أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عقيل الناصري - دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز(5-5) - إنفراد عبد الكريم قاسم وكتلته (المنصورية) بالتنفيذ ومقدماته:















المزيد.....



دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز(5-5) - إنفراد عبد الكريم قاسم وكتلته (المنصورية) بالتنفيذ ومقدماته:


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 11:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


القوة الضاربة- اللواء العشرين:

أما على صعيد اللواء العشرين، فتتفق العديد من الدراسات وما نشرته المذكرات،على التفاصيل العامة لحركة اللواء وأتجاهاته والقوى التي أخذت على عاتقها عملية التنفيذ الفعلي وأولئك الأدلاء لخطة الثورة، التي بدون شك " أن قاسماً الرئيس المعترف به للحركة الانقلابية والضابط الأقدم الأكثر تجربة من عارف عسكرياً، هو الذي وضع الخطة بتفاصيلها العامة وهو الذي قرر إسناد المناصب للأشخاص في النظام الجديد، ومن المحتمل أنه بحثها مسبقاً مع عارف[1] ". والدراجي وبعض السياسيين القريبين منه فكرياً. لكنها في الوقت ذاته إختلفت هذه الدراسات والتصاريح الشفوية في التفاصيل الاجرائية الجزئية وفي توزيع مسؤوليات التنفيذ وتحديد ما ترتب عنها من تقصير أو من جدية في التنفيذ أو من تسليط ضوء الحقيقة على دور اولئك الذين ساهموا رغم عدم تبليغهم بالتغيير، وكذلك من المبالغة في مدح الذات المهنية وتضخيم أدوارهم.

كان المنفذين في اللوائين 19و20من الضباط الأحرار، سواءً من كتلة المنصورية أو اللجنة الوسطية أو إتحاد الجنود والضباط (الديمقراطيين)، في يوم 13/7 ، في حركة دائبة دائمة تحيطها السرية التامة، فمنهم من حاول نقل ما يمكن نقله من عتاد بصورة سرية، ومنهم من كان يتجول بين الأفواج لتبليغ الضباط المعنيين بالتنفيذ، دون غيرهم، بساعة الصفر عندما يتم الاستيلاء على اللواء قبل المرور ببغداد وأن العتاد المخزون سوف يوزع عليهم بعد ذلك في خان بني سعد، ومنهم من أخذ يتصل بالضباط الأحرار في مقر الفرقة الثالثة وهناك آخرون أخبروا تنظيماتهم العسكرية والحزبية بموعد الحركة. لكن يجب التوكيد على أن جميع هذه التبليغات والإجراءات كانت محدودة جداً، وغير مرئية وتتسم بالكتمان المطلق والحيطة والحذر. وفي10/7 المصادف " يوم الخميس إجتمع عارف في إحدى الدور بالضباط: المقدم الركن محمد مجيد، رؤساء أول ركن جاسم العزاوي وعبد الستار عبد اللطيف وإبراهيم جاسم التكريتي بحضور منسق حركة (اتحاد) الجنود والضباط الرئيس فاضل الساقي المنسوب إلى الفوج2 اللواء 20، فيذكر عارف في مذكراته حول الموضوع فيقول: وشهد يوم الخميس 10تموز (يوليو1958)، نشاطاً واسعا.. فقد كان علي أن أمر على جميع الضباط المكلفين بتنفيذ العملية لأشرح لهم تفاصيل الخطة وتحركاتهم.. وقد حاول كثير من الضباط معرفة وقت ويوم الحركة إلا أنني آثرت السرية فقد كانت غايتنا الكتمان والمباغتة، واكتفيت بتبليغ عدد قليل جداً من الضباط وهم الذين سيقومون بواجب التنفيذ...[2] ". ( التوكيد من –ع.ن).

كانت خطة تحرك اللواء العشرين مرسومة من قيادة الفرقة وسيرها يبدأ من معسكر جلولاء حوالي الساعة التاسعة من ليلة الأحد 13/14 تموز متوجها إلى موقعها في الأردن عن طريق بعقوبة- بغداد- الرطبة- الأردن. وكان المتفق عليه أن يقوم اللواء عند السيطرة عليه والبدء بالزحف على بغداد، إرسال شفرة إلى كل من الزعيم قاسم وقاسم الجنابي كي يبدأ كل منهما في تنفيذ الواجبات المناطة بهما. وكانت خطة الحركة هو أن يتوقف جحفل اللواء في نقطة كاسل بوست (خان بني سعد) ويبدأ الضباط الأحرار بالسيطرة على اللواء ومفاتحة كافة الضباط بالموضوع. وكانت الخطة التفصيلية للسيطرة على اللواء العشرين ومن ثم الشروع في تنفيذ الثورة والسيطرة على بغداد، فتضمنت ضرورة إبعاد أمر اللواء وإدارة الجحفل عن الأفواج الثلاثة بمسافة زمنية وجغرافية، بغية تهيأت ظروف سيطرة الضباط الأحرار عليها ومن ثم الانقضاض على بغداد بعد توزيع العتاد. وصادفتهم إشكاليتنا:

الأولى: فكانت تتمثل في كيفية إقناع وأبعاد أمر اللواء أحمد حقي محمد علي، الذي لم يكن من الضباط الأحرار " ودفعه إلى سبقهم مع مقر اللواء إلى الفلوجة... وإذ لم يتم ذلك خلال وقت قصير فإنه يضطر إلى القبض عليه ليتمكن من التقدم مع فوجه لاحتلال الأهداف المقررة له في بغداد " وهذا ما تم فعلاً و بشيء من الحيلة، وتأثير الضباط الأحرار في مقر اللواء وسرية الهندسة الذين "... كانوا عيوناً وإرصاداً عليَّ وكانوا يستحثوني على السير دون توقف [3]" حسب قول آمر الجحفل. حيث تعمد الضباط الأحرار أن يكون رتل الجحفل كثير التوقف في الطريق لغرض إثارة الملل في نفسية الآمر الذي أقتنع في الأخير بإستصحاب مقره وجماعة الاستطلاع والمأوى وسرية الهندسة ويسبق الرتل ويتقدم بسرعة ليبكر في إختيار معسكر إستراحة يأوى إليه اللواء قرب مدينة الفلوجة، التي تبعد عن بغداد بحوالي 75 كم، تاركاً الرتل بإمرة عارف بإعتباره أقدم آمر فوج في اللواء " وعندما تسلم عارف قيادة اللواء سار في مقدمة الرتل وبدأ في اعطاء وقفات قصيرة متعددة لتقليل سرعة المسير وترك فجوة بعيدة بينه وبين آمر اللواء وجماعة الاستطلاع التي تحركت بإتجاه بغداد وكان يتابع مراحل تقدمها بواسطة جهاز اللاسلكي ...[4]".

