أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - لَكَ أَنْ تَرمِيَ النَّرْد!















المزيد.....



لَكَ أَنْ تَرمِيَ النَّرْد!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


روزنامة الأسبوع 20-26 فبراير 2007
الثلاثاء:
أمس قرَّر بلير جدولاً زمنيَّاً لسحب قواته من العراق! واليوم أطلق بوش أطرف التعليقات على هذا القرار ، بل أكثرها استهبالاً ، بقوله: "إنه دليل (نجاح) ، وسيحفزنا نحن أيضاً على (الاقتداء) به"!
يمكننا ، بالطبع ، أن نسْخَر ، ما شاء الله لنا ، فمن ذا يريدونه أن يصدِّق أن بلير اتخذ قراره هذا منفرداً ، ليسمع به بوش ، سمعاً ، فيدرسه ، فيكتشف ، فجأة ، أنه دليل نجاح (خيبتهما) الداوية معاً في بلاد الرافدين ، فيقرَّر ، بدوره ، أن يسحب قواته منها؟!
لكن ، وحتى لا نبدو سذجاً لهذا الحدِّ ، يجدر أن نعدِّل السؤال كالآتي: ما تراها المحطة التالية لقوات بوش ، ومن خلفه بلير ، بعد أن ضمنا ، فعلاً ، (نجاح) مخططهما الشيطانى فى ذلك البلد ، تأليباً (لأكراده) ، وإثارة للفتنة بين (سُنييه) و(شيعييه) ، تمهيداً لتقسيمه إلى (كانتونات) يسهل استتباعها بالمفرد .. وبتكلفة أقل؟!

الأربعاء:
أدهشتنى اليوم المبالغة فى الاجراءات التأمينيَّة لمحكمة المرحوم محمد طه: إخلاء مبنى المحكمة تماماً قبل الجلسة ـ تطويقه بعربات الشرطة من الداخل والخارج ـ إغلاق المداخل المؤدية إليه بناقلات الجنود ـ نشر قناصة على سطحه من أفراد القوات الخاصَّة ـ السماح بدخول عدد محدود من أولياء الدم وذوي المتهمين ـ مشاركة آلاف الضباط والجنود فى العمليَّة ـ إغلاق كبرى بحري ساعة ترحيل المتهمين من سجن كوبر إلى المحكمة وبالعكس ، مع أن السجن والمحكمة كليهما فى بحري!
ولعل أشهر التجارب السابقة التي تؤكد أن هذه الترتيبات زائدة عن الحاجة محاكمة اللواء عمر محمد الطيب ، النائب الأول لرئيس الجمهوريَّة ورئيس جهاز الأمن الأسبق ، وبعض أعوانه عام 1986م ، في (محكمة الفلاشا). وقد قدِّر لي كذلك أن أشهد بعض جلسات محاكمة سلوبودان ميلوسوفيتش وغيره فى محكمتين جنائيَّتين دوليَّتين بلاهاى ، فلم أرَ إجراءات أمن بهذا الحجم ، حيث اقتصر الأمر على تفتيش هادئ فى المدخل ، مع عزل المحكمة عن الجمهور بحائط من زجاج يقاوم الرصاص!
من جهة أخرى لم أفهم ، البتة ، مغزى قرار المحكمة الموقرة بمنح كل صحيفة بطاقة دخول واحدة ، مع منع الصحفيين ، في نفس الوقت ، من النشر ، إلا ما يرد من (وكالة السودان للأنباء) ، وذلك "لضمان عدم التأثير على سير العدالة" ، أو كما قالت المحكمة! فوالله لو لم يُمنح الصحفيون بطاقات ، ابتداءً ، لكان الأمر مفهوماً أكثر ، ولو كان حظر النشر شاملاً للجميع ، لكان الأمر مبلوعاً أكثر! لكن أن تستثنى هذه (الوكالة الحكوميَّة) بالثقة حصريَّاً ، مع أن (الحكومة) نفسها طرف فى الدعوى ضد المتهمين ، فهو أمر لا يستقيم ، حيث شبهة التحيُّز قائمة في حقها!
مهما يكن ، فإن مبدأ (علنيَّة المحاكمة) ، في الدستور كما في المواثيق الدوليَّة ، يعنى أن تكون مفتوحة للجمهور كله نظرياً. وبما أن ذلك غير ممكن عملياً ، فإن (الاعلام) يتولى تمديد مشهد القاعة إلى الرأي العام خارجها ، دون تعليق ينتقص من قدرة المحكمة على التوصُّل إلى قرار عادل. هذا هو المقصود ، بالضبط ، من مفهوم "عدم التأثير على سير العدالة". فالقاعدة الذهبيَّة هي أن "العدالة ينبغى ألا تطبَّق ، فحسب ، بل ينبغي أن ترى وهي تطبَّق" ـ “Justice must not only be done, but it must also be seen to be done”! ، وليت المحكمة الموقرة تأمر بنقل جلساتها عبر التلفزيون ، دون حظر أىِّ نشر آخر ، مع التحذير من "التأثير على سير العدالة" ، فتريح وتستريح.

