أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف محسن - قراءة في اسطورة المثقفين العراقيين وخرافات الدولة الريعية















المزيد.....

قراءة في اسطورة المثقفين العراقيين وخرافات الدولة الريعية


يوسف محسن

الحوار المتمدن-العدد: 1873 - 2007 / 4 / 2 - 12:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم ان الاحتلال الاميركي للعراق واسقاط النظام الكلياتي الفاشي يمثل زلزالاً هز منطقة شاسعة من العالم صاحبت هذه العملية تغييرات فكرية وسياسية في انماط الهيمنة وتحديث التاريخ العالمي، لم يستطع المثقفون العراقيون اقامة منظومة منهاجية متمركزة حول الذات ولم يخضعوا لهذه التحولات الضخمة ويفتقدون الى الهويات المتعددة للعالم الواقعي والسياسي حيث انهم مرهونون الى الاباء والاسلاف العظام والاخلاقيات الريفية والترهات اللا عقلانية والعصبيات العتيقة وخرافات الدولة الريعية. (1) ليس المثقفون طبقة اجتماعية او مؤسسة سياسية انما هم منتجو الافكار وصانعو الرأي العام وممثلو التيارات الفكرية والادبية التي تتم من خلال انتاجاتهم الفكرية والسياسية والاقتصادية والفلسفية والدينية تشكيل رؤيا لثقافة مجتمع او تحديد مسارات تاريخية وداخل هذا التضييق البسيط نتساءل عن السبب الكامن حول عدم تشكل المثقفين العراقيين كقوة تنويرية في المجتمع العراقي رغم التمزق السياسي والانهيارات الاقتصادية والاجتماعية واستفحال ظاهرة العنف الطائفي والارهاب والولادة العسيرة للدولة الطائفية؟ ولماذا لم يظهروا مشروعا او نسقا ثقافياً او سياسياً للخروج من هذه الازمات الدورية للمجتمع العراقي. قد نجد الاجابة حول هذه الاسئلة ضمن سيرورات تكوين فئة المثقفين العراقيين والمرتبطة بشكل ما بأزمة تكوين البنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهشاشة الدولة العراقية منذ التأسيس الاول وعدم تبلور الطبقات الاجتماعية والبنى المؤسساتية، فقد استقر تاريخ المثقفين العراقيين منذ وقت مبكر على تقريظ الدولة قانعين بتحمل السلطة الاستبدادية او الفاشية باسم الضرورات التاريخية او باسم الهوية او باسم الاعداء المفترضين للدولة وأخذت هذه الفئة الاجتماعية تردد الكلام الاسطوري للسياسي العراقي وهذا مرتبط بوظيفتها التبريرية فمن العسير الاعتقاد بأن تاريخ المثقفين العراقيين يتعارض جذريا مع السلطة السياسية التي عرفها تاريخ العراق انما كانوا يتماهون معها مشكلين قوتها الايديولوجية المسلحة ولم تجر لحد الان عملية تدوين او جرد حساب اولي للتاريخ الحقيقي لهذه الفئة والتي هي عملية مزدوجة تأخذ مسارين: المسار الاول: قراءة البنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع العراقي والمسار الثاني: نقد الاوهام والاساطير التي قامت هذه الفئة بصناعتها وأدت الى تزوير واختلاق وتحريف في تشكيل الوعي الاجتماعي والسياسي للمكونات العراقية والتي لا يمكن تبريرها طوال ثلاثة عقود وعلى المدى القصير في الحكايات التاريخية والجغرافية والسياسية والشعرية والقصصية والروائية والمسرحية والاجتماعية ونقد الجذور النظرية والمعرفية لهذه الكنايات ذات الابعاد الفاشية والتي تم انتاجها داخل تمثيلات النظام الثقافي العراقي. ووضع حد لعمليات التأهيل الواسعة للكتبة الذين روجوا لثقافة العنف والقتل في الادب العراقي في حقبة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وتمت