أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين النصير - الطائفية مصطلح بغيض















المزيد.....

الطائفية مصطلح بغيض


ياسين النصير

الحوار المتمدن-العدد: 1634 - 2006 / 8 / 6 - 09:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تضع قواميس اللغة العربية الطائفة في موضع محترم، بل كل ما تقوله القواميس عنها ،ومنها لسان العرب أن الطائفة هي ما بين الواحد والألف. والعدد المصغر حتى لو لم يحمل دلالة القلة فهو عدد لا يرقى للإستشهاد به في مواقع تتطلب الشمولية، هل الشعية أو السنة أو الصابئة أو الإيزيديين أو الشبك هم مادون الألف حتى يسمون بالطائفة؟ أحسب أن المناداة بالطائفة هومن بين من يريد تأكيد التحقير لقومه. وأحسب بعد ذلك أن يلغى المصطلح الطائفي عن المسلمين الشيعة، والمسلمين السنة وعن الصابئة والأيزيدية والشبك وغيرهم، فهم أما مسلمون أو ممن احتوتهم مذاهبهم الدينية.
لكن المصطلح إذ يروج له في العراق لا نجد له مقابلا في دول أخرى. لا يقال للشيعة في إيران الطائفة الشيعية في إيران، ولا للشيعة في باكستان أو البحرين أو اندنوسيا الطائفة الشيعية في باكستان أو البحرين أو اندنوسيا،فهناك هم الشعب الفارسي في إيران، والشعب الباكستاني في باكستان، والشعب العربي في البحرين،في حين أن إيران تسمي الشعية العراقية وحسب قول فضائة العالم وإعلامهم بالطائفة الشيعية في العراق، والطائفة الشيعية في البحرين والطائفة الشيعية في باكستان،وتذهب بالبعض بأن يلخص الشيعة بـ " اتباع أهل البيت" فقط بينما تنآى بالنعت بمثل هذه الصفات عن الشيعة في إيران.
وعلى المستوى الداخلي روج من روج لمصطلح الطائفية وعلى رأسهم التكفيريون مستندين على ثقافة الإلغاء السابقة للحكام في العراق، وهؤلاء ليسوا بأكثر حرصا على تأكيد الطائفية ممن هم في المذهب نفسه ويريدون تصغيرها لحساب أن يكون تابعين لغيرهم. وعندما يتسيد الشيعي أو السني منصبا، والمنصب من حصة هذا الحزب أو ذاك، يجري تجزيئ آخر للمسلمين الشيعة، او المسلمين السنة، فيصبح شيعي من حزب الدعوة، وسني من الحزب الإسلامي، وشيعي من الأكراد الفيلية، وسني من حزب التوافق، وشيعي من المجلس الأعلى ولبراليا سني وعلماني شيعي ولكنه من تيار الصدر وسني من تيار الصوفية قريب من اللبراليين..الخ. ويكسب الوزير قوته هذه المرة من عدد المقاعد التي يتني إليه وليس من المذهب، أما أن يكونوا عراقيين فهذا ابعد ما يكون عن تفكير من يحكمون أو يتحكومن بالعراق اليوم.
أحسب نفسي وأنا المنحدر من بيئة جنوبية، شمالية، وسطى، نهرية، جبلية ، مدينية ، قروية. أن لي لغتي ومفهومي وسياق حياة خاصة بي، أتصرف دون أن يرشدني أحد أو أنطق بلسان احد ولي مواقفي ومشاريعي وتصوراتي عن الحياة والفكر والمجتمع، بنيتها بنفسي وتحملت جراءها الغربة والتشريد والمرض، وقد دربت نفسي على أن أكون في المواقف التي يجب أن تكون دون طلب من احد أو لحساب أحد. فأنا عراقي أولا، وهذا يعني أن كل المدن والقرى والتواريخ والثقافات والأديان والحضارات موجدة فيَّ، فأنا أكدي وسومري وبابلي وآشوري وعربي وكردي. و أنا مسلم أو مسيحي ثانيا وهذا يعني أنني وريث لثقافة دينية أصيلة، فاعلة ومتفاعلة منذ زمن وما تزال مستمرة ومعطاءة. وأنا من الشيعة أو السنة ثالثا وهذا يعني أن حريتي في الاجتهاد والقول والفعل غير مقيدة إلا بحدود الله والدين والقيم وأستطيع أن أفكر في الحياة وأن انفتح على الجديد وان انخرط في تيار التحديث والاستمرار. وأنا قومي عربي أو قومي كردي أو قومي تركماني رابعا ففي تنصهر كل القوميات والأعراق ما دمت أنحل من ماء الفراتين وأرتع في ربوع الرافدين وأنا من المثقفين خامسا وهذا يعني أن معياري ليس ذاتيا ولا هو شخصاني مفرد بل أعاين الواقع ضمن جدله وان أعيش تجارب الآخرين كما لو كانت تجاربي وادخلها في سياق أمثلتي وشواهدي وان أسعى ضمن اهتمامي ناقدا، قاصا، شاعرا، استاذا.. أن أكتشف الجميل والإبداع في ابسط مكونات الثقافة العراقية في جذورها وفي فروعها. وشيوعي أو من حزب الدعوة أو من المؤتمر أو من التيار الديمقراطي،..