أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الروائي المصري رؤوف مسعد: يجب أن أخرج بقارئي من المألوف المعتاد إلى الخاص والمحرَّم















المزيد.....

الروائي المصري رؤوف مسعد: يجب أن أخرج بقارئي من المألوف المعتاد إلى الخاص والمحرَّم


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1765 - 2006 / 12 / 15 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


الجزء الثاني

*تحفل " غواية الوصال " بأطروحات فلسفية، مثل فكرة" فعل الكتابة " و " الموت "، لكنك تستدرك وتقول بأن هناك ما هو أهم من الكتابة والموت، " إنه الإحساس بفقدان الهمّة". كيف تفسر لنا العمليات التي تسبق الموت أو المتزامنة معه من منظور إيروسي؟
- كما أشرت أن نص "غواية الوصال " فاجأني فأدخلني في مناطق كنت أتحاشاها عن قصد أو خوف مثل الموت. قبل الكتابة كنت في حالة اكتئاب يعرفها الكتّاب بين نص وآخر، متعلقة بجدوى الكتابة .. أي بجدوى وظيفة الكاتب وسبب وجوده في الحياة. تشابك الاكتئاب مع إصابتي بأزمة قلبية وبعملية صغيرة في القلب تكررت أكثر من مرة خلال سنة واحدة.
حينما كنت في المستشفى، وفي غرفة العناية المركزة لم أدرك خطورة ما أنا فيه إلا من عيون ابنتي وابني حينما زاراني وشاهدا كل تلك الأنابيب الداخلة والخارجة مني. قمت بالترفيه عنهما والتهوين من الأمر! لعلي كنت أرفِّه عن نفسي وأهوِّن من أمر ما أصابني.
إبان كتابة الغواية كنت أشاهد بانتظام فيلماً وثائقيا في الـ" بي بي سي " عن الحياة والموت. منذ بداية التلقيح وابن الفعل الجنسي، وكيف تموت كل الحيوانات المنوية، ويبقى واحداً فقط يلقح البويضة ويعطي الحياة لمولود جديد. ويواصل الفيلم في حلقات متتابعة النمو والبلوغ والنضج والشيخوخة والمرض ثم الموت. تطوع مريض بالسرطان أن يعطي للفيلم حق تصوير أيامه الأخيرة. رافقته الكاميرا حتى لحظات الغيبوبة فالموت ثم الدفن .. كنت أفكر أنا أيضاً خلال المشاهدة في موتي المقبل وكيف استعد له مثل المريض في الفيلم الذي طلب من زوجته أن تستعير أصدقائه ليودعهم. لكني في الوقت نفسه كنت منكباً على كتابة الغواية وأبحث باستمتاع عن مفاتيح ايروتيكية للنص. وكنت أهاتف" فتاة النص " الحقيقة كما اتفقت معها لكي نتحادث.. فقد قلت لها أنني أكتب نصاً ما عن ليلة قضيناها معاً وعن ليال أُخَر سنقضيها. وافقت هي و" لعبت " معي. هكذا استطعت أن أدمج حالات مختلفة وتبدو متناقضة في نص واحد. أعتقد أنني كنت محظوظاً في هذا النص لأنني عشت تجربة ايروتيكية، وعشت تجربة الموت، وكان الفاصل بين التجربتين قصيراً. الإحساس بفقدان الهمة هو حالة من حالات الاكتئاب. الاكتئاب الذي يبدو لي انه أفظع من الموت. لأن الموت نهاية للحياة، لكن الاكتئاب هو افتراس للطاقة الحيوية. تخيل أنك تعيش وما أنت بعائش، وأن هناك من يتغذى على طاقتك حتى تفقد همتك تلك التي أشرت إليها. تؤوى إلى فراشك محبطاً وتستيقظ محبطاً. توجد منطقة في اللاهوت الكاثوليكي تسمى " لمبو " ولعلها تسمية لاتينية. هي منطقة باردة بين الجنة والجحيم يقبع فيها بعض البشر الذين لم يرتكبوا خطايا تقودهم الى الجحيم ولا حسنات تشفع لهم تقودهم الى النعيم. أجارك الله! لهذا يكثر الأحياء من الصلوات على أرواح أمواتهم حتى لا يقبعوا في اللمبو. الاكتئاب هو اللمبو ..فقدان الهمة!

