أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/3















المزيد.....

فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/3


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 15:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عبدالاميرالركابي
مع القرنين السادس عشر والسابع عشر، عاد العراق للانبعاث في دورة ثالثة جديده بعد دورتين امبراطوريتين سالفتين، وانقطاعين تاريخيين، الثاني منهما بدا مع سقوط بغداد 1258 وصارت مفاعيله تتراجع عند القرن الخامس عشر الى السادس عشر، حين اخذت تلوح بدابات التشكل الحديث الثالث مع ظهور "اتحاد قبائل المنتفك" في ارض سومرالقديمه الجديده تكرارا، ووقتها ومع المتغير النوعي في شكل التفاعلات التاريخية بين المراكز المجتمعية الأكثر فعالية، لم يتسن للعقل البشري وعي طبيعة النقلة الحاصلة في الوضع الكوكبي، ففاته ان يرى الى العالم والتاريخ وقد توحد كعملية تاريخية، ماقد جعل الأحادية والتفرد"الحضاري" مهيئا، ان لم يكن متقبلا لسيادة نمط من التغلب المتسيد، بالاخص وان احد اطراف العملية التاريخية الخاضعة اليوم لقانون "ألتفارقية الرباعية" قد حظي بموقع استثنائي، وبعناصر غلبة واعتلاء على مستوى المعمورة، مع انتقال اوربا الى الطور الآلي المصنعي، والثورة البرجوازيه.
وضع كهذا ماكان يمكن ان يتيح على الاطلاق، اعتماد سردية من نوع ماقد يذهب للقول بان البشرية عرفت منذ النصف الثاني من الالفية الثانية، حالة من وحدة العملية التاريخية وآخر محطاتها السابقة على بلوغها نهايتها ومبتغاها الأخير"التحوليّة المجتمعية"، تبدا بفصل انقلابي تقني طبقي اوربي، وتنتهي باكتمال الدورة الثالثة الرافدينية، بعد ان تتعرض ضمن مسارها لغلبة حضور واكراهية النموذج الاول الالي المصنعي الراسمالي الاستعماري، قبل ان تجتازة وتتخلص من اثاره، ذاهبة الى ماورائه حيث الانقلاب المجتمعي الى اللامجتمعية، الهدف المضمر والمقصود في البنية المجتمعية منذ ان تبلورت لأول مره بصيغتها الازدواجية التحولية في سومرجنوب ارض الرافدين.
تصور مثل هذا للوجود وللتاريخ، ماكان ممكنا او ممايتاح للعقل في حينه افتكارة والاحاطة به، بينما البشرية ماتزال تحت وطاة طور القصور والمفارقة العقلية المجتمعية، وغلبة الأحادية، الامر الذي لن تؤدي الخطوة الابتدائية الاوربية و"علم " اجتماعها لتجاوزه، رغم ماارسته من أسس من شانها تقصير المسافة بين العقل وطاقته الادراكية، والظاهرة المجتمعية التي يتشكل وكتب عليه ان يتصير ضمنها، قبل ان يبلغ مشارف الرجحان بازائها وإزاء مكنونها ومضمرها إدراكا، يوم يكون قد بلغ درجة، وامتلك صفة العقل المجتمعي، فصار مؤهلا ومعنيا باخذ الكائن البشري الى "النطق العقلي" بعد "النطق اللساني"، مايتسجل عنده ومعه بلوغ لحظة من التحولية والتصيّر، ضمن عملية النشوء والارتقاء العقلي، تكون المجتمعية عندها قد استنفدت اعراضها، وأدت المطلوب منها فعليا، لتصبح من وقتها مهياة للمغادرة لصالح مابعدها، بينما يكون العقل قد شارف بدايات استقلاله عن الظاهرة المجتمعية وعيا وعلى مستوى الإحاطة والادراك، وأسباب التحول المادية التي ظلت غائبة على مر تاريخ المجتمعات السابق، وحالت دون انقلابها التحولي مع انها كانت قد وجدت تحولية بنية وكينونه ابتداء وتاسيسا، وقد انبثقت، مايمنح اليات التحول ماكانت تحتاجه، ولا تستطيع التحول من دونه، ابتداء من سومر، يوم قامت المجتمعية التحولية الافتتاحية بنيويا، المفتفرة للاداة المادية الضرورية للتحوّل.
