مثنى حميد مجيد
الحوار المتمدن-العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21 - 10:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أنا من الذين يؤمنون بماركس والدين ، لكني لا أؤمن بالخرافة.كيف أوفق في ذلك وكيف أجمع بين نقيضين كما يعتقد من لا يتفق معي ؟ أنا أؤمن بماركس كعالم ومفكر كبير طارد الحقيقة وتلمسها فاستخرج الديالكتيك من غابة هيغل الموحشة الكثيفة الأدغال وقدم للبشرية التقدمية أداة للعمل من أجل تغيير الحياة صوب مستقبل أفضل للطبقات الكادحة وكل الانسانية ، وليكن هذا المستقبل هو الشيوعية نفسها .لكني ببساطة لا اؤمن بشيوعية الصبيان ولا بجنة عدن في الأرض فماركس كان بعيدآ عن الأوهام ، كان عالمآ فذآ قلما يجود الزمان بمثله ، لكنه ووفق منهجه التاريخي الديالكتيكي تكهن بإنهيار الرأسمال وقال أن الرأسمالية تحفر قبرها بيدها والكومبيوتر الذي نكتب به الان ونتداول الأفكار والاراء هو أحد حفاري هذا القبر فما أعظم ماركس.كل فكر ماركس كان مكرسآ لصالح الجماعة ، للشعوب ، للفرد الحر المتحرر الذي تخضع لإرادتة الحرة كل قوى الطبيعة ، أليس هذا ما تقوله كل الاديان ، الانسان هو خليفة الله في الأرض ؟ هذا هو مذهب ماركس بالضبط ، أن يكون الانسان هو سيد الأرض ، بلا مهانة ، بلا استغلال ، مكرمآ كما كرمه الله وجعله خليفة له. لماذا إذن لا أؤمن بماركس العظيم المفكر الذي كرس كل حياته للكادحين.كان بمواهبه وامكاناته المعرفية الكبيرة قادرآ على أن يعيش حياة مرفهة وباذخة الثراء لكنه فضل أن يكرس كل عبقريته الفذة للعمال والكادحين فعاش فقيرآ محاربآ ومطاردآ في رزقه وإقامته فما أقرب ماركس لله ، لقيم السماء الحقة ، وما أعظم الثواب الذي يناله في اخرته.جل طعامه كان من البطاطس ومقانق السمك لفقره ومع ذلك كان يتصدق على المتسولين المنتشرين في شوارع لندن بما يستطيع من البنسات القليلة التي في جيب معطفه القديم.كم من الجزاء والأجر يناله هذا العملاق الطيب النفس والمشاعر.
كان ماركس فيلسوفآ وعالمآ ولذلك رفض الخرافة لأنه كان يؤمن بالعلم فقط لأن الحقيقة هي العلم وهنا وجد ادعياء الفكر والدين النقطة التي يستطيون بها النيل من هذا الرجل الطيب فقالوا عنه انه ملحد لأن الله ، جل عما يقولون ، هو الوهم في نظرهم بينما كان قلب ماركس الكبير والملئ بالمحبة للبشر ملئ بالله ، الله الذي هو العلم والعليم .وفي اعتقادي المتواضع ، وحسب دراستي لماركس ومؤلفاته وحياته المبدعة ، انه لو عاش ، على إفتراض ، في عصرنا الحالي ، عصر المعلوماتية والرقي العلمي في كل المجالات لما تمكن منه أدعياء الحقيقة الذين ينسبون اليه الكفر والالحاد ولكان موقفه من الدين أكثر تحديدآ ووضوحآ وإيجابية.لكن ماركس نظر حوله فلم يجد غير الدجالين وسمارة الأوهام وتجار الدين فاتخذ موقفآ صارمآ وعدميآ من الخرافة وكان معذورآ غير انه لم يكن أبدآ ملحدآ وكيف يكون ملحدآ من كرس كل قواه ، وحياته للعلم ، للحقيقة ، للإنسان ، خليفة الله على الأرض.
ألا ما أجهل من يجهل ماركس ومنهجه العلمي ، وحياته ، وما أجهل من يجعل منه وثنآ للعبادة فلا يعرفه كانسان ملئ بالحياة .
#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