أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - هل يُعدم العراق بفبركتهِ اُحادِياً؟/4















المزيد.....

هل يُعدم العراق بفبركتهِ اُحادِياً؟/4


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 19 - 13:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبدالاميرالركابي
عاش العراق خلال القرن المنصرم من تاريخه دون ان تتبلور فيه رؤية للذات، أي "وطنية عراقية ازدواجية تحولية" تماثله بنية وكينونة،بدل ذلك فرضت عليه الاستعاضة بوطنية مستعاره حزبية ايديلوجية. هذه الظاهرة تعود أسبابها من جهة، وبالدرجة الأولى، الى عدم اكتمال تشكله الوطني، ففي بداية القرن المنصرم، وبالذات بعد عقدين على بدايته حين حل الاحتلال الإنكليزي على البلاد، كان التشكل الوطني قد قطع شوطا دام لقرابة ثلاثة قرون ونصف عرف خلالها حقبيتن، الأولى قبلية، والثانيه دينية تجديدية انتظارية، في وقت بدات معه تباشير صعود التشكل الوطني من جنوب البلاد حيث عراق السواد الى اعلى نحو عراق الجزيرة (1)، قد بدات تلوح في الأفق، حين حدث القطع المتولد عن حضور الغرب الواقعي الاحتلالي، والمفهومي، فغلب على المسار الذاتي الوطني الحديث، وموهه تحت غطاء من مفاهيمه ونموذجه، ساعده في ذلك حال من القصور المزدوج الموضوعي التاريخي والموضوعي الآني، والأخير يتمثل في غياب النخبة الوطنية المنبثقة كينونة ووعيا وسلوكا عن التطابق مع التشكل الوطني بحالته الأعلى، بما انه لم يكن وقتها قد بلغ الاكتمال بعد، ماحدا بهذه لان تتصرف باعتبارها وليدة ظروف القطع والفبركة الاوربية الاستعمارية للكيانية من جهه، ومايوفره حضور الغرب ووطاة فبركته من اشتراطات، ومتداخله مع فرص مستجدة بدت ملائمه لتلك النخب لتحقيق مكانة اجتماعية مفتقدة، بدا ان أسبابها تهيأت اليوم، فصار بالإمكان اختراق ثوابت العلاقات الاجتماعية التقليدية، ناهيك عن وطاة ارث الانقطاع التاريخي الحال على العراق منذ سقوط بغداد عام 1258.
الى جانب ذلك لعب عامل أساس هام للغاية دورا في تعذر تبلور منظور الوطنية، ووعي الذاتيه في حينه، كان مصدره ابعد من اللحظة المنوه عنها، ويتعلق بالعراق / ارض الرافدين وخصوصيتها المجتمعية الكيانية، المتعذرة احاطة و إدراكا على العقل تاريخيا على مستوى العالم .وفي العراق نفسه وهو الاهم، ماقد ابقاه برغم منجزه التاريخي الازدواجي المتميز عبر دورات تاريخه، خاضعا بالاطار العام لمفهوم ونموذج المجتمعية الأحادية الذي تكرر اليوم بحمية وحماسة منحها له الغرب ووطاته، ونموذجه الغالب المتسيد عالميا، ليكرسه جاعلا منه اطارا متضمنا الحلم العصري ومايبشر به، ويوحي بالذهاب اليه ونواله من نماذج وتوهمات"الديمقراطية" و"الاشتراكية".
هنا كانت النخب العراقية تعبر عن اخطرقصور يضعها خارج العراق، وبالضد من الياته التاريخية، ليلحقها بالغرب ومشروعه كليا، الامر الذي سيجعل من تاريخ الوطنية العراقية الحديثة موزعا على طورين، احادي مفبرك ايديلوجي انتهى، وثنائي ازدواجي قيد التشكل، هو الذي تتراكم الأسباب والتهافتات الكبرى داخل بنية ومفاهيم ماكان اعتبر من قبيل "الوطنية الايديلوجية" المنسوبة للماركسية والقومية والليبراليه، حيث قوى نفي العراق وإلغاء وجوده والياته، ونمط واتجاه صيرورته، ومآلاتها وطنيا وعلى مستوى المعمورة، فالاحادية الكيانية والمجتمعية ليست وليدة اليوم، ولاهي مجرد تعبير ملازم للحالة وللتكوين العراقي كدالة على قصور العقل عن مقاربة كينونة وبنية متجاوزه للطاقة العقلية الممكنه والمتاحة. فمظاهر الاحادية العراقية الاضطرارية الأولى، التي استمرت قائمة في الماضي، ليست من نفس نوع هذه التي جرى اعتمادها اليوم بمناسبه وقوة وطاة وفعل الغرب الحديث، بل هي مختلفة كليا عنها من حيث كون الأولى وجدت بالأحرى مفهومية عفوية، ليست واقعية ولا عملية، بما انها ما كانت تمنع او تحول دون تحقق العراق امبراطوريا وازدواجيا، وان من دون وعي وادراك لبطبيعته كنمط وكحقيقة ازدواج تحولي. بينما اتخذت الطبعة الحديثة واحتلت مكان القوة الكابحة المدمرة، المضادة على طول الخط للاليات البنيوية "الوطنية الازدواجية" ان لم تكن بمثابة قوة الغاء للكينونه، تستعمل كل ماتملكه وامتلكته من الوسائل على كافة الصعد، لكي توقف، لابل تلغي مرتكزات الوطنية الأصل، وتسعى لتدميرها بالاعتماد على ما صارت تملكه من وسائل الحداثة التنظيمية، والثورة الالية التقنيه شديدة الوطاة والفعل، مع مايرافقها ويحايثها من ثقل وجبروت المفهومية القاهرة.