*عبر ثنائية تماهي " الروح والجسد " تكشف "غواية الوصال " عن مشكلتك الأزلية التي تبدأ من الغوايات الصغيرة لتنتهي بالغواية الكبرى. . التلصصية، اللمس، مص أصابع القدمين، مداعبة تفاصيل الجسد الحساسة، لعق زهرة اللوتس وما الى ذلك، ثم تتفاقم عندك الحالة لتصرّح بصوت عالٍ برغبتك القوية في أكل هذا المعشوق الغاوي كما تفعل القبائل البدائية، ويختلط دمها بدمك، ولحمها بلحمك لكي تتوحدا في جسد واحد، وروح واحدة. كيف تفسر هذا التوحد الجسدي، وكيف تؤول هذا التماهي الروحي؟
- جزء كبير من كتاباتي يعتمد على " الكشف" بكل أنواعه الشخصي والعام. في علم الجنس توجد دراسات حول " الفيتشيزم " ومعناه بشكل عام التعلق الايروتيكي بأجزاء من جسد الآخر أو ثيابه. الشبكة بها مناطق بكاملها عن هذا الموضوع. لعلك لاحظت أن " المنطقة الحمراء " في أمستردام تعلن عن أماكن تتيح للراغب أن يمارس "طلباته" من الفيتشيزم. إنه أيضاً غواية من نوع خاص. هو مرتبط إلى حد ما بنوع آخر من الممارسة الجنسية " السادو - ما زوخيزم " أي استجلاب اللذة عن طريق العنف والتسلط أو ومع أيضاً الاستخذاء واستقبال العنف. طالب ومطلوب .. كما يقول أهل السوق. هذا هو الجانب الأكاديمي والعملي. نأتي إلى النصوص، وما قلته من قبل عن شعرة الصراط التي تفصل بين الكاتب والراوي في الرواية على رغمٍ من تقاربهما وتماهيهما في أشياء كثيرة. فإذا تحدثنا عن التلصصية أو ما يطلق عليه علمياً بـ" المتعة من خلال النظر " أليست مشاهدة الأفلام الايروتكية- أو حتى الأفلام بشكل عام - هي متعة من خلال النظر؟! وبما أنه يوجد مستمتعون بالنظر فلا بد من وجود من يقدِّم لهم متعتهم هذه وهم من يُطلق عليهم العلم الجنسي اصطلاح " استعراضيين، اجزبينيشست " وتجدهم في الاماكن العامة ينهمرون على بعضهم قبلاً، تحسساً، أو يمكن النظر إليهم من نوافذ بيوتهم حيث يتجولون عراة أو يمارسون الجنس أمام من يتطلع ..كما كتبت في الغواية عن جارتي.
كتبت فصلاً صغيراً تجده في الطبعة الاولى وسقط في الثانية بعنوان " غواية القدم " أرجعت فيه التوله بالأقدام إلى الجذور التاريخية القديمة والى عادات أهل الصين ما قبل الشيوعية في الحفاظ على أقدام النساء الثريات مثل أقدام الأطفال صغيرة بوضعها في قوالب حديدية والى منحوتات من المعابد الهندية ورسومات ولوحات يابانية عن التوله بالأقدام.