الخميس:
يمثل ناشطو (منظمات المجتمع المدني) ، أكثر فأكثر ، صورة (مناضلي) القرن الجديد عن جدارة. ومع ذلك ، فلا بد من الاعتراف بأن الكثير من منظماتنا السودانيَّة تعانى أزمة عميقة من ثلاث شعب:
الشعبة الأولى هي ضعف وعيها بذاتها ، تحت وطأة خطأ معرفيٍّ ومفهوميٍّ فادح بأن ظاهرتها ، مستلهمة ، بكاملها ، من التجربة الغربيَّة ، فينتفي نسبها إلى أيَّة خبرة وطنيَّة! هذا الخطأ ناجم ، فى اعتقادي ، من طبيعة مناهج التدريب الغربيَّة المصمَّمة ، على نحو ما ، بتصوُّرات أيديولوجيَّة زائفة ، فضلاً عن إيحاء المصطلحات والمرجعيات الأجنبيَّة المعتمدة فى هذا الحقل بأن مصدر علمها ، بالضرورة ، غير سوداني! على أنه تلزمنا المسارعة هنا باستدراكين مهمَّين: أولهما أن المشكلة ليست وقفاً على تجربتنا ، فليس نادراً ما تثار فى الكثير من الفعاليات المدنيَّة الاقليميَّة. وثانيهما أننا لا نعمِّم ، فثمة منظمات ، على قلتها ، مبرَّأة من هذا العيب ، وحبَّذا لو نهضت بتنظيم مُدارسة مرموقة لثقافة العمل الطوعى لدى مختلف تكويناتنا الإثنيَّة ، وتطوُّره من الشكل الأهلي إلى المدني، وما راكم من خبرات ، منذ مطالع القرن الماضى ، عبر الصحافة ، والمكتبة القبطيَّة ، والفرق المسرحيَّة ، وأندية الخريجين ، والاتحاد السودانى ، واللواء الأبيض ، ومجموعات القراءة ، ومؤتمر الخريجين ، والأحزاب ، والنقابات ، والاتحادات المهنيَّة ، والفئويَّة ، والأندية الرياضيَّة ، وأندية الأحياء ، والكشافة ، والمرشدات ، ومعهد القرش ، والمدارس الأهليَّة ، والجمعيات التعاونيَّة ، والروابط الإقليميَّة ، وغيرها. إن جهداً كهذا لقمين بأن يوفر أدبيات نحتاجها ، بإلحاح ، لتصحيح فهومنا المغلوطة بأننا ، فى هذا الحقل، اتباعيون ولسنا ابتداعيين!
أما الشعبة الثانية فتتمثل في التناقض بين استبطان الكثير من هذه المنظمات ، نظرياً ، لقيم محدَّدة ، وبين مفارقتها الخشنة ، عملياً ، لنفس هذه القيم! مردُّ ذلك ، فى اعتقادى ، للظروف الاستثنائية التى انفجرت تحتها ، مؤخراً ، ظاهرة الأشكال والأساليب الأكثر حداثة فى عمل هذه المنظمات ، أى ظروف القمع السياسى ، وتضييق فرص الحركة باحتكارها للموالين للسلطة ، وغياب المظلة الدستوريَّة لديموقراطيَّة التنوُّع والتعدُّد ، مِمَّا أفرز منظمات تدار بذهنيَّة الشلة والعائلة وربما العشيرة! وقد يستسهل الكثير منها تجاوز مشكلة التسجيل الذى قد يستعصى لدى مسجل الجمعيات بالتسجيل الميسور لدى المسجل التجاري ، فتضع نفسها ، منذ البداية ، فى دائرة (السوق) ، دون اعتبار للفروق الجوهريَّة بين هذه الدائرة وبين دائرتى (المجتمع) و(الدولة) ، ومنظومات القيم التى تحكم كلاً منها. كما يُخشى ، من وجه آخر ، أن غلبة المحاذير الأمنيَّة أرست الأساس التبريرى لتحوُّل الكثير من هذه المنظمات إلى محض كيانات مغلقة ، لا يتجاوز عدد (أصحابها) ، بل ولا يرغبون فى أن يتجاوز ، أصابع اليد الواحدة ، خلافاً للمبدأ التنظيمى المتمثل فى وجوب انفتاحها للعضوية فى مجالها ، مِمَّا يرتب لغياب الهيكلة والممارسة الديموقراطيَّة داخلها ، فعلاً لا قولاً ، فقلما تعقد جمعيات عمومية ، أو تنتخب مجالس أمناء ، أو إدارات تنفيذية .. الخ. وتأتى ، من فوق ذلك كله ، مشكلة (التمويل) ، حيث يدفع إحجام الدولة عنه لإفساح المجال بأكمله أمام (التمويل الأجنبى) وحده! وينبغى ألا يُفهم من هذا أن لدينا اعتراضاً مطلقاً على (التمويل الأجنبي). لكن ، مع إقرارنا بوجود تمويل أجنبي (حميد) ، يجدر الإقرار أيضاً بوجود تمويل أجنبي (خبيث) يلعب الدور الأكبر فى تحويل كثير من هذه المنظمات إلى ما سبق أن أطلقنا عليه (كناتين العمل المدني!) ، أو ما يُعرف ، تندراً، فى دوائر المانحين أنفسهم ، بالـ (Brief Case NGOs!) ، ويا له من تعريف مُهين! هذا النوع من التمويل يقف ، فى تقديرنا ، وتحت ضغط الضوائق الاقتصاديَّة المعلومة ، على رأس قائمة الأمراض التى تتهدَّد هذه المنظمات بالفناء ، أو بالشلل فى أفضل الأحوال ، إذ يحوِّلها إلى مجرَّد (مشروعات إعاشة) ، أو (مطايا) للأسفار السياحيَّة المتاحة فقط للدوائر الضيقة inner circles التى تحتكر إداراتها ، بصرف النظر عن القدرات الفكريَّة المتدنِّية لدى كثير مِمَّن يجرى ابتعاثهم إلى مشاركات دوليَّة أو اقليميَّة!
