أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عقيل الناصري - دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 4-5















المزيد.....

دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 4-5


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1739 - 2006 / 11 / 19 - 10:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


- إنفراد عبد الكريم قاسم وكتلته (المنصورية) بالتنفيذ ومقدماته:
سفر التكوين و التحرك الفعلي

ومن الناحية العسكرية البحتة بدء قاسم من مقر اللواء التاسع عشر في منصورية الجبل "... إستعداداته بدقة وإنتظام وكان يعمل بما يمكن وصفه بالسرعة المحمومة ففي غضون الأيام المعدودة التي سبقت الساعة الحاسمة، أتم صياغة أوامر العملية الثورية المناطة باللوائين 19و20[1] " لتنفيذ الخطة. إذ وبمعونة الكثير من الضباط الأحرار تم توفير الذخيرة اللازمة للقوى الضاربة بالخداع وبجهود دؤوبة وكذلك من القوة السيارة للشرطة بعد إحتلالها وما خزنه بعض الضباط في مدرسة تدريب المشاة.

وقد قام قاسم بدوره وطلب ظهر ذلك اليوم 13/7 من افواج لواءه التاسع عشر، الثلاثة "... بتحميل الخط الأول من العتاد من مخازن المنصورية على اعتبار أن لديه مسيرة يوم 14 تموز بإتجاه بعقوبة، ثم أصدر أمراً بعدم مغادرة منتسبي اللواء لحين عودته من جلولاء لأنه سيقوم بتوديع اللواء العشرين الذي سيترك مقره مساء يوم 13 تموز. وفعلاً سافر عبد الكريم قاسم وحضر مؤتمر قائد الفرقة في جلولاء وإختلى بعبد السلام عارف لمدة صغيرة. وفي الساعة الخامسة من صباح يوم 14 تموز تجمع اللواء بغفراده وآلياته وتحرك في الساعة الخامسة والنصف بإتجاه بغداد... فسأترك العقيد الركن فاضل عباس حلمي آمر الفوج الثاني يقص علينا مسيرة اللواء... كان قد تم تنظيم مسيرات إلى اللواء 19 في ظاهرها تطبيقاً لتدريب مقرر وفق مناهج التدريب الصادرة من دائرة الأركان العامة، لذلك أصبحت هذه المسيرات معلومة ومقررة لدى الفرقة الثالثة في بعقوبة والمقر العام في وزارة الدفاع في بغداد، لذلك لم يشك أحد بحقيقة ما قد يجري بعدها. وهكذا تحرك مقر لواء 19 وأفواجه الثلاثة بالساعة 530 من صباح يوم 14 تموز 1958بإتجاه بعقوبة وعلى رأسه آمر اللواء الزعيم الركن عبد الكريم قاسم ويعقبه الفوج الأول وآمره العقيد عبد الكريم محمد فالفوج الثاني وآمره العقيد الركن فاضل عباس حلمي ويليه الفوج الثالث وآمره العقيد الركن عبد الرحمن عبد الستار ويتبعه بقية تشكيلات مقر اللواء. وكانت هناك فاصلات بين وحدة وأخرى تزيد على الكيلو متر الواحد.