ليس هاماً هنا إعتراف الكاتب بولعه بمناطق خاصة في جسد الآخر لأنه ينقل الحوار الى " خصوصية " غير مستحب لها أن تصبح عمومية! لكن التوله بأجزاء جسدية معينة ينقل الفعل الجنسي من حال إلى حال. ينقله من " فعل " الى رؤيا. يأخذه تدريجياً على ما يسميه فلاسفة الهنود " النيرفانا " أي حالات السمو والرفعة التي نجدها عند المتصوفة. حينئذ تكفي العاشق لمسة من المعشوق .. تكفيه أصابع قدميه أو زهرة اللوتس .. لأن العاشق " يلخص " معشوقه في هذه المناطق مثلما كان شاعر الجاهلية يلخص حبيبته في راحلتها أو بقايا مضاربها أو لحظ عينيها. فالتلخيص هنا هو إزالة الشوائب المحيطة باللؤلؤة حتى تصفو فينكشف بهائها. لعله أيضاً يقارب التصوف في رغبة العاشق في التغلغل داخل محبوبه والاندماج فيه كما يقول ابن عربي أو كما قال الحلاج باندماجه في الله. وهو الخروج من الفعل بالجنس الى تذوق الجنس. فالأجزاء الحساسة من المعشوق لها طعمها وذائقتها .. وهو يدخلنا إلى مبدأ أكل المعشوق.
مبدأ أكل المعشوق هو مبدأ قبلي، ديني، طوطمي مرتبط بديانات ما قبل التوحيدية. لا زلنا نستخدم تعبير أكل المحبوب في تعبر المعاصرة " مهضوم.. آكلك منين يا بطة.. تتاكل أكل .. طعمه بكسر الطاء استوت البنت وطابت للأكال" أي لمن يأكل " الخ وهو مبدأ تجده في المسيحية حتى الآن في " العشاء الرباني " حينما قدم المسيح الخبز الى تلاميذه وقال " هذا جسدي " والخمر وقال " هذا دمي " ولعل المسيح أخذه من الديانات السابقة حينما كانت الأضاحي البشرية تقدم للآلهة طلباً وتزلفاً. ويرجعنا هذا السؤال أيضا إلى علم الرموز والدلالات. فقطعة قماش ملونة ترمز الى الوطن " العلم " تحظى بقدسية نادرة مثلما تحظى بها مجموعة أصوات " النشيد الوطني " لأنها رمز تعارف عليه المنتمون لهذا الوطن. لخصوا انتمائهم في العلم والنشيد. ومنذ مدة تشغلني فكرة كيف أن " الإنسان " يبدأ حياته " ملخصاً " ثم يتوسع حتى يتلخص في بقعة صغيرة من الأرض أو يتحول الى رماد وهباء. بالنسبة لي كمراهق بدا لي الجنس أنه عالم واسع لن استطيع أن أحيط به .. وحينما بدأت أكتب عن الجنس انهمكت بالكتابة عن التفاصيل الحميمة للعلاقات الجنسية في محاولة “ للاقتراب" من الجنس.. ومع الاقتراب الحميم في الفعل والكتابة بدت لي مدهشة فكرة التلخيص التي أشرت إليها. خصلة شعر، منديل، صوت، رسالة بالبريد الالكتروني" الافتراضي "الخ. هكذا يتلخص الطرف الآخر في جزء صغير. هذا ما أفهمه أنا، وما أود من القراء أن يستوعبوه، لكني أعرف أن النص يمكن " قراءته " قراءات متعددة ولكل أمريء ما نوى!!
*ماذا يرى رؤوف مسعد بعد الغوايات الجسدية والروحية، وهل صحيح أن الأخلاق التي تتصدى لها في مجمل أعمالك الأدبية هي اختراع بشري مؤقت لقضاء حاجة ما، وكيف تنظر إليها وأنت على مشارف السبعين؟
- بالطبع الأخلاق اختراع بشري لا ريب فيه. وكما ذكرت لك من قبل عن اختلاف الحدود والتعريفات الأخلاقية من عصر إلى عصر، ومن جماعة الى جماعة تجد في القاموس manners تعني آداب اجتماعية، سلوك، أخلاق، عادات، بينما تعنيmannerist : سائر على أسلوب معين، متصنع. الأخلاق " الحميدة " " إذا استخدمنا هذا التعبير " هي احترام الخصوصيات أن آكل ما يعجبني وأن أرتدي ما يعجبني أيضاً. إذا كان المتشددون الإسلاميون يصرون على ارتداء الحجاب في أوروبا، أي ما يعجبهم، فيجب ألا يكيلوا بمكيالين. ألا يقتحموا نومي بميكروفونات الآذان .. ألا يجبرني على الصيام في رمضان. إن الفساد الذي مارسته البنوك التي قالت إنها إسلامية مثل " الريان " هو شيء لا أخلاقي، سرقة صريحة. ينطبق هذا على مدعي التدين في المسيحية أيضاً. تجارة العبيد في الغرب كانت عملاً لا أخلاقياً على رغمٍ من أن مالكي الرقيق اعتبروا أنهم يخدمون الرب بتنصير العبيد! لكنهم لم يعطوهم حريتهم على رغمٍ من اشتراكهم سويا في ملكوت الرب، بل لم يسمحوا لهم بالصلاة في كنائسهم.
