أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير إسماعيل عبدالواحد - جماليات القصة















المزيد.....



جماليات القصة


زهير إسماعيل عبدالواحد

الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 14:59
المحور: الادب والفن
    


قراءة في المجموعة القصصية
للشهيدة بنت الهدى
آمنة الصدر
جماليات القصة
أقدمت بنت الهدى على إنجاز أدبي رسالي حين كتبت القصة مستمدة روحها من الفكر الإسلامي، وبذلك منحت كتاباتها هوية متميزة مستلهمة من صلب وجودنا وكياننا، رغم ما يلاحظ فيها من طغيان نبل الفكرة على النواحي الفنية في جمالياتها الأدبية، ولا يجوز أن نغفل عما قدمته من إنجاز فكري عبر قصتها، حين عادت إلى الينابيع الأصيلة لتستلهم منها أفكار قصصها، ولتربي المرأة المسلمة وفق منهج الإسلام.

نبذة عن حياة بنت الهدى
بنت الهدى اسم مستعار للشهيدة العلوية آمنة بنت آية الله الفقيه المحقق السيد حيدر الصدر أحد كبار العلماء في العراق، أمها من عائلة علمية معروفة، فهي أخت المرجع الديني آية الله محمد رضا آل ياسين.
ولدت في مدينة الكاظمية سنة 1356 هـ 1937 م ترعرعت في أحضان والدتها وأخويها (السيد إسماعيل الصدر، وآية الله العظمى المرجع الديني والمفكر الإسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر) إذ فارق والدها الحياة وعمرها سنتان، تعلمت القراءة والكتابة في بيتها دون أن تدخل المدارس الرسمية، فدرست النحو والمنطق والفقه والأصول وباقي المعارف الإسلامية، واطلعت على المناهج الرسمية التي تدرس في المدارس، ودرستها في بيتها، وبذلك تكون قد اطلعت على المناهج الحديثة إلى جانب دراسة المعارف الإسلامية.
يلاحظ أنه لم يقتصر ولعها بالمطالعة على الكتب الإسلامية بل نجدها تقرأ كتاب غير دينية، ولأنها من عائلة فقيرة كانت تستأجر الكتب مقابل مبلغ زهيد، كما كانت تستغل فراغ السيد الصدر وتنهل من علمه.
عاصرت بنت الهدى عدة أحداث هامة منها اعتقال الحكومة لأخيها الإمام الصدر 1972 والانتفاضات التي حدثت في مدينة النجف، وفي عام 1979 شهد العراق تحركاً سياسياً واسعاً إذ جاءت الوفود من شتى أنحائه لبيعة الإمام الصدر، فأحست الحكومة العراقية بخطورة الموقف، لذلك أقدمت على اعتقال الإمام فجراً فخرجت بنت الهدى مع صلاة الفجر إلى مرقد الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ، وهناك نادت: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الظليمة الظليمة، أيها الناس هذا مرجعكم قد اعتقل، فعلم الناس الخبر، وسرعان ما انتشر، فخرجت تظاهرة كبرى في النجف معلنة عن سخطها واستنكارها لاعتقال السيد الصدر، فسارعت الحكومة لإطلاق سراحه خوفاً من توسع رقعة المظاهرات.
وما إن وصل الخبر إلى بقية المدن العراقية حتى خرجت جميعها في تظاهرة واسعة، بالإضافة إلى حدوث تظاهرات في بلدان إسلامية أخرى مثل لبنان والبحرين وإيران.
عندما عرفت السلطة خطورة الموقف فرضت الإقامة الجبرية على السيد وعائلته بهدف منعه من الاتصال بالحركة الإسلامية، وتمهيداً لتصفية أقطاب التحرك الإسلامي، وفعلاً أقدمت حكومة العراق على اعتقال الإمام وأخته بنت الهدى في 19 جمادى الأولى 1400 ـ الموافق 5/4/1980 وبعد أيام قليلة تم تنفيذ حكم الإعدام بالأخوين.

القصة لدى بنت الهدى
نستطيع أن نعد بنت الهدى من أوائل الكاتبات اللواتي انتبهن إلى أهمية الكلمة في حياة الإنسان، فكانت داعية للإسلام، لم تكتف بالخطابة والتوجه المباشر إلى النساء والإشراف على مدارس الزهراء وإنّما حاولت أن تمارس دورها التوجيهي عن طريق القصة، كي يشمل أكبر عدد من النساء المسلمات.
ويبدو لنا هذا الدور التوجيهي هو الأساس في الإبداع القصصي لديها، لهذا نجدها تعترف في مقدمة مجموعتها القصصية الأولى بأنها ليست كاتبة للقصة كما أنها لم تحاول كتابة القصة من قبل، وأن ما تقدمه لا يعدو أن يكون "صورة من صور المجتمع الذي نعيش فيه وأنموذجاً من واقع الحياة التي نحياها، حيث تتصارع قوى الخير والشر وتلتحم العقيدة بجيشها الفكري والروحي في معركة مع حضارات الاستعمار وأخلاق المستعمرين".
إن غايتها إبراز جوهر الصراع بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي، لذلك تحاول تجسيد هذا الصراع في حياة كل مسلم ومسلمة في هذا العصر.
يمكننا أن نلاحظ، هنا، وعي الكاتبة بكونها لا تقدم قصة فنية بالمعنى الكامل للمصطلح، لذلك تعلن في إحدى قصصها عبر العنوان أنها تقدم مجموعة رسائل فتجعل عنوانها "رسائل وخواطر" وتجعل البطلة زهراء التي هي لسان حال المؤلفة تقول "لست أديبة ولا أريد أن أقحم نفسي على الأدب إقحاما".
إن الغاية الدينية هي الدافع الأول للإبداع القصصي، لذلك تقول في مقدمة المجلد الثاني من مجموعتها القصصية مبينة هذه الغاية "إن تجسيد المفاهيم العامة لوجهة النظر الإسلامية في الحياة هو الهدف من هذه القصص الصغيرة، لأنني أومن بأن إعطاء المفهوم على المستوى النظري لا يمكن أن يحدث من التغيير والتأثير ما يحدثه إعطاؤه مجسداً ومحدوداً في أحداث وقضايا من واقع الحياة، ومن أجل ذلك اهتم القرآن الكريم بإعطاء المثل والقيم عبر صور قصصية من حياة الأنبياء" .
إن الكاتبة بنت الهدى تتخذ من القرآن الكريم قدوة لها، فتستعين بالقصص لمخاطبة الناس، فتجعل أفكارها والقيم التي تؤمن بها متجسدة في قصة، فيزداد تأثرهم بها، وهذا ما تسعى إليه الكاتبة.
لاشك أن القضايا النظرية التي يقدمها المفكر عبر مقالات تتسم بالتجريد لن تلقى إقبالا من القراء، وستكون متوجهة في أغلب الأحيان إلى المختصين، في حين نجد أن المفاهيم النظرية بارتدائها لبوس القصة تصبح أكثر جاذبية، فيزداد إقبال القراء عليها.
ومن أجل ضمان تفاعل المتلقي مع قصصها اختارت الكاتبة أبطالها من واقع الحياة، صحيح ان أحداث القصة وحبكتها من نسج الخيال، لكنها حاولت أن تقدم ما يدور في الواقع من أفكار وتسلح الفتاة المسلمة بالفكر الإسلامي، لذلك تبين لها معالم الطريق الذي يتوجب عليها أن تسلكه، فتجد فيه خلاصها في الحياة الدنيا والحياة الأخرى، كما تبين لها مساوئ حياة تبتعد عن هذا الفكر وتلهث وراء أفكار الغربيين. ولهذا يمكننا أن نقول كما قال الأستاذ جعفر حسين نزار بأن بنت الهدى كانت "امرأة روحانية أكثر منها كاتبة، وهي داعية أخلاقية أكثر من كونها مؤلفة أدبية.. وهي زاهدة عقائدية قبل أن تكون ثائرة سياسية" وإن كنا نختلف معه في جعلها زاهدة قبل أن تكون ثائرة، فقد انسجم لديها الإيمان بالثورة والرغبة في تغيير الواقع وخاصة واقع المرأة المسلمة، وقد رأت في الكتابة القصصية إحدى وسائل التغيير لديها.
وبناء على ذلك سنحاول أن نبين النواحي الفكرية التي قدمتها في قصصها أولاََ بأعتبارها إحدى جماليات القصة الأساسية لديها، ثم نتحدث عن عناصر القصة الفنية لديها، فنبرز مالها وما عليها.

