أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - حيث تكون الدولة يكون الشرك لمحة تاريخية وفلسفية















المزيد.....

حيث تكون الدولة يكون الشرك لمحة تاريخية وفلسفية


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 1616 - 2006 / 7 / 19 - 12:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اقترن نشوء الدولة السومرية بتعدد الالهة واتخذ ظهور الدولة في بداية الألف الرابع قبل الميلاد شكل دويلات المدن التي قامت بفعل تطور المشاعيات الزراعية الى مشاعيات مدن ، وأدى ظهور النظام المتشعب للأراضي المروية دفعآ لتطور ثورة المدن في سومر. كانت المشاعيات الأولى تدار ذاتيآ من قبل المعبد الذي يبنى عادة في وسط مجموعة من القرى الصغيرة التي تمثل مجموع الملكيات المكونة للمشاعية الكبيرة ، وكانت تلك القرى تنوب عنها ممثلين للإجتماعات الدورية التي تعقد في المعبد لإدارة شؤون المشاعية الكبرى.وإذا ما إتخذنا القرية الأولى في التاريخ وهي أريدو كنموذج سابق لظهور المدن ، ييسر لنا البينات والمعطيات الأثرية ، نستطيع أن نستنتج بسهولة أن التوحيد في الالهة كان السمة التي إقترنت بالمعبد فالإله المعبود في أريدو كان هو أنكي ويعني إله الأرض والسماء قبل أن يكتسب اسمه معنى تفريديآ وتخصصيآ كإله للماء خاص بأريدو فقط ، هذا الإكتساب كان تال ومرافق لظهور أولى المدن كأور وأوروك وكيش ونيبور .ان نشوء العلاقات العبودية في دويلات المدن تلك وظهور مقومات التشكيلة الطبقية الجديدة كانا القاعدة التحتية لإنحلال ديمقراطية المعبد المشاعي وتحولة الى مكان للأصنام والتي هي التعبير الأخلاقي والديني للمجتمع الطبقي الجديد والبديل الزائف لممثلي القرى المشاعية الأولى.
يقول اوتو نبشتم وهو كما يعتقد بعض علماء التاريخ نبي الله نوح عليه السلام مخاطبآ جلجامش الذي قطع الأسفار كي يصل اليه طلبآ للخلود.

ثم أخذوني بعيدآ وأسكنوني عند فم الانهار
والان من سيجمع الالهة من أجلك ياجلجامش
لكي تنال الحياة التي تبغي ؟