*لا تخرج روايتك الجديدة " فتنة إيروسا " عن مناخ الأعمال الأدبية السابقة لك، ولكنك تعرّج هذه المرة على الشواذ، والمنحرفين، والخنثويين، والمثليين. لماذا التركيز على هذا النزوع الإيروسي تارة، والجنسي تارة أخرى؟ ألا تجد في الحياة موضوعات أخر تستحق العناية والاهتمام والتركيز، أم أن لديك رأياً أخر؟
- الحياة مليئة بالموضوعات، لكن هناك تخصصات في الكتابة. تجد هذا واضحاً في الغرب، بل كانت هناك تخصصات في الشعر العربي القديم، شاعر غزلي، وشاعر مداح ، وشاعر هجّاء، الخ لكن لا تنسى أيضاً، وليس هذا دفاعاً، أن الجنس متشابك مع الكثير من " الموضوعات الأخرى " مثل الحرية الشخصية، والتعذيب، والسياسة. فهو متشابك مع الحرية الشخصية، والمجتمع المدني لأن الأديان بشكل عام تحقّر من شأن الجنس. نلاحظ أن الدول التي تعلن أنها تطبق الشريعة همها الأول هو الرقابة الأخلاقية على مواطنيها وعلى الإبداع كله، وتنطبق الرقابة على السلوك اليومي، وعلى الثياب .. الخ. أنا لا أستطيع ان أطالب بمجتمع مدني من دون أن أطالب بالخصوصية، ومن دون أن أطالب بحق الجماعات الجنسية المهمشة مثل المثليين والبي سيكسويل في مزاولة حقهم الإنساني في اختياراتهم. خاصة أن هذه الاختيارات لا تسبب الأذى للآخرين. إن حق مدخن السجائر في التدخين على رغمٍ من علمه انه يؤذي نفسه والمحيطين به، وحق شارب الخمر في احتسائها على رغم من العلم بالأذى البدني والعام الذي تسببه الخمر، هذا الحق تم اكتسابه ليس نتيجة صراع اجتماعي أو طبقي، بل لأن وراء المدخن وشارب الخمر شركات تتعامل بالبلايين، وتستطيع أن تطيح بحكومات ودول! توجد نصوص في المسيحية واضحة تحرم العلاقات المثلية، لكن تطور المجتمع المدني في الغرب ونتيجة نضال متواصل من أجل الخصوصية شرَّع المشرِّع في معظم الدول الغربية بحماية المثليين. هل الغرب أقل تدينا وأكثر إباحية من الشرق المسلم؟ الإجابة بالتأكيد بالنفي. ليست هناك مجتمعات إباحية وأخرى أخلاقية " إذا استعملنا هذا التعبير " .. بالطبع لا المطوِّعين أو جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم أكثر نقاء من مجتمعات تسمح بشرب الخمر ومشاهدة الأفلام ؟ بالطبع لا.