الفكر والعقيدة في قصص بنت الهدى
بدت لنا بنت الهدى مفكرة أكثر منها كاتبة، وقد تميزت بشخصية المرأة الرسالية، التي قلما نصادفها في مجتمعنا، لذا وجدنا الفكر الإسلامي بكل مبادئه وروحانيته متجلياً في قصصها.
إن الهاجس الأساسي الذي يسيطر على بنت الهدى هو بناء مجتمع إسلامي، والعودة بالإنسان المسلم إلى نقاء الإسلام وفطرته التي باتت بعيدة عن متناول الكثيرين من أبنائه، لذلك تحاول أن توقظ ما كان غافياً في أعماقه من قيم روحية ومبادئ إسلامية تنهض بدنياه وتسعده في أخرته.
وهي تتوجه إلى الإنسان المسلم سواء كان امرأة أم رجلاََ، وإن بدا لنا أنها تخص في خطابها القصصي المرأة المسلمة أكثر من الرجل، نظر المعاناة المرأة من بؤس التقاليد والأفكار الجامدة أو المستوردة، فهي تريد النهوض بواقع المرأة المتردي، وهذا يعني النهوض بالأسرة وبالتالي النهوض بالمجتمع بأسره، إنها تسعى إلى بزوغ المرأة المجاهدة التي تسير على خطى المرأة في صدر الإسلام، لذلك نسمعها تقول في قصة "الفضيلة تنتصر": "في وسع كل امرأة أن تكون كذلك" وحين تسأل (نقاء) خطيبها (إبراهيم) عن الكيفية التي تصبح فيها المرأة مجاهدة في سبيل عقيدتها وإيمانها، نجده يجيبها: "إن صمودك عن الإغراءات، وثباتك أمام التيارات، ودفعك كلام الباطل بالحق، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر، يعتبر جهادا.. إن جهاد النفس هو من أقدس وأكمل ألوان الجهاد، وكما قال الإمام المؤمنين ـ عليه السلام ـ تطهير النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد".
بدأت الكاتبة المفكرة ببناء الإنسان من الداخل، فركزت على اللبنة الأولى في بنائه وتحصينه: الإيمان، فبينت أن الإيمان ليس باللسان وإنما ما وقر في القلب وصدقه العمل، إنها تدعو المرأة إلى ذكر الله في كل أوقاتها، دون أن تعطل أعمالها الدنيوية، لهذا تقول: "فكل يد معونة تسديها المرأة ولو لأقربائها الأقربين إذا كانت خالصة لله تكون ذكرا لله سبحانه، وكل لفتة طيبة تبديها تجاه الآخرين دون أية غاية دنيوية تكون ذكرا لله تعالى، وكل سحابة ضيق تتحملها بصبر، وكل فكرة صالحة تفكر فيها لأجل الخير، دون أي شيء آخر، وأي نعمة تحدثت بها لا مباهية ولا متعالية.. كل هذه تكون ذكرا لله تعالى.".
إن إيمان المرء ينعكس على حياته الشخصية الداخلية، فيبدو إنساناً قوياً في مواجهة أعباء الحياة، كذلك ينعكس على حياته الاجتماعية فيبدو أكثر عطاء للآخرين وأكثر فاعلية في مجتمعه.
كذلك نجدها تتوجه، عبر قصصها، إلى المرأة المأخوذة بالمظاهر الاجتماعية الجوفاء التي تستهلك أموالا طائلة وأوقاتا كثيرة، ففي قصة "زيارة العروس" تبين أن الاستعدادات التقليدية لزيارة العروس (ملابس جديدة، تصفيف شعر، هدايا باهظة.. ) أمور لا تمت بصلة إلى المبادئ الإسلامية، كذلك ركزت على ضرورة البساطة في تأسيس بيت الزوجية، وفي قصة "صافرة إنذار" تصور لنا تفاهة بعض الاجتماعات النسائية (الاستقبال) التي تقوم على المظاهر الاستهلاكية، وتحمل الزوج أعباء مادية تصل حد الاستدانة !! فهي تطلق صافرة إنذار للمرأة كي تتعرف على مسؤوليتها في الحياة، إنها تريد من المرأة أن تقف إلى جانب الرجل في تحمل أعباء الأسرة، فلا تكون أحد أعبائها.
يسجل للكاتبة أنها انتبهت إلى الإنسان العاصي ففتحت أبواب الإيمان أمامه، ليعود إلى مجتمعه المسلم إنساناً فاعلاً، لذلك نجد كثيراً من الشخصيات العاصية في قصصها تعود إلى عالم الإيمان الرحب كشخصية محمود في قصة "الفضيلة تنتصر" ورحاب في قصة "امرأتان ورجل" وقد وضحت لنا في قصتها الأولى خطوات التوبة التي تبدأ بطلب العفو من الله تعالى أولاََ ثم من الروح ثانيا، لأن الإنسان العاصي قد سجنها داخل جسده، لذلك عليه مراجعة نفسه التي طمستها يد الثروات والهفوات، وبإمكان الإنسان العودة إلى الطريق القويم وإصلاح ذاته لأن هذه التروات مهما عظمت ليست سوى أحداث مندثرة وعابرة، وعوامل الخير ثابتة وراسخة في الأعماق، لهذا فإن الأخطاء تمحى لمن كان صادق التوبة فيعود كمن ولدته أمه.
اهتمت الكاتبة بقضايا وهموم تؤرق الإنسان وخاصة الشباب، كقضية الزواج، فنجدها تبين أن الأساس في نجاح العلاقة الزوجية أن تعتمد على القيم الدينية والأخلاقية لا على الغنى المادي، لذلك نسمع (مقداد) يخاطب أمه، في قصة "اختيار زوجة" يقول: "أريد شريكة حياة ولا أريد شركة تجارية" وبناء على ذلك يفضل ابنة البقال الفقيرة (أفنان) لكونها مؤمنة على الفتاة الغنية غير الملتزمة دينياً، وفي قصة "لقاء في المستشفى" نجد الفتاة المؤمنة (ورقاء) ترفض ابن عمها الذي لا يملك من الصفات التي تؤهله للزواج سوى صفة تراها ثانوية هي الغنى فنسمعها تقول لـه: "الزواج وحدة روح وفكر ومصير وهذا ما لا يمكن أن يتحقق مع اختلاف السلوك وتباين وجهات النظر، ومادمنا لا نستطيع أن نلتقي فكرياً فلن نستطيع أن نلتقي عاطفياً وعدم الالتقاء العاطفي هو أوضح دليل على فشل الحياة الزوجية" .
وكذلك نجدها تتناول هما ينغص حياة الإنسان هو اليأس الذي يغلق منافذ الحياة أمامه، ويبعده عن الفاعلية فيها، فتناقش هذه المشكلة في عدة مواضع وخاصة في قصة "ليتني كنت أعلم" و"امرأتان ورجل"، وفي قصصها القصيرة التي هي أشبه بمذكرات تحمل عناوين متعددة "قلب يتعذب" "فكر في مهب الريح" و"حشرجة روح" نسمع صوت الفتاة اليائسة (بيداء) التي كانت حياتها سلسلة من الآلام لا نهاية لها، لذلك تتقاذفها الأفكار السوداء، فتعيش القلق وحشرجة الروح فنرى أمانا بقايا كيان يفتقد الإرادة والشخصية.
وضحت في قصصها على لسان شخصياتها أو عن طريق المقرئين "ولا تعلم نفس ما أخفي لها من قرة أعين" لذلك نسمع الشخصية اليائسة تقول بعد سماعها لهذه الآية "فانجذبت نحو هذه الآية ووجدت من خلالها منافذ نور كشف عن غطاء الحيرة والتيه، وعرفت أنه الإيمان... سلاح الصمود والاطمئنان إلى الرحمة الإلهية العاجل منها والآجل، وهو من أهم مقومات الاعتدال في المشاعر والسلوك، فالإيمان يحيل اليأس إلى رجاء والعسر إلى رخاء، والخوف إلى أمن ورضاء، مادام الإنسان المؤمن يعلم أن جميعها في عين الله..
ثم توصلت إلى نتيجة حتمية لطبيعة الإنسان المؤمن وهي أن يكون التفاؤل من صفاته مادام واثقاً من الله، متكلاً عليه قانعاً بما لديه".
وبذلك يصبح الإنسان بفضل الإيمان بالله ومبادئ الإسلام متميزاً بحيوية وفاعلية، واثقاً بنفسه وبقدراته، لا يسمح للضعف أن يسيطر عليه، فهو مسلح من الداخل، مما يجعله متجاوزا ضعفه.
تسعى الكاتبة الرسالية إلى تربية الإنسان تربية روحية تضمن عبرها توازنه النفسي وفاعليته الاجتماعية، فيعيش سعادة الدنيا والآخرة.
جسدت بنت الهدى العبادات، عبر قصصها، باعتبارها أحد الأسلحة النفسية التي يواجه بها المسلم ضعفه، فبدت لنا منبع الأمان والقوة لا طقوسا تؤدي، وبذلك أبرزت روحانيتها وقدرتها على مخاطبة أعماق الإنسان ومساندته في لحظات الشدة والضعف فحين يحين موعد صلاة الفجر والفتاة (وفاق) مؤرقة تحس بـ"الفجر.. ينتزعها من فراشها ليستنقذها مما هي فيه، وليدعوها إلى ترك اليأس المرير، ويفتح أمامها أبواب الأمل والرجاء، في الصلاة والدعاء واتجاه الروح وقربها من الرحمن، وفعلا اندفعت بلهفة إلى تهيئة مقدمات الصلاة، وكأنها تستعد لموعد يقربها ممن تحب، ويفتح أمامها أبواب الرجاء وسرعان ما اندمجت مع صلاتها تاركة وراءها آلام الحياة ومآسيها، منصرفة إلى خالقها الذي تتجه إليه...".
وهكذا تتحول العبادات إلى منابع قوة داخلية تستطيع إنقاذ الإنسان من حالات ضعفه وبؤسه، فالصلاة ليست هروباً من الأزمة أو الشدة النفسية، وإنما هي قوة يكتسبها الإنسان حين يحس بأن هناك قوة عظمى تقف إلى جانبه، هي القوة الإلهية.