وبعد مسيرة ما يقارب من الساعة جاءني من الأمام آمر اللواء الزعيم الركن عبد الكريم قاسم بسيارته وبرفقته كل من العقيد الركن عبد الرحمن عبد الستار والعقيد عبد المجيد جليل معاوني، فوقف إلى جانبي وأخبرني بأنه في هذه اللحظة جرى قلب نظام الحكم من قبل الجيش... وقد تم تشكيل حكومة وطنية ومجلس سيادة التي بدورها أعلنت ببيانها الأول أهداف الثورة، أما أعضاء هذه الحكومة فهم هؤلاء ( وهنا مد يده إلى جيب سرواله الخلفي وأخرج منها ورقة أعطاني أياها لأطلع عليها، وكانت مكتوبة بالقلم الرصاص) فوجدت فيها أنه هو يترأس هذه الحكومة، ومعه وزراء عسكريون وآخرون مدنيون من أحزاب قومية. وأني عندما لاحظت أنه أصبح رئيساً للحكومة مددت يدي لأصافحه على هذه الثقة به... وسألته ماذا سيكون واجبنا بعد الآن فأخبرني بأننا سنتوجه فوراً إلى بغداد ... ثم أكد على ضرورة إفهام هذا الموقف للضباط والمراتب، حيث سيبدأ بعد الآن في العراق عهد جديد من التحرر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. وسار اللواء إلى بغداد[2] ". ( التوكيدات من –ع.ن). ومن هنا يتضح زيف الإدعاء أن قاسم " كان قد أنتظر معرفة النتائج في معسكر المنصور... " حسب ما أورده بطاطو وما ذهب إليه الجواهري الكبير في مذكراته وغيرهم[3]. في حين أن كافة الدلائل التاريخية لوقائع ليلة الثورة تنفي ما إشاروا إليه حول تخلف قاسم ودخوله بغداد عند الظهر. ويمكن تتبع ذلك مما رواه الضباط الحر، منسق اللجنة الوطنية لاتحاد الجنود والضباط في الفرقة الثالثة الملازم الأول آنذاك حامد مقصود، واقع سيرورة الساعات الأولى لقلب الحركة ولولبها الأرأس الزعيم قاسم، وتهيأ اللواء 19 للحركة نحو مدينة بغداد بالقول:

" وعند دخولي الغرفة حييته تحية الصباح، وكان الصابون ملء وجهه إستعداداً للحلاقة، تركته لإتمام الحلاقة وأنا جالس على كرسي قريب من سرير منامه الحديدي، وإذا به يفتح محفظة حديدية عسكرية لكي يريني ما هيأ من سلاح شخصي يستعمله أثناء قيادة اللواء التاسع عشر للثورة... فأتم الحلاقة وإلتفت إلى الساعة فكانت تشير إلى الرابعة إلا خمسة دقائق، إنتظرنا بفارغ الصبر الساعة الرابعة..مرت الدقائق الخمسة ولم نستلم أية إشارة لاسلكية التي كان قد اتفق عليها مع عبد السلام عارف، بقينا ننتظره والزعيم في حالة ترقب وتيقظ، إلى أن أصبحت الساعة تشير إلى الرابعة والربع، وعندها فقد الزعيم صبره فأخذ يتمتم مع نفسه بعصبية لم أفهم ما يقول. فقلت له (سيدي لا تستعجل فلننتظر بعض الشيء، فلربما حدث شيء أعاق المخابرة)، صمتنا عدة دقائق.. ثم أردف قائلاً: اتفقت مع عبد السلام أن يرسل إشارته لنتحرك والآن أقتربت الساعة من الرابعة وخمسة وعشرين دقيقة، فهل تعذر عليه من تنفيذ المهمة واستمر السير ضمن لوائه عابراً بغداد ؟! ماذا سيحل بالضباط الذين اتفقنا معهم للتحرك ؟! إنها ورطة ويجب أن نحسم الموضوع.. وبعد ذلك رأى من الأنسب أن أتحرك بسرعة إلى معسكر سعد للتأكد من جماعة التنفيذ لإعتقال قائد الفرقة الثالثة غازي الداغستاني، أو قتله بوضع متفجرات عند جدار غرفة منامه في النادي العسكري...وقبل أن أتحرك طلبت منه معرفة جماعة التنفيذ، ولكنه رفض ذلك حفاضاً للسرية وقال: اثناء ذهابك إلى معسكر سعد وصادفك في الطريق غازي الداغستاني فاقتله ولن تسمح له بالتوجه إلينا وتأكد عند دخولك معسكر سعد من تطويق ضباطنا الأحرار للنادي، ثم أرجع وخبرني بسرعة...عدت مسرعاً إلى الزعيم عبد الكريم قاسم وعند دخولي معسكر المنصور شاهدت بعض أرتال الوحدات العسكرية واقفة على الجانب الأيمن من الشارع الرئيسي، واصلت السير فأوقفت السيارة عند مدخل مقر اللواء 19 فنزلت من السيارة مسرعاً... ثم توجهت إلىغرفة منام الزعيم الركن عبد الكريم قاسم فطرقت الباب ودخلت بعد الإستئذان فبادرني متلهفاً: ها.. شفت ضباطنا يطوقون النادي؟ فأجبته: للأسف لم أشاهد أحداً لا في شوارع المعسكر ولا قرب النادي وكأن الناس نيام، فهل استلمتم إشارة من بغداد؟. فكانت خيبة أمل الزعيم كبيرة فلا عبد السلام أعطى إشارة ولا ضباط مقر الفرقة الثالثة عملوا شيئاً. وعندها قلت له: سيدي ما العمل الآن والأمور لا يمكن سترها وقد تبلغ ضباطنا الأحرار في معسكر المنصور وفي بغداد.. يجب عمل شيء و إلا فهذه كارثة ستقضي علينا إذا بقينا ننتظر.

