أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد البشيتي - صورة الحرب إذا ما نشبت!















المزيد.....

صورة الحرب إذا ما نشبت!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1837 - 2007 / 2 / 25 - 12:40
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي، والذي يملك من السلطة الفعلية ما جعل منصب "نائب الرئيس"، في عهد إدارة الرئيس بوش الجمهورية، أقوى من "منصب الرئيس" ذاته، رسم خطَّا أحمر لسياسة "الإدارة" تجاه البرنامج النووي الإيراني، لا تسمح لنفسها بتجاوزه، إذ قال إنَّها لن تسمح أبدا لإيران بأن تملك سلاحا نوويا، وإنَّ الخيار العسكري الأمريكي لمنع إيران من ذلك لن يكون مستبعدا إذا ما اسْتُنْفِد وفشل الخيار الدبلوماسي (وما يتسلَّح به من عقوبات دولية ضد إيران عبر مجلس الأمن الدولي).

وغني عن البيان أنَّ لجوء الولايات المتحدة (في عهد إدارة الرئيس بوش والذي ينتهي بعد أقل من سنتين) إلى الخيار العسكري ضد إيران (التي لن تكون قادرة على صنع قنبلة نووية حتى انتهاء الولاية الرئاسية الثانية والأخيرة للرئيس بوش) لن يكون بَعْد تمكُّن إيران من صنع قنبلتها النووية الأولى، وإنَّما قبل ذلك.

الولايات المتحدة، وكما تدلُّ أفعالها، ماضية قُدُما في الإعداد (العسكري) لتوجيه ضربة عسكرية لإيران، وإنْ كان هذا الإعداد في حدِّ ذاته يمكن أن يفيدها، على ما تعتقد وتتوقع، في ممارسة مزيد من الضغوط على طهران حتى تلبِّي أهم شرط ومطلب أمريكي وهو إنهاء برنامجها لتخصيب اليورانيوم والذي باستمرارها وتقدُّمها فيه تكتسب القدرة على صنع الأسلحة النووية، وإنْ أجَّلت صنعها، أو امتنعت عنه، عملا بحجَّتها الدينية المضادة لاقتناء واستعمال السلاح النووي بوصفه سلاح إبادة شاملة.

والإعداد للحرب يَجِد عادة تتمته المنطقية، وفي نموذج إدارة الرئيس بوش على وجه الخصوص، في مزاعم من قبيل أنَّ الأولوية هي للخيار الدبلوماسي، وأنَّ الخيار العسكري (غير المستبعد تماما) هو آخر الخيارات، والذي يُؤخَذ به عن اضطرار عند فشل الجهود والمساعي الدبلوماسية والسياسية (والضغوط والعقوبات الدولية).

أمَّا الزعامة الإيرانية، ممثَّلة على وجه الخصوص بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية وبالرئيس الإيراني، فتبدو غير مكترثة لقرع طبول الحرب، مفسِّرةً الحرب الأمريكية، إعدادا وكلاما، على أنها جزء من الحرب النفسية التي تشنها الولايات المتحدة على إيران، والتي، أي الحرب النفسية، إنْ دلَّت على شيء، بحسب التفسير ذاته، فإنَّما تدل على عجز إدارة الرئيس بوش لأسباب عدة، منها قوة إيران ذاتها، عن شن الحرب.

على أنَّ هذا "التهوين" الإيراني يمكن تفسيره، أيضا، أو في المقام الأول، على أنَّه محاولة لإضعاف صوت المنادين باجتناب الحرب من الإيرانيين والذين يمكن أن يوظِّفوا الخوف من حرب ممكنة، أو مرجَّحة، أو أكيدة، في تعزيز وتوسيع نفوذهم الداخلي.

إيران، ومنذ بداية نزاعها النووي مع الولايات المتحدة على وجه الخصوص، حرصت على تنزيه برنامجها النووي عن الأغراض العسكرية، قائلة، ومؤكدة القول غير مرة، إنَّ الهدف النهائي لا يتعدى إنتاج الطاقة الكهربائية عبر المحطات النووية، لاحتياجها أولا إلى تلك الطاقة، ولتدرأ عن نفسها، من ثم، مخاطر نضوب مصادرها من النفط والغاز مستقبلا.