كان الغرب الاستعماري الاستشراقي الكولونيالي قد عمد عمليا وسرديا مفهوميا، الى تكريس وحدانية الكيان العراقي، ومجتمعيته ضمنا، بينما هو يذهب عامدا لفبركة شكل الكيان والدولة وسرديتهما "الحديثة"، الموصوله أساسا بكذبة الغرب و "الالتحاق بسوقه الراسمالية"، أي بإلغاء ومحو تاريخ العراق الحداثي السابق على الغرب وحضوره، لابل وعلى تبلور ثورته الحديثة، فكان من سوء حظ هذا النفر من أبناء البلاد "الوطنيين" ان وجدوا انفسهم يتبنون مفهوم وفبركة عدوهم لحقيقتهم الغائبة كينونتهم، ويعتمدوها ضد انفسهم ووجودهم التاريخي، المضاهي للغرب وظاهرته ومايمثل، والمنطوي احتمالا لابل واقعا، على مايتعدى الغرب الحالي، ومايحمله هذا ومايعد به آنيا من اشكال تفكر او نموذج حياتي ونظم.
لايقوم القول باحادية العراق الا ويكون ذلك من قبيل ومقترنا بالغاء حقيقتة"الوطنية"(2) وكينونته واعدامهما، مع الاخذ بالاعتبار ان مثل هذا المذهب كان في الماضي اضطراريا وغير قابل للتنفيذ ، وينتهي فعليا الى مايضاده فيكون من صلب الكينونه وفعل اليات الازدوا،ج ومن باب الرضوخ لحكم اللحظة وقصور ممكنات الاستيعاب لماهو حاصل لعلوه التفكري وبعده عن الإحاطة، مع انه يتحول في السلوك والواقع الى رضوخ لحكم البنية والياتها الازدواجية، فتقوم الامبراطوريات بسبب، وتحت وطاة الازدواج وزخمه، وتقام العواصم الإمبراطورية ك "دول مدن" مكتفية بذاتها، ومتعالية، ترتكز في أسباب الوجود والديمومة لخارج الكيانية الازدواجية،بعد ان يثبت تعذر، لابل استحالة الهيمنة الأحادية داخليا، وتحت طائلة الدفع من اسفل المجتمع المساواتي غير القابل للاخضاع، والذي تتساوى في بنيته وكينونته "الحرية واللاتمايزية المجتمعية الطبقية"، مع " ضمان استمرارية العملية الإنتاجية" كقانون بنيوي، مايمنح هذه ابان استقرارالامبراطوريات وضعا من التحررالازدواجي ( ليست الإمبراطورية الازدواجية من جهتها مستقلة بالمقاييس الأحادية الكيانية لاضطرارها للبحث عن مقومات استمرارها خارج الكيان، مثلما هي حال مقابلها دولة اللادولة السفلى، بعكس الامبراطوريات المعروفة الأحادية، اللاحقة والتي هي من قبيل استكمال الهيمنة الأحادية الداخلية) من دون استقلال احادي، ومن دون تجسد ارضوي للطرفين، كما كان عليه حال ارض السواد في الدورة الثانية العباسية القرمطية الانتظارية، او سومر جنوب بابل في الدورة الأولى الحضارية السومرية البابلية الابراهيمية ( تجلت هذه كونيا بالامبراطورية مافوق الأرضية "السماوية" خارج ارضها بعد اعتماد استراتيجيا "الوعد خارج ارضه" والنبوة الالهامية الابراهيميه) ومن الطبيعي ان يميل الاكديون، او البابليون، و العباسيون الى التصرف احاديا، ويسعون جهدهم لكي يكرسوا سلطتهم على العراق بداية بالمنطق الاحادي، لكنهم يكونون وقتها ماخوذين بفترة ابتداء من فترات عمل اليات الازدواج بصفتهم طرفا عضويا فيه، والعمود الثاني من اعمدته وتفاعلاته الصعودية الذاهبة الى الإمبراطورية الازدواجية، واشكال تجسدها وتنظيمها الازدواجي، المتضمن تعذر، والدلالة على نفي احاديتها على خلاف ماهو متعارف عليه من اشكال وبنى الامبراطوريات الأحادية الشرقية والغربية المرتكزه اجمالا للعبودية.
