اطروحة الانفصال المنتشرة لدى شرائح واسعة من الشباب لا يمكن التعاطي معها الا بالمقاربة الديموقراطية الحوارية البناءة لا بفرض مافيات، وأشخاص لا تمثيلية شعبية لهم ولا قدرة لهم على تحقيق بعض من طموحات الشباب في التعليم والصحة والعمل وغيره، انه الخطأ الكبير الذي ارتكبه فؤاد عالي الهمة في تركيبة المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية والذي لا يعترف به اغلب الشباب الصحراوي ولا نخبه المؤثرة.
*انتهج فؤاد عالي الهمة وفريقه المفاوض نفس طريقة سلفه إدريس البصري، إذ احتكر ملف الصحراء واستبعدت الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني من إبداء رأيها في الأمر، كأن الصحراء شأن خاص وليست بقضية وطنية جامعة، ولا يمكن في نظري للمقاربة التي لا تحتمي بالشعب ولا تنبثق منه ان يكتب لها النجاح، إذن ملف الصحراء تم تهريبه إلى الخارج، بدون استشارة ولا مشاورات لمن يهمهم الأمر في المغرب.
عموما، هل تعتبرون أن فؤاد عالي الهمة نجح في مهامه؟
في تقديري المتواضع إن فؤاد عالي الهمة فشل في ارساء معالم سياسة أمنية فعالة تحترم الترابط الجدلي بين الحزم في التعاطي مع الظاهرة الإرهابية ومع احترام حقوق الإنسان، خصوصا وان الأحداث الماضية سجلت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان نددت بها منظمات حقوقية وطنية ودولية كما استنكرها الملك محمد السادس نفسه، خصوصا ما وقع في سجن تمارة وغيره.
اما في ملف الصحراء ففؤاد عالي الهمة لم يتبع المنهجية الديموقراطية القائمة على التشاور مع أبناء الصحراء ومع نخبه ومتنوريه بل اكتفى بتتميم سياسة سلفه إدريس البصري في القمع والتجاهل والاعتماد على القديم المتجدد الذي لن يورث بلادنا سوى الأزمات المتجددة.

حاوره إدريس ولد القابلة
رئيس تحرير أسبوعية المشعل



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منير محمد رشيد / التقدم والاشتراكية
- كيف قمع الحسن الثاني الاحتجاجات؟ الحلقة الثانية
- الشعب المغربي لا يملك القدرة على تغيير حكومته
- كيف قمع الحسن الثاني الاحتجاجات؟ الحلقة الأولى
- حسن أبوعقيل – صحفي
- أحمد رامي / معارض مقيم بالسويد
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الرابعة
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الأخيرة
- ماذا ينتظر المغاربيون من أوروبا؟
- بن لادن يهدد المغرب بالبوليساريو
- قمة عربية وقمة تردي الأوضاع
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الأولى
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الثانية
- كم يكلف البرلمان المغربة؟ الحلقة الثالثة
- من معضلات البرلمان المغربي
- تدبير الأزمات المركبة فن لا يتقنه الجميع
- ماذا عساي أقول ..؟
- عودة الإرهاب إلى المغرب
- الأمير الذي كاد أن يصبح ملكا الحلقة الأولى
- الأمير الذي كاد أن يصبح ملكا الحلقة الثانية


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي بعد إعلان إحباط مؤامرة ...
- الرئيس الصيني يعتبر زيارة المجر فرصة لنقل الشراكة الاستراتيج ...
- جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا عالميا لمناهضة -الفصل العنصري الإ ...
- الاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة ويعتقل طلبة بنابلس
- بعد اكتشاف بقايا فئران.. سحب 100 ألف علبة من شرائح الخبز في ...
- رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا ...
- مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ ...
- ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي ...
- -توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال ...
- فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - إدريس ولد القابلة - قانون الإرهاب السيئ الصيت مهندسه ومدبره فؤاد عالي الهمة