أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير إسماعيل عبدالواحد - قراءة في رواية (ناقة الله)














المزيد.....

قراءة في رواية (ناقة الله)


زهير إسماعيل عبدالواحد

الحوار المتمدن-العدد: 6580 - 2020 / 6 / 1 - 02:40
المحور: الادب والفن
    


رواية "ناقة الله"
لا يغادر "إبراهيم الكوني" في روايته "ناقة الله" عالمه الأثير: الصحراء، التي كتب عنها كل رواياته السابقة، ولا يتخلى عن أسلوبه الذي عُرف به، حيث السرد الممتلئ بالتساؤلات والتأملات الفلسفية، والمكتوب بلغةٍ تصرّ على أن تُدهش قارئها، في ما تختزنه من دلالات، ومن جمالياتٍ بلاغية وروحٍ صوفية.

الشخصية المحورية في الرواية هي ناقة، وهذه ليست المرة الأولى التي يجعل فيها "الكوني" من حيوان بطلاً لروايته، فالصحراء التي يكتب عنها تجعل من علاقة الإنسان بالكائنات الأخرى التي تتقاسم معه المكان وظروف العيش، علاقةً متشابكة. وهكذا هي علاقة "أسيس" بناقته التي أطلق عليها اسم "تاملالت" أي الجاموس البري بلغة الطوارق، "يكاد يجزم أنه نسي أنها بعير أصلاً وهو الذي لم يعرف لنفسه خلاً سواها، ولم يجد لنفسه مخلوقاً يفهم له منطقاً غيرها. بلى! بلى! المهم هو المنطق. الأهم من كل شيء هو المنطق. وقد أنساه منطق المخلوق الذي يسمّيه أبناء الصحراء ناقة كل منطق آخر. أنساه منطق الإنس والجنّ والطير (...) منطق تاملالت أمّ كل منطق لأن ذخيرته ليست اللسان أو الصوت. ذخيرته ليست العبارة ولا حتى الإشارة، ولكن سلاحه هو الأقوى لأنه... الصمت!".

تدور أحداث الرواية في فترة الستينيات من القرن العشرين وهي حقبة تاريخية مهمة في حياة قبائل الطوارق، إذ قُسمت "تينبكتو" مملكة الطوارق بين أربع دول هي ليبيا والجزائر والنيجر ومالي، وفقاً لمصالح فرنسا التي كانت تحتلها، وبسبب ذلك هُجّر عدد كبير من الطوارق من وطنهم الأصلي، ليعيشوا فصول الشتات والاغتراب، "تلك كانت مكافأة المحتل لأمة استعبدها قروناً فقدّم لها وطن الملثمين هدية، لأنهم آثروا أن يموتوا أحراراً على أن يعيشوا تحت رايته عبيداً".

مقالات أخرى:حركة تنوير الليبية: مواجهة الرصاص بالعمل الثقافيتعرفوا على الدول العربية عبر رواياتها

تتناول الرواية المذابح التي ارتكبها بالطوارق "موديبوكيتا"، أول زعيم لجمهورية "مالي" بعد حصولها على استقلالها، إذ قاد حملةً شرسة ضدهم، فسجن قسماً، وقتل قسماً آخر. وأصبح قسم ثالث في عداد المفقودين. وكيف أنهم أصبحوا غرباء في أرضهم، وصار لزاماً عليهم أن يقدموا برهاناً على انتمائهم إليها وثائق ثبوتية لا يملكونها، وأن يدفعوا كل ممتلكاتهم مكوساً ويحمدوا الله أنهم لم يخسروا حياتهم أيضاً. "أضحت المطالبة بالهوية الثبوتية من أناسٍ كانوا منذ الأزل أطيافاً في أكبر أوطان الأرض مساحةً ذريعة للإيقاع بالقوافل، وسبباً قانونياً لإيداع أصحابها في السجون بعد مصادرة أرزاقهم".