الخ سادسا وهذا يعني أنني مسئول ثقافيا ضمن موقعي البسيط والبعيد أن أضع كل العراق ثقافة وشعبا وتصورا وتاريخا ضمن وحدة كونية جدلية ليس للمحلية فيها فضل على العالمية وليس للعالمية فيها فضل على المحلية تجاربي تصب في تيار إنساني واسع ومواقفي تنهل من التراث الإنساني الكبير، ما هو جميل ملكي وما شعري ميدان عملي وما هو إنساني لي وما أملكه من تراث وتاريخ هو ملك للإنسانية ، كل ما أتنفسه هو هواء العالم وكل ما افعله هو فعل للعالم لذلك أزن تصرفاتي وانتبه لأخطائي وأنتقدها وأصحح مواقفي الغلط دون أن أكون متعاليا أو متفضلا. وكل هذه التوصيفات بنيتها بنفسي دون أن يكون لأبي أو لعشيرتي دخل فيها أو في مسمياتها. لذلك سجنت وتعذبت وهمشت ونفيت وألغيت.
اليوم أنا عراقي ، انحدر وورائي كل هذه المواصفات فهل ينتبه لي أحد؟ وهل يضعني أحد من المستوزرين في مكاني المناسب الذي سجنت وشردت وعذبت من أجل كلمة الحق؟ فهل يعينني وزير التعليم العالي في مكاني دون أن أكون منتميا لحزب الدعوة، وهل يعينني وزير النفط في موقعي المناسب دون أن أنتمي للحزب الإسلامي، وهل يعينني وزير الشباب ضمن طاقتي ويدخلني ميادين الرياضة والمؤسسة دون أن أنتمي لحزبه ؟ وهل يعينني وزير الثقافة في المكان الذي يليق بمثقفينا العراقيين دون أن أكون منتميا للحزب الذي عينه؟ وهل يعينني الوزير الكردي في موقعي في كردستان دون أكون كرديا؟ وهل يعينني الوزير الذي ينحدر من البصرة أو الرمادي أو الموصل وأنا من مدينة أخرى؟ وهل ثمة استقراء جيد للكفاءات العراقية قبل المباشرة في تسليم المناصب لغير الكفء؟ أسئلة لا يطرحها بريمر ولا رامسفيلد، ولا بوش ولاحتى مام جلال نفسه، بل يطرحها أبو الجراوية العراقي الذي شبع من الجلوس في المقهى بانتظار التغيير منذ أربعين عاما، ويطرحها الملاح العراقي وهو يجوب أنهر العراق شمالا وجنوبا بانتظار أن يمتلئ شراعه برياح عراقية ويطرحها العامل في معامل العراق المغلقة الأبواب وهو ينتظر أن يصبح له في يوم من الأيام صوتا غير الصوت السياسي الذي وضعه أما في ذيل القائمة أو في مقدمتها. و يطرحها الفلاح في مزارع العراق الذي ملَّ اعتلاء جذوع النخل وهو يصوب نظره إلى خلف حدود قريته ومزرعته علَّ زائرا صباحياً يأتيه ليبشره أن أبنه أو أخاه قد وضع في الموقع الذي تغرب من أجله. و يطرحها المثقف في مدن وقرى العراق بعد أن امتلأت جدران بيته بالكتب والأحلام والأقوال علَّ بطلا من أبطال الروايات أو القصص أو الحكايات أو المسرحيات يطرق بابه ليلا وهو في حلم يقظة شعري ليقول له أنك يا فلان الفلاني قد عينت في موقعك الذي تجيده وفي منصبك الذي طردت من أجله،دون أن تكون أبن العشيرة الفلانية أو الحزب الفلاني. ويطرحها من هو في داخل العراق الذي عاش الاغتراب وهو القريب وعاش الموت وهو الحي، وعاش التمايز وهو الكفء ، وعاش الذل وهو ابن العز، وعاش الغربة وهو العلم. ويطرحها من هو في خارج العراق بعد أن ملّ انتظارالثورة التي تأتي من الأبناء، وبعد أن أجهد نفسه كي لا تفوته فرصة التعرف على تجارب وثقافات حديثة وكبيرة فانخرط فيها وعمل من داخلها فتدرب وفهم وعلم وأصبح أحد الأعلام التي يشار لها هو خزين من تجارب جديدة ومجال لا يدرب ويتدرب، له رؤية في بنية المؤسسات الحديثة، وله تجربة في معرفة نوعية الأعمال والاستثمار. آمال يطرحها من ينتمي ومن لا ينتمي لحزب، يطرحها الذي وصل العمر به للستين أو تجاوزه، ويطرحها من هو في الثلاثين، يطرحها الكردي كما يطرحها العربي ، ويطرحها المسلم كما يطرحها المسيحي ويطرحها الصابئي كما يطرحها التركماني واللآثوري والأيزيدي، يطرحها العسكري المتنور كما يطرحها العسكري المتخلف، تطرحها المرأة كما يطرحها الرجل الكبير في السن، يطرحها الصغير القريب من السياسة والبعيد، يطرحها تاجر الشورجة وبائع المفرد، كاتب القصة القصيرة أو الشاعر، ذو السحنة البيضاء أو السمراء، وهكذا إذا ما قبلنا بالأمر الواقع الذي تلهج به كل الأطراف سنكون في أقل من ثلاث سنوات في مقدمة الدول العربية التي تحترم حقوق الإنسان في الوظيفة والرزق والعمل والجاه والقيمة والعدالة والحرية والوجود.