وأما الشعبة الثالثة فتتمثل فى بعض (الأوهام) السائدة لدى كثير من هؤلاء النشطاء ، وأخطرها طرَّاً تعريف (منظمة المجتمع المدنى) ككيان غير سياسى a-political ، أو اعتبار (الأحزاب) خارج نطاق مفهوم (منظمات المجتمع المدنى)! ولعل هؤلاء يستبينون خطأهم الفادح هذا حين يدركون أن تقارير منظمات الأمم المتحدة نفسها ، كمنظمة الصحة العالمية WHO ، أصبحت تلاحظ ازدياد نشاط هذه المنظمات كقنوات عامَّة يسعى الناس من خلالها لممارسة المواطنة والاسهام فى إحداث التغيير الاجتماعى والاقتصادى:
“have become an increasingly common channel through which people seek to exercise citizenship and contribute to social and economic change”.
ولأن من غير الممكن هضم فكرة أن تكون قناة كهذه "غير سياسيَّة" ، فقد نفذ كثير من الباحثين ، كالسودانى محمد سعيد الطيب والتونسى منصف المرزوقى ، إلى تأكيد أن (منظمة المجتمع المدنى) مفهوم سياسى political concept فى المقام الأول. بل وثمَّة ، الآن ، تيار عالمي مرموق أضحى يشدِّد ، بالنسبة لمنظمات (حقوق الانسان) مثلاً ، على أنه لا معنى (لإنسانية) الإنسان نفسها بدون الصحة والعمل والغذاء والملبس والمسكن والتعليم والثقافة ، وأن تواتر المناداة بـ (العدالة الاجتماعيَّة) في شأن هذه المطلوبات عائد لكون نفس الأسباب تولد ، دائماً ، نفس النتائج ، ومن ثمَّ فمن الضرورى أن تتصدَّى (حركة حقوق الإنسان المدنيَّة) لترجمة هذه المطالب المشروعة للطبقات الفقيرة والشعوب المقهورة. وإن لمِن عماء البصيرة ، بل من (مرض الغرض) ، يقيناً ، عدم رؤية الطبيعة (السياسيَّة) لهذه (الحركة) من هذه الزاوية! وحتى لو جرى ، بحسن نيَّة ، (ابتلاع) الفكرة (الزائفة) القائلة بأن من أشراط (منظمة المجتمع المدنى) ألا تمارس (السياسة) ، فإن (المناضل) من أجل (احترام حقوق الإنسان) أو (حماية البيئة) أو (حماية المستهلك) ، أو ما إلى ذلك ، سرعان ما يقع فى حيرة مريعة ـ حسب المرزوقى ـ حين يكتشف ، ومن خلال (نضاله) هذا نفسه ، أنه ، فى واقع الأمر ، لا يتحرك قيد أنملة خارج نطاق (السياسة)! فهو إنْ أدان التعذيب مارس (السياسة) ، وإن صمت عنه مارس (السياسة) أيضاً ، وسواء تعرض للحريات الفرديَّة ، أو العامَّة ، أو حقوق الطفل ، أو المرأة ، أو الأقليات ، أو حتى نشط ، فقط ، فى (تعليم) حقوق الإنسان ، فهو إنما يمارس (السياسة) بالضرورة!