وتساءل الزعيم عبد الكريم قاسم معي ثانية: هل الظروف لم تساعد عبد السلام بإعلان الثورة واحتلال الأهداف المرسومة وجعلته يستمر في السير إلى الأردن ضمن اللواء العشرين؟ لقد قررنا الثورة وبلغنا أخواننا في بغداد ولا يمكن تركهم لوحدهم، لا يمكن تأجيل الثورة وسأدخل بغداد نهاراً ومهما تكن النتائج.

وطلب مني مرة ثانية الذهاب إلى معسكر سعد للتأكد من جماعة التنفيذ بإعتقال غازي الداغستاني لتأمين مرور اللواء التاسع عشر إلى بغداد دون اعتراض معسكر سعد وطلب مني ثانية بتصفية غازي الداغستاني إذا شاهدته في الطريق. دخلت معسكر سعد والساعة تشير الخامسة وخمسة وأربعين دقيقة، وكما كان الوضع في المرة الأولى أثناء دخولي المعسكر... وبعد أن ابتعدت أكثر من مائة متر وإذا بصوت العقيد الركن عبد السلام عارف يذيع البيان الأول لثورة 14 تموز من راديو سيارتي... وعند إقترابي من نادي الضباط أوقفني ضباط وجنود الهندسة شاهرين السلاح نحوي طالبين وقوفي وناديتهم بأعلى صوتي... جئتكم من معسكر المنصور مكلف شخصياً من قائد ثورتنا الزعيم عبد الكريم قاسم للتأكد من تنفيذكم أمر الثورة... ثم قلت لهم أن اللواء التاسع عشر قادم إليكم من المنصور يقوده الزعيم عبد الكريم قاسم وضباطنا الأحرار. فعلى الهتاف وعمت الفرحة جميع منتسبي سرية الهندسة الثامنة... وبعدما تأكدت من سيطرة الهندسة على الموقف بتطويق نادي الضباط بمن فيه من الضباط وقائد الفرقة غازي الداغستاني... أنطلقت مسرعاً للعودة إلى الزعيم عبد الكريم... وبعد مسيرة 10 دقائق وأنا أسمع البلاغات وأمر التعينات... شاهدت سيارة الستيشن وعلمها المرفرف فعاد الاطمئنان إلى قلبي وعند اقترابي منها أعطيت إشارة ضوئية باليد لأوقفها، فتوقفت وأثناء نزولي من سيارتي نزل الزعيم عبد الكريم قاسم بضحكته المشرقة ماشياً بإتجاهي: فحييته وعانقته مهنئاً له ولقيادته الحكيمة بنجاح الثورة...فركب سيارته بجانب الضباط وركبت سيارتي ولحقت به إلى أن وقف أمام مدخل معسكر سعد عند الباب النظامي وسط جمهرة من الضباط...وهنا وصل الرئيس قاسم الجنابي فحيا الزعيم عبد الكريم قاسم فقام الزعيم بمعانقة الرئيس قاسم مهنئاً بنجاحه في العمل ونجاح الثورة... ثم قاد لواءه إلى بغداد مسرعا لإسناد اللواء العشرين. وأثناء تواجدي مع ضباط الهندسة في مقر الفرقة الثالثة، جاءنا خبر إيقاف قوة اللواء التاسع عشرعند جسر بعقوبة من قبل مفرزة حماية الجسر المكلفة من قبل قاسم الجنابي، فصدر الأمر سريعاً بفتح الطريق لمرور اللواء التاسع عشر وإستغرقت العملية أكثر من ثلث الساعة [4] ".( التوكيدات منا-ع.ن).

