أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - درويش محمى - انعدام الخيارات والفرصة الاخيرة















المزيد.....

انعدام الخيارات والفرصة الاخيرة


درويش محمى

الحوار المتمدن-العدد: 1798 - 2007 / 1 / 17 - 08:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أخيراً حسم الرئيس الامريكي جورج بوش امره ، وافصح عن استراتيجيته الجديدة بشأن العراق ، معلناً تصميمه على الاستمرار بدعم الحكومة العراقية ، وارسال المزيد من القوات الامريكية للمساعدة في استتباب الامن في العاصمة بغداد ومحافظة الانبار ، ولم يأخذ الرئيس بوش بتوصيات بيكرـ هاملتون ، التي كانت تشكل خطة انسحاب امريكية عاجلة من العراق ، واستهانة واستخفاف بارادة الاغلبية من الشعب العراقي وماتم انجازه من دستور دائم وبرلمان منتخب ، وانتخابات اقدم عليها العراقيون في ظروف صعبة وقاسية ، اثبتوا من خلالها عن تأيديهم للعراق الجديد وبناء الدولة الديمقراطية .
شهدت القوات الامريكية ومعها الادارة الامريكية ، اعوام صعبة وقاسية في العراق ، على عكس التوقعات بحرب قصيرة وخاطفة ، وبدل ان يستقبلها العراقيون "باستثناء الكرد" كقوات محررة ، بباقات الورد كما فعل جيرانهم من اهل الكويت ، تعبيراً عن شكرهم وامتنانهم ، تم استقبال تلك القوات بالجفاء من بعض الشيعة ، وبالرصاص من البعض الاخر"كالتيار الصدري " والسنة العرب .
المحنة العراقية والحرب الضروس التي تستهدف مشروع العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد ، من قبل القاعدة والجماعات المسلحة والمليشيات الخارجة على القانون ، تتطلب شجاعة فائقة واتخاذ قرارات حاسمة ، وهذا ما اقدم عليه الرئيس الامريكي جورج بوش في وضع استراتيجيته الجديدة بشأن العراق ، واختار المواجهة رغم صعوبتها على الانسحاب و"الهزيمة" .
الدعم الامريكي المشروط لحكومة السيد المالكي ، وعملية الزام الحكومة العراقية بفترة زمنية معقولة لانجاز بعض المهام المحددة ، بالاضافة الى الاعلان الصريح الذي جاء في خطاب الرئيس بوش ، بأن الدعم الامريكي للحكومة العراقية لم يعد مطلقاً ومباحاً الى الابد ، خطوات صائبة وفي محلها ، لانها ستدفع بالفرقاء المشاركين في العملية السياسية الى التضامن اكثر من ذي قبل ، والعمل بجدية ومسؤولية لمواجهة العقبات الامنية والسياسية التي تواجه العراق ، والشروط الامريكية الجديدة تشكل كذلك ، مفترق طريق في السياسة الامريكية ودورها المستقبلي في العراق ، وتعبر عن حقيقة ما يشعر به اغلبية الشعب الامريكي الذي يقاتل اولاده في ما وراء المحيطات ، وبدأ يفقد صبره وثقته بجدوى دمقرطة العراق ومدى استجابة العراقيين وقابليتهم للعصرنة والتحرر بدل الاقتتال والتمسك بثقافة الاستبداد ، الغالبية من الشعب الامريكي صوت مؤخراً للديمقراطين على عكس المألوف ، كرد فعل على اخفاق العراقيين والحليف الامريكي من انجاز المهمة على الساحة العراقية ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة ما الذي يخفيه العام الحالي للعراق وللعراقيين ؟؟
اقامة نظام ديمقراطي على انقاض دولة فاشية ، انتهجت على مدى عقود من الزمن ، سياسة الاضطهاد القومي والطائفي والعنف والالغاء للاخر ، ليس بالامر الهين ، فمن الطبيعي جداً وكنتيجة لزوال الاستقرار القائم على عنف الدولة ، تجاه الكرد من جهة والشيعة من جهة اخرى ، ان يظهر الى السطح قوة الاغلبية المتمثلة بالشيعة والكرد ، كاستحقاق طبيعي للعملية الديمقراطية ، باعتبار الطرف الشيعي يشكل الاغلبية ومع الكرد يشكلون الاغلبية المطلقة ، مقابل الطرف السني الذي يشكل اقلية ويعارض عملية التغيير ، ويرفض الاعتراف بالحقيقة القائلة ان العراق ما قبل نيسان 2003 قد ولى والى الابد ، قد تبدو هذه النظرة عامة وغير دقيقة ، وهذا صحيح ، فالامر اعقد من الخلاف الطائفي والاثني الذي يتميزبه البلد العراقي ، بل يتجاوز حدود العراق وامكاناته .
ما يجري في العراق يعكس صراع ارادات عديدة متناقضة ، القاعدة والسلفيين وحربهم مع الكفرة الامريكان والقوات الصليبية ، وجهادهم في سبيل جعل العراق امارة اسلامية متخلفة بدائية ، البعثيين والقوميين العرب الذين مازالوا يعتقدون بسياسة الاستبداد والرأي الواحد ، و وهمهم بامكانية عودتهم الى السلطة وفرض ارادتهم على الجميع ، التيار الصدري الاسلامي المتطرف وقائده الشاب القاصر في الشأن السياسي ، والكرد الذين يدركون جيداً انهم امام فرصة تاريخية لاتعوض للحصول على حقوقهم القومية المشروعة والحفاظ على تجربتهم الفيدرالية ، والشيعة بانواعهم وهم يصرون على حقوقهم كأغلبية ، ودول المنطقة والجوار العراقي مابين رافض للتغيير ومتفرج ، وقطعاً لا توجد بين حكومات المنطقة من يدعم العراق الديمقراطي الفدرالي الجديد .