هذه الحجة الإيرانية كوفِحت بوسائل وأساليب ومقترحات شتى، كان آخرها هو "النموذج" التي تعتزم دول مجلس التعاون الخليجي الأخذ به في سعيها لإنشاء وتطوير برنامج نووي مشترك، يسمح لها بالحصول على طاقة كهربائية، وعلى تحلية لمياه البحر.

ومن أهم ما يميِّز ذلك النموذج أنَّه يزوِّد دول مجلس التعاون الخليجي، على افتراض أنَّها ستملك برنامجا كهذا، قدرة نووية على إنتاج الطاقة الكهربائية، وعلى تحلية مياه البحر، ولكنَّها قدرة تظل دون القدرة التي لا بد منها لصنع السلاح النووي، وأنَّه يبقي السيطرة الفعلية على البرنامج النووي السلمي في أيدي قوى دولية ليس من مصالحها أو أهدافها جعل العرب قوة نووية عسكرية، أو ممتلكين للسيطرة الكاملة والفعلية على برامجهم النووية، ولو كانت سلمية ومدنية.

هذا النموذج النووي العربي المضاد، والذي ما زال فكرة حتى الآن، حَمَل إيران على توسيع وتعميق حجَّتها، فقالت، في إضافة إلى قولها السابق، إنَّها تبحث عن استقلال في مجال الطاقة الكهربائية ـ النووية، فانتهاء استقلالها في مجال الطاقة النفطية، بعد نضوب مصادرها النفطية، يجب ألا يؤدي إلى فقدانها الاستقلال في مجال الطاقة الكهربائية عبر تمكين قوى دولية من السيطرة الفعلية على برامجها ومحطاتها ومنشآتها النووية المستخدمة في إنتاج الطاقة الكهربائية.

وهذا إنَّما يعني أنَّ النموذج النووي الذي تريده إيران وتستمسك به هو الذي يسمح لها أوَّلا باكتساب القدرة على صنع السلاح النووي متى أرادت، ويجعلها، من ثم، مسيطرة سيطرة فعلية وتامة على كل ما يدخل في تكوين قدرتها على الإنتاج النووي للطاقة الكهربائية.

لقد كان الغرب في تبعية موضوعية للشرق في مجال الطاقة النفطية، ويجب، بحسب وجهة النظر الإستراتيجية لإيران، ألا يصبح الشرق، أو هي، في تبعية موضوعية للغرب في مجال "الطاقة النووية ـ الكهربائية" بعد انتهاء العصر النفطي.

الولايات المتحدة تخشى هذا؛ ولكنها تخشى أيضا أن تصبح إيران، المجاورة لمصدر الطاقة النفطية والغازية الأول في العالم، دولة غنية بالطاقة الكهربائية المتأتية من مصادر نووية لا تملك هي أو غيرها من القوى الغربية سيطرة فعلية عليها، فوضع كهذا (قبل نهاية العصر النفطي) قد يغري إيران، بالتسبب في أزمة نفطية عالمية (انطلاقا من منطقة الخليج) تنزل عليها بردا وسلاما لتضاؤل تبعيتها للنفط وعوائده.

لا شك في أنَّ هذه النزعة النووية الإيرانية تثير قلقا استراتيجيا لدى الولايات المتحدة (وإسرائيل وبعض القوى الأوروبية) وتُشدِّد الحاجة الأمريكية، بالتالي، إلى توجيه ضربة عسكرية لها؛ ولكنَّ السؤال الذي لم تَجِد إدارة الرئيس بوش إجابة مرضية ومطمئنة له حتى الآن هو الآتي: هل تنجح الضربة العسكرية الجوية والصاروخية (أي الحرب التي يستثنى منها خيار الغزو البري) في تدمير المنشآت النووية الإيرانية (الواسعة الانتشار، والمحصَّنة، والسرِّية) وفي إلحاق أضرار كبيرة بقوى إيران الصاروخية والجوية والبحرية (والكيمائية والبيولوجية) وفي تقويض قدرتها على الرد العسكري الموجع؟ إنَّ إيران تخطئ إنْ هي اعتقدت أنَّ الولايات المتحدة ستقاتلها كما قاتلت إسرائيل "حزب الله"، فقتال من هذا النمط إنَّما يشبه (في عواقبه) نصرا عسكريا تهديه لها الولايات المتحدة، فيُضاف إلى هزيمتها في العراق، فتَنْزِل مرغمةً عن عرش القوة العظمى في العالم.