مواجهة الغرب الأوروبي في قصصها
تتأمل الكاتبة المفكرة أوضاع المرأة المسلمة في العصر الحديث، فترى أن أحد أسباب ضياع عدد كبير من النساء اليوم هو لهثهن وراء الفكر الغربي، وانخداعهن بمقولات الحضارة الغربية، لذلك كانت هذه الحضارة في نظرها، مبعث الشر والدمار في حياة الإنسان المسلم.
لم تعن الكاتبة بالفضاء المكاني لأحداث قصصها، ولعل المكان الوحيد الذي تردد ذكره لديها هو (أوروبا) فوجدناها مكانا للفسق والرذيلة، قلما نجدها مكانا للعلم، وهي مفسدة للمرأة دائما، فقد كان سفر بشرى إلى الغرب للتحصيل العلمي سفراً غير موفق من الناحية العلمية والأخلاقية ! إذ اجتث آخر غرسة صالحة قد تكون مختفية في ثنايا نفسها.
وقد استطاعت أن تجسد أفكارها هذه عبر شخصيات قصصية سلبية، عاشت في الغرب تطبعت بطباعه وتبنت أفكاره،فعادت إلى الوطن مجردة من الحس والعاطفة شخصيات ملحدة، عاقة للوالدين، مخادعة، حاقدة، مثلا: شخصية سعاد في قصة "الفضيلة تنتصر" وشخصية رحاب في قصة "امرأتان ورجل " ) تسمعنا الكاتبة صوت الغرب ووجهة نظره بالإسلام عن طريق (سعاد ورحاب) وأمثالهما ممن عاشوا فيه، أو تأثروا بثقافته دون أن يزوروه، نسمع سعاد تقول للفتاة المؤمنة(نقاء) بأن الزواج الناجح يكون مبنياً على أساس من مفاهيم الحضارة الحديثة، وأن الرجل المسلم يخدع المرأة بأساليب منها الدين والعفة والفضيلة فيحتجزونها في الدار بحجة العفة، ثم تقول لها: "إن أبشع جريمة اجتماعية هي أن تخضع فتاة مثلك لرجل.. أي دين هذا الذي يجعل من المرأة أدلة مستعبدة في أدي الرجال !" نسمع هنا وجهة النظر الغربية في قضية المرأة المسلمة، فهي أكثر المآخذ التي ياخذها الغرب عىل الإسلام، لذلك تنطلق سعاد قائلة لنقاء: "وهل قوانين الإسلام إلا قيود تشدك بأغلالها القاسية ! وهل آدابه سوى أغوار سحيقة تحجبك عن المجتمع تحت سجوفها !؟ أنت تقفين على أبواب الحياة فلا تمكني الأفكار الرجعية أن تشوه مستقبلك السعيد" لاتترك الكاتبة هذا الرأي دون رد مقنع في القصة على صعيد الحوار النظري وعلى صعيد الأحداث في القصة، فنجد (نقاء) الفتاة الملتزمة دينيا ترد عليها قائلة: "عجيب أمرك يا سعاد هل خدعتك أوروبا؟" "أنا لست محكومة لأحد، ولم يفرض الدين علي أن أحكم لأحد أيا كان حتى زوجي، فليس الزواج في الإسلام ختم ملكية المرأة للرجل، ولا تخضع فيه المرأة المسلمة إلى أي حدود أو التزامات غير طبيعة، إن الإسلام يعطي الزوجة المسلمة امتيازات لم تحصل عليها الزوجة في أي نظام وقانون غير الإسلام، ولكنك مخدوعة، ولا تفقهين ما تقولين!!" إنها تؤكد حريتها وإنسانيتها، فهي لا تخضع لأحد سوى الله تعالى، وأن المرأة التي تخضع لواضعي الموضة ومصممي الأزياء ومقترحي الأصباغ على الوجه هي الأسيرة للجرال وللأشياء على السواء! أما في أحداث القصة فنجد فيها ردا عمليا على الفكر الغربي، إذ يفشل زواج سعاد من محمود الذي يتبنى مثلها الأفكار الغربية، في حين ينجح زواج نقاء من إبراهيم الذي يتبنى الأفكار الإسلامية، وبذلك تعطي الكاتبة مثالا واقعياً على تفوق الفكر الذي تؤمن به، وفشل الفكر الغربي، فهي تجعل الفكر الإسلامي على نقيض الفكر الغربي، وتبرز إساءة هذا الفكر للمرأة مع ادعائه إنصافها.
وهي لا تلمح إلى هذه الأفكار بل نجدها تصرح بها على لسان الشخصية (نقاء) التي هي لسان حالها، فنسمعها تقول: "أرثي الحال هذه المسكينة (سعاد) وأرى أحد أسباب انحرافها يعود إلى المجتمع المنحرف والى انعدام القيم الإسلامية فيه، ولو أنها كانت في مجتمع فاضل ونشأت نشأة إسلامية صحيحة، وهذبت تهذيباً روحياً حقيقياً، لما وصلت إلى هذا الدرك، فالمجتمع الفاسد يقدم كثيرا من الضحايا وأكثر ضحاياه من النساء، لأنهن أعجل تأثرا وأسهل انقيادا..." تحذر الكاتبة في قصصها من المظاهر البراقة الخادعة للحضارة الغربية، لهذا تصفها في قصة "مقاييس" بالحضارة "المبطنة بالمآسي والأهوال... تخفي وراءها عوامل الشر والنزعات الحيوانية، والأغراض الشخصية"