ومن الجدير بالذكر التأكيد على أن قاسم الجنابي آمر سرية الهندسة الثامنة، أنجز واحدة من أهم مفاصل الثورة بغية الحد من التحرك المحتمل المضاد لها من قبل قيادة الفرقة الثالثة، إذ لولا هذه السيطرة لأصبحت مآل الثورة في شك من نجاحها وعلى كف عفريت [5]. أما حثيثيات كيفية السيطرة على قيادة الفرقة فيشرحها الجنابي نفسه بالقول:

" قبل 14 تموز بيومين أرسل بطلبي الزعيم عبد الكريم قاسم، وكان لواءه في تلك الفترة يقوم بتدريب ليلي بإتجاه بعقوبة. ذهبت إليه في مقره في معسكر المنصور وأخذني معه لرؤية القطعات، ووقفت هناك، وقال أن الذي يستطيع التقدم ويصل بالقرب من بعقوبة بدون علم الفرقة يستطيع إجتياز ذلك إلى بغداد. وأخبرني أن الحركة سنقوم بها في 14تموز مستفيدين من حركة اللواء العشرين وقد بلغني أنه يروم مقابلتي يوم 13تموز مساءً. ذهبت إلى بغداد يوم 12تموز وأخبرت جاسم العزاوي ثم ذهبت أنا والأخ العقيد عبد الفتاح الشالي (كانت رتبته آنذاك مقدم-ع.ن) إلى دار رفعت وأخبرناه بما سوف يتم تنفيذه في صباح يوم 14تموز وكان ذهابنا إليه بصفة شخصية لأننا لم نكلف بإخباره من قبل عبد الكريم.

رجعت إلى معسكر المنصور لتلقي الأوامر النهائية يوم 13تموز فاجتمعت بالزعيم عبد الكريم قاسم وحضر العقيد عبد السلام عارف وأعطيت الأوامر لي بتجميد الفرقة الثالثة و الإستيلاء على منافذ بعقوبة وتأمين الطريق وحراسة الجسر إلى قطعات اللواء 19 الذي سوف يعقب اللواء 20... وقد ركزت سؤالي وهو يدور في خلد كل منصف، ماذا بعد الثورة؟ هل هناك منهج مدروس؟ فاجابني الزعيم عبد الكريم: إن كل شيء قد درس بعمق ودفع لي بالبيان الأول وقال: إقرا هذا هو منهجنا فنتوكل على الله. رجعت إلى معسكر سعد وقمت بإصدار الأوامر إلى ضباطي وهيأت السرية ليلاً وبقينا في المعسكر نستمع بجهاز لاسلكي إلى حركة اللواء ال20 وقد مر من بعقوبة وكانت ساعة الصفر إلينا هي إشارة بواسطة جهاز اللاسلكي، إذ عند وصول الرتل إلى خان بني سعد تتم السيطرة ويتقدم العقيد عبد السلام باللواء إلى أهدافه ويعلن في الجهاز اللاسلكي بأن صقر (وهو اسم الرتل) ينقض وعند سماعنا إلى هذه الكلمة تقدمنا إلى مقر الفرقة وحاصرناها وكنا قد فتحنا النار لتأمين السيطرة التامة ثم دخلت إلى النادي وأخبرت اللواء الركن غازي الداغستاني قائد الفرقة الثالثة وأعلمته بان ثورة قد حدثت ورجوته أن يرتاح في غرفته وينتظر سماع الراديو وقد سألني: من هم القائمون بها؟ فأخبرته إنها بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم، فأجابني: أن الثورة التي يقودها عبد الكريم قاسم تنجح وهو بدوره يباركها. علماً بأن هذا الواجب كان ثقيلاً عليَّ إذ كنت أحب اللواء غازي وأحترمه الإحترام كله لأنه كان يتصف بصفات عالية كجندي مثالي.

