أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسين النصير - الدولة بين اليسار العراقي وموظفي التقديس















المزيد.....


الدولة بين اليسار العراقي وموظفي التقديس


ياسين النصير

الحوار المتمدن-العدد: 1736 - 2006 / 11 / 16 - 10:42
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


1
ارجو أن لايفهم من عنوان المقال أنني اقصي بقية الاطر الفكرية في المجتمع العراقي لتأسيس أحزابها السياسية التي تفكر بالحداثة، وادعو فقط لوجود احزاب اليسار العراقي أو العربي ، فمثل هذه النظرة الإقصائية بعيدة عن الرؤية التي اريدها للعراق مستقبلا وهو يضع اولى خطواته الصعبة في طريق الحداثة بالرغم من كل ما يعيشه من صعوبات فكرية وتنظيمية وأمنية. كل ما أريد توضيحه أن الحزب الشيوعي العراقي مثلا ارتبط ومنذ نشوئه بفكرة الحداثة بالرغم من أن مفردة الحداثة في مجال التنظير لم نجدها في اي برنامج سابق له لكنه يمارسها خلال رؤية شاملة لطرق بناء مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات الشباب والعمال والطلبة وحقوق القوميات والقضاء على الدكتاتورية وغيرها. فالحداثة في منظومة الحزب الشيوعي العراقي ليست مفردة بل هي برامج ينتظمها تاريخ. كان التيار اليساري في المجتمع العراقي يجاهد فكريا وعمليا من أجل أن يثبت أن تطور المجتمع العراقي لا يتم إلا عبر الإلتحاق بحداثة العالم المتقدم. وكانت الصورة المقربة لنا يومذاك هو الغرب الأشتراكي لأسباب كثيرة ليست من مهمة هذه المقالة. وفي ثلاث عشرة سنة 1993- 2006 يعقد الحزب اربع مؤتمرات تغيرت فيها الكثير من وجهات النظر الارثذوكسية السابقة له وانفتحت آفاق جديدة على التجديد التنظيمي والمفاهيمي وهو ما يبشر بتطور كبير في نظرة الحزب وبالتالي الفكر إلى بنية وتطور المجتمع العراقي. بل ويعطي صورة واضحة لبقية الأحزاب من أنها لا تنغلق على فكر ثابت، فالفكر تاريخي متحرك،وكنت أمني نفسي والكثيرين لو أن حزبا وطنيا آخرا تبنى منهجية الحداثة مثل ما كان يفكر به المفكرون الاسلاميون في العصر الوسيط، ولكن الحزب الشيوعي وبفضل نخبة المثقفيين التنويرين قد بادر منذ العشرينات من القرن الماضي إلى ترسيخ مثل هذه الرؤية وتمخضت عنها تجارب وطنية مهدت لصياغة مبدأ الوطنية عبر فكرة الحداثة، وكان لمجموعة من المتنورين أن أسهموا في طرح افكار بعضها ادبية كمحمود احمد السيد وبعضها صحفية وفكرية كحسين الرحال وبعضها ثقافية نقدية كرفائيل بطي وغيره وكانت النتيجة أن اتسعت الدائرة لتشمل التيار الاشتراكي والقومي والوطني الديمقراطي،بتأسيس الحزب الوطني الديمقراطي لاحقا وهو تأسيس يغطي مساحة فعلية لحركة شرائح من المجتمع العراقي تتأرجح بين الطبقة العاملة والبرجوازية الصغيرة. ويعد تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي نقلة تاريخية وسعت من تأثير اليسار وعددت منابره.. هذا المخاض الحداثوي علينا أن نعيد نهوضه بطريقة الحوار المبدأي للكيفية التي يتم بها تحديث العراق ونهوضه بعد أن تخلص من حكم الفرد والحزب الواحد. ومن هنا أدعو كل المثقفين الملتزمين بفكرة الحداثة أسلوبا ورؤية لمستقبل العراق، أن يراجعوا أفكارهم مهما كانت مصادرها وتوجهاتها، ليجعلوا من هذه الغاية، غاية تحديث المجتمع العراقي ونقله للمستقبل، الهدف الأساس بغض النظر عن انتمائهم العقائدي او التنظيمي أو التعامل مع مجموعة المفاهيم الفكرية والروحية التي صوروا بها الصورة التي سيكون عليها العراق. واخص بالذكر منهم المثقفون العضويون الذين يشكلون حلقة مؤثرة في الرأي والفكر،ومن بينهم شعراء وكتاب قصة ومسرح وأدباء وعلماء واساتذة جامعات ورواد حركة المجتمع المدني وغيرهم، لأن يجعلوا من فكرة حداثة المجتمع العراقي طريقة لتفكيرهم وعملهم، فالامر إن اقتصر على السياسيين وعلى التيارات الدينية والقومية والطائفية اسهمنا عن عمد في جعلهم يفكرون عوضا عن المثقفين العراقيين كلهم.