ما هو دوري ككاتب في موضوع الأخلاق ؟ وما دوري في موضوع المثليين والمهمشين؟
هذه اختيارات شخصية تنبع من قناعات قديمة. أنا ابحث وأكتب عن العدل. أكشف الظلم والتعذيب. هذا واضح بقوة في " فتنة إيروسا ". لأن موضوع " كوين بوت " في مصر هو في الأساس موضوع سياسي. هذا ما تقوله الوثائق على استحياء. المتهم الأول " شريف.. " ينتمي إلى أسرة نافذة. وفي جلسة نميمة قالت سيدة كانت نافذة في الأسرة النافذة أن فلاناً " من أسرة نافذة أيضاً " شاذ جنسياً. تم تلفيق القضية .تأديباً للأسرة الاولى. كيف تقبض الدولة على أكثر من خمسين شخصاً .. تحقق معهم، وتحاكمهم، وتصدر أحكاماً بشأنهم، ثم يقرر رئيس الجمهورية العفو عن المتهمين بعد أن أصاب سمعتهم ما أصابها؟!
المجتمع المصري في معظمه لم يتضامن مع المتهمين، وأطلقت الصحافة عليهم اصطلاح " عبدة الشيطان، وقوم لوط، وعملاء اسرائيل "، بلى فكل المصائب تصدير إسرائيلي!".
لماذا لم يتعاطف المجتمع مع متهمين لم تثبت عليهم جريمة؟ بل لم يرتكبوا جريمة على الإطلاق؟" فالمادة القانونية التي تمت محاكمته بها هي الفجور، وكانت تستخدم ضد البغايا اللاتي يقبضن أجراً نظير خدماتهن" فهم ليسوا ببغايا محترفين، بل يبحثون عن هوياتهم الجنسية ويمارسوا نشاطهم الجنسي بتكتم!
الرواية تحكي عن استخدام الجنس وسيلة للإذلال مثل القصة الحقيقية المعروفة لرئيس المخابرات صلاح نصر في عهد عبد الناصر مع سعاد حسني. الرواية تحكي عن انتهاكات الشرطة لعفاف المتظاهرات في التضامن مع القضاة المصريين. كما أنها رواية تبحث في مجتمع منافق يمارس كل أنواع الجنس ويخفي ممارساته. هذه اختيارات الكاتب وقناعاته.
*ألا يمكن لروحك أن تتحرر إلا عن طريق الجسد وغواياته المحببة ومقاماته الإيروسية التي تشبه المقامات الصوفية الى حد كبير؟
روحي أبحث لها عن التحرر عن طريق البحث عن الحقيقة التي في جسدي. لا توجد حقيقة خارج الجسد الذي يحمل جينات لا حول لك بها. قد تكون جينات عبقرية أو جنون أو إجرام! جسد قد يقودك إلى المهالك أو تقوده أنت الى الدير والتبتل والتصوف. هو خلاصة روحك وفؤادك ومبعث قلقك أو طمـأنينتك. أي جسد أمتلك؟ وما هي غواياته؟ من أنا وهل أقدر على التوازن بين المظهر والباطن؟ استطعت أن أمتلك الشجاعة في كسر بعض المحرمات، على الأقل، بواسطة الكتابة .. أدافع عن قناعتي مهما تكن مختلفة عن أراء الآخرين مثل رحلتي الى فلسطين- اسرائيل التي أصابني من جرائها عنت كثير، لكني لم اندم عليها ولا على قراري. دفاعي عن قناعاتي يساعدني في تطهير روحي والبحث عن ملذات حسية " وليست جسدية " في تذوق الجنس باعتباره هبة للبشر لولاه لما كانت هناك حياة متواصلة، ولا متعة، ولا حب، ولا مال، أو بنون! يتحول الجنس مع تقدمي في السن الى شبق هادئ يقارب الحب الصوفي. لا تنسى أن للجنس آلهته أيضاً! يخرجني من فقدان الهمة الجسدية إلى همة حسية وعقلية. حينما أكون في مصر أذهب لزيارة شيخ صوفي حبيب الى قلبي. أجلس معه في الحضرة. أشاهد الذاكرين يقومون برقصهم الهادئ إلي يتحول مع الإيقاع، ومع ذكر لفظ الجلالة الى حركة خارج الجسد، وخارج الزمن، وخارج المكان الفقير المضاء بمصابيح الكاز. أتمايل معه في