وفي خضم ذلك، يطرح "الكوني" أسئلةً عن الله، وعن عدالته الإلهية أمام الموت الذي يعمّ الصحراء، ويقتفي أثر كل ملثم لينحَره، "بأي حق تجازي العدالة الإلهية أناساً كل ذنبهم أنهم أحبوا الله وفرّوا به من السواحل، ومن الواحات، ومن الممالك كلها، إلى أقسى صحاري الدنيا، ليختلوا بالله في البرية ليعبدوه في الحرية؟".

القضية الأبرز التي تناقشها الرواية هي الحنين إلى الوطن المفقود، فالناقة "تاملالت" تتوق إلى ذلك الوطن الذي ولدت فيه، أمضّها الشوق، وأضناها الوَجد. وصارت تصارع كل شيء كي تعود إلى "الفردوس المفقود"، لكنها كانت أشجع من "أسيس" صاحبها الذي لم يتجرأ على العودة، هربت منه، متجهةً صوب مستقر القلب، ولم يحتج هو إلى الكثير من الذكاء ليدرك وجهتها، فمضى في إثرها، في رحلةٍ فجّرت أسئلةً موجعة عن معنى الوطن، والانتماء، والمنفى، والاغتراب، وذلك السرّ الغامض في شعور الكائن الحيّ تجاه المكان، "ولكن شيئاً يسكننا، لا بدّ أن يستيقظ فينا ليستنكر حجّتنا. شيئاً لا اسم له، ولا لسان له، ولا كيان له، ولا يعترف بمنطق ولا برهان، لأنه نداء. إنه النداء الذي لا يعترف بالأرض ما لم تكن أرضه، ولا بسماء ما لم تكن سماءه، ولا بنجوم سوى نجومه، ولا بشمس ما لم تكن شمسه، ولا بروح ما لم تكن روحه، لأنه في الحقيقة هو الروح التي تسكننا، وتشدّنا إلى هذا المكان وليس ذاك المكان، إلى هذه الأرض وليس إلى تلك الأرض، إلى هذه السماء وليس إلى تلك السماء".

تمتلئ الرواية، كما كل روايات إبراهيم الكوني، بمفردات الصحراء التي تشكّل عالمه الأثير، فالحيوانات والنباتات والوديان والرمال وهبوب الرياح واتجاهاتها، والنجوم والسراب والأساطير، كلها تتشابك في سردٍ بديع يحتفي باللغة التي تتسرب من بين يديه ذراتٍ من الشعر.
رواية "ناقة الله" لإبراهيم الكوني، الروائي الليبي الذي اختير ضمن القائمة القصيرة لجائزة "المان بوكر الدولية" 2015

يطرح "الكوني" في روايته أسئلةً عن الله، وعن عدالته الإلهية أمام الموت الذي يعمّ الصحراء.....



#زهير_إسماعيل_عبدالواحد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية ( أمريكا)
- قراءة في رواية (الديوان الإسبرطي)
- قراءة في رواية ( قصة حلم)
- جماليات القصة
- حساب الجمل في الروايات العربية
- التفكيكية من الفلسفة إلى النقد الأدبي
- قراءة في رواية الكافرة... على بدر
- كيف تختار ما تقرأ؟
- هل تقرأ النساء أكثر من رجال فعلا؟
- قراءة في رواية العطر قصة قاتل
- قراءة في رواية واحة الغروب
- قراءة في رواية بوغيز العجيب
- قراءة في رواية طائر القشلة
- قراءة في سبعة روايات
- قراءة في رواية اللجنة صنع الله إبراهيم
- قراءة في رواية فاتنة باريس
- قراءة في رواية الشاهدة و الزنجي
- قراءة في كتاب دقيقتان و دقيقة
- قراءة في كتاب... وجع الكتابة
- قراءة في رواية ( 1900 )


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير إسماعيل عبدالواحد - قراءة في رواية (ناقة الله)