أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - توفيق التميمي - عهد الزعيم عهد للثقافة اللبرالية














المزيد.....

عهد الزعيم عهد للثقافة اللبرالية


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 05:16
المحور: المجتمع المدني
    


من المفارقة التاريخية ان يشهد عهد الزعيم عبدالكريم قاسم ليبرالية ثقافية تعددية لم يشهدها تاريخ ثقافتنا المعاصر حتى هذه اللحظة.. وليست هذه الحقيقة يمكن تمريرها للتسويق الاحتفائي بذكرى ثورة 14 تموز المجيدة وزعيمها الخالد.. ولكن يمكن الاستدلال بالارقام والوقائع.. والمبادرات التي اقدم عليها الزعيم.. كجزء من استراتيجية وطنية لقلب ثوابت الحكم البريطانية والعثمانية في طائفية الدولة والمجتمع.
ورغم تطلع عبدالكريم قاسم وطموحه العسكري فان ذلك لم يمنع ان يكون جزءا من النسيج الثقافي العراقي.. بصفته طالبا في الاعدادية المركزية.. في الاربعينيات وهي تضم النخبة الفكرية والثقافية التي ارست الركائز الاولى للابداع العراقي في كل مجالاته المعرفية والادبية.. ومن ثم كان واحدا من شريحة المعلمين العراقيين التي تصدت لقيادة العملية النضالية في بواكير تاريخنا الوطني.
من هنا كان عبدالكريم قاسم مقاتلا وطنيا في ارساء قيم جديدة لدولة لا تعرف التمايزات الطائفية او الاثنية او القومية.. رغم شذوذ ذلك المنطق وغرابته في زمن انتعاش النسخة المزورة من المشروع القومي النازي والفاشي.. في العراق عبر اسوأ مشروعين عرفتهما الثقافة العراقية متمثلة بمشروع ساطع الحصري في التربية ومشروع ميشيل عفلق في السياسة.. اللذين كان لهما اكبر الاثر في تمهيد الارضية المناسبة لعودة الثوابت الاستعمارية الطائفية وسرقة منجزات تموز المجيدة ومبادرات زعيمها الخالد عبدالكريم قاسم.
فليس من المستغرب.. ان تصطف اكثر من 52 صحيفة عربية واذاعات محلية اجازتها ليبرالية عبدالكريم قاسم.. ومعها عشرات الاذاعات في تشويه الثورة والصاق ابشع الاوصاف المبتذلة في الادب السياسي بتلك الشخصية الوطنية.
وكانت تلك الهجمة الضارية الاعلامية مقدمة للنهاية التراجيدية للثورة والزعيم.
كان من ابرز تجليات هذه الليبرالية الثقافية.. هو الشروع بتأسيس الروابط والمؤسسات الثقافية المدنية التي كانت مدارس في الادب والاعلام لتخريج وجبات متتالية من الشعراء والكتاب والاعلاميين..
ففي بواكير عهده المبارك تأسست اول نقابة للصحفيين العراقيين كما تأسس اول اتحاد لادباء العراق.. وانيطت مسؤوليتهما الادارية والابداعية للمثقفين انفسهم.. شعراء واعلاميين.. دون ان يكون للقيادة العسكرية او المدنية اي تدخل في شؤونهما..
وهكذا اصبح الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري رئيسا لاتحاد ادباء العراق ونقابة الصحفيين العراقيين.. وهو شخصية وطنية مستقلة.. عانت من التهميش الطائفي في ظل ادارة ساطع الحصري الطائفية للمعارف كما اصر عبدالكريم قاسم على ان يكون العالم الفيزيائي العراقي المندائي عبدالجبار عبدالله اول رئيس لجامعة بغداد.. في سابقة لم يشهدها تاريخ التعليم في العراق.. لينتهي هذا العالم بوباء السرطان في غربته بعد ان نال حصته مع الاحرار الوطنيين العراقيين في دهاليز مكاتب التحقيق لعصابات الحرس القومي ومن ابرز الامثلة الصارخة لليبرالية الثقافة العراقية في عهد الزعيم.. كما يذكر المفكر العراقي حسن العلوي في كتابه المهم (الشيعة والدولة القومية).. هو اصطفاف العمود اليومي للمفكر الاسلامي محمد باقر الصدر مع كتابات ميشيل عفلق في جريدة الحرية وهي جريدة يصدرها القوميون والبعثيون. (قاسم حمودي واولاده سعد وجعفر) ليتحول هذا الاصطفاف الليبرالي الى خنادق دموية في عهدي البعث الاول والثاني.
ولم يشهد عهد الزعيم اي حالة اضطهاد او تعذيب او سجن لمثقف او مفكر او اديب كما لم يشهد اي هجرة قسرية لهم باستثناء الخلاف المعروف بين الزعيم والشاعر الجواهري الذي انتهى بسفر الجواهري الى الخارج بمساعدة موظفين في حكومة عبدالكريم نفسه.
ولهذا كله.. كانت هذه الفترة من الليبرالية فترة استثنائية في تاريخ الثقافة العراقية المعاصرة.. حيث انتهت مع نهاية الزعيم الخالد وثورته المجيدة بعد ان تكالبت عليها قوى الشر والكراهية المحلية والعربية والعالمية..
ليبدأ تاريخ اسود من حكم العراق على يد عصابات الحرس القومي من اللصوص والقتلة والاشقياء.. الذين لم يجهزوا على هذه الثورة وزعيمها فقط بل ليبتلعوا موروث العراق السومري والبابلي.
فليس من الغريب ان تبدأ مواقيت الهجرة الاولى للمثقفين العراقيين مع اغماضة عيون الزعيم الخالد.. الذي غادر العراق ليسكن في قمر فقرائهم ومدنهم التي بناها لهم ولاجيالهم.. بعد صراع مرير وتاريخي مع ظلم الاقطاع وقسوة الاوبئة والامراض وافات التجهيل.
مضى عبدالكريم قاسم بعيدا في قمر الفقراء واحلامهم.. ليترك حسرة في قلوب المثقفين العراقيين على فترة ذهبية من فتراتها..
وتبلغ تلك الحسرة ذروتها.. عندما تتطلع الى واقع ثقافتنا العراقية المعاصرة التي بات المثقفون يوزعون انفسهم بين خنادق طائفية وتوصيفات مذهبية اسوة بأمراء الحروب وقادة الميليشيات بأسوأ مهزلة عرفها تاريخ الثقافة العراقية لتبقى ايام الزعيم وعهده اياماً لا يمكن ان تنساها الذاكرة الابداعية الوطنية.



