أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - السلاسة في -جلد على وهن- وجيه مسعود














المزيد.....

السلاسة في -جلد على وهن- وجيه مسعود


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6596 - 2020 / 6 / 18 - 02:43
المحور: الادب والفن
    


الأديب/الشاعر يعيش الواقع ويتأثر به، وبما أن واقعنا في المنطقة العربية في غاية البؤس، فنحن (نهرب) من الواقع إلى أشياء/مواضيع/أعمال تنسينا ما نحن فيه، لكن الأديب الجيد هو الذي يستطيع أن يقدم الواقع البائس والمؤلم بأقل الأضرار على المتلقي، وهذا يتطلب منه جهد مضاعف، لأنه أديب/شاعر عليه أن (يكبت/يروض) مشاعره وأحاسيسه، رغم أنه يمتلك مشاعر وأحاسيس مرهفة، تجعله يأثر بأي كلمة أو مشاهدة أو قول أو حدث، فمهمة الأديب/الشاعر ليس إثارة المتلقي، أو (نسخ/نقل) الواقع كما هو، بل إرشاده إلى مكامن الخلل، دون أن يوتره، ودون أن يؤلمه، وتقديم الواقع بصورة/شكل أدبي.
ما فعله "وجيه مسعود" في "جلد على وهن" قدم واقعنا البائس بصورة وشكل أدبي ممتع، فمن خلال سلاسة الألفاظ ودقة الكلمات أستطاع أن يقدم مادة قاسية ومؤلمة بشكل ممتع وسلس، ولتوضيح ذلك نقدم ما جاء في القصيدة التي يفتتحها الشاعر:


"جلد’’ على وهن. وهذا ( المستفعلن) امره امرآ
يقوم ويقعد يفور مخمورا صبحا وعصرا
ينشد الاناشيد ويجيش القوافي طوعا وقسرا"
السلاسة نجدها في "أمره أمر، يقوم ويقعد، ينشد الأناشيد" هذه الألفاظ كانت سلسة وسهلة على القارئ، فالحروف متماثلة في الكلمات: "الميم والراء، الياء والقاف، النون والشين والياء" والمعنى المتقارب، كل هذا سهل على القارئ تلقي الكلمات، كما أن بقية الألفاظ متقاربة في المعنى: "صبحا وعصرا/الوقت، طوعا وقسرا/الحال، فطريقة تقديم الألفاظ وتتابعها (سهلت) على القارئ تلقيها، والجميل في التقديم أن الشاعر جعل "المستفعلن" مجهول، بمعنى أنه حرر القارئ من الجغرافيا، لكن فكرة من يقوم بالظلم حاضرة، وقد رسمه الشاعر لنا بشكل (صارم) أمره أمرا، ومتحرك "يقوم ويقعد"، ويستخدم الأدب والفن "ينشد الأناشيد".
لكن إذا ما تتبعنا الفكرة سنجد "المستفعلن" طاغي وغير سوي، أمر أمرا، يفور مخمورا، ويجيش طوعا وقسرا" وإذا ما توقفنا عن " يجيش القوافي" سنجد حجم الطغيان الذي يمارسه، فحتى الأدب "القوافي" يجيشها كرها وقسرا" وإذا علمنا أن الكتابة أحدى الوسائل التي يلجأ إليها الكاتب/الشاعر للخفيف من وقع الواقع عليه، فإننا نعلم حجم الطغيان الذي يمارسه، فهو يمتهن أهم أداة يستخدمها الشاعر، الكتابة، ويعمل على (تطويعها) لصالحه.


كأن ام سلمى حزت في تيه البغي عمرا

وكأن اليهود استباحوا البيدر والبدر

وكان الروم جاءونا ثانية وتأبطوا شر

وكأن الغربان تشق القبور تبقر العير بقرا

كأن السماء اطبقت وبخسا بيعت النجوم جهرا

فحزنت قطبت وجنتي ونفخت شهيقآ وزفرا

جلبت قوارير النبيذ ومناديل للدمع وخمرا

وجيشت دموعي والآههات عصرتها عصرا

وجهزت رايات الحداد ثياب الحداد سودا وصفر

.....
بعد السلاسة يضيف الشاعر السخرية والتهكم على فعل "المستفعلن"، مستندا على التراث العربي الإسلامي وما فيه مفارقات:

"ما امر هذا (المستفعلن) حرت’ ., ينوح في الفيافي برآ وبحر
جاء المستفعلن يبيح السر والخطب يبين الامر
جاء باكيا ممزق الثياب دموعه تدر درا
عفر التراب على وجهه مزق شعر لحيته وخر
قال: ابو سفيان شيخي وهو عدل’’ ويزيد بدرا
وهؤلاء الروافض سبحاتهم تحجب الغيم تجلب الفقر
وقد سرقوا منا عليا بلالا كربلاء وابي ذر
ما نمت قال (المستفعلن) وفي الكون ذكر كافر, اشر"