اعادة ترويجهم داخل الوسط الثقافي من قبل المؤسسات الثقافية العراقية في المهرجانات والمرابد والندوات واتحادات الكتاب مترافقا مع استنفار الطبقات السفلى في تركيبة المجتمع العراقي. (2) ان قراءة وتحليل نظام التنفيذ الاجتماعي للمجتمع العراقي والذي يشكل الحاضن المجتمعي للمثقفين العراقيين تتم بعملية ربط الحقل الاقتصادي والسياسي وتشريح التيارات الفكرية والثقافية التي شكلت البنى الذهنية لهذه الفئة حيث ان المثقفين العراقيين كأفراد اجتماعيين لا يشكلون (مفارقة تاريخية) لتكوينات المجتمع العراقي، انهم متظامنون مع هذا الكوت التقليدي للمجتمع السياسي (احزاب-بنى اجتماعية-طوائف سياسية-قيم-تقاليد) في مجتمع قهري لم تتشكل اسسه الاولية، مجتمع يفتقد للتنظيم العقلاني ذي بنية هشة يؤسس ذاته وبشكل دائم على الفوضى وهو مجتمع تابوي تتحكم فيه القيم الموروثة (الطائفية-العشائرية-الخرافية) أوالثقافات الرثة والانساق البيطرياركية في كل الحقول الثقافية والسياسية والفكرية نتيجة لسيطرة الانظمة العسكرتارية فضلا عن ضعف التنظيمات السياسية وهيمنة القادة التقليديين وتدهور الشروط الاجتماعية للتنمية الاقتصادية وانهيار عناصر المدنية والتحضر داخل هذه التركيبة الالتباسية الغامضة للمجتمع العراقي لم يطرح المثقفون العراقيون ورغم مرور ثلاث سنوات على سقوط النظام وجودهم الموضوعي كـ قوة سياسية/ معرفية وانما تشكلوا كـ جزء من الصورة الهجائية للحقل المجتمعي العراقي واخذوا يقدمون انفسهم كـ جزء من مشاريع وهمية. ثقافوية.سلفية. وهذا باعتقادي يعود الى اضمحلال الوعي السياسي النقدي وتفكك الطبقات الاجتماعية الوسطى في المجتمع العراقي حيث بقي المثقف العراقي يلعب دور المروج السياسي والشارح الثانوي لخطاب السلطة السياسية اكثر من ان يكون منتجاً للمعرفة الفكرية والسياسية والاقتصادية فالمثقف العراقي يدافع عن سلطة الحزب او الجماعة الاثنية او القومية او الطائفية بوصفها الحقيقة المطلقة، مندمجا بقوة مع التاريخية التقليدية للقوى الاجتماعية العراقية وتحت وطأة التكوينات ما قبل الدولة والتي هيمنت على المشروع السياسي العراقي اختفى الدور الكبير للمثقفين العراقيين اقصد فقط (الدور التنويري) حيث اخذوا يقدمون توصيفات دينية او طائفية ويشكلون اساطير اخرى وكاريزمات اخرى ليدافعوا عن مجتمع افتراضي وأهداف افتراضية اسطورية ولم يمارسوا الدور النقدي للمؤسسات الطوطمية الدوغماتية الكامنة في النسيج الاجتماعي للمجتمع السياسي العراقي. (3) لكون العراق دولة ريعية فهو المفتاح لفهم ظهور ظاهرة المثقفين الرعويين في المجتمع العراقي واضمحلال النزعات النقدية حيث ان هذه الظاهرة واقعة اجتماعية-عينية ملموسة متجذرة في التاريخ العراقي وقبل الدخول في خرافات الدولة الريعية العراقية ثمة سؤالان يطرحان اولهما: تاريخي متعلق بالتكوين الثقافي لهذا المثقف وثانيهما: ابتيمولوجي والذي هو اكثر ملامسة لوجوده كـ فرد في التطور التاريخي والاجتماعي حيث ان استجلاء تأثيرات المجتمع العراقي مرتبط بمعرفة اوليات ومكونات التاريخ الذهني للمثقفين العراقيين ومصادر تكوينهم المعرفي والتي هي خليط من الثقافات العتيقة-والاساطير والمعارف التقليدية والاستعارات الثقافية الغريبة والتركيبات والصور التي تكونت عبر التنشئة الاجتماعية القهرية. هذه المصادر لم يتم اخضاعها الى التفحصات النقدية حيث تحمل داخلها عنصر الانشقاقات