وصل رتل اللواء 19 إلى بعقوبة، بعد مرور اللواء العشرين وترجل الزعيم عبد الكريم قاسم وكان بيده راديو، فإستمعنا إلى العقيد عبد السلام وهو يذيع البيان الأول من إذاعة بغداد، وعندئذ التفت عبد الكريم قاسم إلى رئيس عرفائه وكان من حراسه وإسمه عودة جبر ومسكه من كتفه قائلاً له: أني حررتك وهو يقصد المواطن الفقير، ثم ركب سيارته وسار مع اللواء باتجاه بغداد. رجعت إلى غرفة اللواء الداغستاني وإستمع إلى تأليف الوزارة وقد سألته عن رأيه بالوزارة فأجاب: إن نقطة الضعف في الوزارة هو الوزير الفلاني وإن عبد الكريم قاسم هو شهم وشجاع وعنيد [6] ".(التوكيدات من – ع.ن).

ومن نافلة القول لابد من أن تكامل خطة التحرك الفعلي التي أدارها قاسم ببراعة وأمن ما أمكن من مستلزمات ومقومات النجاح، وكانت واحدة من هذه المعاضل تكمن في كمية العتاد لدى اللواء العشرين، والتي لم تكن تكفي للسيطرة على بغداد وتحسباً لاحتمالات غير متوقعة، نرى أن عبد الكريم قاسم: " هيأ سيارة نقل عسكرية(لوري) محملة بمختلف الأعتدة المستعملة في اللواء العشرين من مخازن العتاد الموجودة في معسكر المنصور وغطيت بقماش ووضعت فوقها أدوات المطابخ والحوانيت لإخفاء حمولتها الحقيقية على أن تلحق بمؤخرة رتل اللواء عند مروره من معسكر المنصور فاختلطت فعلاً بمؤخرة سيارات الفوج الذي يقوده العقيد عبد السلام عارف. إذ كانت القطعات العسكرية التي تمر بالعاصمة بغداد تجرد من العتاد... ". ويؤكد هذه الحالة مقدم اللواء العشرين العقيد الركن كمال مصطفى بالقول "...أقنعني العقيد عبد السلام عارف، عندما كنت أضع خطة المسير بإتجاه بغداد أن أضع فوجه في المؤخرة. فنفذت طلبه وتبين لي بعدئذ أنه كان يبغي من وراء ذلك استلام سيارة محملة بالعتاد أعدها الزعيم عبد الكريم قاسم في معسكر المنصور. فإستلمها عندما مر فوجه من معسكر المنصور مغلفة بخيمة لإخفاء محتوياتها... [7] ".

وقد وصلت طلائع اللواء التاسع عشر إلى بغداد الجديدة في حدود التاسعة صباحاً وطلب قاسم من العقيد عبد الكريم محمد أمر الفوج الأول إستلام قيادة اللواء، وذهب إلى بغداد و وبعد تجواله في شوارعها الرئيسية ليرى ردود الفعل العفوية أو المنظمة لمائة ألف متظاهر حسب اقل التقديرات، تحشدت تأييداً للثورة، وسادت إرادتها في كل مكان وراحت وحدات الجيش واحدة بعد الأخرى تهرع إلى تأييدها. في الوقت نفسه إستقر قاسم في وزارة الدفاع، التي إتخذها مقرا له طيلة حكمه، لقيادة أتمام عملية التغيير الجذري ومتابعة إستقرار الوضعين الداخلي والخارجي ومعرفة مصير نوري السعيد الذي لم يستطيعوا إلقاء القبض عليه وتأييد بقية الوحدات العسكرية وتلك التي حاولت التحرك لإجهاض الثورة وإقناع المترددين منهم.




--------------------------------------------------------------------------------

[1] - أوريل دان، العراق في عهد قاسم، ص. 41، مصدر سابق.

[2] - خليل إبراهيم حسين، الموسوعة، ج. 6، ص. 324، مصدر سابق.

[3] - بطاطو،ج.3، ص. 113، مصدر سابق. ويشير الجواهري أن قاسم عند "زحفه بلواءه التاسع عشر على بغداد وتأخير موعده حتى ظهيرة يوم 14 تموز.." ذكرياتي، ج.2، ص. 189، دار الرافدين، دمشق 1991.