ما يحدث اليوم يدعونا للعودة إلى الماضي القريب، فالحداثة في رؤيتها تاريخية قبل أن تكون مادية،ففي التاريخ القريب للعراق نجد أن فترة تشكيل الحزب الشيوعي العراقي هي فترة النهوض الدولي بعد نهاية الحرب العالمية الأولى ودخول الدول الغربية إلى ميدان استعمار الشعوب، هذه النظرة التي اقامتها فكرة الحداثة الغربية من أنها تنقل آليات التحديث من المجتمع الغربي إلى العالم المتخلف عبر الأستعمار كانت الفكرة التي سيطرت على اوربا منذ منتصف القرن السابع عشرمشفوعة بحركات ثورية وبارث قانوني اتت به الثورة الفرنسية وبطرق تحديث وانتاج صناعي كبير وبفلسفات ومدراس ومناهج تحديث كبيرة مكنت العالم الغربي من أن ينفض يديه عما يسميهم ماكس فيبر بموظفي التقديس، هؤلاء الذي كانوا يهيمنون على المجتمع عبر إدعائهم بانهم موظفون لحماية المقدسات الدينية فشكلوا سلطة قامعة لكل من يخالفهم الرأي، لابل سلطات سياسية ومعرفية وقانونية ودينية وعسكرية مكنتهم من ان يجعلوا المجتمعات الغربية تخوض صراعات دموية داخلية. وبداية من منتصف القرن الثامن عشر كما يقول محمد أركون بدا الغرب يتخلص من فئة موظفي التقديس ويحجمهم سياسيا، بينما اطلقوا لهم يد العنان في ترميم ذاتهم الفكرية وجعلها سندا لتصوراتهم العملية بوصفهم مكونا جذريا من مكون تاريخ أوربا. في هذه المرحلة بالذات بدأت الحركات الثورية تأخذ طابعا جديدا، ثمة ارث عالمي يؤكد أن نشوء الافكار الاشتراكية ليست حصرا على اوربا، ومن يقرأ تاريخ الفكر الإسلامي يجد أن الإسلام نفسه حركة تحديث كبرى احدثت تصورات منهجية وعلمية وروحية في العالم مما استدعت حروبا مضادة، هذه نقطة لا يجهلها أحد،ولكن الإسلام نفسه قبل أن يغلق دائرة البحث العلمي بعد العصر الوسيط وصولا إلى اخر حلقات التحديث الفكري والفلسفي عند ابن رشد الذي يعتبر أحد مؤسسي العقلانية في اوربا. مهد بحاضنته الثورية لحركات اسلامية وغير اسلامية من ان تحذو حذوا اوربا في منهج التحديث، ونصيب المنطقة العربية كان فكريا وثقافيا ضعيفا بل ودون ان يتمخض عنه أي تأسيس لتيار حزبي أو تنظيمي. لعل مصر كانت هي الحاضنة لمثل هذه التيارات،ومن هنا تعد النقلة الكبيرة في هذا المسار التحديثي هو ما ظهر في البلدان العربية من حركات ثورية ماركسية في فلسطين ولبنان وسوريا ومن ثم العراق ومصر هذه الاحزاب هي حصيلة انفتاح الفكر الإسلامي في آخر عقوده قبل أن يغلق الدائرة كليا على مؤسسات صيانية مكنته من أن يكون أرثوذوكسيا بامتياز.ومن بعد ذلك بدأت المؤسسة الدينية تغلق ابوابها على آخر نتاج تنظيمي ومفاهيمي هو ما جاء به الشافعي في الفقه، ويعد محمد اركون الشافعي ثورة ولكنها ضمن زمنها وعلينا أن ننهض بعدها لنكون في صف الحداثة الغربية، إلا إن الطريق إلى ذلك أغلقناه بايدينا واسهمنا في جعل الغرب ينظر إلينا نظرة عداء مستحكمة فما كان من الأمور إلا ان تزداد تعقيدا عندما وضع العالم الإسلامي نفسه في دائرة التحجر الفكري والاصولية السلفية.

