أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - شلال دمٍ من أجل -عَظْمَة-!














المزيد.....

شلال دمٍ من أجل -عَظْمَة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 12:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


إذا كان الشعب الفلسطيني يريد دولة قومية له، ذات سيادة، يشمل إقليمها الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، وتتَّخِذ القدس الشرقية عاصمة لها، وإذا كان يريد، إضافة إلى هذا، حلا "عادلا واقعيا" لمشكلة الملايين من أبنائه اللاجئين، فإنَّ هذا الحلم ـ الهدف يوشك أن يغدو، إذا لم يكن قد غدا فعلا، وهما خالصا. وإذا كان يريد، بعد وبسبب إدراكه أنَّ هذا الحل النهائي لمشكلته القومية والذي اشتد استعصاؤه حتى أوشك يتحوَّل إلى حلٍّ مستحيل، أن يؤسِّس لمقاومة قومية بالحديد والنار، طويلة الأمد، ويمكْنها، في آخر المطاف، ومع رَفْدها بطرائق ووسائل أخرى من المقاومة، أن تُكْرِه إسرائيل على قبول حلٍّ نهائي كذاك، فإنَّ الواقع الفلسطيني الذي يزداد صلابة وترسُّخا لجهة سوئه بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني وقضيته القومية يوشك أن يُفْقِد هذا الهدف، أيضا، جُلَّ ما ينطوي عليه من واقعية.

لقد نجحت إسرائيل، بالحرب، وبالتفاوض، وبالحلول المتَّفق عليها، وبالقضاء على المنفَّذ منها، وبغير ذلك من الوسائل والأساليب، في تغيير الواقع الفلسطيني في الضفة الغربية (والقدس الشرقية) وقطاع غزة بما يجعله واقعا مضادا لمقوِّمات الحل النهائي الذي يريده الفلسطينيون ويسعون إليه مُذْ قبلوا عبر منظمة التحرير الفلسطينية "فلسطين الصغرى" دولة قومية لهم، ولمقوِّمات المقاومة (المُثْمِرة سياسيا) بالسلاح، وكأنَّ الهدف النهائي الإسرائيلي (غير المُعْلَن على وجه العموم) هو جعل الغالبية العظمى من الفلسطينيين في يأس من هذا وذاك، يَحْملهم، في النهاية، على الكفر بهذا وذاك، فلا يبقى لديهم من شيء يمكْنهم، وينبغي لهم، قبوله سوى الحل النهائي، الإسرائيلي القَلْب والقالب.

قسم كبير من أرضهم في الضفة الغربية انْتُزِع ويُنْتَزع من أيديهم، حتى تُزْرَع فيه المستوطنات اليهودية، ويبنى "الجدار"، و"يُجَزَّر"، أي يُحوَّل إلى جُزُرٍ، ما بقي لهم من أرض. وهذا المتبقي من الأرض جعلوه سجنا جماعيا كبيرا، وبذروا فيه بذور صراع بالحديد والنار بين السجناء. حتى الماء والكهرباء والوقود والغذاء والدواء، وغير ذلك من وسائل تلبية الحاجات الأولية والأساسية، لا يملك الفلسطينيون (السجناء) من سيطرة عليها، فهي إعانات خارجية في المقام الأول، ينبغي للفلسطينيين تلبية شروطها السياسية، وتستطيع إسرائيل متى أرادت منعها من الوصول إليهم. القدس الشرقية هوِّدت، وتُهوَّد، حجرا وبشرا. والموارد المائية، وغيرها من مقوِّمات "الدولة الفلسطينية"، هي الآن في قبضة إسرائيل، وفي غرب "الجدار".

الفلسطيني الآن إمَّا "لاجئ"، في واقعٍ، يجعله لا يملك حتى حق الحلم بـ "العودة" إلى يافا وحيفا.. أي إلى "إسرائيل"، ويمنعه من تعليل نفسه بوهم أنَّ "الدولة الفلسطينية" يمكن أن تكون الحل لمشكلته، وإمَّا سجين يُرادُ له أن يبحث عن أمنه وأمانه، وعن خبزه ودوائه، في داخل هذا السجن الكبير، الذي ليس فيه ما يمكِّنه من أن يكون "مفاوِضاً حقيقياً"، أو "مقاوِماً حقيقياً".