أما قطع بعض الأدبيات الصمَّاء بوقوع (الأحزاب) خارج المفهوم ، إستناداً فقط إلى أن منظمات المجتمع المدنى ، بحكم طبيعة أهدافها وتركيبتها ، لا تنافس فى الانتخابات ، فذاك محض تنطع ساذج لا طائل من ورائه ، ودوننا تجربة (الخضر ـ The Greens) الذين رفعتهم مجاهداتهم من (حماية البيئة) ، فى شوارع ألمانيا ، إلى قمة (السلطة السياسيَّة)! فهل كانت مجاهداتهم تلك (غير سياسيَّة)؟! وهل تولوا (السلطة السياسيَّة) ، أصلاً ، متحالفين مع الاشتراكيين الديموقراطيين ، لغير ذات الأهداف التي لطالما جاهدوا من أجلها فى الشوارع كناشطين (مدنيين)؟! وهل ثمة من يستطيع أن يقطع الآن بأنهم ، بعد أن خرجوا من الحكومة ، لم يعودوا إلى الشوارع (كمنظمة مجتمع مدنى)؟!
وهكذا فإن الأمر ، فى جوهره ، لأكثر تعقيدا من مجرَّد قوائم الشروط التبسيطية المُخِلة التى تصمَّم كتالوجاتها manuals خصيصاً ليُدفع بها إلى ورش الدورات (التدريبيَّة!) ، استهدافاً لإخصاء الطابع الراديكالى الذى وَسَمَ خبرة هذه المنظمات فى بلادنا منذ نشأتها فى أتون الصراع ضد الاستعمار ، وحتى انخراطها فى النضال من أجل التغيير الاقتصادى والاجتماعي ، مِمَّا يستوجب الانتباه جيداً! نقول ذلك ، وفى الذهن أيضاً خطل أيَّة محاولة من جانب الادارات الحكوميَّة لاستغلال هذا الظرف كي تتدخل فى شئون هذه المنظمات بدعوى الاصلاح! فالاصلاح المرغوب فيه لن يتم إلا عبر حوار مفتوح ، واسع ، صريح ، وشفاف ، داخل هذه المنظمات نفسها ، وفى إطار حملة شاملة تقوم ، من خلالها ، بمراجعة أوضاعها ذاتياً ، وتصحيحها بنفسها .. اليوم ، وقبل فوات الأوان!

الجمعة:
فجر اليوم سطعت فى ذاكرتي ، مصادفة ، وأثناء بحثي فى بعض مراجع علم النفس لأغراض مهنيَّة بحتة ، حكاية فى غاية الغرابة وقعت لى عام 1977م مع صديقى الراحل خالد الكد عليه رحمة الله ، ولست متيقناً مِمَّا إذا كان من الممكن تفسيرها بـ (الاستبصار Clairvoyance) ، أو (التخاطر Telepathy) ، أو ما إلى ذلك مِمَّا يدخل فى باب (الادراك وراء الحِسِّي Parapsychology) ، أحد أكثر أبواب علم النفس تعقيداً. كنا معتقلين ، هو وأنا ، على أيام النميرى ، بسجن كوبر ، فأصبنا بتسمم حاد اقتضى نقلنا إلى المستشفى العسكرى بأم درمان ، حيث وُضعنا فى غرفتين منفصلتين تحت الحراسة. لكننا ، عدا ساعات القراءة والنوم ، كنا نقضى الوقت كله معاً. وكالعادة كان معين خالد من الحكايات لا ينضب ، بأسلوبه الذى يغلب عليه الحماس والتشويق ، وسط ضحكاته المجلجلة المُعدية. وذات ظهيرة زارنا صديقى الآخر وشقيق خالد المرحوم الأديب طه ليودِّعنا ، كونه سيسافر غداً ، ولمدة أسبوع ، فى مأمورية تفتيشيَّة من بنك السودان إلى نواحى سنار. بعد يومين لاحظت ، أول المساء ، تغيُّراً مفاجئاً على خالد. خَبَتْ ، فجأة ، شهيته للأكل ، وفقد حماسه للحكى ، وانطفأت ضحكاته المجلجلة ، وأصبح كثير الصمت والسهوم. إستفسرته ، فلم يستطع مداراة تردُّده فى الاجابة. قلقت ، فسألته إن كان طه أسرَّ إليه فى تلك الزيارة بأمر مزعج ، فهز رأسه بالنفى.
ـ "وإذن .. فيم المشكلة"؟!
ولأننى كنت متيقناً ، بحكم عُشرة أسريَّة لصيقة ، من عمق المحبة بين الشقيقين ، فقد تعجبت لردِّه بصوت متهدِّج:
ـ "المشكلة طه نفسه"!
سألته ، وأنا أضغط على الحروف متوجساً:
ـ "إن شاء الله خير"؟!
إلتوى وجهه الصبوح بالألم برهة ، ثم انصرف عنى يحدق عبر النافذة ، ثم ما لبث أن فجَّر قنبلته وهو يطرقع أصابع كفيه يخفى ارتباكاً مفضوحاً ، ويتحاشى أن تلتقى نظراتنا:
ـ "طه .. مات"!