ونجدها تقدم مقارنة بين صورة المرأة الغربية والمرأة المسلمة، على لسان شخصية عاشت في الغرب واقتنعت بضرورة العودة إلى الشرق المسلم، كما فعل أخو (وفاق) في قصة "صمود" فقد تأكد لـه زيف هذه الحضارة وتضليلها للشباب، ورأى المرأة الغربية ليست "سوى سلعة بين أيدي الرجال، يتحكم فيها كما يريد ويبرزها بالشكل الذي يهوى" تتضح المقارنة في قصة "الفضيلة تنتصر" إذ تأتي الكاتبة بتفاصيل تمس المرأة الغربية والمسلمة على السواء "المرأة الغربية لم تحصل ضمن قوانين أوروبا على بعض ما حصلت عليه المرأة المسلمة في ظل شريعة الإسلام، بل إنها حتى لم تتمكن حتى من الاحتفاظ بأنوثتها، فالمرأة الغربية ليست سوى أداة طيعة في يد الرجال، لا تملك شيئاً ولا تستقل في أمر من الأمور، في الوقت الذي تتمتع فيه المرأة المسلمة بكيان مستقل، وشخصية ثابتة، لها حقها الكامل في التصرف بمالها وكيانها في الحياة..." .
مازالت المرأة الغربية إلى اليوم تتقاضى راتبا أقل من راتب الرجل، في حين امتلكت المرأة المسلمة استقلالها المادي، وحرية إدارة ممتلكاتها، والمساواة في الحقوق والواجبات. والكاتبة بنت الهدى تحاول عبر قصصها أن تبرز النظرة الراقية للمرأة في الإسلام، وأن هذه النظرة ليست من بنات أفكارها وإنّما مستقاة من مصادر التشريع الإسلامي (القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة) "فالإسلام هو أول من جعل من المرأة شريكة الرجل في بنيان الأمة كما جاء في الآية الكريمة "ومن يعمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن، فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراًآ وكما قال نبي الإسلام "النساء شقائق الرجال" ثم تعود في القصة نفسها (مذكرات) إلى سرد حوادث تاريخية تبرز دور المرأة المسلمة في حياة الأمة، ومساواتها مع الرجال، وكيف كانت تشهد الغزوات مع الرسول تداوي الجرحى وتسقي العطشى، حتى إنها كانت تحمل السلاح في بعض الحالات بمرأى ومسمع الرسول صلى الله عليه وآله وكان صلى الله عليه وآله يسهم للنساء من الغنائم كما يسهم للرجال".
لذلك لا يعني الحجاب حجب المرأة عن الحياة العامة، في نظر بنت الهدى، إذ نجدها تأتي بدليل قرآني، ففي قصة "امرأتان ورجل" نسمع (حسنات) تحدث أختها (رحاب) عن هذا الفهم المنفتح للحجاب، فتقف عند الآية المباركة التي تقول "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن" فلماذا هذا الأمر بغض البصر إذا كان في الستر الذي فرضه الإسلام عزلا للمرأة عن الحياة؟
إن الغض من بصر الرجل يعني إمكان وجود المرأة إلى جواره والغض من بصر المرأة يعني إمكان وجود الرجل إلى جوارها، (وكي) يعيش كل من الرجل والمرأة إلى جوار بعضهما في المجتمع أمر الإسلام بالستر، كتنظيم وقائي للمرأة والرجل سواء بسواء، ألا ترين أن أكثر الويلات والمشاكل الاجتماعية نشأت نتيجة الاختلاط المطلق بين الجنسين؟".
تدافع بنت الهدى عن مكانة المرأة المسلمة، وترد على الغربيين الذين يرون في الحجاب أحد عوامل قهرها، فتقدم لنا عن طريق الآية القرآنية فهما حيوياً للحجاب الذي لا يعني عزلا للمرأة عن المشاركة في الحياة العامة، وقد تجلى هذا الفهم، من خلال تفسيرها لبعض الآيات القرآنية، والأحداث التاريخية التي شاركت فيها المرأة في زمن الرسول صلى الله عليه وآله كما تجلى هذا الفهم الحيوي لدور المرأة في الحياة العامة في سيرتها الذاتية حيث وصلت المشاركة لديها إلى حد مواجهة السلطة الظالمة، الأمر الذي أدى إلى اعتقالها ومن ثم استشهادها.
كما نجد الكاتبة تدافع عن رجال الدين المسلمين، الذين صورهم أولئك المتغربون بصورة مشوهة"فهم حاقدون على كل شيء: الشباب، الجمال، الثقافة، المال..." تأتي برجل دين شاب لا يتجاوز الأربعين من عمره مشرق الوجه، جميل الطلعة، حسن الزي، نظيف المسكن والملبس، يستقبل ضيوفه بكلمات ترحيب حديثة مهذبة، وبصوت هادئ رصين، وحينما أعطى (فؤاد) يده للمصافحة وجدها يداً نظيفة مترفة، تبتعد كل البعد عن تلك اليد المعروفة ذات الأظافر السمراء التي كنت أتصورها لرجل الدين .
بالإضافة إلى حرصها على تقديم صورة خارجية مشرقة لرجل الدين، نجدها حريصة على تقديم أفعاله الخيرة وعطائه غير المحدود، فهو لا يفكر بالمتاجرة بالدين، هدفه الثواب من الله تعالى، لهذا نجده دائب العطاء لا يكفر بالأخذ، فقد منح الشاب (فؤاد) والشابة (سندس)، التي تنتمي إلى دين غير الإسلام، الكثير من وقته، شارحاً لهما مبادئ الإسلام وأصوله، حتى في أيام مرضه لم ينقطع عن العطاء، وبذلك تقدم لنا صورة حقيقة ومشرقة لرجل الدين، فترد عبر أحداث قصتها (الباحثة عن الحقيقة) رداً عملياً ونظرياً على أولئك المتغربين الذين يصورون رجل الدين المسلم بصورة غير واقعية، تبعده عن جوهر الدين، وتجعله أشبه بمرتزق.