2
لاشك أنني اكثر من متفائل وأنا الآن أرى حركية مميزة في الشارع العراقي ممثلة بتيارات إسلامية حديثة الفكر قديمة الممارسة بل ورجعية في بعض مفاصلها، وأخص بالذكر منها حزب الدعوة والمجلس الأعلى والحزب الإسلامي وغيره من الحركات الإسلامية التي تجمع بين التحديث والراديكالية، هذه فترة مخاض صعبة لتشكيل منظومتها الفكرية القادرة على فهم آليات تطور المجتمعات الحديثة من خارج اطرها المعرفية السلوكية السابقة، لقد خرجت من القاعات والمجالس والدواويين والتكيات إلى الشارع فابهرها النور وربما سيعمي بصرها إن هي بقيت مندهشة بقوته.مسلحة بنصوصها القديمة / الجديدة ولكن حجم التغيير في رؤيتها ما يزال مضببا وغير واضح، وللمشكلة جذورها القديمة كما لها آلياتها الحديثة التي لم تتح الفرصة الحالية لهم التفكير بتغيير طرق تفكيرهم لاستيعابها، إن ما حدث في العراق وما تبع ما حدث هو اكبر من طروحاتهم في التغيير، ولعنا ندرك أنهم اقل امكانية من قيادة شعب متنوع خبير في المراوغة والتخفي وتربى عشرات السنين على التقية أن يقودوه دون دماء يصنعون آلياتها بأنفسهم، وهذا الذي يحدث في الشارع العراقي هو نتاج طبيعي لتخبط أفكارهم بخصوص الحداثة والإرتاكس فهم بين أن يكونوا متطورين ولكن قادعتهم أو دهاقنتهم الراديكاليين لا يسمحون بذلك لان التغيير يقضي على طماحهم في الحكم ولان قدرات القاعدة غير موجهة توجيها حديثا يستوعب ما حدث إلا في إطار أن يكون الموظف حامي المقدسات هو اليد المطلقة في التحديث. من هنا نجد المالكي وهو يجاهد لتثبيت اسس ديمقراطية وطنية في سياق مؤسسات الدولة نجد خطابه لا يطبق حتى من قبل منظموته الفكرية التي يستند عليها، ويبدو لي ان المالكي سيسير خارج سرب المنظومة الإسلامية الراديكالية الحالية بطريقة تمكنه من أن يكون رجل دولة جديد له القدرة على عمل توازنات إيديولوجية مع واقعه العراقي دون أن يفقد ثوابته الإسلامية التقدمية. وعندي أن رجلا – إذا صحت استنتاجاتي- مثل هذا هو قائد مرحلي عليه تقع تبعات تأسيس منظموة حكم مرنة ولكن واضحة تقوم على نقل الممارسة السياسية من الشارع وتخطيط السياسة إلى داخل مكونات الحزب كي يضع الإطار العام لفكرة التحديث على طاولة الوضع العراقي اليومي التي تتطلب مشارط ومعالجات ليست كلها دينية أو من تلك المنظومة القديمة لحل مشكلات مجتمع ينتقل بصعوبة من حكم الفرد إلى حكم الجماعة.
على المالكي ان يضع يده بيد اللبراليين من شرائح المجتمع العراقي لا لتغيير تصوراته الفكرية وتبني تصورات اخرى، بل لان تصور المالكي العملي اليومي ومن خلال خطاباته وممارساته يدل وبوضوح أنه رجل دولة مقيد بأفكارلا تتطابق وخطط العمل التي يريدها لتطويرالمجتمع العراقي، لقد استمعت إليه بامعان وهو يجتمع بالمحافظين العراقيين كلهم ووجدت أن مفردات خطابه لهم هي مفردات حداثة وليست دينية او طائفية او مدينية. ولكن التطبيق سيصطدم بتلك العقلية الحزبية الضيقة والفكر المتحجر وزعامة موظفي التقديس وليس الموظف الحامي للعراق، هذه العقليات مع الاسف والتي تتحكم بالكثير من محافظات العراق ستبتدع اطر التعجيز الجديدة لتعطيل مشروع المالكي وتصوراته عن تقدم ومسار لحركة السياسية العراقية الجديدة، اقول ذلك وانا الماركسي كما قلت سابقا لن يهمني ان يكون شيوعيا حاكما أو وزيرا بقدر ما يهمني ان ثمة مشروع وطني يطبقه وزير إسلامي دون ان يكون هذا الوزير مؤيدا من سلطة موظفي التقديس ومباركا من طلاب السلطة الأطفال في ميدان السياسة ومؤيدا من دول جوار لايهمها تقدم العراق بقدر جعله ساحة لحروبها مع العالم،هذا المشروع الوطني يتطلب حزما شديدا وحزما من نوع الضرب الوطني المبرح في تأسيس منظمومة قانونية ودستورية سريعة التنفيذ لان التماهل كما يحدث الآن فرصة للمساومات الخفية.