لم أستطع ، للوهلة الأولى ، أو ربما لم أرد ، أن استوعب عبارته جيداً! حسبته قال "مريض" أو شيئاً من هذا القبيل.
ـ "وأنت .. من أين لك وحدك بهذا الكلام ، وطه مسافر ، ونحن متلازمان هنا على مدار الساعة"؟!
ـ "قلت لك طه مات .. مات فى القطار"!
عزَّ علىَّ أن يتبادر إلى ذهنى أن صديقى الحبيب أصيب بلوثة مفاجئة ، أو أن طول الحبس بدأ يؤثر عليه ، وهو المعروف بالجلد والبسالة والصبر على المكاره. وربما لهذا ألفيتنى ألوك كلاماً لا أذكر منه سوى خلوِّه من أى معنى محدَّد. لكنه قاطعنى مستطرداً:
ـ "شوف يا كمال .. وأرجوك صدقنى ، عندنا فى الأسرة حدس لا أجد له تفسيراً ، لكنه ما خاب ولا مرَّة. أبوى حسن ، توأم أبوى حسين ، كان منتدباً بنيجيريا. ذات يوم عاد أبوى حسن من الشغل باكراً ، على غير العادة ، ليستلقى بكامل ملابسه على كرسى القماش فى البرندة ينضح عرقاً وقلقاً وتوتراً. هُرعت إليه أمى منزعجة ، فأخبرها بأن توأمه مريض فى غربته! هل هاتفك؟! قال: لا! هل أبرق؟! قال: لا! هل أخطرتك السفارة؟! قال: لا! إذن قول بسم الله! لكن ، قبل أن تكمل عبارتها ، كانت عربة حكوميَّة تقف أمام البيت ، وينزل منها أبوى حسن ، بادي الشحوب والاعياء ، ومتوكئاً بالكاد على أكتاف بعض زملائه ، بينما انهمك بعضهم الآخر فى إنزال حقائبه من صندوق العربة. أرقدوه على السرير ، الرقدة التى لم يقم منها ، وهو يحاول طمأنة أبوى حسين بصوت واهن: تعَب بسيط .. لم أشأ إزعاجكم بالخبر قبل وصولى"!
وختم خالد تلك الحكاية بقوله "هذه واحدة" ، ثم واصل:
ـ "أمسية تخرجى في الكلية الحربيَّة. كانت الأرض تكاد لا تسعنا فرحاً بالدبورة ، والميدان يغصُّ بالأهل والزغاريد والأضواء ، وفرق الموسيقى العسكريَّة تشق أنغامها عنان السماء. هنأنى والدى الذى حضر المراسم الأولى فى بدلة دمور جديدة ، قبل أن يغادر ليلحق باحتفال خاص أعده أصدقاؤه فى بيت حماد أفندى توفيق. لكن ، لم تكد تمر دقائق معدودات حتى دهَمنى ، بغتة ، وبلا سبب معلوم ، آخر إحساس يناسب ذلك اليوم وذلك المكان .. غثيان وانقباض ودوار رأس وعرق يتفصَّد من كل جسمى. وعلى حين كنت أتداعى ، وزملائى يسندوننى ، ويبحثون عن القائد لنقلى إلى المستشفى ، كان المشهد الفاجع يتراءى لي فى البداية غباشاً ، ثمَّ سرعان ما راح يتحدَّد وينجلى ، حتى إذا بلغ كمال وضوحه ، كان أبي مدهوساً ، أمامي ، تحت عجلات عربة مسرعة ، وبدلة الدمور الأنيقة غارقة فى الدم! لحظات وظهر القائد ليأخذنى من يدى ويدخل بى إلى مكتبه قائلاً إنه يريدنى لأمر مهم. بدأ حديثه بمقدمة ، كان واضحاً أنها ستطول ، عن الموت الحق والحياة الباطلة ، سوى أننى قاطعته ، فجأة ، مبهور الأنفاس ، وبصيغة تراوح بين السؤال والتقرير:
ـ "الوالد .. الشارع أمام الكليَّة .. حادث حركة"؟!
فما كان منه إلا أن نهض رافعاً كفيه المبسوطتين ، يتمتم بتأثر:
ـ "أحسن الله عزاءك ، وجعل البركة فيك وفى أخوانك ، الفاتحة"!
إنتقل خالد ، بعدها ، إلى الواقعة الثالثة فى سلسلة الأمثلة التى طفق يسوقها كي يقنعنى بأخذ ما يقول عن خبر طه على محمل الجد:
ـ "كنت مسئولاً عن تدريب بعض المستجدين ، وكنت أقيم بغرفة فى المعسكر. وذات مساء ، وأنا في الحمَّام بعد نهاية يوم شاق ، إعترتنى نفس الحالة ، الغثيان والانقباض والدوار والعرق والمشهد الذى يبدأ أغبشاً ثمَّ ما يلبث أن يستكمل تمام وضوحه .. أمى مسجاة على فراش الموت! إنطلقت ، كما القذيفة ، لاهثاً إلى حيث التلفون. ردَّت على شقيقتى الصغرى ملكة. سألتها:
ـ "هل أمى بخير"؟!