جماليات القصة لدى بنت الهدى
إن الحديث المنفصل عن جماليات الفكرة، وجماليات الأسلوب، أمر غير مقنع على صعيد الدراسات الأدبية الحديثة، لكن الضرورة المنهجية، اقتضت هذا الفصل، الذي يساعدنا على توضيح أفكار الكاتبة، باعتبارها أحد أبرز دوافع الكتابة لديها وأولياتها، فقد اعتمدت بنت الهدى على نبل الفكرة باعتبارها إحدى الجماليات الأساسية لديها، وقد رأينا في المقدمة وعي الكاتبة إلى أنها لا تكتب قصة فنية، وإنّما تقدم صورة للمجتمع بما يعانيه من بؤس واستلاب من قبل الآخر الغربي، لذلك اعتمدت في أغلب الأحيان على تقديم صورتين للإنسان: الإنسان المنحرف اللاهث وراء الفكر الغربي، والإنسان الملتزم بالعقيدة الإسلامية، فنسمع عبر قصصها تعدد أصوات: صوت يمثل الجانب السلبي في الحياة: وصوت يمثل الجانب الإيجابي فيها.

الشخصية
اعتمدت في إبراز وجهتي النظر المتناقضتين على شخصيات متعددة الاتجاهات بين الإيمان والإلحاد والشك، فتبدو لنا الشخصية المؤمنة إيجابية معطاءة، ثابتة، لايخالطها الشك أو التغيير، وبالتالي لا تعاني صراعاً داخلياً، لكنها تعيش صراعا مع أولئك الذين يتبنون وجهة النظر الغربية في الحياة، وينتهي صراعهاً مع هذه الشخصيات غير المؤمنة بالنصر دائماً، فهي مستقرة على مبادئها، تقابل السيئة بإحسان، لا تحقد على من يحاول تدميرها، بل تمد لـه يد العون، إنها شخصيات مثالية تتحرك على أرض الواقع، ذات نقاء مطلق لا يلوثها طموح دنيوي ولا تقهرها رغبة، فهي تتجلى بأجمل الصفات وأكمل الأخلاق بغض النظر عن جنسها، فالكاتبة لا تميز بين ذكر وأنثى في مجال الالتزام الديني والأخلاقي، ولا تحمل حقداً على الرجل باعتباره أحد مضطهدي المرأة في مجتمعنا، كما ترى بعض الكاتبات العربيات، فمعركتها مع الآخر الغربي، بما يمثله من قيم تدميرية لمجتمعنا، هي الأساس، لذا نجدها تريد أن يشارك كل من الرجل والمرأة في معركة المواجهة.
جندت الكاتبة لهذه المعركة بعض الأسلحة الفنية إلى جانب الأسلحة الفكرية، التي لحظناها سابقاً، فكانت تنتقي أسماء شخصياتها ذات دلالات فنية تسهم عبرها في توضيح صورتها ومعالم شخصيتها،فتختار للمرأة المؤمنة اسما يحمل دلالة على الإيمان، أو على الصفات الإيجابية (نقاء، عفاف، وفاء، وفاق، حسنات، دعاء) أو يحمل اسم شخصية ذات علاقة إيجابية بالرسالة الإسلامية (فاطمة، خديجة) كذلك اختارت للرجل المؤمن اسماً ذا دلالة إيمانية، فوجدناها تختار أسماء الرسل لتدل على التزام الشخصية بالقيم الإسلامية (مصطفى، إبراهيم...) في حين وجدنا الشخصية غير الملتزمة دينياً تحمل اسماً تراثياً لا يمت بصلة إلى التراث الإسلامي (سعاد) أو اسماً ذا صفة غير دينية (رحاب).
اعتمدت أيضاً في تقديم وجهتي النظر المتناقضتين للشخصيات على المشاهد الحوارية كي تضفي الحيوية على النص السردي من جهة وتبرز الصراع بين ما تؤمن به من أفكار يتحتم نصرها، وما ترفضه من أفكار يتحتم هزيمتها عبر مشاهد واقعية تتحاور فيها الشخصيات، فتعطي بذلك مصداقية للفكرة التي تؤمن بها فتقربها من التجسيد وتنأى بها عن التجريد.
إن الكاتبة لم تفلح في أغلب الأحيان في الابتعاد عن التجريد، والإغراق الفكري، مما جعل الشخصية لديها هي شخصية أفكار، بعيدة عن نبض الحياة، أي لم تتجل لنا شخصية من لحم ودم، تعيش هموم الحياة كما تعيش هموم الفكر، فلم نتعرف على قناط ضعفها كما تعرفنا على نقاط قوتها، قد تلمح إلى بعض نقاط الضعف في الشخصية السلبية، لكنها لا تسترسل في وصفها، فهي تدينها قبل أن تشرحها، أو تبرز ملامحها الإنسانية، كما ان تعصب الشخصية للفكرة التي تؤمن بها، يلغي إنسانيتها ويضعها في قالب جامد أحياناً، ففي قصة "الخالة الضائعة" تلجأ بشرى المرأة غير الملتزمة دينياً مستنجدة بابنة خالتها المتدينة خديجة بعد ان طردها زوجها، فتهمس في أذن خالتها "أرجو ان تطلبي منها الحجاب ما دامت في بيتنا" (ص 222) كأنها تشترط لأغاثتها أن تلتزم أولا بالحجاب، ومثل هذا الشرط يلغي نبل الموقف باعتقادنا، الذي يتوجب على الإنسان المؤمن اتخاذه، فلا يستغل حاجة أخيه المسلم إليه فيفرض عليه مبادئ إسلامية كشرط للإغاثة!!
إذا يعدّ مثل هذا القالب الجامد أحد أسباب ثبات الشخصية وعدم حيويتها مما أوقع الكاتبة في تكرار أنماط شخصياتها أيضاً فشخصية سعاد في قصة "الفضيلة تنتصر" وهي امرأة غير المتدينة تتكرر معظم صفاتها وتصرفاتها الشريرة في شخصية (رحاب) في قصة أخرى بعنوان "امرأتان ورجل" يبدو لنا صوت المؤلفة هو الصوت الطاغي على الشخصية الفنية، لهذا لا نجدها شخصية مستقلة وإنّما ترسمها الكاتبة باعتبارها تابعة لأفكارها وناطقة بلسانها، وبناء على ذلك يتوحد صوت المؤلفة مع صوت الشخصية، فمثلا نسمع صوت الكاتبة المتصوفة عبر صوت بطلتها رجاء يناجي: "الهي ما الدنيا إلا ساعة شوق إلى لقائك، ما الحياة إلا لحظات كفاح من أجلك وفي سبيلك، فاجعل حياتي يا رب كلمة رضا واجعل أعمالي يا إلهي ساعة جهاد، واجعل روحي يا سيدي خفقة أمل ورجاء ترنو إلى عفوك وتشتاق إلى رفدك وتحن إلى رضاك..."
قد يبدو لنا هذا التوحد بين صوت المؤلفة وصوت البطلة مقنعا حين تكون للشخصية ملامح فكرية ونفسية متطابقة مع ملامح المؤلفة، فبدت لنا اللغة هنا، حارة تنطق بوجدان صادق، يطمح للعلو ومرضاة الله تعالى. لكن هذا التوحد يسيء إلى رسم الشخصية حين تقدم المؤلفة شخصية مراهقة غير ناضجة، فتجعلها تنطق بلسانها ن أي نسمع لغة تفوق إمكانيات الشخصية، كما حدث في قصة "مذكرات" إذا أسقطت المؤلفة صوتها على صوت الشخصية دو أي اعتبار لقدراتها الفكرية.
اما بالنسبة إلى الشخصية التي تنطق بوجهة نظر مخالفة فتبدو شخصية باهتة الملامح، متهافتة المنطق في معظم الأحيان، سريعة السقوط، لا تحمل بذرة الخير إلا إذا غيرت موقفها، لذلك اكتسبت ملامح ثابتة كالشخصية الخيرة، وإن بدت لنا هذه الشخصية أكثر تطوراً، فتغير معتقداتها من الشك أو الاستهتار إلى الإيمان والالتزام بتعاليم الدين نستطيع أن نقول: إن الكاتبة قدمت لنا عبر قصصها سيرة ذاتية لأفكارها بعد أن وصلت مرحلة النضج لذلك لن نجد تطوراً في فكرها، كما لن نلمح خصوصيات سيرتها الشخصية.