3
المالكي وصراع موظفي التقديس

ثمة سبع نقاط يمكن للمالكي أن ينقل العراق بها من حال الاحتراب إلى حال البناء.
1- أن يسرع المالكي بطرح مشروع حكومته الوطنية الذي اشار إليه عشية ترشيحه لرئاسة الوزراء وبقي مطويا لحد اليوم، فما طرح يومذاك هو نبذة مبتسرة للمشروع الوطني يخلو حتى من مفردة ثقافة كما اشرت في مقال لي يومذاك. ترى ما سبب تعطيل طرح المشروع الوزاري وهو الذي صوت البرلمان على موافقته لخطوطه العامة ؟ما الذي جعل المالكي يتراجع عن المضي في مشروعه الوطني الذي اعلن عنه؟ بالتأكيد ليس من قوى اخرى عطلت مشروع وزارته الوطني غير قوى الإتلاف نفسها التي لم تجد في طروحات المالكي واولها حل المليشيات ما يجعلها متطابقة ودور موظف التقديس في المجتمع العراقي.وبعيد تشكيل الوزارة سمعنا من ينادي بتشكيل لجان شعبية لحماية المناطق وصاحب الطرح يمتلك اكبر كتلة برلمانية،الامر الذي دفع الطرف الثاني لتشكيل لجانه الشعبية أيضا فاسند الطرح طروحات القاعدة في تفتيت بنية المؤسسة الأمنية. شخصيا اعتبر هذا الطرح هو تعطيل مبرمج وداخلي لبرنامج الحكومة الوطنية، ثم طرحت مسألة الفدرالية للجنوب، لكل الجنوب بتسع محافظات وعاصمتها النجف الاشرف، ليس من ضير في النظام الفدرالي فهو نظام حديث ومقبول ولكن في المشاريع العجولة التي تنفذ اجندات خارجية وهو امر عطل مشروع برنامج الحكومة الذي اشارت أولياته إلى دراسة لكل مفردات التطور في هذا المرحلة. نحن مع الفدرالية بكل ما يتفق عليه الشعب ولكن ليست من أولويات المرحلة الإنتقالية هذه.
2- الاعتماد على التيارات اللبرالية اينما تكون وتحت اي لافتة في إدارة الازمات وهذه طريقة مضمونة النتائج عندما يجد كل التقدميين مشتركون في تطبيق برنامج حكومي مرحلي محدد الخطوات.ولكن القوى نفسها التي تعطل برنامج المالكي الوطني وضعت عراقيل وخطوطا حمراء على القوى اللبرالية وفسحت المجال وهي منساقة للظروف لقوى اخرى أن تتسيد مواقع أكثر حساسية، ترى ممن الخوف ياموظفي التقديس عندما تضعون خطوطا حمراء على قوى وطنية بدأ نظالها قبل عقود؟
3- البدء في تفتيت بؤر الإرهاب وهي على اشكال مختلفة، منها ما هو من بين قوائم الحكومة المؤتلفة،ومنها ما هو خارج منظومة الحكم، ومنها ما هو اقليمي، ومنها ما هو دولي، ومنها ما هو ارهابي سلفي ممثلا بالقاعدة. ولكل شكل من اشكال الإرهاب طريقة معالجة مختلفة عن الأخرى ونحن لانفهم كما يفهم المختصون بمثل هذه الطرق ومجال العالم اليوم مفتوح على التجارب لمكافحة مثل هؤلاء. على المالكي ان يفهم مثل هذه الآليات وانا على يقين أن يعرفها اكثر منا نحن المراقبين، ولكن ثمة شلل يفرضه موظفوا القداسة من كل الاتجاهات على مشروعه الوطني في المصالحة.أما طرق التفتييت فتتم بثلاثة أساليب مقترحة، باستثناء الاسلوب الرابع المعمول به الآن وقد أدرجته لغرض أن يكون واضحا لأهمية الأساليب الثلاثة.