قبل الدخول إلى الأفكار التي يحملها المقطع، نؤكد على السلاسة وتكامل المعنى "برا وبحر، يبيح ويبين، عفر مزق، يزيد وبدر، تحجب وتجلب، كافر اشر" فنسق التقديم مُحافظ عليه ومستمر، وأُضيف إليه التراث، ليخفف على القارئ أكثر، بحيث (يتحمل) قسوة ما يقدم له.
أفعال "المستفعلن" القاسية وغير السوية، وحالة الصراع بين "المستفعلن" والجموع/نحن، تجعل الفكرة قاتمة، لهذا استوجب استخدم عناصر جديد اضافية (السخرية والتهكم) تخفف على القارئ، وتبعده عن القسوة والألم، لكن فكرة الطاغية وما يقوم به "المستفعلن" تبقى حاضرة في المشهد.
من مشاهد التخفيف جعل "المستفعلن" ينوح، باكيا، ممزق الثياب، دموعه تدر، عفر التراب، مزق شعر لحيته، خر" فرغم قسوة الألفاظ والفكرة، إلى أن المتلقي للمشهد (يسعد ويفرح) عندما يرى هذا "المستفعلن" الطاغية بهذا الصورة المزرية، وكأن الشاعر بهذا المشهد (يشفي غل القارئ)، ويجعله يشعر بالراحة، فما أصاب الطاغية قصاص عادل.
ولكي يحررنا الشاعر من (سادية) المشهد، وليؤكد على أن ما أصاب "المستفعلن" عدل، ينطقه: "قال" فما تفوه به يعد كفر، "أبو سفيان شيخي، ويزيد بدرا، الروافض/نحن الذين يحاربنا "المستفعلن"، نحجب/تحجب الغيم، نجلب/تجلب الفقر، وسرقوا/سرقنا عليا وبلالا وابي ذر، ويعتبرنا "كفر أشر" لهذا عليه أن يتحمل (وزر) أفعاله وأقواله.



........
يختم الشاعر بمشهد في غاية القسوة:
"وفزت زوج (المستفعلن) شقت قميصها والازار

نتفت شعرها لطمت ناحت قدت الخمار

النواصب النواصب صاحت وعارنا آل البيت عار ما فوقه عار"
مشهد متعلق بزوج "المستفعلن" وهذا يجعلنا(نتعاطف) معها، فهي تبقى امرأة، ومشاهدتها وهي "شقت قميصها، نتفت شعرها، لطمت، ناحت، صاحت" مشاهد مؤثرة وصعبة علينا، ويستوقفنا (انطاقها): "وعارنا آل البيت" فهو مشهد (مربك) للقارئ، فالشاعر لم يعطينا تفاصيل عن موقفها، وقدم قولها بصورة (فتوغرافية) غير واضحة، فلا نعلم هل هي صرخات احتجاج على ما فعله "المستفعلن" مع آل البيت، وما قاله: "ابو سفيان شيخي وهو عدل’’ ويزيد بدرا" أم هو تمادي في الغي "فجعلت زوجها "آل البيت"؟.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعرفة والروح في قصيدة -دلني يا حلم- كميل أبو حنيش
- محمد مشية وعالم الومضة
- وجيه مسعود الصعود والهبوط في -كم وددت-
- الفلسطيني في رواية كلام على مصطبة ميت خالد أبو عجمي
- التغييرات الفلسطينية في رواية -اغتراب- أسامة المغربي
- اخناتون ونيفرتيتي الكنعانية صبحي فحماوي
- خرابيش وجيه مسعود
- الاغتراب في مجموعة الحاجة إلى البحر أمين دراوشة
- المرأة المضطربة في رواية -الغربان والمسوح البيض- منى جبور
- عظمة التاريخ في كتاب -فخر الدين إن حكى- عزيز الأحدب
- ماياكوفسكي الليلة الأخيرة
- المرأة في رواية -هناك في شيكاغو- هناء عبيد
- وتبقى أشجار الكرز تزهر في قلبي دوما -سمير عيسى الناعوري-
- الشعر في ديوان قم واعتذر للبرتقال رضوان قاسم
- كميل أبو حنيش رتل هذا النشيد
- حجر يعبد لطفي مسلم
- كميل أبو حنيش -لعلي أعود نهارا
- عائلة من الروهينغا مصطفى القرنه
- ذاكرة ضيقة على الفرح سليم النفار
- رواية -صناء مدينة مفتوحة- محمد أحمد عبد الولي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - السلاسة في -جلد على وهن- وجيه مسعود