الأسلوب
إلى جانب المشاهد الحوارية، اعتمدت الكاتبة في تقديم أفكارها على السرد، وقد لاحظنا تنوعا في تقديمه، فتارة تعتمد الكاتبة أسلوب السرد البسيط (بضمير المفرد الغائب) وهذا ما لحظناه في معظم قصصها، وتارة تعتمد أسلوب المذكرات أو الرسائل، كما في قصة"مذكرات" (فيتم السرد بضمير المفرد المتكلم) فتبدو لنا الشخصية عبر صوت أعماقها تعاني صراعا داخليا بين، رغباتها الدنيوية التي تلمح إليها الكاتبة إلماحاً، فلا نتعرف معالمها، وبين التزامها بأوامر دينها،فتتنازعها الرغبة بين مرضاة الله والرغبة وبين الاستجابة إلى مغريات الحياة، لذلك تبدو لنا هذه القصة أكثر قصصها حيوية وجمالا، لأننا استطعنا ان نلمح إنسانية الإنسان، إذ لمحنا الصراع الكامن في أعماقه بين نواحي الضعف البشري ونواحي القوة، وبذلك ابتعدت الكاتبة عن العالم المثالي الذي أطرت فيه شخصياتها.
وقد لجأت إلى هذا الأسلوب أيضاً في قصة أخرى بعنوان "آخر هدية" نسمع فيها صوت زوجة الشهيد الذي استشهد في (معركة الكرامة) مع العدو الصهيوني، لكن الحوار في هذه القصة يبدو مفتعلا، إذ نرى المرأة في لحظات قوتها دون أن نلمس لحظات ضعفها، فهي تتحدث عن صفات زوجها الشهيد وعن انتظارها لهديته حين تبدو لنا الشخصية مرسومة من الخارج كما يجب أن تكون، أي كما ترغب الكاتبة، لا كما نجدها في واقع الحياة تضعف عند بداية المصيبة ثم تقوى إذا كانت انسانة مؤمنة عاقلة.