الثانية: تتمثل في محاولة عبد السلام عارف وعبد اللطيف الدراجي في إقناع أمر الفوج 2 العقيد الركن ياسين محمد رؤوف بالإنضمام إلى الثورة.. لكنه رفض هذا الأمر وأصر على العصيان فأوشكت أن تحدث بلبلة وتردد بين الضباط وخاصة الذين لم يكونوا من الضباط الأحرار، فلم يكن بدّ من المضي في التنفيذ للثورة لذا قرر عارف اعتقاله عند مشارف بغداد ووضعه في داخل سيارة لاسلكي القيادة المتوجه إلى دار الإذاعة في الصالحية ببغداد.

وقد تطلبت حل هاتين الإشكاليتين وقتاً ثميناُ لابأس به أثرت على عملية التبليغ للواء 19 وكتيبة الهندسة الثانية في معسكر سعد. وسببت تأخر زمني مهم جداً في تنفيذ ما أناطته الخطة بهما، وهذا يفسر طبيعة القلق الذي انتاب قاسم كما مربنا. في الوقت ذاته لعب الضباط الأحرار دوراً إستثنائياً في هاتين الواقعتين، إذ مهدوا الطريق نفسياً أمام موافقة بقية الضباط غير المنتمين للحركة في اللواء20 للإنضمام للثورة الذي أيدوها دون تحفظ. وعندما أنجز عارف والدراجي هاتين الإشكاليتين شعرا بأنهما تحررا من عبء نفسي كبير ومن مخاوف جدية، دفعت بهما نحو التنفيذ الواعي للغائية المستهدفة، وأنطلقت الافواج الثلاثة نحو أهدافها بعد تسليم الفوج الثاني إلى العقيد عادل جلال وهو من الضباط الأحرار ومن كتلة المنصورية وكانت صلته بقاسم مباشرةً. وقبيل ذلك ارسل عارف الشفرة المتفق عليها إلى عبد الكريم قاسم وإلى قاسم الجنابي (الصقر ينقض).

لقد بلورت خطة الثورة توجهات كل فوج والمواقع المكلف بالسيطرة عليها. فأنيطت بالفوج الثالث (أمره العقيد عبد السلام عارف) السيطرة على جملة من المواقع الحساسة في جانب الكرخ والتي ربما يتوقع منها مقاومة ولأهميتها بالنسبة لنجاح الثورة. فالسرية الأولى بإمرة النقيب هاشم إسماعيل حقي كلفت بالسيطرة على معسكر شرطة القوة السيارة في كرادة مريم، بالقرب من دار نوري السعيد، وتكون بصحبة المقدم فاضل محمد علي. وهو من المواقع المهمة التي أوكلت لها حماية بغداد من الانتفاضات الشعبية. و كان " بقوة لواء مشاة ويتألف من ثلاثة أفواج مشاة وسرية مدرعات خفيفة وسرية رشاشات متوسطة محمولة على السيارات ويقدر عدد المنتسبين إليه بنحو ثلاثة ألاف شرطي[5] ". كانت السيطرة عليه خالية من الحسابات العسكرية وإعتمدت على عنصري المباغتة بالأساس والجرأة، وإلا كيف يمكن تصور السيطرة على معسكر كبير بقوة لا تتجاوز ثمانين جندياً؟!، وهذا ما حدث بالفعل. وأثناء عملية السيطرة على المعسكر وتجميع منتسبيه الذين " حجزناهم في الساحة بملابس النوم، أخذوا يلحون علينا أن نتركهم وهم عزل لارتداء ملابسهم ...وفعلاً ذهبت إلى غرفة الهاتف وفي أثناء ما كنت أحاول الاتصال بأمر القاطع سمعت صوت اطلاقات نارية خمنت أنها تصدر من مراتب سريتي...وعلمت أن بعض أفراد الشرطة الذين ضرب عليهم الحصار ضاقوا به ذرعاً فإنتهزوا فرصة ذهابي إلى غرفة الهاتف وأخذوا يغادرون المكان مما دفع مراتب السرية الذين أوكل إليهم مراقبة الشرطة إلى إطلاق العيارات النارية في الفضاء. فأمرت بإيقاف النار[6] " التي نبهت نوري السعيد وأيقظته من نومه و كانت عاملاً رئيسياً في هروبه، خاصةً بعد أن أخبرته الخبازة المجاورة لمسكنه في المحله عن تواجد قوة عسكرية في المنطقة.

أما السرية الثانية (بإمرة النقيب بهجت سعيد)، فيكون واجبها أسر نوري السعيد في داره بصحبة ودلالة المقدم وصفي طاهر والرئيس الأول إبراهيم اللامي. وقد تم إحتلال القصر في حدود الساعة الخامسة والربع صباحاً دون إلقاء القبض على السعيد. لقد صار هذا الموضوع مثار لجاجة بين القوى السياسية وكتل الضباط الأحرار. " فذهب القوميون إلى أن الطلقات التي خرجت من رشاشة وصفي طاهر قبل أربعمائة يارد من دار نوري السعيد هي التي نبهته إلى الخطر الذي أخذ يحدق به وأراد وصفي طاهر بتلك الاطلاقات أن يعتدها يداً لدى نوري السعيد إذا فشلت الثورة. وذهب الشيوعيون إلى أن إختلال بهجة سعيد من الموقف وعدم ضبطه نار سريته عندما أحاطوا بالقصر هو الذي نبّه صاحبه إلى الخطر المحدق به...[7]". وهذا التصور لكلا الطرفين غير دقيق في نظري، وجاء في سياق الصراع السياسي الذي شهده الواقع العراقي بين الأحزاب الوطنية والقومية. لذا أميل إلى أن الذي نبه السعيد إلى الثورة ثلاثة إحتمالات هي حسب رجحانها:

- الأول: وهو الأكثر واقعيةً، أن الذي نبه السعيد هو ذلك الإطلاق للنار الذي جرى بعد السيطرة على شرطة القوة السيارة القريبة جداً من دار السعيد والتي سبق وأن ذكرناها.. أما رواية الخبازة وما روته للسعيد عن مشاهدتها لقطعات عسكرية قريبة ومتجهة إلى داره، فهو عامل مساعد ايقظ لدى السعيد تلك المخاوف والمهاجس التي نبهته إياه الإطلاقات النارية.