الاستراتيجية الامريكية الجديدة في العراق ، وضعت الحكومة العراقية امام حالة انعدام الخيارات ، ولم يعد امام الحكومة العراقية الا خيار واحد لا غير ، باتخاذ قرارات حاسمة وسريعة ، وايجاد حلول لعدة قضايا عاجلة ، بخصوص ميليشيا جيش المهدي ، وارضاء السنة العرب وادخالهم في العملية السياسية والدخول معهم في عملية مساومة سريعة ، والضرب بيد من حديد اوكار السلفيين العرب وحلفائهم من فلول البعثيين ، والقضاء على الفساد المستشري في الوزارات الحاكمة ، وبناء القوات العسكرية العراقية ، والحد من التدخل الايراني والسوري ، مهام تنتظر حكومة المالكي ، تتطلب جهود حثيثة ومرونة سياسية وحسم عسكري في الوقت نفسه ، وفي حال عدم تمكنها من تحقيق ذلك ، فالخروج الامريكي من العراق قد يصبح امراً واقعاً ، والنتائج ستكون وخيمة وقاسية على العراق والعراقيين أولاً واخيراً .
فرض فترة زمنية محددة على الحكومة العراقية والقوى السياسية المشاركة في العملية السياسية لاتمام استحقاقات لا تقبل النأجيل ، واستمرار الدعم الامريكي للحكومة العراقية لفترة مقبلة ، يعتبر بمثابة صك "برأة ذمة" للادارة الامريكية من التزاماتها الاخلاقية تجاه الشعب العراقي ، بوصفها قامت بعملية التغيير ، وفعلت ماعليها من اجل تحقيق ما اعلنته ، والكرة الان في ملعب الساسة العراقيين من اجل انقاذ بلدهم والتصدي للقيام بما يجب القيام به .
الاستراتيجية الجديدة للرئيس بوش جاءت مخالفة لتوصيات بيكرـ هاملتون ، ولكنه خلاف مؤقت وغير دائم ، فالدعم الامريكي للحكومة العراقية اصبح دعماً مشروطاً وذا سقف زمني محدود ، واذا لم تتحقق الشروط الامريكية او على الاقل الجزء الاكبر منها خلال الفترة المعلنة ، سيتم العمل بمعظم توصيات بيكر هاملتون ، ويتم كذلك وبحكم الواقع العودة الى السياسة الامريكية التقليدية ، التي تقوم على ركيزة مفهوم الاستقرارالجبري " القائم على العنف" من قبل الحكومات الديكتاتورية ، تؤمن للولايات المتحدة الاستقرار المطلوب لتأمين مصالحها الحيوية والاستراتيجية ، يخطئ من يعتقد ان توصيات بيكر ـ هاملتون قد انتهى امرها ، باعلان الرئيس جورج بوش لاستراتيجيته الجديدة ، التوصيات باقية ولم يتم الغاءها بل تم تعليقها وحسب ، فأذا فشلت التجربة العراقية ، ستعود توصيات بيكرـ هاملتون الى الصدارة من جديد ، ولن ينتصر السلفيين والظلاميين في العراق وحسب ، بل سينتصر التيار السياسي الامريكي المناهض لمشروع جورج بوش الداعي الى دمقرطة المنطقة ، وسيتم بالفعل تجاهل ارادة شعوب منطقة الشرق الاوسط ، والحاجة الحقيقية الملحة لتلك الشعوب الى الحريات بانواعها المختلفة ، وستعتبر مسألة الحريات والديمقراطية شأن داخلي لحكومات المنطقة ، لا تتدخل فيها الولايات المتحدة الامريكية ، ولن تتجرأ اية حكومة امريكية في المستقبل الاقدام على تجربة مماثلة للتجربة العراقية مرة اخرى .
الاشهر القليلة المقبلة ، تعتبر فترة حاسمة في تقرير مصير العراق ، وتشكل فرصة اخيرة امام العراقيين في بناء بلدهم ، فمن مصلحة الكرد نجاح تجربتهم الفيدرالية ، ومن مصلحة الاغلبية الشيعية انتمائهم لعراق قوي يحظى بقبول الجيران العرب ، ومن مصلحة السنة العرب البقاء كجزء من العراق الغني ويتقاسموا مع بقية العراقيين خيرات وثروات العراق الوفيرة ، فهل سيستمع العراقيون لصوت الحكمة والعقل ، والاتفاق على بناء عراق جديد للجميع ومن اجل الجميع .




#درويش_محمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو ولو ......يا عرب
- بيكر - هاملتون .. خطة فرار أميركية
- من قال ان دراكولا روماني الاصل
- الخطير في خطاب نصر الله الاخير
- الاسد والمعركة المصيرية
- حروب نصرالله وأحلام الجنرال العجوز
- القانون السوري لا يحمي المغفلين ولا المبدعين
- صدام وحكم الاعدام
- النقاش العقيم حول جدوى الديمقراطية
- الكرة في ملعبكم يا اخوان
- موشيه كاتساف والحسد
- جائزة النوبل لضحايا الارمن
- النموذج العربي لفاشية الملالي الفارسية
- معتدل او متطرف -تصنيف يفتقرللدقة والعدل
- الجولان برسم البيع
- جهل مطبق ام تربية عفلق
- حروب السيد حسن نصر الله
- مبروك للسيد البيانوني وعقبال الرئاسة
- الجنرال وقصر بعبدا
- قطر الجزيرة ام الجزيرة القطرية


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - درويش محمى - انعدام الخيارات والفرصة الاخيرة