كانت عملية التفاعل ضمن اشتراطات "التفارقية الرباعية" قد اخذت طابعا احتداميا تتشابك فيه الظواهر والمضمرات الايله للتكشف، بينما تعززت ظاهرة اسباغ وفرض النمط والنموذج الواحد على المعمورة، وهو مالم يكن العالم يعرفه من قبل، فالامبراطوريات السابقه المعروفة في التاريخ لم تكن تملك الوسائل التي تجعل منها نمطا يحاكى من قبل الشعوب والأمم الأخرى التي تسيطر عليها، في حين تميزت نهضة الغرب التقنية، والانتقال الى الالة والمصنع بالإضافة للنموذج التنظيمي في الدولة، واجمالي شبكة المنجزات التي حققتها في مجالات المعرفة والعلوم، قد منح الغرب الحديث من القدرة وعوامل القوة والقبول الطوعي بها كنموذج وهدف متفق على اللحاق به، وبلوغ مابلغه باعتباره عتبة عليا، وقمة ومقصدا تحلم به بقية الأمم، وتعمل على مقاربته، بحيث كانت تذهب اذا ذهبت لمقاومته ودرء اشكال هيمنته القسرية الاستعمارية، الى القيام بذلك وفق لمبادئة هو، وانطلاقا من مثله التحررية والديمقراطية الامر الذي درجت على تكريسه ماعرف بمفاهيم "حركة التحرر العالمية"، التي هي بالاصل نتاج الازدواج الذي حل على المشروع الحداثي الغربي، مع القرن العشرين والثورة الروسيه البلشفية وانشطاره الى نموذجين متناحرين.
لم تظهر اية علامات من أي نوع كان، تنطلق من فكرة، او فرضية واحتمال ان يكون الحاصل في الغرب اليوم بداية وقاعدة، مثلما كانت الثورة التحولية الأولى غير المتحققة، والمنتكسة مع بدايات المجتمعية الرافدينية، بداية الزمن الإنتاجي اليدوي،ذلك في الوقت الذي تكرست فيه فكرة تحريم "الخصوصية" والبحث فيها او اعتمادها، باعتبارها خروجا على القوانين التاريخية والعصر، فلم تلاحظ او ترد على البال مثلا، فكرة كون الغرب أصلا هو حالة خصوصية ضمن المسارات التاريخية، وبناء على اعترافه هو، وكما قرر تواترا كل من بحثوا من الغربيين في التاريخ "الحضاري"، جازمين بان بدايات التبلور المجتمعي وتشكل المجتمع ومايعرف ب "الجضارة" والتاريخ، يعود الى سومر، والى ارض الرافدين(1)، مع حزمة هائلة من منجزات التاسيس الكبرى والباهرة التي تقارن مع النسبية الزمنية والتاريخية، لابل وتتفوق، على المنجز الأوربي الحديث، بحكم بكورتها وتاسيسيتها، مقارنه بمنجز متأخر هو "حصيلة"، لاتملك ان تدعي الذاتية الصرفة او مايعرف بالخصوصية.
وتدخل هنا حاضرة وبارزه علة تاريخية مجتمعية عقلية، لازمت الطرفين وحكمت علاقتهما منذ بداية الظاهرة المجتمعية، وتمثلت في قصور العقل وتدني قدرته على الإحاطة بمكنون ومضمر المجتمعية، ماقد كرس من يومه غلبة منظورات ومفاهيم ومستوى ادراك محدود بحدود الأحادية المجتمعية الأدنى استيعابا الى الطاقة العقلية وقصوراحاطتها، المستمرة الغالبة والمهيمنه، مع فارق أساس تمثل في كون ماحدث ابان النصف الثاني من الالفية الثانية ومابعده، امتاز بكونه حالة قمة داخل الأحادية المجتمعية، فغرب الانشطار المجتمعي هو العتبه الأعلى والأكثر دينامية من بين كل اشكال المجتمعات أحادية الدولة، واعرقها غير المنشطر والصافي لصالح الدولة وهيمنتها الأحادية، واحتواؤها للمجتمع كما النموذج النيلي الاعراق واللاحق زمنيا، المتزامن مع مجتمعية مابين النهرين الازدواجية التحولية.
اضيف لذلك وبالأخص بمايتعلق بارض الرافدين ومنطقة الفعالية التاريخية الرئيسية الشرق متوسطية، والعراق منها وبمقدمها، كون هذه المنطقة والعراق بالذات، كان يعاني من وطاة الانقطاع التاريخي بين دورتين، بعد انتهاء الثانية ( استمرت من القرن السابع الى الثالث عشر مع سقوط بغداد 1258 وكانت العتبة الأساس والمحفز المادي للمتغير البرجوازي الالي الأوربي ) ماجعل من قبيل البداهة ظهورمتلازمات من نوع "لماذا تقدم الغرب وتاخرنا؟" من دون جواب و "وجدت في الغرب اسلاما بلا مسلمين، وفي مصر مسلمين بلا اسلام "(2) بصيغة الملاحظ المنقطعة عن الإجابة، في حين تجاوز العقل في العراق بعد العشرينات من القرن الماضي، وفي حماة احتدام الازدواجية الغربية والاحتلال الإنكليزي، وثورة مجتمع اللادولة الجنوبي العراقي الأولى، الى تلقف لصيغة من صيغتي الغرب، تقابل الصيغة المفبركة من اعلى، مع الدلالة المكانية (3) للنشاة والتأسيس، كانت بالأحرى هروبا ايديلوجيا حزبيا جاهزامن مواجهة امتحان "الوطنية" الملح آنيا، والمتعذر والعسيرراهنا وتاريخيا، لتصبح الحداثة العراقية: "دولة من اعلى"، نتاج فبركة برانية استعمارية : وحزبية من اسفل"هي استكمال للفبركة الأولى، مضادة لها، مؤسسة على وقع ازدواج ذاتي عراقي تاريخي، جعله ممكنا اليوم، ازدواج الغرب وقطبيته، بين اشتراكي روسي مع معسكره، وغرب اوربي انقذه العنصر الرابع في التفارقة الرباعية، أي الإمبراطورية الامريكية المفقسه خارج رحم التاريخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت
(1) لاخلاف بين كل باحثي الغرب الحديث في التاريخ المجتمعي و "الحضاري" حول بكورة وتاسيسية المجتمعية العراقية، ومنجزها، ويرد هنا عنوان مؤلف شهير لواحد من ابرزهم هو صموئيل كريمر "الحضارة بدات في سومر". وليس ثمه من يقول بغير كون ارض الرافدين هي "مهد الحضارة البشرية".
(2) هذه المقولة منسوبه الى الامام محمد عبده الذي عاش فترة في اوربا مع جمال الدين الافغاني، وكانا يصدران من باريس مجلتهم " العروة الوثقى" اما اللازمه الأولى فهي اقرب الى القول السائر، نحتته اشتراطات وظروف المنطقه كما هي اليوم.
(3) جرت محاولات أولى في العشرينات لتاسيس حزب شيوعي في بغداد، انتهت بالفشل، الى ان قام "فهد" بتوجيه من "فاسيلي" المبعوث الروسي الذي كان يعمل خياطا في الناصرية عاصمة المنتفك، بإقامة حزب شيوعي صار هو المعتمد والمقر، وهو ما قد ظهرت علائمه في احد اهم ماكتبه "فهد" في كراسه " حزب شيوعي لااشتراكية ديمقراطية" مترسما الدروس التي تلقاها في روسيا باسباغه صفة " الافندية" المنشفيك على أمثال محاولات إقامة حزب شيوعي في بغداد والموصل، خارج منطقة بداية ومركز التشكل الوطني العراقي الحديث الثالث الراهن.
وليس من قبيل الصدفة ان الشيء نفسه حدث مع الحزب الهام الثاني في تاريخ العراق الحداثي: "حزب البعث العربي الاشتراكي" بعد محاولات تاسيسية فاشلة هي الأخرى في بغداد، الى ان قام فؤاد الركابي بتاسيس الحزب المعتمد لاحقا، في نفس مدينه الناصرية من دون فاسيلي هذه المرة، انما بفعل تاريخ اكثر من ثلاثة قرون منتفكية عراقية من التحرر بلا استقلال، ومن وجود العراق فعليا وان غير المتحقق كيانيا.
فبركة عراق



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/2
- فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجيه متهافته/1
- الانفجار الكبير والكون اللامرئي
- نهاية المجتمعات لا التاريخ ولا الطبقات/2
- نهاية المجتمعات لا التاريخ ولا الطبقات/1
- كورونا: انقضاء الزمان ونهاية المجتمعات؟/2
- كورونا: انقضاء الزمان ونهاية المجتمعات؟/1
- الخروج من النهضة الزائفه: نداء؟/2
- الخروج من النهضة الزائفة؟/1
- نداءات الديمقراطيين: -حلاوه بقدر مثقوب-
- -فهد- نزيل ثقافة الموت/ خاتمه
- اشباه القرامطه يرطنون بالروسيه/ملحق ج
- حزب -فهد- والازدواج/ملحق ب
- اعدام-فهد- والمخابرات الغربية والازدواج/ ملحق أ
- ال-محمدان- الزائفان ونخبة الحداثة/2
- ال-محمدان- الزائفان ونخبة الحداثة
- ثورة ضد الايهام الديمقراطي؟
- (1) تشرين: الثورة و- قرانها-/4
- (1) تشرين: الثورة و- قرآنها-/3
- (1) تشرين : الثورة وقرآنها/2


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/3