- أما الإحتمال الثاني: وهو الأقل رجحاناً، فينصب عن أن جنود السرية المطوقة لدار السعيد قد بدأت بالرمي قبل دخول وصفي طاهر إليها، إذ " وبعد أن وصلت إلى قصر نوري السعيد كان المفروض أن تلتحق بي سرية مدرعات لحمايتنا، لأننا كنا نخشى أن تكون هناك قوة في هذا القصر.. ولكن الصدف هي التي ساعدتنا، فقد كان الحرس الخاص بنوري السعيد من الشرطة قد إنسحبوا إلى ثكناتهم قبل مجيئنا بربع ساعة، وأنني بصفتي الضابط الذي يقود هذه السرية أمرت الرئيس الأول بهجة سعيد وبهذه المناسبة كان أحد أعضاء المحكمة المحترمين وهو الرئيس الأول إبراهيم اللامي قد رافقني في هذه الحركة- أن يقسم سريته إلى ثلاثة أقسام، ينفذ فصيلان منها إلى النهر للحيلولة دون هروب نوري السعيد وفصيل أخر يتعقبني إلى داخل القصر.. فأخذت الفصيل ودخلت إلى الحديقة وكانت معي قنابل يدوية رميتها في الحديقة. وهنا وقبل دخولي وفي أثناء دخولي بدأ الرصاص وصرنا نصرخ أنا والرئيس الأول إبراهيم اللامي (اقطعوا الرمي لأن ليست هناك مقاومة) فإستمروا بالرمي وهذا الرمي هو الذي سبب هروب نوري السعيد قبل تطويقه، ولم يتم التطويق لأن بهجة سعيد بقى منشغلاً مع جنوده ...[8] ".

- أما الاحتمال الثالث: وهو الأضعف ومضمونه أن مكالمة هاتفية تسلمها السعيد من بهجت عطية مدير الأمن العام في الساعة الخامسة صباحاً مستفسرا منه عن حركة اللواء العشرين وتمركزه في بعض مناطق بغداد.. وهذه الواقعة يطالها الكثير من الشك وعدم الدقة ولم تثبتها الوقائع لحد الآن. علماً أن القوة المهاجمة بدأت بتطويق قصر السعيد قبيل الخامسة صباحاً من جهة وسيطرة قوى الثورة على البدالات الرئيسية في بغداد وسيطرت على عملها.

ونتيجة لهذا الاخفاق في القاء القبض عليه هرب نوري السعيد يوم 14 تموز، وهروبه أمسى الهاجس الأرأس الذي طغى على تصرفات قيادة الثورة وحكومتها وكل الضباط الأحرار، لحين محاولة إلقاء القبض عليه وومن ثم قتله[9] في منطقة البتاويين من رصافة بغداد بعد ظهر يوم الثلاثاء الخامس عشر من تموز. وبذا طويت صفحة تحكمه بالقرار السياسي العراقي ومشهده، الذي إمتد لأكثر من ثلاثة عقود.

أما محطة الاذاعة في الصالحية فقد أوكلت عملية السيطرة عليها إلى سرية المقر بإمرة النقيب مهدي علي الصالحي، الذي سيطرة عليه وبهدوء تام دون أية مقاومة أو مفاجئات تذكر وبتلك السهولة التي تمت بالنسبة لمعسكر القوة السيارة. إذ قد " وصل عبد السلام في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحاً، وعندما دخلوا إلى الدار الإذاعة وجد الضباط أنفسهم إزاء أجهزة صماء لم يسبق لهم رؤيتها أو التعامل معها..." وتم بالتعاون مع بعض الفنيين والمذيعين من تشغيل الأجهزة ومن ثم حماية المرسلات في ابي غريب بعد أن نبهم إلى ذلك أحد الفنيين المتواجدين في مقر الإذاعة في الصالحية. وإتخذ عارف من مقر جمعية الشبان المسلمين مقابل الاذاعة مقرا لقيادته.

في حين تقاسم الفوجان الأول والثاني عملية السيطرة على المراكز الحساسة في جانب الرصافة.. فالفوج الأول: " واجبه السيطرة على رؤوس الجسور ومصالح الهاتف والبرق والخدمات الأخرى في شارع الرشيد وغحتلال وزارة الدفاع وإرسال سرية لمساعدة السرية الثالثة من الفوج الثالث لإحتلال قصر الرحاب.

الفوج الثاني: واجبه إحتلال مدارس الشرطة ومستودعات نفط الكيلاني وخزانات الماء في شارع غازي ( الكفاح) وسرية خيالة الحرس الملكي والبلاط الملكي [10] ".

أما قصر الرحاب فقد أوكلت عملية السيطرة عليه واسر كل من الملك والوصي بالسريتين الثالثة بإمرة النقيب منذر سليم والسرية الثانية من الفوج الثاني بإمرة النقيب عبد الجواد حميد.. وهذا ما سنتطرق إليه في الدراسة القادمة.
















دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز(5-5)



- إنفراد عبد الكريم قاسم وكتلته (المنصورية) بالتنفيذ ومقدماته:



القوة الضاربة- اللواء العشرين:



أما على صعيد اللواء العشرين، فتتفق العديد من الدراسات وما نشرته المذكرات،على التفاصيل العامة لحركة اللواء وأتجاهاته والقوى التي أخذت على عاتقها عملية التنفيذ الفعلي وأولئك الأدلاء لخطة الثورة، التي بدون شك " أن قاسماً الرئيس المعترف به للحركة الانقلابية والضابط الأقدم الأكثر تجربة من عارف عسكرياً، هو الذي وضع الخطة بتفاصيلها العامة وهو الذي قرر إسناد المناصب للأشخاص في النظام الجديد، ومن المحتمل أنه بحثها مسبقاً مع عارف[1] ". والدراجي وبعض السياسيين القريبين منه فكرياً. لكنها في الوقت ذاته إختلفت هذه الدراسات والتصاريح الشفوية في التفاصيل الاجرائية الجزئية وفي توزيع مسؤوليات التنفيذ وتحديد ما ترتب عنها من تقصير أو من جدية في التنفيذ أو من تسليط ضوء الحقيقة على دور اولئك الذين ساهموا رغم عدم تبليغهم بالتغيير، وكذلك من المبالغة في مدح الذات المهنية وتضخيم أدوارهم.

كان المنفذين في اللوائين 19و20من الضباط الأحرار، سواءً من كتلة المنصورية أو اللجنة الوسطية أو إتحاد الجنود والضباط (الديمقراطيين)، في يوم 13/7 ، في حركة دائبة دائمة تحيطها السرية التامة، فمنهم من حاول نقل ما يمكن نقله من عتاد بصورة سرية، ومنهم من كان يتجول بين الأفواج لتبليغ الضباط المعنيين بالتنفيذ، دون غيرهم، بساعة الصفر عندما يتم الاستيلاء على اللواء قبل المرور ببغداد وأن العتاد المخزون سوف يوزع عليهم بعد ذلك في خان بني سعد، ومنهم من أخذ يتصل بالضباط الأحرار في مقر الفرقة الثالثة وهناك آخرون أخبروا تنظيماتهم العسكرية والحزبية بموعد الحركة. لكن يجب التوكيد على أن جميع هذه التبليغات والإجراءات كانت محدودة جداً، وغير مرئية وتتسم بالكتمان المطلق والحيطة والحذر. وفي10/7 المصادف " يوم الخميس إجتمع عارف في إحدى الدور بالضباط: المقدم الركن محمد مجيد، رؤساء أول ركن جاسم العزاوي وعبد الستار عبد اللطيف وإبراهيم جاسم التكريتي بحضور منسق حركة (اتحاد) الجنود والضباط الرئيس فاضل الساقي المنسوب إلى الفوج2 اللواء 20، فيذكر عارف في مذكراته حول الموضوع فيقول: وشهد يوم الخميس 10تموز (يوليو1958)، نشاطاً واسعا.. فقد كان علي أن أمر على جميع الضباط المكلفين بتنفيذ العملية لأشرح لهم تفاصيل الخطة وتحركاتهم.. وقد حاول كثير من الضباط معرفة وقت ويوم الحركة إلا أنني آثرت السرية فقد كانت غايتنا الكتمان والمباغتة، واكتفيت بتبليغ عدد قليل جداً من الضباط وهم الذين سيقومون بواجب التنفيذ...[2] ". ( التوكيد من –ع.ن).

كانت خطة تحرك اللواء العشرين مرسومة من قيادة الفرقة وسيرها يبدأ من معسكر جلولاء حوالي الساعة التاسعة من ليلة الأحد 13/14 تموز متوجها إلى موقعها في الأردن عن طريق بعقوبة- بغداد- الرطبة- الأردن. وكان المتفق عليه أن يقوم اللواء عند السيطرة عليه والبدء بالزحف على بغداد، إرسال شفرة إلى كل من الزعيم قاسم وقاسم الجنابي كي يبدأ كل منهما في تنفيذ الواجبات المناطة بهما. وكانت خطة الحركة هو أن يتوقف جحفل اللواء في نقطة كاسل بوست (خان بني سعد) ويبدأ الضباط الأحرار بالسيطرة على اللواء ومفاتحة كافة الضباط بالموضوع. وكانت الخطة التفصيلية للسيطرة على اللواء العشرين ومن ثم الشروع في تنفيذ الثورة والسيطرة على بغداد، فتضمنت ضرورة إبعاد أمر اللواء وإدارة الجحفل عن الأفواج الثلاثة بمسافة زمنية وجغرافية، بغية تهيأت ظروف سيطرة الضباط الأحرار عليها ومن ثم الانقضاض على بغداد بعد توزيع العتاد. وصادفتهم إشكاليتنا:

الأولى: فكانت تتمثل في كيفية إقناع وأبعاد أمر اللواء أحمد حقي محمد علي، الذي لم يكن من الضباط الأحرار " ودفعه إلى سبقهم مع مقر اللواء إلى الفلوجة... وإذ لم يتم ذلك خلال وقت قصير فإنه يضطر إلى القبض عليه ليتمكن من التقدم مع فوجه لاحتلال الأهداف المقررة له في بغداد " وهذا ما تم فعلاً و بشيء من الحيلة، وتأثير الضباط الأحرار في مقر اللواء وسرية الهندسة الذين "... كانوا عيوناً وإرصاداً عليَّ وكانوا يستحثوني على السير دون توقف [3]" حسب قول آمر الجحفل. حيث تعمد الضباط الأحرار أن يكون رتل الجحفل كثير التوقف في الطريق لغرض إثارة الملل في نفسية الآمر الذي أقتنع في الأخير بإستصحاب مقره وجماعة الاستطلاع والمأوى وسرية الهندسة ويسبق الرتل ويتقدم بسرعة ليبكر في إختيار معسكر إستراحة يأوى إليه اللواء قرب مدينة الفلوجة، التي تبعد عن بغداد بحوالي 75 كم، تاركاً الرتل بإمرة عارف بإعتباره أقدم آمر فوج في اللواء " وعندما تسلم عارف قيادة اللواء سار في مقدمة الرتل وبدأ في اعطاء وقفات قصيرة متعددة لتقليل سرعة المسير وترك فجوة بعيدة بينه وبين آمر اللواء وجماعة الاستطلاع التي تحركت بإتجاه بغداد وكان يتابع مراحل تقدمها بواسطة جهاز اللاسلكي ...[4]".