الفضاء الزماني
هجست بنت الهدى بهموم الزمن الحاضر والمستقبل، رغم أن الكاتبة كانت معنية ببعث قيم يراها البعض تنتمي إلى الماضي، لذلك لن تستحضر شخصيات من الماضي، وإنّما نجدها تقدم شخصيات تعيش الزمن الحاضر بكل همومه، وتسلط الضوء على زمن مخلص لنا من أزماتنا، لذلك تسترجع زمنا مضى حتى حين تستشرف المستقبل.
لاتهتم الكاتبة بالتحديد الدقيق للفضاء الزمني الذي تجري فيه أحداث القصة، وإنّما تختار أحيانا لحظة تتأزم فيها الشخصية، وتعاني من محاسبة لذاتها ولأفعالها، هي لحظة اقترابها من الموت، تلك اللحظة الحرجة في حياة الإنسان، حيث يواجه المرء حقيقة الرحيل عن دنياه التي أسرف في التمتع بها ناسيا أو متناسيا لحظة سيتوجب عليه فراقها، والمثول بين يدي الله، عندئد سيكتشف تفاهة حياته وأنه أضاعها في المظاهر الجوفاء، هذا ما حصل فعلا نـ(فيافي) بطلة قصة "ليتني كنت أعلم" إذ يخبرها الطبيب أنها مصابة بالسرطان فنجدها تحاسب ذاتها وتسترجع حياتها الماضية العابثة فترى مدى تفاهتها، إنها في لحظة دقيقة من حياتها تتمنى فيها لو سلكت سبيلا غير الذي سلكته،. لذلك نسمعها تردد الآية الكريمة مرتين "حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون اعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها، ومن ورائهم برزخ إلى يبوم يبعثون"
إذ لولا لحظة الاقتراب هذه لما تغيرت حياتها، بعد أن تكتشف أن هناك خطأ في التحليل، وأنها معافاة، تقرر أن تعيش تعاليم الآية الكريمة.
نجد هاجس الرحيل واللحظات الأخيرة التي يعيشها المرء في عدة قصص "الأيام الأخيرة"، "فترة ركود" "الساعات الأخيرة" بالإضافة إلى قصة "ليتني كنت أعلم"
يبدو لنا الهدف الديني التربوي في اختيار اللحظات الأخيرة من حياة الإنسان، إنها تجعل المتلقي يحاسب نفسه كما تحاسب الشخصية المشرفة على الهلاك نفسها فتعيد حساباتها وتقترب من الله أكثر.

اللغة القصصية
ومن أجل الغاية التعليمية أيضاً نجد الكاتبة قد اعتمدت لغة السرد البسيطة والبعيدة عن التصوير تقريبا، لذلك افتقدنا جمالية اللغة التي تجعل المتلقي يستمتع ويستفيد في الوقت ذاته.
إن طغيان الغاية التعليمية التربوية على خطابها القصصي، أساء إلى جمالية اللغة وفنيتها‍فبدت اللغة السردية جافة، مجردة، تسترسل الكاتبة في أفكارها فتمعن في لغة المنطق والتحليل، وتغض الطرف عن لغة المشاعر والانفعالات، لذلك افتقدنا اللغة الحيوية التي تجسد عوامل ذات صلة بأعماق الشخصية وبأزماتها الداخلية وصراعاتها الخارجية، قد نجد لديها هذه اللغة أحيانا، لكن عدم إمعان الكاتبة في لغة التشخيص، أدى إلى تقديم عالم فني باهت الملامح، مما انعكس سلباً على الغاية النبيلة التي تتوخاها من كتابة القصة، إذ إن الهدف النبيل يزداد نبلاً كلما اعنى الكاتب بأسلوبه فقدم الفكرة الجميلة عبر لغة تخييلية تخدم الفكرة أكثر وتجعلها جذابة للمتلقي، إذ يجتمع فيها الفائدة والمتعة معا.
حاولت الكاتبة أن تقدم لغة متنوعة عن طريق الاستفادة من إمكانات اللغة الدينية التي تضفي قوة معنوية على السرد القصصي، فتزيد فكرتها مضاء وشرعية، كما تضفي بعض الحيوية على لغتها التي اعتراها الجفاف، بسبب طغيان التجريد.
وقد وجدنا لديها، في كل قصة تقريبا، استفادة من التناص القرآني، حيث تدعم وجهة نظرها التي تطرحها عبر السرد القصصي بشاهد قرآني، فالإنسان المشرف على الموت يتذكر قولـه تعالى ,فتزودوا فإن خير الزاد التقوى (المجلد الثاني، ص 238) كما يتذكر هول يوم القيامة ,يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وارجلهم بما كانوا يعملون (ص 265) والإنسان اليائس الذي افتقد الرغبة في متابعة حياته يسمع صوت المقرئ يتلو قولـه تعالى: ,ولا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" فنجد الشخصية بعد ذلك أكثر انسجاما مع الحياة وأكثر فعالية.
اعتمدت الكاتبة أيضاً على تناص الأحاديث الشريفة، لتسعف وجهة نظرها كما أسعفها التناص القرأآني، فتزداد الشخصية قوة وإيمانا، لذلك نسمع صوت إبراهيم يقول لـ(نقاء) الحديث الشريف: "من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مئة شهيد" لذلك يزداد المؤمن تمسكا بدينه، ومقاومة للتيارات الفكرية التي تسلب الإنسان إيمانه وشخصيته، ومن أجل أن يزداد المتلقي المسلم تمسكا بهذا الإيمان، تجد الكاتبة في موضع آخر تذكر الحديث الشريف الذي يقول:"من تقدم نحو الله خطوة تقدم الله نحوه عشر خطوات" ص 336
إن الداعية الرسالية لا تكتفي بإيراد التناص القرآني أو تناص الحديث الشريف وإنّما نجدها تأتي لبعض أقوال الأئمة رضوان الله عليه وخاصة لأمير المؤمنين (علي بن أي طالب) وهذه الأقوال في جملتها تؤكد القيم الإيمانية في حياة المسلم الدنيوية وارتباطها بآخرته، إذ لا انفصال بين الدنيا والآخرة، لذلك تستشهد بقوله كرم الله وجهه "أصلح آخرتك يصلح لك أمر دنياك " وكما قال أيضاً "أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس"
ولا تنسى الكاتبة أن تستعين بلغة الحكمة المتداولة الفصيحة، لتؤكد الوجهة الإيمانية التي تؤمن بها، وتقنع المتلقي أنها الوجهة التي يؤمن بها الناس ويرددونها أيضاً، فتعزز بذلك وجهة النظر الإيمانية وتضفي عليها مصداقية الواقع فهي الحكمة المتداولة، والتي أنضجتها عقول العامة بعد ان عانت تجارب الحياة ومفاجاءات الموت، فنسمعها تقول: "تب قبل موتك بيوم، ولما كانت لا تعرف متى تموت فكن تائبا على الدوام".
وكي تكتمل غايتها التعليمية الدينية في قصصها نجدها تأتي بكتب على لسان شخصياتها المؤمنة كي تهي بها الشخصيات المتغربة، التي على شفا الإلحاد، مثل: "الشيطان يحكم" لمصطفى محمود، وكتاب "الدين" لمحمد عبد الله دراز، وكتاب "نشأة الدين" لعلي النشار.
كذلك نجد الكاتبة تستعين بالتناص الشعري لتؤكد القيم الدينية والمثل التي ترقى بالحياة الإنسانية في الدنيا والآخرة، فزوجة الشهيد تسترجع قول زوجها قبل استشهاده:
فإما حياة تسر الصديق *** وإما ممات يغيظ العدا

هنا تستفيد من قول الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود الذي استشهد في فلسطين 1948، لتؤكد على قيم الفداء والعزة في حياتنا.
كما نجدها تؤكد عبر التناص الشعري رسوخ القيم الإيمانية، إذ تاتي بشعر لأبي العتاهية في الزهد، كما تأتي بشعر يرسخ إيمان الفقير وقناعت.
هب الدنيا تساق إليك قسرا *** أليس مصير ذاك إلى زوال