يرى أحد علماء الاثار أن هذا يشير الى مرحلة غياب ديمقراطية المعبد المشاعي في زمن تدوين الملحمة بحدود 2500 قبل الميلاد فالمقصود بالالهة ، أو الأنوناكي ، ممثلو مجموع الملكيات المشاعية المدارة مركزيآ من المعبد ، ولذلك يمكن اعتبار جلجامش أول باحث في التاريخ السومري المدون عن التوحيد الذي يقترن بوجود الديمقراطية الحقة حيث علاقات التكافؤ والعدل في التوزيع ، و يمكن اعتبار محنة جلجامش الروحانية هي محنة أخلاقية مجتمع السادة والعبيد السومري ، محنة أيديولوجيا الدولة الطبقية التي تستبدل البشر بالأوثان والأصنام ، والديمقراطية الحقة المعبرة فعليآ عن المساواة بين الناس بالديمقراطية الشكلية التي تضمن مصالح الطبقات السائدة.
في القرى السومرية الأولى ذات الإقتصاد القائم على الملكيات الجماعية المسيرة ذاتيآ ، والمتحدة والمدارة من قبل ممثليها في المعبد ، كان الكاهن الأعلى يمثل الاله الى جانب مهامه الدنيوية المتمثلة في الحفاظ على الثروة وحسن التوزيع وإدارة الري ومشاكل الملكيات التابعة له . في ذلك الزمن كان النشاط الديني القائم أساسآ على طقوس الخصب والارواء والتكثير في إنسجام مع الحياة الواقعية العملية والنشاط الاقتصادي ، ومع تراكم الانتاج وتطور أدوات العمل والري ظهر الى جانب الكاهن الاعلى ما يسمى باللوغال أي الرجل العظيم أو ممثل أصحاب الملكيات الخاصة واللوغال من الناحية اللاهوتية هو المشرك الأول في التاريخ أو من وجهة نظر إقتصادية كان المستأثر الأول بفائض الإنتاج أي بالريع المتراكم ، وكان اللوغال أيضآ يمثل بداية سيطرة الرجل البطل والمحارب أي الإله الثاني دينيآ. ومن وجهة نظر نفسية سوسيولوجية يمثل ظهور اللوغال بداية الإنفصام الأول التاريخي بين الوعي ـ اللوغال ـ الذكر ، واللاوعي ـ الكاهن الأعلى أو الكاهنة ـ المؤنث. في ذلك الزمن ظهرت أولى أساطير جنة عدن وإغواء الأنثى للذكر بالخروج من الجنة ، تلك الجنة البدائية التي كان فيها العقل في إنسجام مع الروح ، والوعي في وحدة واحدة مع اللاوعي وتمت نسبة الخطيئة الى حواء ، الأنثى ، الى اللاوعي المؤنث ، الى النفس الأمارة بالسوء كسبب في ذلك الإنشطار الأول ، سايكولوجيآ ، في الشخصية الانسانية أما ، تاريخيآ ودينيآ ، فقد تمثل في غياب التوحيد وظهور ثنيوية الالهة والوثنية فيما بعد كتعبير عن إنحلال ديمقراطية المعبد المشاعي وظهور المجتمع الطبقي.
في القرن العشرين اكتشف فرويد الوعي وأعقبه كارل يونغ بنظريته عن اللاوعي واللاوعي الجماعي ، وتم في العقدين الأخيرين بالإكتشافات الطبية المختبرية عن الدماغ تثبيت نظريتيهما علميآ ، فالفص الأيسر من الدماغ المسيطر على الجانب الأيمن من الجسم يمتلك نفس مواصفات ووظائف الوعي كما وصفه فرويد كونه مركزآ للعمليات الحسابية واللغة والفعل المخطط الإيجابي وله طابع ذكري فعال في حين يمتلك الفص الأيمن المسيطر على يسار الجسم صفات اللاوعي فهو أنثوي وسالب ومتلق وخازن دقيق للذاكرة و مركز للعواطف والمشاعر والنوازع الكامنة وأثبتت التجارب المختبرية والسريرية للعلماء قدرة اللاوعي على الاستعادة السريعة والدقيقة لكل ذكريات الشخص في لحظات إقترابه من الموت.ويرى عالم النفس المعاصر الدكتور بيتر نوفاك أن كل التراث الديني للشعوب يؤرخ للإنفصام الأول بين وعي الانسان ولاوعيه وأن تاريخ الأديان هو تاريخ ذلك الإنشطار الذي يعبر عنه دينيآ بالاغواء الذي أدى بادم وحواء الى الخروج من الجنة.
ومن الممكن طبقآ لهذه النظرية تقسيم الأديان الى أديان سماوية تؤكد بشكل خاص على مصير اللاوعي بعد الموت ودخوله في حالة تناظر ما يطلق عليه دينيآ الجحيم والنعيم ، وأديان تهتم وتركز على مصير الوعي وهي الأديان التي تؤكد على التناسخ والعقوبة الأرضية أو ما يطلق عليه في الهندوسية الكارما.وقد عبر المصريون عن الوعي واللاوعي بالبا والكا ، والإغريق بالسايك والثوموس ، والاسرائيليون بالرواخ والنافش ، والفرس بالأورفان والدايينا ، والهندوس بالأتمان والجيفا ، والعرب بالروح والنفس ، والصينيون بالهون والبو ، والهاييتيون بالغروس بون أنغا والتي بون أنغا وهكذا.
ان نظرية الدكتور نوفاك يمكن الى حد بعيد أن تعضد المنهج التاريخي الجدلي في فهم الحلقات الاولى من تاريخ الاديان ، تصنيف الأساطير ، وتصنيف الالهة ، معنى التوحيد ومعنى الظهور الأول للوثنية المرتبط بظهور اللوغال ، تحول المعبد من مكان للعدل والتوحيد المبني على الإرادة الحرة للتجمعات البشرية الى مكان لتكديس الثروة وتكريس اللامساواة وسوء التوزيع والاستغلال ، مكان للإنقسام أو الشرك ، للأصنام والصور بدلآ من البشر ، الممثلين الحقيقيين للشعب ، تحوله من مكان لله والجماعة الى مكان للمستبد والطبقة المسيطرة.
ولألف عام ظلت نيبور مركزأ دينيآ في سومر وكان معبد اي ـ كور ، وهو مقر الاله الأعلى انليل ، محجآ لشعوب العراق القديم ومحطآ لالهتها.أما في الجزيرة العربية فقد لعب العامل الطبيعي المتمثل في شحة الماء الى مراوحة قوى الانتاج في مكانها وحال دون تطورها فكانت الصحراء بحق البيئة النظيفة التي حافظت على قيم التوحيد لأجيال متعاقبة بسبب ديمومة العلاقات شبه المشاعية البطريركية المتوارثة رغم إختلاط تلك القيم بالوثنية ورغم تداخل تلك العلاقات شبه المشاعية البدائية بالعلاقات العبودية الناشئة في بعض المراكز المدينية كمكة والطائف ويثرب واليمن أي ما يطلق عليه بخط الحرير ، اضافة الى التأثيرات الاجتماعية والثقافية الناتجة عن الاحتكاك والتجاور مع المراكز الحضارية الكبرى في العراق وفارس والهند والشام والأناضول والتي شهدت انتقالات كبرى وانقلابات في تشكيلاتها الاقتصادية والاجتماعية أدت الى ظهور انماط جديدة مما كان ماركس يطلق عليه انماط الاستبداد الشرقي.كان العرب رغم شركهم ووثنيتهم وحروبهم المستمرة بسبب قسوة الصحراء يحافظون على أكثر القيم الانسانية رقيآ كالصدق والأثرة والكرم والتعاون والمحبة الفطرية للحكمة والمعرفة وحرية القول وكان للمرأة دورآ ومكانآ في الحياة الاجتماعية رغم عادة الوأد التي كانت تفرضها قسوة حياة الصحراء.ولذلك كان الاتجاه الحنفي التوحيدي ببساطته وإقتصاره على شعائر الماء والطهارة المختزلة والسهلة منتشرآ في مجاهل الصحراء أكثر من اليهودية والمسيحية المتواجدة بشكل خاص في المراكز الحضرية. وكان لهذا الاتجاه الحنفي المعرفي الصابئي الذي جل تركيزه ينصب على التوحيد تأثيره في صياغة قناعات محمد ـ ص ـ وتأملاته وحتى الكثير من مفردات تفكيره التي وجدت إنعكاسها في خطاب الوحي كالنعيم والجحيم والعقاب والثواب والأجر والوضوء والتطهر والرحمة والسجود والتركيز على التوحيد وتبجيل الخالق وأسمائه الحسنى والعروة الوثقى ومفردات عديدة أخرى تطرقت الى بعضها في مقالة لي باسم ، مفاهيم إسلامية صابئية مترادفة ومتشابهة ، وأخرى أنوي الكتابة عنها مستقبلآ .
وبإستثناء الكتب المقدسة التي تحدثنا عن أنبياء أهانوا الوثنية والشرك مثل النبي ابراهيم ـ ع ـ لا نجد برهانآ علميآ يقره علماء التاريخ موثقآ وأكيدآ كذاك الذي يؤكد ما قام به النبي محمد من خطوة جريئة قل مثيلها حين هدم وأخرج رموز الوثنية ودولة الشرك من الكعبة ، دولة الله ، وترك المكان خال ونظيف من عبث البشر.لقد فصل النبي عليه الصلاة والسلام بين دولة البشر والشرك والاسغلال وبين دولة العدل والحق والقسط ، دولة الله. لقد ترك النبي المكان خال الا من الله وهذا وحده يحمل دلالته الكبيرة ومغزاه للذين يتأملون.