ـ "بخير والحمد لله"!
ـ "هل هى بالقرب منك؟! دعيها تكلمنى"!
لحظات وانساب صوتها عبر التلفون تبدى دهشتها من انزعاجى بلا سبب. وكانت محقة ، فما كنت تركتها تشكو من شئ عندما ودعتها بعد عطلة نهاية الأسبوع الماضى! ولكى أدارى حرجى قلبت الموضوع إلى تشهِّياتٍ لطعام رجوتها أن تعدَّه بنفسها غداً وترسله مع سائقى!
لكن ، ما من شئ فى تلك المحادثة طمأننى ، فعدت إلى غرفتى بنفس الحالة البغيضة! قلت أذهب إلى نادى الجنود علنى ، بمشاهدة التلفزيون مثلاً ، أبدِّد ذلك الاحساس الثقيل .. وهيهات! فلا المشى فى الظلام ، ولا مشاهدة التلفزيون ، ولا ضجة النادى أجدت فتيلاً. فعدت واضطجعت على سريرى أتقلب فى العرق والأرق والقلق ، حتى أسلمنى الارهاق، قبيل الفجر ، إلى غفوة ما أظنها طالت حين أيقظتنى حركة أقدام خفيفة فى الغرفة. هببت واقفاً لأجد بعض الأهل فى الجلابيب البيضاء والعمائم. سلموا ، بارتباك ، ثمَّ شرعوا فى المقدمة التى سوف تطول عن الموت الحق والحياة الباطلة .. غير أننى قاطعتهم وقلبى فى حلقى:
ـ "الوالدة"!
ـ "البركة فيك يا خالد .. الفاتحة"!
إنسلخ المساء بأكمله وخالد يروى لى حكاياته الغريبة العجيبة. لكن ما كان لأىٍّ منها أن تقنعنى بأن طه الذى ودعناه أول البارحة ، شديداً لضيضاً ، قد مات لمجرَّد أن نفس خالد قد هجست بهذا ، أو لأن لدى الأسرة تاريخاً قديماً مع مثل تلك الخبرات الأليمة! مع ذلك طيَّبت خاطره بكلمتين ، ثمَّ ودَّعته ، وذهبت إلى غرفتى لآوي إلى فراشى ، محاولاً أن أستقطر النعاس بلا طائل ، فقد ظللت ، حتى قبيل الفجر ، أتقلب فى العرق والأرق والقلق، وكلمات خالد تطنُّ فى رأسى طنيناً.
إستيقظت متأخراً فى الصباح. وجدت الحرس قد تبدَّل. أخذت حمَّاماً بارداً ، وغيَّرت ملابسى ، بنيَّة أن أتوجه ، كالعادة ، لشرب الشاى والقهوة معه فى غرفته ، متعزِّياً بأننى سأجده ، حتماً ، وقد نفض عن نفسه الكرب ، وعاد ضحوكاً بشوشاً ، وحكاءً لا يُمل. لكننى ما أن خرجت من الحمَّام حتى فوجئت بعدد من آل الكد فى الجلابيب البيضاء والعمائم يملأون الغرفة! سلموا ، وقبل أن يشرعوا فى مقدمة سوف تطول عن الموت الحق والحياة الباطلة ، وجدتنى أقاطعهم صائحاً ، وقلبى فى حلقى:
ـ "طه! متى وأين وكيف"؟!
ـ "مساء أمس. فى القطار. بالقرب من سنار. أزمة قلبيَّة حادة لم تمهله ريثما ينقلوه إلى أقرب مستشفى. جهاز الأمن منح خالداً إذناً ، هذا الصباح ، لمدة ثلاثة أيام لحضور المأتم تحت الحراسة ، غير أن المساعي جارية لاستصدار قرار بإطلاق سراحه نهائياً قبل رفع الفراش ، وقد طلب أن نجئ لإبلاغك وتعزيتك ، لكن .. كيف عرفت"؟!