ليس فيه إلا ما يجعل الغالبية العظمى من نزلائه في بؤس وشقاء، وفي يأس وخوف، وما يجعل لفئة ضئيلة منهم من المصالح الشخصية والفئوية الضيقة ما يشدِّد لديهم المَيْل إلى "الاقتتال" أو "الاتفاق" بما يبقي الشعب الفلسطيني مع حقوقه وقضيته القومية ضحيةً لهم ولمصالحهم تلك. إنْ قاوموا فلا يقاومون إلا بما يعود على الفلسطينيين بمزيدٍ من الإضعاف لقدرتهم على المقاومة. وإنْ فاوضوا فلا يفاوضون إلا لـ "ينتزعوا" من يد إسرائيل "عَظْمة"، تاركين لها "اللحْمَة".

اقتتال المقتتلين، وجوع الجائعين، من السجناء يمكن أن ينتهي (من غير أن ينتهي وضع السجن والسجَّان والسجناء) إذا ما لُبِّيت شروط ومطالب "الرباعية".. وإذا ما حُلَّت مشكلة "الحقائب الوزارية السيادية" بما يبقي الفلسطينيين بمنأى عن "دولتهم القومية ذات السيادة".

ليس من حلٍّ مفيد حقَّاً للفلسطينيين، أي للشعب الفلسطيني وقضيته القومية، سوى "الحل الأسوأ". وهذا الحل إنَّما هو "الاحتلال الإسرائيلي المباشر والصريح"؛ ولكنَّ هذا "الحل الأسوأ" ما عاد ممكنا أن "ينعم به" الفلسطينيون؛ لأنَّ لإسرائيل مصلحة في حرمان الفلسطينيين "مزاياه"، التي منها "وحدتهم القومية"، و"تنمية قدرتهم على المقاومة"، و"زيادة الوزن الدولي والإقليمي والعربي لقضيتهم القومية".

لقد جاءتهم تجربة "الحل التفاوضي الانتقالي المرحلي المؤقت" بكل ما جَعَل الحل النهائي الذي يريدون بعيد، إنْ لم يكن مستحيل، المنال، وأسَّس لهذا السجن الجماعي الكبير، الذي في "مطبخه" يُطبخ القبول الفلسطيني لأسوأ الحلول الإسرائيلية لـ "المشكلة الفلسطينية"، التي لم يبقَ فيها شيء يُذْكر من المحتوى القديم للمشكلة القومية للشعب الفلسطيني.

إنَّها المأساة ـ المهزلة أن يُراق الدم الفلسطيني ليس من أجل انتزاع "اللحْمَة" من يد إسرائيل، وإنما من أجل الظفر بـ "عَظْمة"، يكفي أن يجاهدوا في سبيلها حتى تصبح "عَظَمة" القضية والقيادة أثرا بعد عين!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق التي افتتحها اجتماع -الرباعية-!
- ثلاث سنوات من الجَزْر الديمقراطي!
- والمفتي إذ أفتى!
- لن يُغْفَر للشعب الفلسطيني سكوته!
- -التقارب- بين الرياض وطهران!
- جدل قانون الأحزاب الجديد!
- التقريب بين المذاهب.. في الدوحة!
- الخلوة الدمشقية!
- كفَّرْنا بعضنا بعضا فعُدنا غساسنة ومناذرة!
- رايس وصلت إلى رام الله في زيارة للعراق!
- بوش.. من -العجز- إلى ارتقاب -معجزة-!
- الوعي
- درءا لنصر يُهْزَم فيه الشعب!
- في الدياليكتيك
- هذه هي -الاستراتيجية الجديدة-!
- المرئي في -المشهد- ومن خلاله!
- موت كله حياة!
- حَظْر الأحزاب الدينية!
- أوْجُه من الفساد!
- حذارِ من -حيلة الهدنة-!


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - شلال دمٍ من أجل -عَظْمَة-!