الاسلوب الاول، هو التنمية وتسريع عجلة البناء واستقدام العمالة من بين أوساط بؤر التوترالأمني وجعل المنشئات الجديدة ذات طابع مزدوج، مناطقي ووطني،وبذلك يكون قد اشغتل كل المعنيين في القطاعات المتوترة بسياق عمل وطني تنظيمي يجعل الناس في تداخل وظيفي مديني، وهذه طريقة ليست صعبة ويمكن تبنيها في حالتين:
الاولى: تفضيل تشغيل ابناء مثل هذه المناطق على غيرهم ومن ثم وضعهم ضمن آلية اشراف عملي من قبل الدولة ومؤسساتها الأمنية.
والثانية: لن تكون المشاريع ستراتيجية بحيث تأخذ استحقات محافظات اخر، بل موضعية وذات طبيعة اجتماعية بنائية.
واضرب مثلا واحدا على هذه الاستراتيجية الموضعية وهو إعادة بناء مدينة الثورة أةو العامل أو البياع او الشعلة من جديد وتعويض سكانها عن بيوتهم القديمة وبناء بيوت حديثة لهم مع مؤسسات تكميلية ووظيفية تهتم بكل ما يجعل هذه المدينة الهامشية مدينة حديثة شريطة ان يكون البناء عموديا وليس افقيا. ولهذا النمط من البناء فوائد امنية وستراتيجية بعيدة المدى على تغيير عقلية السكان من البنية الفكرية الفردية الانعزالية، إلى البنية الاجتماعية ذات المسوؤلية المشتركة. وتشمل هذه الخطة كل مدن العراق الشعبية ذات البنية المتخلفة كي يسهل الامر على قطع أي طريق في تفضيل مدينة على اخرى.
الأسلوب الثاني، وهو العمل المانيفكتوري الصغير، وذلك بتأسيس مشاريع عمل موضعية وذات بنية عددية صغيرة تسهم في تنمية عجلة الإقتصاد الوطني بمشاريع انتاجية صغيرة مهمة لسد حلقات معينة من الإنتاج العام وذلك بتسهيل اعطاء سلف ومعونات وبناء ورشات عمل بيتية خاضعة للمراقبة والمحاسبة ويشترى كل نتاجها وتسويقه لحلقات معينة من شرائح المجتمع العراقي وتشمل هذه الخطة أيضا كل مناطق التوتر والأمن المضطرب.
الأسلوب الثالث: وهو الادارة المناطقية للمناطق وهي طريقة توزيع السلطات الحكومية على تجمع يضم كل الشرائح المؤتلفة والوطنية بتشيل مجالس محلية خاضة للمسائلة القانونية وتكون تحت اشراف الدولة ومؤسساتها الأمنية والضرب بيد من حديد على المقصرين فيها.
أما الأسلوب الرابع: وهو الهيمنة الحزبية والدينية لموظفي التقديس من كل الأطراف وهو ما معمول به الآن في كل مناطق العراق وهو أسلوب يدمر بنية الدولة ويزيد من الفساد والمحسوبية ويقوي المليشيات ويمنع اي برنامج تقدمي من ان ينهض بالعراق من وضعه بل ويجعله تابعا لدول الجوار لجعل العراق محني الظهر يسكن عيادات الاطباء العالميين.
4- الاسلوب الرابع هو تطوير قانون اجتثاث الإرهاب بما يوازي التسريع بالامن الوطني ،وهو غير قانون اجثثا البعث حيث الإرهاب لم يكن من البعثيين فقط، بل من شرائح مشتركة في الدولة ومؤسسات الحكم تلك التي تعتمد على المليشيات ومجالسها وقضائها وخططها وهو ما يناقض مؤسسات الدولة وقوانينها، فقانون اجثاث الإرهاب يشمل كل المفسدين ومعطلي عجلة الأمن ومنفذي الاوامر من خارج سياقات الدولة والتابعين لموظفي التقديس مهما كان نوعهم ولون أعمتهم ولسانهم وخطابهم، كما يشمل الارهابيين وممن يتستر عليهم ويمدهم بالعون المادي واللوجستي.وليس غريبا أن نجد أن مثل هذا القانون اول ما يبدأ يبدأ بتجفيف مصادر التموين وقد تكون خارجية اكثر مما هي داخلية لذا فمشروع اجتثاث الإرهاب ذو طابع اقليمي دولي مما يعني انه مشمول بمحافحة الإرهاب ضمن السياقات الدولية أيضا.