وتخطئ إنْ هي اعتقدت أنَّ الولايات المتحدة ستشن عليها الحرب الجوية والصاروخية قبل أن تعيد نشر جيشها في العراق بما يجعله قادرا على درء المخاطر العسكرية الإيرانية (المحتملة) عنه.

إيران ينبغي لها أولا أن تملك القدرة العسكرية على حماية منشآتها النووية وترسانتها الصاروخية في المقام الأول. وينبغي لها ثانيا أن تُظْهِر قدرة عسكرية (صاروخية) على إلحاق أضرار كبيرة بالسفن الحربية الأمريكية في مياه الخليج. وينبغي لها ثالثا أن تُظْهِر قدرة سياسية (وعسكرية) على توسيع وتعميق الأزمة العسكرية ـ الإستراتيجية للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. وينبغي لها رابعا (أي أوَّلا من حيث أهميته) أن تُظْهِر أنَّها قادرة على التسبب بأزمة نفطية عالمية انطلاقا من "مياه" الخليج، و"مضيقه"، أي مضيق هرمز. وينبغي لها خامسا أن تردع الولايات المتحدة عن مهاجمة منشآتها النفطية (التي لا تستطيع الاستغناء عنها، وقودا، وعن عائداتها من القطع النادر) من خلال إعلانها أنَّ تدمير تلك المنشآت يمكن أن يتسبب بتدمير الصناعة النفطية على المستوى الإقليمي.

إيران لن تُمْنَح فرصة أن تحارِب الجيش الأمريكي على أراضيها كما حارب مقاتلو "حزب الله" الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان. على أنَّ هذا لا يعني أنَّ إيران غير قادرة على جعل الجيش الأمريكي في داخل العراق في وضع مشابه لوضع الجيش الإسرائيلي في أثناء حرب تموز، فالقذائف المتطورة المضادة للدروع، وغيرها من الأسلحة الجيدة بالنسبة إلى المقاومة العراقية في مقاتلتها الجنود الأمريكيين، يمكن ويجب أن ينتقل جزء كبير منها من أيدي الإيرانيين إلى أيدي العراقيين الذين نبذوا، مع إيران ذاتها، كل ما يؤدِّي إلى استمرار وتوسُّع الاقتتال المذهبي في داخل العراق.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعضٌ من الثقافة التي رضعنا!
- -الشريك الفلسطيني-.. هل عاد إلى الوجود؟!
- عباس وهنية في خطَّين متوازيين!
- كوريا وإيران.. فَرْق أعظم من الشبه!
- مسطرة -المجلس الأعلى للإعلام-!
- نُذُر حرب جديدة!
- ساعة المخاض لسلطة -فتحماس-!
- في جدل العلاقة بين -الذات- و-الموضوع-
- بند -الاعتراف- في -الحوار المكِّي-!
- شلال دمٍ من أجل -عَظْمَة-!
- الطريق التي افتتحها اجتماع -الرباعية-!
- ثلاث سنوات من الجَزْر الديمقراطي!
- والمفتي إذ أفتى!
- لن يُغْفَر للشعب الفلسطيني سكوته!
- -التقارب- بين الرياض وطهران!
- جدل قانون الأحزاب الجديد!
- التقريب بين المذاهب.. في الدوحة!
- الخلوة الدمشقية!
- كفَّرْنا بعضنا بعضا فعُدنا غساسنة ومناذرة!
- رايس وصلت إلى رام الله في زيارة للعراق!


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جواد البشيتي - صورة الحرب إذا ما نشبت!