السبت:
رنَّ جرس المحمول ظهيرة اليوم. بلغتنى ضجَّة الأصوات على الطرف الآخر قبل أن تنساب قهقهات صدِّيق محيسى بتحيَّته الأثيرة مفخِّماً صوته: "إيه يا .. بشارة"! ولكن تلك قصَّة أخرى! ضحكنا ، وقال صدِّيق ، كعادته ، كلاماً ليس للنشر ، وحدَّثنى كمال بخيت ، ضاحكاً ، أنه هاتفه به أيضاً ، في ما بعد ، ورحم الله حبيبنا محمود محمد مدني! لم أستغرب الضجَّة ، فبيت صدِّيق وزوجته السيِّدة نفيسة فى الدوحة بيت كرم. قال: "الأصدقاء كلهم معانا الليلة على شرف محجوب وأميرة ، هاك .. يريدان محادثتك". وأتانى صوت محجوب يسأل عن السودان والأصحاب وتفاصيل التفاصيل ، و .. "يازول صحتى تماااااام ، بس يا خى مشتاقين لأم درمان .. ما فضل غير إستئصال المرارة .. ناس دكتور السر وأصحابنا الدكاترة كلهم في لندن قالوا العمليَّة بسيطة ، لكين بيني وبينك الانجليز بالهم طويل ، وكمان أصحابنا هنا كتر خيرهم أصروا لازم نجي نعمل العمليَّة عندهم .. الفحوصات الأوليَّة يوم الاثنين ، بعد داك حيحدِّدوا لينا الميعاد .. حسن الجزولي حيحصلنا بكرة ، و .. صدق أو لا تصدق جاي معانا السودان"! قلت له: "زي السكر ، وكمان حيلقى قدامو سمعة كتابو الجديد (عنف البادية) في السما ، والياس مُصِر ما ينزلو السوق إلا بعد تدشينو بحضورو ، لكين انت لازم تعمل لياقة زي ناس الكورة بالظبط ، لأنو ناس الدوحة ديل مشتاقين يسمعوك"! فأطلق ضحكة عالية ، وقال: "لكين يا زول كيف مع القزاز .. القزاز المكسَّر .. هاك أميرة بتجابد فى الموبايل"!
ولعل الكثيرين لا يعرفون أن محجوباً ، على دربته العالية فى إلقاء قصائده ، طوال ما يناهز الأربعين عاماً ، ما زال يتهيَّب عيون جمهوره حين يراها تبرق أمامه بالمحبَّة والشغف ، وبانعكاسات مصابيح الأماسي الشعريَّة ، فيشبِّهها بحُبيبات "القزاز المكسَّر"!

الأحد:
ثلاثمائة ألف مفصول من الخدمة المدنيَّة والعسكريَّة ، في ولايات السودان كافة ، لأسباب سياسيَّة ، أو بدعوى الصالح العام ، أو لإلغاء الوظيفة ، أو بسبب الخصخصة ، أو إعادة الهيكلة ، أو بأىٍّ مِمَّا أسموه "أساليب الترغيب أو الترهيب" ، هدّدوا ، اليوم ، بتسليم جنسياتهم إلى الأمم المتحدة حالَ اعتراض الجهات الأمنيَّة اعتصامهم السلمي المقرَّر تنفيذه أمام القصر الجمهوري منتصف نهار بعد غدٍ ، أى في تاريخ نشر هذه الرزنامة ، بهدف تسليم رئاسة الجمهوريَّة مذكرة تطالب بإصدار قرار سياسي بإلغاء قرارات فصلهم ، وردِّ اعتبارهم مادياً ومعنوياً. وهدَّدوا بمقاطعة التعداد السكاني ، هم وأسرهم ، وهاجموا قيادات اتحاد العمال والنقابات الحاليَّة ووصفوها بأنها "روافد للمؤتمر الوطني مهمَّتها الأساسيَّة الدفاع عن النظام ، وليس عن حقوق العاملين ، وقد باركت فصل الكثيرين". كما هاجموا القرار الحكومي بإنفاذ إلغاء الفصل للصالح العام ، بموجب إلغاء المادة/50 من قانون الخدمة المدنيَّة ، قبل معالجة الأضرار التي نجمت من تطبيقات تلك المادة عليهم ، منوهِّين إلى أن ذلك ما تمَّ إلا لتأمين الموالين للنظام فى الخدمة (الصحافة ـ أخبار اليوم ، 25/2/07).
ناقوس آخر يدقُّ للغافلين عن استحقاقات (العدالة الانتقاليَّة)! فبدون أداء هذه الاستحقاقات ستنتهي (الفترة الانتقاليَّة) دون أن نكون قد (انتقلنا) إلا إلى .. الأسوأ!

الاثنين:
أعرف ، من زمان ، أن إدوارد لينو شاعر ، وقد اطلعت على نماذج جيِّدة من قصائده. لكن صورة باقان أموم وقعت عندى دائماً كسياسيٍّ قح ، مرَّة كأمين عام للتجمُّع ، على أيام القاهرة ، ومرَّة أخرى كأمين عام للحركة الشعبيَّة لتحرير السودان. وما دريت أن باقان شاعر أيضاً إلا بعد أن أهدانى عز الدين عثمان نسخة من مخطوطة ترجمته لكتاب لورنس كورباندي (مدخل إلى شعر المقاومة: أشعار من جنوب السودان) الذى جمع فيه قصائد نخبة من الأصوات القويَّة فى هذا الجزء العزيز من الوطن. ولعلَّ في هذه الواقعة وحدها ما يعزِّز سداد قول عز الدين ، فى مقدِّمة الترجمة ، أنه ما أقدم عليها إلا "مساهمة فى مسيرة التعرُّف على بعضنا البعض ، مع دعوة مفتوحة لابتدار .. نيفاشا ثقافيَّة" ، وإن كنت أقاسمه أسى استدراكه بأن هؤلاء الشعراء إنما يكتبون "بلغة غير لغتهم ، إذ هم ، ابتداءً ، مترجمون لعواطفهم ، فثمَّة فى ترجمتنا ترجمة مركبة .. وربما خسارتان"!