5- هو ان يبني المالكي منظومة فكرية إسلامية تقدمية وسطية وجديدة تعتمد على آليات الفكر الإسلامي التقدمي خاصة في نماذج العصر الوسيط، وهذه الطريقة لا تتم بمعزل عن الطرق السابقة بل بجوارها عندما يؤسس كيانات ثقافية تمتمع بتركيبة فكرية منفتحة على تيارات الحداثة العالمية وعلى تيارات الحداثة الإسلامية بروح وطنية منفتحة على التجريب والتنوير ضمن إطار الفكر الإسلامي التقدمي الواحد وليس الطائفي أو الإقليمي وليس ضمن الفكر الإسلامي لموظفي القداسة مع تجديد بنية المؤسسة الدينية بما يوازي تجديد بنية المجتمع العراقي في نقلته الجديدة للتماهي مع العالم المتقدم لاسيما ونحن نمتلك كل سبل التطوير من كوادرعلمية وموارد واسس منهجية ورؤية متسعة في المجتمع العراقي للحداثة اسسها رواد النهضة في العراق من مختلف التيارات الدينية والاجتماعية وجعلوا لها برنامجا وطنيا وسطيا يجمع بين خصوصية الحداثة الاجتماعية والثقافية والإقتصادية والمدينية المحلية وبين متطلبات المرحلة الانتقالية. ويكون ذلك منهجا شاملا للدراسة والتثقف الاجتماعي العام. وبهذه الطريقة نستقطب فيها مئات المفكرين من العراقيين والعرب والأجانب لوضع اسس منهجية لسياقات دولة علمانية / إسلامية من غير أن تكون أحادية البنية الدينية التي يشيعها ممن يتمترسون خلف افكار قديمة غير قابلة للأجتهاد ويجرجرون خلفهم قطاعات كبيرة من الناس القليلي التعليم ممن يؤمنون بقدرات غيبية لموظفي التقديس دون الله وكتبه السماوية. وبهذه الطريقة نعيد ترتيب بيتنا العراقي وفق صياغات حداثوية دون أن نفقد اسسنا المعرفية القديمة، وسيكون للفنون وللثقافات الشعبية ولكل اسس المجتمع الثقافية تطوراتها الميدانية التي تشبع حاجات الناس وهويتهم دون أن يفقدوا ارتباطهم بالعراق الكبير الذي علم الحروف والابجدية قبل ان يكون ثمة مجتمع مكتمل البنية على هذا الكوكب.هل بامكان اعادة الهوية العالمية للعراق من خلال مشروع ثقافي وطني كبير؟ اجد أن المالكي أو غيره من رجال الوطنية العراقية قادرون على تنفيذه فالتاريخ لا يمنح فرصتين دائما لاي مشروع تحديثي وطني..
6- وعلى المستوى البناء الإستراتيجي الكبير علينا أن نتوجه إلى تعمير الأراضي الزراعية أولا وجعلها رديفا للثروة الوطنية الأخرى وتسهيل مهمة قطاعات كبيرة من الناس للعمل في هذا الميدان وفق صيغ تصنيع الزراعة ومكننتها واتمتتها بطرق حديثة تنقلها من طبيعتها الريفية إلى طبيعة صناعية حديثة وابدأ بالارض المملوكة للدولة وتوزيعها على الفلاحين وخريجي المدارس الزراعية التي تترافق مع بدء هذه المشاريع وتسهبل مهمات اخرى مرافقة لها المشروع الزراعي من بناء سكن عمودي وبنية تحتية وفق نظام شامل لك مدن العراق ، ثم التوجه في الوقت نفسه للصحراء الغربية والكشف عن مكنونها المعدني والمائي واقامة مشاريع عملاقة لبناء الصحراء والقضاء على خرابها الروحي والمادي والتي تهدد المجتمع والدولة بالزحف والتخريب، وبالطبع لن يتم ذلك بين يوم وليلة ولكن بخطط خمسية منتظمة يبدأ بها المالكي من الآن لاشغال الكثيرين من ابناء المناطق المتوترة والغائبة عن الوعي الوطني.