الثانية: تتمثل في محاولة عبد السلام عارف وعبد اللطيف الدراجي في إقناع أمر الفوج 2 العقيد الركن ياسين محمد رؤوف بالإنضمام إلى الثورة.. لكنه رفض هذا الأمر وأصر على العصيان فأوشكت أن تحدث بلبلة وتردد بين الضباط وخاصة الذين لم يكونوا من الضباط الأحرار، فلم يكن بدّ من المضي في التنفيذ للثورة لذا قرر عارف اعتقاله عند مشارف بغداد ووضعه في داخل سيارة لاسلكي القيادة المتوجه إلى دار الإذاعة في الصالحية ببغداد.

وقد تطلبت حل هاتين الإشكاليتين وقتاً ثميناُ لابأس به أثرت على عملية التبليغ للواء 19 وكتيبة الهندسة الثانية في معسكر سعد. وسببت تأخر زمني مهم جداً في تنفيذ ما أناطته الخطة بهما، وهذا يفسر طبيعة القلق الذي انتاب قاسم كما مربنا. في الوقت ذاته لعب الضباط الأحرار دوراً إستثنائياً في هاتين الواقعتين، إذ مهدوا الطريق نفسياً أمام موافقة بقية الضباط غير المنتمين للحركة في اللواء20 للإنضمام للثورة الذي أيدوها دون تحفظ. وعندما أنجز عارف والدراجي هاتين الإشكاليتين شعرا بأنهما تحررا من عبء نفسي كبير ومن مخاوف جدية، دفعت بهما نحو التنفيذ الواعي للغائية المستهدفة، وأنطلقت الافواج الثلاثة نحو أهدافها بعد تسليم الفوج الثاني إلى العقيد عادل جلال وهو من الضباط الأحرار ومن كتلة المنصورية وكانت صلته بقاسم مباشرةً. وقبيل ذلك ارسل عارف الشفرة المتفق عليها إلى عبد الكريم قاسم وإلى قاسم الجنابي (الصقر ينقض).

لقد بلورت خطة الثورة توجهات كل فوج والمواقع المكلف بالسيطرة عليها. فأنيطت بالفوج الثالث (أمره العقيد عبد السلام عارف) السيطرة على جملة من المواقع الحساسة في جانب الكرخ والتي ربما يتوقع منها مقاومة ولأهميتها بالنسبة لنجاح الثورة. فالسرية الأولى بإمرة النقيب هاشم إسماعيل حقي كلفت بالسيطرة على معسكر شرطة القوة السيارة في كرادة مريم، بالقرب من دار نوري السعيد، وتكون بصحبة المقدم فاضل محمد علي. وهو من المواقع المهمة التي أوكلت لها حماية بغداد من الانتفاضات الشعبية. و كان " بقوة لواء مشاة ويتألف من ثلاثة أفواج مشاة وسرية مدرعات خفيفة وسرية رشاشات متوسطة محمولة على السيارات ويقدر عدد المنتسبين إليه بنحو ثلاثة ألاف شرطي[5] ". كانت السيطرة عليه خالية من الحسابات العسكرية وإعتمدت على عنصري المباغتة بالأساس والجرأة، وإلا كيف يمكن تصور السيطرة على معسكر كبير بقوة لا تتجاوز ثمانين جندياً؟!، وهذا ما حدث بالفعل. وأثناء عملية السيطرة على المعسكر وتجميع منتسبيه الذين " حجزناهم في الساحة بملابس النوم، أخذوا يلحون علينا أن نتركهم وهم عزل لارتداء ملابسهم ...وفعلاً ذهبت إلى غرفة الهاتف وفي أثناء ما كنت أحاول الاتصال بأمر القاطع سمعت صوت اطلاقات نارية خمنت أنها تصدر من مراتب سريتي...وعلمت أن بعض أفراد الشرطة الذين ضرب عليهم الحصار ضاقوا به ذرعاً فإنتهزوا فرصة ذهابي إلى غرفة الهاتف وأخذوا يغادرون المكان مما دفع مراتب السرية الذين أوكل إليهم مراقبة الشرطة إلى إطلاق العيارات النارية في الفضاء. فأمرت بإيقاف النار[6] " التي نبهت نوري السعيد وأيقظته من نومه و كانت عاملاً رئيسياً في هروبه، خاصةً بعد أن أخبرته الخبازة المجاورة لمسكنه في المحله عن تواجد قوة عسكرية في المنطقة.

أما السرية الثانية (بإمرة النقيب بهجت سعيد)، فيكون واجبها أسر نوري السعيد في داره بصحبة ودلالة المقدم وصفي طاهر والرئيس الأول إبراهيم اللامي. وقد تم إحتلال القصر في حدود الساعة الخامسة والربع صباحاً دون إلقاء القبض على السعيد. لقد صار هذا الموضوع مثار لجاجة بين القوى السياسية وكتل الضباط الأحرار. " فذهب القوميون إلى أن الطلقات التي خرجت من رشاشة وصفي طاهر قبل أربعمائة يارد من دار نوري السعيد هي التي نبهته إلى الخطر الذي أخذ يحدق به وأراد وصفي طاهر بتلك الاطلاقات أن يعتدها يداً لدى نوري السعيد إذا فشلت الثورة. وذهب الشيوعيون إلى أن إختلال بهجة سعيد من الموقف وعدم ضبطه نار سريته عندما أحاطوا بالقصر هو الذي نبّه صاحبه إلى الخطر المحدق به...[7]". وهذا التصور لكلا الطرفين غير دقيق في نظري، وجاء في سياق الصراع السياسي الذي شهده الواقع العراقي بين الأحزاب الوطنية والقومية. لذا أميل إلى أن الذي نبه السعيد إلى الثورة ثلاثة إحتمالات هي حسب رجحانها:

- الأول: وهو الأكثر واقعيةً، أن الذي نبه السعيد هو ذلك الإطلاق للنار الذي جرى بعد السيطرة على شرطة القوة السيارة القريبة جداً من دار السعيد والتي سبق وأن ذكرناها.. أما رواية الخبازة وما روته للسعيد عن مشاهدتها لقطعات عسكرية قريبة ومتجهة إلى داره، فهو عامل مساعد ايقظ لدى السعيد تلك المخاوف والمهاجس التي نبهته إياه الإطلاقات النارية.