وإذن ، فباقان شاعر مقاتل وسياسي شلكاوى من أعالي النيل ، بدأ نشاطه الثوري منذ يفاعته على أيام المدرسة ، حيث كان عضواً بالجبهة الديموقراطيَّة. وبعد التحاقه بجامعة الخرطوم ، هجرها ، مع عدد من رفاقه ، ليلتحقوا بالحركة/الجيش الشعبى لتحرير السودان. وقد ابتعث لاحقاً إلى كوبا التى أكمل فيها دراسته ، وحصل على الماجستير في العلوم السياسيَّة ، ثمَّ أصبح ممثل الحركة لديها. وبعد مؤتمر أبريل 1994م صار باقان سكرتيراً ثقافياً للحركة ، ثمَّ قائداً لقوَّاتها في شرق السودان ، ثم أميناً عاماً للتجمُّع ، قبل أن يرتقي إلى موقع الأمين العام للحركة. فكان لا بُدَّ لمسيرته السياسيَّة الحافلة تلك من أن تنعكس فى فكره ، كما ، وبالصدق كله ، فى شعره:
"مثلما تذوي البذرة لتنمو الشجرة/ لا بُدَّ أن تطرح أوراقها الزهرة لتتفتح/ نكسر القيود لأجل الحريَّة/ ونقاتل من أجل السلام/ فالحرب تطفئها حربٌ مثلها ../لا أخذ بدون عطاء/ ولا يستمتع بالكسب من لم يتذوَّق الألم/ ندحر القديم لنبني الجديد ../ من يقف متفرِّجاً لا يحرز هدفاً/ والضفة لا يبلغها إلا الذى ينزل إلى الماء ../ لك أن ترمى النرد/ ولكن الخيار خيارك"!
على أن ثمَّة نبرة إنسانيَّة عالية في تعبيرات باقان الشعريَّة لن يدركها ، قط ، من يصغي لتعبيراته الحركيَّة ، فحسب:
"لن أكره أحداً مطلقاً/ وإن أجبرت على قتل إنسان أو أكثر فى حروب الثورة/ لا أكره أحداً مطلقاً/ ولو من صفوف العدو/ ولِمَ أكره من هو بشر مثلي؟!/ لا أسعى ، مطلقاً ، لأعاقب أياً من كان/ وإنما لأردَّه إلى الصواب/ لست طالب ثأر يا رجل!/ وإنما أكدُّ لأخضع ذلك الذى يتحرَّق لاضطهاد الآخر/ ولكننى أحبه .. كونه إنسان"!



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شَمسٌ كَرَأسِ الدَّبُّوس!
- قصَّةُ بَقرَتَيْن!
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - الأخيرة
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (6) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ ال ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (5) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ ال ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - 4
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ الاعتِ ...
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ -3
- الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ ..بَينَ خَريفٍ وخريفْ: مائ ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى (الأخيرة) - ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى(2) الدِّيمُ ...
- طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى - 1
- دَارْفُورْ: شَيْلُوكُ يَطلُبُ رَطْلَ اللَّحْمِ يَا أَنْطونْي ...
- عَضُّ الأصَابع فِى أبُوجَا!
- بَا .. بَارْيَا!
- إسْتِثناءٌ مِصْرىٌّ وَضِئٌ مِن قاعِدةٍ عَرَبيَّة مُعْتِمَة!
- خُوْصُ النَّخْلِ لا يُوقِدُ نَاراً!
- التُّرَابِى: حَرْبُ الفَتَاوَى!
- سِيْدِى بِى سِيْدُوْ!
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ (الحلقة الأخيرة) مَا العَمَ ...


المزيد.....




- أفوا هيرش لـCNN: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الجام ...
- بوريل: أوكرانيا ستهزم دون دعمنا
- رمز التنوع - صادق خان رئيسا لبلدية لندن للمرة الثالثة!
- على دراجة هوائية.. الرحالة المغربي إدريس يصل المنيا المصرية ...
- ما مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب شاملة مع حزب الله؟
- القوات الروسية تقترب من السيطرة على مدينة جديدة في دونيتسك ( ...
- هزيمة المحافظين تتعمق بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن
- -كارثة تنهي الحرب دون نصر-.. سموتريتش يحذر نتنياهو من إبرام ...
- وزير الأمن القومي الإسرائيلي يهدد نتنياهو بدفع -الثمن- إذا أ ...
- بعد وصوله مصر.. أول تعليق من -زلزال الصعيد- صاحب واقعة -فيدي ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - لَكَ أَنْ تَرمِيَ النَّرْد!