إن الكاتبة الرسالية تختار ما يضفي القوة الداخلية على النفس البشرية التي تتمنى الحصول على أكبر متع الحياة وأكثر وسائل تحقيق هذه المنع هي الحصول على المال، لكن الكاتبة تدعو الإنسان إلى التفكير والتأمل: ماذا يعني هذا الحصول، وما نتيجته؟ أليس كل ما يملكه الإنسان إلى زوال مادام الإنسان نفسه سينتهي إلى الموت؟
يمكن للمرء أن يلاحظ توظيف الكاتبة للتناص الغربي كما وظفت التناص التراثي، وإن بدا لنا بنسبة أقل، لكنه يحمل دلالة على انفتاح الكاتبة على الثقافة الغربية التي تحمل قيما إنسانية، ترقى بإنسانية الإنسان وحياته، فمثلا نجد (نقاء) بطلة قصتها "الفضيلة تنتصر" تقرأ رواية لفكتور هوغو بعنوان "عاصفة وقلب" ثم نجدها تخاطب محمود بعد أن اهتدى إلى الطريق القويم "إذا أردت أن تطالع قصة فاقرأ قصة"البؤساء" لفكتور هوغو فهي مدرسة إنسانية رائعة"
أما في قصة "الباحثة عن الحقيقة" فنجد رجل الدين المسلم يستعين بمعجم (لاروس) للقرن العشرين ليخاطب الشاب فؤاد المسلم غير الملتزم بتعاليم دينه و(سندس) الشابة غير المسلمة، الباحثة عن الحقيقة، فيؤكد لهما أهمية الدين على لسان معجم غربي، فيقول مبرزا ما جاء في القاموس "إن الغريزة الدينية مشتركة بين كل الأجناس البشرية حتى أشدها همجية وأقربها إلى الحياة الحيوانية، وأن الاهتمام بالمعنى الإلهي وبما فوق الطبيعة هو إحدى النزعات العالمية الخالدة لإنسانية...".
وبذلك يبين رجل الدين للباحثين عن الحقيقة أن الحاجة إلى الدين حاجة إنسانية ملحة لا تقتصر على فئة معينة، أو دين معين، ويؤكد على كلامه هذا بمقولات الآخرين الذين لا يعتقدون بالدين الإسلامي، وبذلك يقنع الشابين بأهمية الإيمان بشكل أفضل.
وبذلك نجد الكاتبة قد رسخت عبر التناص (بأنواعه: الديني، الشعري، الغربي) أفكارها التي دعت إليها وجسدتها عبر أحداث قصصها، جندت بنت الهدى كل ثقافتها الدينية والمعرفية، من أجل خدمة رسالتها في النهوض بالإنسان المسلم، لجعله إنسانا مؤمنا فاعلاً في حياته راضياً بقناعاته واثقاً بنفسه قوياً في مواجهة الآخر المعتدي.

دلالة العنوان
انتبهت الكاتبة إلى جمالية العنوان في قصصها، فلم تستخدم الكاتبة عنواناً مجانياً، في أغلب الأحيان، إذ حاولت أن تختار عنواناً يسعفها في تأكيد أفكارها ورسالتها، لذللك تركز فيه على الصفات التي يتوجب على المسلم أن يتحلى بها، ففي قصة "صمود" تعاني البطلة (وفاق) أزمة داخلية بين الحفاظ على دينها وبين مسايرة عمها الذي يبدو لنا غير ملتزم دينيا، ويطالبها بالزواج برجل على شاكلته، فتقرر الصمود ورفض هذا الزواج غير المتكافئ مهما كانت النتيجة.
وقد لحظناها في قصة واحدة تختار عنوانا يدل على الأسلوب الذي انتهجته في كتابتها للقصة، فنجدها تدعو قصتها"رسائل وخواطر"
تختلط لدى الكاتبة القصة القصيرة بالقصة الطويلة، بسبب وضعها عناوين فرعية للفصول التي تبدو أشبه بقصص قصيرة، "قلب يتعذب"، "فكر في مهب الريح"، "حشرجة روح"، "بقايا كيان" دون أن تضع عنوانا يشمل جميع فصول قصتها، مما يخيل للمتلقي أنه يقرأ قصة قصيرة، مع أنها قدمت شخصية واحدة في جميع هذه الفصول!
كذلك يمكننا أن نلاحظ أن عنوان "بقاياكيان" غير مناسب، إذ يوحي لنا بأن الشخصية (بيداء) مازالت محطمة، فلا يجسد دور (رباب) في إنقاذ (بيداء) من يأسها وتحطم كيانها، أي لا يوحي بتغير حياة الشخصية، وإنّما بثبات حياتها، وهذا نقيض لما حدث في القصة.

الخاتمة
قامت القصة في أدبنا العربي على أسس وتفاصيل واقعية دنيوية، في أغلب الأحيان، حتى حين يلجأ الكاتب إلى عالم المثل، فإن هذه المثل لا تستمد من تراثنا، وإنما من تراث الآخر الغربي، لذلك بدا لنا الإنجاز الأساسي لبنت الهدى هو تقديم الفكر الإسلامي، بصورة مشرقة، كي تجعله فاعلا في حياتنا على صعيد الواقع، وبذلك تستمد الكاتبة من فكرنا الأصيل الذي يهبنا هوية متميزة أفكارا لقصصها من صلب وجودنا وكياننا، وبذلك يكون مجدياً وفاعلاً بالنسبة للمتلقي المسلم.
صحيح أننا لحظنا طغيان نبل الفكرة على النواحي الفنية لقصة بنت الهدى مما أثر على جمالية القصة، لكننا لا نستطيع أن نغفل عما قدمته من إنجاز فكري عبر قصتها، حين عادت إلى الينابيع الأصلية لتمتح منها أفكار قصصها، لتربي الإنسان المسلم وفق منهجها..



#زهير_إسماعيل_عبدالواحد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حساب الجمل في الروايات العربية
- التفكيكية من الفلسفة إلى النقد الأدبي
- قراءة في رواية الكافرة... على بدر
- كيف تختار ما تقرأ؟
- هل تقرأ النساء أكثر من رجال فعلا؟
- قراءة في رواية العطر قصة قاتل
- قراءة في رواية واحة الغروب
- قراءة في رواية بوغيز العجيب
- قراءة في رواية طائر القشلة
- قراءة في سبعة روايات
- قراءة في رواية اللجنة صنع الله إبراهيم
- قراءة في رواية فاتنة باريس
- قراءة في رواية الشاهدة و الزنجي
- قراءة في كتاب دقيقتان و دقيقة
- قراءة في كتاب... وجع الكتابة
- قراءة في رواية ( 1900 )
- قراءة في رواية (ابنة الرماد )
- قراءة في رواية ( عزلة صاخبة جدا )
- قراءة...في روايات شهيد
- قراءة..في رواية (مازلت اعشقها)


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهير إسماعيل عبدالواحد - جماليات القصة