المصادر
ملحمة جلجامش ، ترجمة الدكتور طه باقر
المدن الأولى ، غولاييف ، الجزء الأول ، دار التقدم ، موسكو
موقع بيتر نوفاك binary division theory ،



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أسمى الله نفسه بالصبور وهو الجبار المنتقم
- محمد نبي السلام أول من فصل الدين عن الدولة
- كلمات لوقت الشدة
- رسالة للسيد علي السيستاني وأخرى للدكتور علي الدباغ
- غليون ماركس
- بكائية ليست بياتية لشمس حزيران قادم
- المستشار موفق الربيعي والحامض النووي للزرقاوي
- بلا خجل يهمش الطائفيون شهداء الشعب العراقي
- كافكا في محاكمة صدام
- بظر غونداليزارايس
- الأيزيديون والصابئة ، كالأيتام في مأدبة اللئام ؟
- رسالة مشتركة الى نوري المالكي وكونداليزارايس بخصوص الصابئة
- أنقذوا هذا الكتاب قبل أن يحترق!
- بارانويا الفك
- الماركسي الذي نسى أن يمسح نخرورته الطائفية
- رسالة بلغة مسمارية الى المفتش العام الدكتور محمد البرادعي
- أحمدي نجاد وشبح أكاكي أكاكافيتش النووي
- ستراتيجية وتكتيك قوى الشر والحرب وشارب محمود شنب
- الهمج شعر
- الى عباس البياتي الأبوذية شيعية والمقام سني ياكاردينال


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مثنى حميد مجيد - حيث تكون الدولة يكون الشرك لمحة تاريخية وفلسفية