كانت هذه أحلام ما بعد 9 نيسان 2003 سجلناها وقرأناها على الاصدقاء ، لكنها بدت أحلاما صغيرة عند مقارنتها بما يحدث اليوم ، اليوم لا يجد الشيعي من حزب الدعوة مكانه في وزارة يقودها شيعي من حزب التيار الصدري أو من حزب الفضيلة، ولا يجد السني من التوافق مكانا له في وزارة يقودها سني من حزب الحزب الإسلامي، ولا يجد السني له في البصرة مكانا للعمل بعد أن فسح له المجال للسكن في الموصل، ولا يجد النجفي له مكانا في الرمادي بعد أن اغلق النجفي المدينة بوجه الرمادي، ولا يجد ابن بعقوبة مكانا في السليمانية بعد أن اصبح ابن السليمانية غريبا في اربيل، ولا يجد العراقي مهما كان لونه مكانا له في كردستان ما لم يكن مزكى مكفولا بالطول وبالعرض، ممهورا مختوما بختم قلاووش كي لا يتحول إلى ارهابي أو فخّاخ، ولا يجد ابن كركوك في القاطع الشمالي له مكانا في قاطع كركوك الجنوبي،ولا يجد له ابن الاهوار مكانا له مع ابن الجبال أو البوادي.
لكن لمن يفخخ العراقيين من العربان الجربان سيجد له مكانا في مدن شمالية، ومن يهرب المخدرات والاسلحة من الإيرانيين سيجد له مكانا في مدن الجنوب،ومن يأتي من أكراد إيران أو تركيا سيجد له مكانا في كردستان،ومن ينتصر لحزب لبناني على حساب العراقيين سيجد له مكانا في فضائيات عراقية، ومن ينتصر لحزب سوري سيجد له مكانا في مصر وسوريا والعراق،ومن ينتصر لإيران سيجد له حاضنة في لبنان وسوريا وطهران والعراق. ومن كان بلا وظيفة سيصبح مستشارا عند ملك أو وزير ومن كان بلا حماية ستخصص له ميزانية لحمايته، ومن كان لا يجد مكانا في البرلمان العراقي سيقال له أنك في البرلمان الظل وراتبك يفوق راتب البرلماني العراقي شريط أن تظهر لتقول ما نقول وتؤيد ما نخطط.هي الفوضى التي اريد للعراق ان يغرق بهابفضل احزاب انتصرت في انتخابات مزورة ليس لديها برنامج وطني ولا خطط للتحديث ولا فكرة للتطور أو التغيير. ما شاهدناه بالأمس من مظاهرات في مدينة الثورة لهو اكبر دليل على خواء الفكر الذي تؤكده الأحزاب الإسلامية التابعة، دعوة لنصرة حزب الله وليس لنصرة لنان. في حين تقصف إسرائيل المجرمة لبنان دون ان تفرق بين من ينتمي لحزب الله أو ينتمي لحزب الشيطان.



#ياسين_النصير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرايا المقهى
- الثقافة والمرحلة العراقية
- الصين وافق الحداثة في العراق
- سوق هرج
- الرؤى السردية
- كتاب شعرية الماء
- حوار مع الدكتور كاظم الحبيب
- عن المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
- مكونات الطبقة الوسطى العراق نموذجاً
- قراءة في رواية الضالان
- أدباء عراقيون - الشاعر سعدي يوسف
- أدباء عراقيون -ابو كاطع: شمران الياسري
- أدباء عراقيون- غائب طعمة فرمان


المزيد.....




- -أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات ...
- مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف ...
- هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون ...
- -تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
- هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
- “ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج ...
- قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص ...
- -أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ ...
- “بابا تليفون.. قوله ما هو هون” مع قناة طيور الجنة الجديد 202 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين النصير - الطائفية مصطلح بغيض