في حقل الوعي الاجتماعي وهي التي تحكم البنى الذهنية لجماعة المثقفين العراقيين، فهم دائمو التمحور حول شخصية كاريزمية او تحت ظل جماعة عصبوية غير متمكنين من انتاج ذاتيته الفردية (انه جزء من قطيع غير مكتمل) يفتقد للمولد المنهجي للانشاءات المعرفية تسود داخل هذه الاوساط كل الاشكال البنيوية للعصبيات (الطائفية-القرابات-المحسوبية-المناطقية) أوهي رواسيب يدوية معقدة ذات طبيعة استحواذية، ان هذه البنية الذهنية المهيمنة اصبحت مفهومة وبشكل عقلاني لانها مشفوعة بكل تسويغات التاريخ فالبعض يعول على مؤسسات الدولة الرعوية في تخصيص مكارم ومكافآت وهبات والبعض يجد تطميناته في القائد المخلص الذي يقود القطيع نحو النور السماوي والاخر يهدد انتاج المستبد العادل والذي تحفل به التراثيات العربية والاسلامية. وقد يبدو التساؤل مريباً ويحمل كثيرا من المكر التاريخي. لماذا لم يحقق المثقفون العراقيون قطيعة معرفية او فطاماً مع المؤسسة الثقافية السياسية؟ ولماذا تقوت هذه الفئة نفسها على مكارم السياسة العراقية؟ ولماذا لم تكن تلك القطيعة ممكنة نسبيا في الحقل التاريخي للمجتمع العراقي؟ حيث نرى عودة المثقفين العراقيين الى قطيع المؤسسة العراقية-المؤسسة القديمة/الجديدة المصابة بالرهاب والتي انتجت ادب المعركة وقصائد المديح هذه المؤسسة الثقافية والتي هي نتاج الدولة العراقية والتي لم تكن دولة بالمعنى السياسي انها كارتلا تنكريا (توازنات قبلية-رجال امن وطني-ادوات قمع وهيمنة-ايديولوجية شعوبية كلياتية). يعود المثقفون العراقيون الى حضيرة التدجين لكي يتم اخصاؤهم بالمكارم والمكافآت (انها اللعبة الماكرة للدولة الرعوية) التي لم يفطم المثقفون انفسهم عنها، حيث انها ليست حالة شاذة في تاريخهم فقد تربت اجيال كاملة على رعاية (السلطان الفاشي) وبعد سقوط النظام اصبحت احد المطالب الاساسية للمثقفين والادباء والصحفيين العراقيين ان ترعاه الدولة، لكي يسبح بحمدها العظيم وان يمارس الدور الدعائي القديم/الجديد في العملية السياسية ولم يكتشفوا صعوبة اقامة علاقة ايجابية مع الفاعل السياسي في المجتمع العراقي بسبب ضعف بنية العقل النقدي الذي يتمكنون منه حيث ان السلطة السياسية في المجتمع العراقي تؤسس نفسها على هوية ثابتة وتنحو الى احتكار المعنى وهي عملية تتم في اشتغال البنية الايديولوجية الشمولية في الفكر السياسي العراقي.



#يوسف_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل الثقافات الفرعيه نحو تشكيل رؤية ستراتيجيه لثقافة وطنية ع ...
- الاخفاق في صناعة دولة
- خرافة الدولة الوطنية العربية: نحو قراءة موضوعية للظاهرة الأص ...
- الجسد الانطولوجي الشارح الأولي لفوضى السلطة السياسية
- اثريات الطائفية السياسية / مقاربات اولية في العنف والعنف الط ...
- نحو إعادة قراءة حقل التمايزات للفضاء المفاهيمي، الإسلام/ الد ...
- إسهام نقدي حول مقولة - الأسلام مصدر للتشريع
- الحريم السياسي: مقاربات أولية حول الخطاب الجنساني في الثقافة ...
- اعادة انتاج النخب السياسية التقليدية2
- قراءة في التصميم الكولو نيالي للديمقراطية في العراق الراهن
- نقد النزعة التاريخية الأحيائية في الفكر العربي
- تحليل الخطاب السياسي حول مفهوم الديمقراطية الشعبوية


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف محسن - قراءة في اسطورة المثقفين العراقيين وخرافات الدولة الريعية