- أما الإحتمال الثاني: وهو الأقل رجحاناً، فينصب عن أن جنود السرية المطوقة لدار السعيد قد بدأت بالرمي قبل دخول وصفي طاهر إليها، إذ " وبعد أن وصلت إلى قصر نوري السعيد كان المفروض أن تلتحق بي سرية مدرعات لحمايتنا، لأننا كنا نخشى أن تكون هناك قوة في هذا القصر.. ولكن الصدف هي التي ساعدتنا، فقد كان الحرس الخاص بنوري السعيد من الشرطة قد إنسحبوا إلى ثكناتهم قبل مجيئنا بربع ساعة، وأنني بصفتي الضابط الذي يقود هذه السرية أمرت الرئيس الأول بهجة سعيد وبهذه المناسبة كان أحد أعضاء المحكمة المحترمين وهو الرئيس الأول إبراهيم اللامي قد رافقني في هذه الحركة- أن يقسم سريته إلى ثلاثة أقسام، ينفذ فصيلان منها إلى النهر للحيلولة دون هروب نوري السعيد وفصيل أخر يتعقبني إلى داخل القصر.. فأخذت الفصيل ودخلت إلى الحديقة وكانت معي قنابل يدوية رميتها في الحديقة. وهنا وقبل دخولي وفي أثناء دخولي بدأ الرصاص وصرنا نصرخ أنا والرئيس الأول إبراهيم اللامي (اقطعوا الرمي لأن ليست هناك مقاومة) فإستمروا بالرمي وهذا الرمي هو الذي سبب هروب نوري السعيد قبل تطويقه، ولم يتم التطويق لأن بهجة سعيد بقى منشغلاً مع جنوده ...[8] ".

- أما الاحتمال الثالث: وهو الأضعف ومضمونه أن مكالمة هاتفية تسلمها السعيد من بهجت عطية مدير الأمن العام في الساعة الخامسة صباحاً مستفسرا منه عن حركة اللواء العشرين وتمركزه في بعض مناطق بغداد.. وهذه الواقعة يطالها الكثير من الشك وعدم الدقة ولم تثبتها الوقائع لحد الآن. علماً أن القوة المهاجمة بدأت بتطويق قصر السعيد قبيل الخامسة صباحاً من جهة وسيطرة قوى الثورة على البدالات الرئيسية في بغداد وسيطرت على عملها.

ونتيجة لهذا الاخفاق في القاء القبض عليه هرب نوري السعيد يوم 14 تموز، وهروبه أمسى الهاجس الأرأس الذي طغى على تصرفات قيادة الثورة وحكومتها وكل الضباط الأحرار، لحين محاولة إلقاء القبض عليه وومن ثم قتله[9] في منطقة البتاويين من رصافة بغداد بعد ظهر يوم الثلاثاء الخامس عشر من تموز. وبذا طويت صفحة تحكمه بالقرار السياسي العراقي ومشهده، الذي إمتد لأكثر من ثلاثة عقود.

أما محطة الاذاعة في الصالحية فقد أوكلت عملية السيطرة عليها إلى سرية المقر بإمرة النقيب مهدي علي الصالحي، الذي سيطرة عليه وبهدوء تام دون أية مقاومة أو مفاجئات تذكر وبتلك السهولة التي تمت بالنسبة لمعسكر القوة السيارة. إذ قد " وصل عبد السلام في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحاً، وعندما دخلوا إلى الدار الإذاعة وجد الضباط أنفسهم إزاء أجهزة صماء لم يسبق لهم رؤيتها أو التعامل معها..." وتم بالتعاون مع بعض الفنيين والمذيعين من تشغيل الأجهزة ومن ثم حماية المرسلات في ابي غريب بعد أن نبهم إلى ذلك أحد الفنيين المتواجدين في مقر الإذاعة في الصالحية. وإتخذ عارف من مقر جمعية الشبان المسلمين مقابل الاذاعة مقرا لقيادته.

في حين تقاسم الفوجان الأول والثاني عملية السيطرة على المراكز الحساسة في جانب الرصافة.. فالفوج الأول: " واجبه السيطرة على رؤوس الجسور ومصالح الهاتف والبرق والخدمات الأخرى في شارع الرشيد وغحتلال وزارة الدفاع وإرسال سرية لمساعدة السرية الثالثة من الفوج الثالث لإحتلال قصر الرحاب.

الفوج الثاني: واجبه إحتلال مدارس الشرطة ومستودعات نفط الكيلاني وخزانات الماء في شارع غازي ( الكفاح) وسرية خيالة الحرس الملكي والبلاط الملكي [10] ".

أما قصر الرحاب فقد أوكلت عملية السيطرة عليه واسر كل من الملك والوصي بالسريتين الثالثة بإمرة النقيب منذر سليم والسرية الثانية من الفوج الثاني بإمرة النقيب عبد الجواد حميد.. وهذا ما سنتطرق إليه في الدراسة القادمة.

-------------------------------------------------------------------------------

[1] - اوريل دان، ج،1،ص41، مصدرسابق. ويشير الدراجي، في حديثه للدكتور فاضل حسين ان " الثلاثي المنفذ للثورة اجتمعوا قبيل تحركهم إلى بغداد واطلعوا على صيغة البيان الأول وعلى أسماء مجلس السيادة والوزراء والاحالات على التقاعد..." سقوط النظام الملكي، ص. 74، مصدر سابق. في وقت يدعي نعمان ماهر الكنعاني أنه كتب البيان الأول والبيانات الأخرى، مذكرات الجواهري، ج.2، ص. 180، مصدر سابق.

[2] - حامد مقصود، ثورة 14 تموز، ص. 108،مصدر سابق. ومن الملاحظ أن أغلب الكتب والمذكرات التي دونت هذه الواقعة إستغفلت عن عمد ذكر أسم فاضل الساقي، بغية إبعاد مشاركته والكتلة المنظم إليها في فعل التغيير يوم 14 تموز. وهذا ينسحب بدوره على أغلب الضباط الديمقراطيين المساهمين في الثورة .