عاش العراق وعرف حالة اصطراع تحت طائلة الإلغاء والمحو بين وجهتين، الأولى ازدواجية تحولية رافدينية، سائره الى تحقيق التحول المجتمعي المؤجل منذ الاف السنين، والأخرى ارفع اشكال تجلي الأحادية المجتمعية واعلاها دينامية، الانشطارية الطبقية الغربية،فكان الحاصل لقاء اصصراعيا مميتا، ونقطة تمخض عظمى على مستوى المعمورة ومنطويات مصيرها، واتجاهات صيرورتها التاريخية النهائية، الامر الذي لاصلة تصله بالفبركات العامة القائلة بالصراعية "التحررية" العادية من الاستعمار، وحدوده ونتائجه، واعلى سقف يمكن له ان يبلغه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تحول المرجع النجفي الانتظاري حسن الشيرازي، ابرز شخصية مرجعبه عرفتها دولة اللادولة المدينية الانتظارية النجفية، تاركا النجف المقر التقليدي للمرجعية العليا الى سامراء شمالا، وقام هناك بعدة ممارسات تضاف لممارساته المتميزه، ومنها موقفه من ناصر شاه عند زيارة الأخير للنجف، ورفض الشيرازي الخروج لاستقباله، او تسلم عطيته الماليه، إضافة لدوره في الاشراف على إدارة شؤون النجف ابان المجاعة التي المت بها، وصولا الى إصداره فتواه الشهيرة بتحريم التنباك، ماقد تسبب في مقتل ناصر شاه في ايران على يد خادمه الشخصي.
وفي سامراء اقام جسر سامراء من عوائد الاضرحه هناك، كما رفض استقبال المندوب السامي البريطاني الذي جاء مستغلا الموقف ليقابله اثر حادثة اعتداء جسدي على ابنه من قبل اقران من "السنة" بالقول " نحن مسلمون فيما بيننا فما دخل الإنكليز " وتنازل عن حقه معتبرا الحادث حالة سوء تفاهم بين اخوة، ولايمكن اعتبار خطوته الأصل في الانقال الى سامراء، الا من قبيل الرغبة في توسيع المهمة الدعوية نحو قبائل شمال غرب بغداد كطور ثان واستكمالا لما كانت النجف قامت به بداية، على هذا الصعيد من أواخر القرن الثامن عشر، من عمليات التغلغل بين القبائل السنية الجنوبيه، وتحويلها الى المذهب الانتظاري الشيعي الذي هو احدث تشيع معروف ولوكان الشيرازي عاش حتى وقوع ثورة العشرين، ولم يتوف قبل ذلك باشهر واصدر هو فتوى الجهاد بدل احد تلامته ووريته تقي الشيرازي، لاستحق ان يكون اهم شخصية "حديثة" وتحررية وطنيه، لايمكن مضاهاة أي شخصية حديثة به، او مقاربتها من مكانته ولو من بعيد.
(2) لايصبح العراق"موحدا" و "حدة" كيانية مجتمعيه الا بالثنائية والازدواج معها يتحقق كينونة وبنية بما هوكيانية "امة واحدة، في ، ومن أمتبن"، مثلما المجتمع الانشطاري الأوربي مجتمع منشطر دائما افقيا الى طبقتين لاتصبح له وحدة دونهما وبفعل اصطراعهما معا.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/3
- فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/2
- فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجيه متهافته/1
- الانفجار الكبير والكون اللامرئي
- نهاية المجتمعات لا التاريخ ولا الطبقات/2
- نهاية المجتمعات لا التاريخ ولا الطبقات/1
- كورونا: انقضاء الزمان ونهاية المجتمعات؟/2
- كورونا: انقضاء الزمان ونهاية المجتمعات؟/1
- الخروج من النهضة الزائفه: نداء؟/2
- الخروج من النهضة الزائفة؟/1
- نداءات الديمقراطيين: -حلاوه بقدر مثقوب-
- -فهد- نزيل ثقافة الموت/ خاتمه
- اشباه القرامطه يرطنون بالروسيه/ملحق ج
- حزب -فهد- والازدواج/ملحق ب
- اعدام-فهد- والمخابرات الغربية والازدواج/ ملحق أ
- ال-محمدان- الزائفان ونخبة الحداثة/2
- ال-محمدان- الزائفان ونخبة الحداثة
- ثورة ضد الايهام الديمقراطي؟
- (1) تشرين: الثورة و- قرانها-/4
- (1) تشرين: الثورة و- قرآنها-/3


المزيد.....




- البيت الأبيض يدعو إسرائيل إلى إعادة فتح المعابر إلى غزة
- مسيرة -لانسيت- الروسية تدمر منظومة استطلاع أوكرانية حديثة في ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا بأن العملية العسكرية في رفح مح ...
- -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر!
- تبون: ملف الذاكرة بين الجزائر والمستعمر السابق فرنسا -لا يقب ...
- في الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات بين البلدين.. أردوغان يستقبل ...
- تسريب بيانات جنود الجيش البريطاني في اختراق لوزارة الدفاع
- غازيتا: لهذا تحتاج روسيا إلى اختبار القوى النووية
- تدعمه حماس وتعارضه إسرائيل.. ما أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق ال ...
- في -قاعة هند-.. الرابر الأميركي ماكليمور يساند طلاب جامعة كو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - هل يُعدم العراق بفبركتهِ اُحادِياً؟/4