أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - من أجل هذا النمط من -الجماعية-!














المزيد.....

من أجل هذا النمط من -الجماعية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1857 - 2007 / 3 / 17 - 12:51
المحور: المجتمع المدني
    


"الجماعية"، روحا وجسدا، فكرا وممارسة، هي، لجهة ضآلتها التي تكاد تَعْدِل العدم، من العلامات والملامح المميِّزة للشخصية الاجتماعية عندنا كما نراها، وتُرينا ذاتها، في الفرد والجماعة، صغيرة كانت أم كبيرة، فـ "الفردية" هي السمة الأولى والجوهرية والطاغية في تلك الشخصية، التي على مثالها، وعَبْر التربية في مفهومها الواسع، نُخْلَق، ويُعاد خَلْقنا، أفرادا وجماعات.

إنَّها ظاهرة اجتماعية ـ تاريخية، لا يمكننا أبدا مكافحتها حتى القضاء عليها إذا ما ظللنا نَنْظُر إليها، ونفسِّرها، على أنَّها، لجهة قدريتها، واستقلالها عنَّا نحن ضحاياها، تشبه "الجين"، وإذا لم نكتشف ونعِ أنَّ لنا مصالح حقيقية في محاربتها، وأنَّ ثمَّة من له مصلحة حقيقية، أيضا، في الإبقاء عليها وتغذيتها.

واشتداد الميل إلى "الفردية"، أي ضعف الميل إلى "الجماعية"، لا يكمن في أساس ظاهرة ضعف "الحزبية السياسية" عندنا فحسب، وإنَّما في أساس الظاهرة الأُم، وهي ضعف، بل انتفاء، "التنظيم الجماعي الذاتي المستقل" في شتَّى مجالات حياتنا الاجتماعية والعامة، فالفرد، عندنا، له، وعى ذلك أم لم يعِ، مصالح ومطالب مشترَكة مع غيره، أي مع العشرات، والمئات، والآلاف، من أمثاله، في ناحية معيَّنة، ولا يمكنه أن يغيِّر واقعه بما يخدم تلك المصالح، ويلبِّي تلك المطالب، إلا من خلال التعاون مع أمثاله هؤلاء، أي من خلال "التنظيم الجماعي الذاتي والمستقل"، والذي ليس بالعلاقة الثابتة، الباقية إلى الأبد، فهو ينشأ ويستمر ويتطور ما بقيت الحاجة إليه، وينحل ما أن تُلبَّى تلك الحاجة، ويَسْتَنْفِد أغراضه.

إنَّ كل جماعة، مهما صَغُرَت، أو كَبُرَت، يَجْمعها، إلى حين، وفي ميدان ما، بعض المصالح والمطالب والحاجات، يمكنها، وينبغي لها، بعد أن تُحدِّد وتعي تلك المصالح والمطالب والحاجات، أن تُنَظِّم نفسها بنفسها، ولنفسها، وأن تتوفَّر على إنشاء وتطوير ما تحتاج إليه، في صراعها، من وسائل الضغط والتأثير، حتى تتمكَّن من خوض الصراع وإدارته، بما يؤدِّي، في آخر المطاف، إلى جعل الأهداف، التي من أجلها أقامت تنظيمها الجماعي الذاتي المستقل، حقيقة واقعة، فتَسْتَنْفِد، بالتالي، مبرِّر وجودها.

والفرد، بصفته طائفة واسعة من المصالح والحاجات والمطالب والأهداف والأنشطة.. ، يمكنه، وينبغي له، أن يكون عضوا في غير تنظيم جماعي، أي أنَّ وجوده، معنى وممارسة، يمكن، ويجب، أن يَظْهَر ويتأكَّد، عَبْر "الجماعية"، في الرأي، والخيار، والقرار، والعمل، والممارسة، فـ "الفردية"، إذا ما نُشِرَت وانتشرت بين العامة من الناس، أي بين الغالبية العظمى من أبناء المجتمع، إنَّما هي خير وأمضى سلاح يمكن أن يستخدمه الفرد من هؤلاء في محاربة نفسه، حقوقا، ومصالح، ومطالب.

ويكفي أن يَخْتَبِر الأفراد أهمية وجدوى "الجماعية"، في صراعهم من أجل المشتَرَك بينهم من المصالح والمطالب والحقوق، حتى يتحرَّروا، ويُحرِّروا مجتمعهم، من "الجماعية البائسة"، التي نراها في كل عصبية، ليس للمتأثِّرين بها من مصلحة حقيقية، فالعصبية من نمطها الذي نَعْرِف هي حرب دائمة على "الإنسان"، و"المواطِن"، في داخل الفرد والجماعة منَّا.. هي العلاقة التي بها، وفيها، تستمر الضحية في إنتاج، وإعادة إنتاج، مأساتها.

المجتمع الحي هو المجتمع الذي يستطيع أفراده وجماعاته تمييز الحقيقي من الوهمي في مصالحهم، ويُطْلِق العنان لأفراده وجماعاته في التنظيم الجماعي الذاتي المستقل، فنرى فيه، بالتالي، العشرات، والمئات، والآلاف، من أشكال وصور ودرجات هذا التنظيم، فالمجتمع الذي يتألَّف من أفراد فحسب، كلٌّ منهم كأنَّه في يوم الحشر، شعاره "اللهم نفسي"، إنَّما هو الأقرب إلى "الركام" منه إلى "الجسد".. هو "الكم" الذي لا أهمية نوعية له، وهو الذي لا يذهب بفرعون إلا ليأتي بفرعون.

الأكثرية الشعبية الصامتة لن تخرج على صمتها الـ "لا ذهبي"، وتنطق، إذا لم يُطْلَق لها، بأفرادها وجماعاتها، العنان في التنظيم الجماعي الذاتي المستقل، فهنا، وهنا فحسب، يصبح ممكنا أن نرى عيانا، بالعين المجرَّدة وليس بالمجهر الالكتروني، "المجتمع المدني (أو الأهلي)" بكل صور وأشكال وجوده، فهل نملك من الحقوق والحرِّيات الديمقراطية والمدنية، الفردية والجماعية، ما يسمح بالتأسيس لهذه "الجماعية"، وبجعل الأفراد والجماعات من مجتمعنا مقتنعين، مؤمنين، بأهميتها وجدواها؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار سلامٍ سكَّته -التطبيع-!
- الظواهري.. لسان يبحث عن آذان!
- تغيير حقيقي أم خديعة؟!
- الانتخابات في مناخ -الفقر الديمقراطي-!
- اليوم -حَبْس- وغداً.. !
- -روح إسرائيلية- لإحياء -المبادرة العربية-!
- فيلم -هيكل سليمان الضائع-!
- -اتفاق مكة-.. و-أهل مكة-!
- صورة الحرب إذا ما نشبت!
- بعضٌ من الثقافة التي رضعنا!
- -الشريك الفلسطيني-.. هل عاد إلى الوجود؟!
- عباس وهنية في خطَّين متوازيين!
- كوريا وإيران.. فَرْق أعظم من الشبه!
- مسطرة -المجلس الأعلى للإعلام-!
- نُذُر حرب جديدة!
- ساعة المخاض لسلطة -فتحماس-!
- في جدل العلاقة بين -الذات- و-الموضوع-
- بند -الاعتراف- في -الحوار المكِّي-!
- شلال دمٍ من أجل -عَظْمَة-!
- الطريق التي افتتحها اجتماع -الرباعية-!


المزيد.....




- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - من أجل هذا النمط من -الجماعية-!