داخلي. لقد قبلوني كما أنا من دون أن يحاولوا تغيري أو إقناعي بما أنا غير مقتنع به. هؤلاء البسطاء الحكماء بلغوا أرقى مراحل التطور الإنساني في إحترام الآخر من خلال تلخيصهم للكون والخالق في فعل راقص بسيط. أنهم يعيشون عدة حيوات لكنها متداخلة. الواحد منهم فلاح ومعظمهم هكذا، أو مدرس، أو حرفي بسيط، لكنهم يتداعون الى الحضرة ويتذاكرون المديح للرسول وآل البيت ولفظ الجلالة. يتمايلون وينشدون ويتحولون الى حياتهم الأخرى ويقومون ببعض الأعمال التجارية فيما بينهم. هذه حياة ثالثة، ثم يروحون الى بيوتهم ويرجعون أزواجاً وآباء ويخططون لغدهم في الحقل. أنا أيضاً، أو هكذا أعتقد، أمارس عدة حيوات: مثقف منشغل بما يدور حولي من قضايا. أب مهتم بما يحدث لأبنائي، زوج، أحاول أن أطور العلاقة بيني وبين شريكتي لنتفادى الملل والسأم. صديق لبضعة أصدقاء. أتسلل أحياناً الى " علب الليل " الهولندية أراقب واستمتع. أذهب الى بار المثليين العرب أصدقائي، وأتحادث، وأستمتع بالشراب والصحبة. كاتب، أكتب بشكل شبه منتظم. وطباخ أحب أن أطبخ في البيت ما أحب! لكن حياتي الآن في هذا العمر تتلخص وتتركز في أشياء قليلة أو في هذه الأشياء لكن أمارسها بتقتير. أقول لك عن خبرة، أن تحرر الروح يبدأ في استعباد الجسد: في السيطرة عليه، في تقنين حركته، وتلخيصها مثلما يفعل أساتذة اليوجا، هذه هي وسيلتي لتحرر روحي!





#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي المصري رؤوف مسعد: أدلِّل النص و- أدلَِعه - مثلما أدل ...
- صباح الفل - لشريف البنداري: الإمساك بالمفارقة الفنية عبر رصد ...
- المخرج التونسي الياس بكار ل :- الحوار المتمدن-: أشعر بأنني ل ...
- الواقعية الجديدة في - العودة الى بلد العجائب - لميسون الباجج ...
- الفنانة فريدة تُكرَّم بدرع المُلتقى الدولي الأول للتعبيرات ا ...
- المخرج ليث عبد الأمير يصغي لأغاني الغائبين
- في باكورة أفلامها الوثائقية - أيام بغدادية -: المخرجة هبة با ...
- عادت - العذراء - و - الصرخة - المسروقة الى جدار متحف مونش
- كتابة على الأرض للمخرج الإيراني علي محمد قاسمي إدانة الإرهاب ...
- درس خارج المنهاج: أخبرنا عن حياتك - للمخرج الياباني كيسوكي س ...
- غونتر غراس يعترف. . ولكن بعد ستين عاماً
- كاسترو يتنحى عن السلطة مؤقتاً، وراؤول يدير الدكتاتورية بالوك ...
- رحيل القاص والكاتب المسرحي جليل القيسي . . . أحد أعمدة - جما ...
- برئ - ريهام إبراهيم يضئ المناطق المعتمة في حياة الراحل أحمد ...
- الروائية التركية بريهان ماكدن: المحكمة حرب أعصاب، وعذاب نفسي ...
- تبرئة الروائية التركية بريهان ماكدن من تهمة التأليب على رفض ...
- المخرج السينمائي طارق هاشم ل - الحوار المتمدن -: أعتبر النها ...
- (المخرج السينمائي طارق هاشم ل - الحوار المتمدن-: أريد فضاءً ...
- المخرج السينمائي طارق هاشم للحوار المتمدن :أحتاج الصدمة لكي ...
- المخرجة الإيرانية سبيدة فارسي: لا أؤمن كثيراً بالحدود التي ت ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - الروائي المصري رؤوف مسعد: يجب أن أخرج بقارئي من المألوف المعتاد إلى الخاص والمحرَّم