7- بناء منظومة مصرفية تقلل من التداول النقدي الورقي في الوظائف والاسواق وجعل الصرف الآلي طريقة جديدة تقلل من الهدر والسرقة .هذه الطريقة لاتبدو بسيطة لمن يدرك فوائدها المهمة والكبيرة عندما تصبح طريقة ممنهجة لتنظيم علاقة الفرد مهما كان مستوى تعليمة بالدولة. إن تنظيم العلاقة المصرفية بين المواطن ومراكز الصرف الوظيفي والعملي من شأنه أن يقلل اعتماد المواطن على مصادر دخل غير مشروعة، كما ينظم الاقتصاد الوطني ويقلل فيه الهدر والمحسوبيات ويجعل منظومة الوظائف واقيامها المادية متوفرة المعلومات أمام الجميع كما ينظم التنظيم المصرفي كل شرائح المجتمع العراقي التراتبية والأجتماعية بطريقة ضمان أنها قادرة على ان تبني نفسها وأن تنشط في ميادين غير مخفية في الاقتصاد والبناء والعمل كما تنظم علاقة الأكثر موارد بالاقل موردا وتنظم كذلك الكيفية التي ييتم بها تصريف الدخل اليومي للمواطن بعد ان يكون ثمة شبكة من الاسواق تتعامل بالصرف الآلي المنظم.والمسألة ليست صعبة أن خبراء الإقتصاد يعرفون الكيفيات التي تمكن مجتمعا ان يتقدم في هذا المجال بفترة زمنية لا تتجاوز سنة واحدة لحلقاتها الأولى.
4
نعود إلى ما ابتدأنا به موضوعنا وهو مكونات اليسار العراقي، من هي هذه المكونات الجديدة؟ وما هو واجبها تجاه العراق وهو يمر في محنه الحالية؟ اجد من الضروري الابتعاد عن أن مفهوم اليسار يرتبط فقط بمكونات الفئات والطبقات الفقيرة والعمالية والبرجوازية الصغيرة، وومثليها الأحزاب الماركسية والاشتراكية فقط، فالحداثة لا تفكر تفكيرا مجتزئا بفئة دون أخرى، أنها تضع سياقات المجتمع وحاجاته كلها ضمن منظمومة فكرية واحدة تسعى لتطبيق برامج عمل تتظافر عليها شرائح حاكمة مهما كانت اتجاهاتها لكنها تتوحد في رؤية الحداثة للمجتمع لوضع آلية لتطبيقها، ومن هنا اجد أن مفهوم اليسار اوسع مما كنا نعرفه فقط، وهو كذلك، لانه يضم مجموعات شرائح من مؤسسات البنية الدينية التي تؤمن بالتطور ورفض اساليب الرؤية الاحادية وتؤمن بالفدرالية والتعددية والديمقراطية. واليوم يوجد الكثير من مثل هذه الشرائح في مجتمعنا. وربما لنا عودة للموضوع عندما تتوفر لنا أدبيات ومناج ونظم داخلية لاحزاب التيار السياسي الغسلامي وخصوصا حزب الدعوة والحزب الإسلامي.



#ياسين_النصير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Euro 60 تقاعد اهم محرج مسرحي عراقي
- بحاجة إلى غورباتشوف من جنسنا
- امريكا /ايران/ العراق و...الضرية قادمة
- تحية للمالكي في خطواته الايجابية
- ارخبيل الحدائق تجربة شعرية جديدة
- مسرحية نساء لوركا خطاب مرتبك
- تحالف الإسلام السياسي والشيطان
- مناقشة هادئة لوثائق المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
- تراجيديا رجل الدين العراقي
- الاسلام السياسي وصورة الحداثة في العراق
- الاسلام السياسي وعنف المواكب
- الإسلام السياسي وعنف المقال
- فشل أحزاب الإسلام السياسي في العراق؟
- المقال الثاني : العنف وتخطيط المدن
- العنف وتحطيط المدن
- الطائفية مصطلح بغيض
- مرايا المقهى
- الثقافة والمرحلة العراقية
- الصين وافق الحداثة في العراق
- سوق هرج


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسين النصير - الدولة بين اليسار العراقي وموظفي التقديس