[3] - عبد الجبار عمر، الكبار الثلاثة، ص. 16-17، وص.15 مصدر سابق.

[4] - إسماعيل العارف، أسرار ثورة ص. 171، مصدر سابق ويشير في ذات الصفحة ،إلى أن قاسم هو الذي وضع تفاصيل خطة الاستيلاء على اللواء العشرين بالتعاون مع عارف والدراجي.

[5]- عبد الجبار عمر، الكبار الثلاثة، ص. 28، مصدر سابق.

[6] - المصدر السابق، ص. 26، إستناداً على أقوال النقيب هشام إسماعيل حقي.

[7] - المصدر السابق، ص. 37. وينظم الدكتور صالح البصام الذي قام بنقل السعيد بسيارته من داره التي إلتجأ إليها السعيد إلى دار الاستربادي في الكاظمية، إلى هذه اللجاجة ويشير إلى أن وصفي طاهر" قد طلب من الجنود والمراتب عدم الدخول إلى القصر وترك هذا الأمر له لمعرفته بمداخل القصر وأنه سيقوم بإلقاء القبض على نوري السعيد بنفسه، ودخل وصفي طاهر القصر فوجد الدار الأرضية فارغة إلا من الخبازة التي إعتادت أن تحضر خبز التنور الساخن لنوري السعيد والذي يفضله عند تناول الفطور... وأمر وصفي طاهر الخبازة أن تسرع لإيقاظ نوري السعيد من النوم وأن تخبره أن إنقلاباً عسكرياً حدث في البلاد، وكان وصفي طاهر يقصد من ذلك حفظ خطة الرجعة مع نوري السعيد منه إذا فشل الانقلاب...". مذكرات وأسرار هروب نوري السعيد، ص. 119، الانتشار العربي، بيروت 2003. لكن الدكتور البصام لم يوضح لنا ما هو مصدر معلوماته من جهة، ومن جهة أخرى أن إنتماء وصفي طاهر إلى اللجنة العليا للضباط الأحرار ومشاركته الفعالة في نشاطها سوف لا تعفيه ولا غيره من المسؤولية عند فشل الثورة، وباتالي فهذا الرأي سخيف علمياً.

[8] - حسب قول وصفي طاهر، مستل من عبد الجبار عمر،الثلاثة الكبار، ص. 37، مصدر سابق. ويشير المؤلف أن حالة" من الذهول والارتباك قد أصابت القوة المهاجمة مدة ساعة زمنية من بداية وقوع الهجوم على الأقل... " حتى " أصيب العقيد سلمان خيالة نفسه بطلق ناري من جنود السرية التي كان من أمراء فصائلها"، ص. 38-39. هذا الارتباك صادف القوة التي هاجمت قصر الرحاب وهذا ما سنتوقف عنده لاحقاً. ومن المبالغات إن لم نقل الترهات التي قيلت بعد رحيل وصفي طاهر أنه " وقبل أن نصل إلى هدفنا بنحو اربعمائة يارد... ثم ترجل من السيارة وفتح النار في الهواء دون موجب أو مبرر وقد إختفى بعد ذلك في مثل لمح البصر" ص. 35 ذات المصدر. وكل هذه من تبعيات الصراع السياسي غير المبرر في الكثير من اوجهه. ويذكر العقيد سلمان خيالة الذي كان آمر فصيل حينذاك في القوة المهاجمة أنه " كان مع الرائد إبراهيم اللامي في سيارة واحدة وقد ذكر اللامي كيف استطلع دار نوري السعيد قبل أيام مع شقيقته لكي لا يلفت نظر أحد فيما لواستطلعه وحده" ذات المصدر، ص.34 .علماً بأن اللامي ووصفي طاهر كانا من كتلة اتحاد الجنود والضباط ذو التوجه الديمقراطي، ويعني ايضاً معرفتهم المسبقة بموعد الثورة والواجب المناط بهما.

[9] - وقيل إنتحاره حسب راي أنصاره وبعض الغاضبين من ثورة تموز وهذا ما ذهب إليه الجواهري الكبير عندما أكد أن السعيد كان: " الخطر الداهم في كل ماضي العراق وحاضره قبيل الثورة إي أن الرجل سبقهم إلى ذلك ولم يحملهم هذا العبء وقتل نفسه بيده وكاذب كل من يقول ويدعي أن نوري السعيد قتل ولم ينتحر علماً بأن إستمرار نوري السعيد في الحياة ولن أبالغ هنا، كان يعني الفشل المكتوب على هذا الانقلاب العسكري (الثورة) وكانت سترتد هذه الثورة على صدور أصحابها بأقل من أسبوع".( التوكيد منا-ع.ن) محمد مهدي الجواهري، ذكرياتي، ج.2، ص. 197، مصدر سابق.

[10] - عبد الجبار عمر، الثلاثة الكبار، ص. 13، مصدر سابق.



--------------------------------------------------------------------------------

[1] - اوريل دان، ج،1،ص41، مصدرسابق. ويشير الدراجي، في حديثه للدكتور فاضل حسين ان " الثلاثي المنفذ للثورة اجتمعوا قبيل تحركهم إلى بغداد واطلعوا على صيغة البيان الأول وعلى أسماء مجلس السيادة والوزراء والاحالات على التقاعد..." سقوط النظام الملكي، ص. 74، مصدر سابق. في وقت يدعي نعمان ماهر الكنعاني أنه كتب البيان الأول والبيانات الأخرى، مذكرات الجواهري، ج.2، ص. 180، مصدر سابق.

[2] - حامد مقصود، ثورة 14 تموز، ص. 108،مصدر سابق. ومن الملاحظ أن أغلب الكتب والمذكرات التي دونت هذه الواقعة إستغفلت عن عمد ذكر أسم فاضل الساقي، بغية إبعاد مشاركته والكتلة المنظم إليها في فعل التغيير يوم 14 تموز. وهذا ينسحب بدوره على أغلب الضباط الديمقراطيين المساهمين في الثورة .