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابات ناجية من شراسة الحروب .......الى الصديق علي بدر جنديا ...
- وجيه عباس الهزل الكتابي في زمن البكاء والدماء
- الستون كرسيا مدرسة عوني كرومي للاحتجاج المبكر
- المشرع التنويري للشهيد قاسم عبد الامير عجام
- صحافة قومجية سوداء تريد ااحراق مستقبلنا
- ........اسبوع المدى الثقافي....الشروع ببناء مجتمع مدني للثقا ...
- الشعوب العربية قبلكم يا حكام رفات القومية
- كرنفال دموي لحديقة الجوادرفي عيد الاشجار
- انتفاضة اذارالعراقية امانة في ذمة المبدعين
- هل يعود معلمنا الخالد؟
- نعزي البريكان في موسم اضحية الطوائف
- ما بعد الرسوم الدنماركية
- الارهابيون يلاحقون((اطوار)) لمشارف قبرها
- موفق محمد سفير للوجع العراقي
- ثقافة القرصنة والانقلابات
- احمد خلف يعبر حده الفاصل ليتنبا بموت ابيه
- مكتبة عراقية في نادي الاخاء التركماني
- المشترك في نكباتنا المقدسة
- ملتقى السياب التاسيسي/المعلم محمد خضير وتسيد القصيدة العمودي ...
- ناظم السعود يتامل البنايات العالية


المزيد.....




- فعلها بحادثة مشابهة.. اعتقال مشتبه به دهس طفلة وهرب من مكان ...
- المياه ارتفعت لأسطح المنازل.. قتلى ومفقودون وآلاف النازحين ج ...
- طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة
- خبير عسكري: المواصي لن تستوعب النازحين من رفح والاحتلال فشل ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل للأسرى
- الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بالإفراج عن الأسرى ورحيل ...
- فيديو: أطلقوا العنان لصرخات متواصلة.. طلاب يتظاهرون ليلاً أم ...
- حملة سياسية وإعلامية.. ميقاتي يرد على مزاعم وجود -رشوة أوروب ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل فورية وإسقاط ...
- -لا أستطيع التنفس!-.. فيديو يظهر لحظة اعتقال رجل من ذوي البش ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - توفيق التميمي - عهد الزعيم عهد للثقافة اللبرالية