[4] -حامد مقصود، ثمرة 14 تموز، ص. 109 وما بعدها ، مصدر سابق. علماً أن معسكر سعد يبعد عن معسكر المنصور حوالي 40 كم. ولم يكن المؤلف دقيقاً من أن البيان الأول أذيع في الخامسة وخمسة وأربعون .. والواقع انه تم إذاعته بعد السادسة صباحاً بقليل.

[5] - إن عملية اعتقال الداغستاني كانت أكثر من ضرورة لحماية الثورة من الفعل المضاد لقوى النظام الملكي، ويعزز هذه الفكرة محاولات السعيد في الاتصال بالداغستاني تلفونيا لأنه " قد يستطيع التدخل وإستعادة السيطرة على الجيش" وهذا ما أشار إليه اللورد بيرد وود في كتابه عن سيرة نوري السعيد، لندن 1959. مستل من د. مجيد خدوري، العراق الجمهوري، ص. 87، مصدر سابق.



[6] - مستل من الموسوعة، ج.1،ص. 49- 52، وقد أشار علينا قاسم الجنابي: أن الزعيم قاسم طلب منه بعد السيطرة على الفرقة الذهاب إلى أحمد صالح العبدي آمر مدفعية الفرقة والتعاون معه. وقد قام الجنابي بتهيأة سريته وأخذ يراقب ليلة 13/14 تموز، قائد الفرقة خوفاً من سفره المفاجيء إلى بغداد، وإستمرت مراقبة غرفته لحين خلوده للنوم ما بعد الثانية ليلاً. وعند الهجوم على النادي حيث كان ينام فيها الداغستاني، كان معه ما يقارب 120 عسكرياً وسيطروا عليه بدون مقاومة.. وعند دخوله الغرفة كان الداغستاني يقف وظهره إلى الجنابي، لأنه كان يتصور أنهم سوف يقتلوه، لكن الجنابي أدى له التحية وأخبره عن الثورة والقائمين بها. وقد هاجم الداغستاني، بعد سماعه أسماء الوزراء، صديق شنشل بقوة ووصفه بكلمة (يهودي) وأعتبره نقطة ضعف الوزارة ". مقابلة في 8/4/2004 ببغداد في دار عبد الكريم الصراف رئيس تحرير جريدة 14 تموز، وبحضور رعد عبد الجبار جواد إبن شقيقة الزعيم قاسم. أما بصدد الشالي فكان من الضباط الأحرار" وهو مبلغ بالاشتراك بالثورة من قبل عبد الكريم قاسم ولذلك طلب منه التريث والبقاء في مكانه لغرض التغلب على المعوقات " المحتملة . الموسوعة، ج. 6، ص. 323، مصدر سابق.

[7] - إسماعيل العارف، أسرار ثورة14 تموز، ص. 171،172 مصدر سابق.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 3-5
- دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 2-5
- دراسات في تاريخية التغيير الجذري في 14 تموز 1-5
- محاولة تقديرية لجرد أسماء الضباط الأحرار في العراق
- عبد الكريم قاسم... رؤية ما بعد الثامنة والأربعون
- عرض مكثف لمحاضرة المرأة – الرجل.. السلطة كحق تاريخي مخوّل
- تموز14: الضرورة والماهية 4-4
- 14 تموز : الضرورة والماهية 3-4
- 14 تموز.. الضرورة والماهية 2-4
- 14 تموز.. الضرورة والماهية
- الزعيم قاسم و الجواهري ولقائهما الأول:
- دراسة عن حركة الضباط الأحرار 6-6
- دراسة عن حركة الضباطالأحرا ر 5-6
- دراسة في حركة الضباط الأحرار4-6
- دراسة عن حركة الضباط الأحرار 3-6
- دراسة عن حركة الضباط الأحرا ر2-6
- دراسة في حركة الضباط الاحرار في العراق
- النضوج والتكتل الغائي 1948-1958
- حركة الضباط الأحرار- التكوين والتكتل الغائي
- النواتات الأولى لحركة الضباط الأحرار


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عقيل الناصري - دراسات في التاريخية الفعلية للتغيير الجذري في 14 تموز 4-5