[3] - عبد الجبار عمر، الكبار الثلاثة، ص. 16-17، وص.15 مصدر سابق.

[4] - إسماعيل العارف، أسرار ثورة ص. 171، مصدر سابق ويشير في ذات الصفحة ،إلى أن قاسم هو الذي وضع تفاصيل خطة الاستيلاء على اللواء العشرين بالتعاون مع عارف والدراجي.

[5]- عبد الجبار عمر، الكبار الثلاثة، ص. 28، مصدر سابق.

[6] - المصدر السابق، ص. 26، إستناداً على أقوال النقيب هشام إسماعيل حقي.

[7] - المصدر السابق، ص. 37. وينظم الدكتور صالح البصام الذي قام بنقل السعيد بسيارته من داره التي إلتجأ إليها السعيد إلى دار الاستربادي في الكاظمية، إلى هذه اللجاجة ويشير إلى أن وصفي طاهر" قد طلب من الجنود والمراتب عدم الدخول إلى القصر وترك هذا الأمر له لمعرفته بمداخل القصر وأنه سيقوم بإلقاء القبض على نوري السعيد بنفسه، ودخل وصفي طاهر القصر فوجد الدار الأرضية فارغة إلا من الخبازة التي إعتادت أن تحضر خبز التنور الساخن لنوري السعيد والذي يفضله عند تناول الفطور... وأمر وصفي طاهر الخبازة أن تسرع لإيقاظ نوري السعيد من النوم وأن تخبره أن إنقلاباً عسكرياً حدث في البلاد، وكان وصفي طاهر يقصد من ذلك حفظ خطة الرجعة مع نوري السعيد منه إذا فشل الانقلاب...". مذكرات وأسرار هروب نوري السعيد، ص. 119، الانتشار العربي، بيروت 2003. لكن الدكتور البصام لم يوضح لنا ما هو مصدر معلوماته من جهة، ومن جهة أخرى أن إنتماء وصفي طاهر إلى اللجنة العليا للضباط الأحرار ومشاركته الفعالة في نشاطها سوف لا تعفيه ولا غيره من المسؤولية عند فشل الثورة، وباتالي فهذا الرأي سخيف علمياً.

[8] - حسب قول وصفي طاهر، مستل من عبد الجبار عمر،الثلاثة الكبار، ص. 37، مصدر سابق. ويشير المؤلف أن حالة" من الذهول والارتباك قد أصابت القوة المهاجمة مدة ساعة زمنية من بداية وقوع الهجوم على الأقل... " حتى " أصيب العقيد سلمان خيالة نفسه بطلق ناري من جنود السرية التي كان من أمراء فصائلها"، ص. 38-39. هذا الارتباك صادف القوة التي هاجمت قصر الرحاب وهذا ما سنتوقف عنده لاحقاً. ومن المبالغات إن لم نقل الترهات التي قيلت بعد رحيل وصفي طاهر أنه " وقبل أن نصل إلى هدفنا بنحو اربعمائة يارد... ثم ترجل من السيارة وفتح النار في الهواء دون موجب أو مبرر وقد إختفى بعد ذلك في مثل لمح البصر" ص. 35 ذات المصدر. وكل هذه من تبعيات الصراع السياسي غير المبرر في الكثير من اوجهه. ويذكر العقيد سلمان خيالة الذي كان آمر فصيل حينذاك في القوة المهاجمة أنه " كان مع الرائد إبراهيم اللامي في سيارة واحدة وقد ذكر اللامي كيف استطلع دار نوري السعيد قبل أيام مع شقيقته لكي لا يلفت نظر أحد فيما لواستطلعه وحده" ذات المصدر، ص.34 .علماً بأن اللامي ووصفي طاهر كانا من كتلة اتحاد الجنود والضباط ذو التوجه الديمقراطي، ويعني ايضاً معرفتهم المسبقة بموعد الثورة والواجب المناط بهما.

[9] - وقيل إنتحاره حسب راي أنصاره وبعض الغاضبين من ثورة تموز وهذا ما ذهب إليه الجواهري الكبير عندما أكد أن السعيد كان: " الخطر الداهم في كل ماضي العراق وحاضره قبيل الثورة إي أن الرجل سبقهم إلى ذلك ولم يحملهم هذا العبء وقتل نفسه بيده وكاذب كل من يقول ويدعي أن نوري السعيد قتل ولم ينتحر علماً بأن إستمرار نوري السعيد في الحياة ولن أبالغ هنا، كان يعني الفشل المكتوب على هذا الانقلاب العسكري (الثورة) وكانت سترتد هذه الثورة على صدور أصحابها بأقل من أسبوع".( التوكيد منا-ع.ن) محمد مهدي الجواهري، ذكرياتي، ج.2، ص. 197، مصدر سابق.

[10] - عبد الجبار عمر، الثلاثة الكبار، ص. 13، مصدر سابق.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 4-5
- دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 3-5
- دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 2-5
- دراسات في تاريخية التغيير الجذري في 14 تموز 1-5
- محاولة تقديرية لجرد أسماء الضباط الأحرار في العراق
- عبد الكريم قاسم... رؤية ما بعد الثامنة والأربعون
- عرض مكثف لمحاضرة المرأة – الرجل.. السلطة كحق تاريخي مخوّل
- تموز14: الضرورة والماهية 4-4
- 14 تموز : الضرورة والماهية 3-4
- 14 تموز.. الضرورة والماهية 2-4
- 14 تموز.. الضرورة والماهية
- الزعيم قاسم و الجواهري ولقائهما الأول:
- دراسة عن حركة الضباط الأحرار 6-6
- دراسة عن حركة الضباطالأحرا ر 5-6
- دراسة في حركة الضباط الأحرار4-6
- دراسة عن حركة الضباط الأحرار 3-6
- دراسة عن حركة الضباط الأحرا ر2-6
- دراسة في حركة الضباط الاحرار في العراق
- النضوج والتكتل الغائي 1948-1958
- حركة الضباط الأحرار- التكوين والتكتل الغائي


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عقيل الناصري - دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز(5-5) - إنفراد عبد الكريم قاسم وكتلته (المنصورية) بالتنفيذ ومقدماته: