أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عيسى ربضي - وباء الرأسمالية الفيروسية المتجددة















المزيد.....

وباء الرأسمالية الفيروسية المتجددة


عيسى ربضي

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 19 - 13:12
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


ما عُرف باسم وباء كورونا ( كوفيد 19 المتجدد) عرى بسرعة هائلة الرأسمالية ليظهرها بأصدق صورها- حقيقتها العارية. لست بصدد تناول الوضع "الصحي" الناتج عن انتشار وباء فيروسي ولست بصدد فحص او التعليق حتى على نظريات انتشار هذا الوباء وأصله وهل هو مؤامرة اقتصادية او حرب بيولوجية ولا حتى اذا كان هنالك لقاح له او لن يكون. لكن ما يهمني بهذه اللحظة القاء الضوء على الأثار المحتملة لما صنعته الرأسمالية المهيمنة بالعالم وخلفها بقية أنظمة العالم التي تترأس وتتحكم بالدول القومية والاتحادات الدولية.
اريد ان اعصف أذهاننا فيما يخص عدد من القضايا مثل الأثار التي خلفّها وسيخلفها انتشار هذا الوباء الفيروسي على نظم الدولة القومية Nation state، الاتحادات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي، واقع دور الشعوب والطبقات الاجتماعية في العالم، الحقوق الاجتماعية الاقتصادية والأنظمة الأساسية للحياة مثل التعليم والصحة والزراعة والصناعة، واقع الأنظمة الأمنية العسكرية، دور الحركات التحررية وأخيرا العولمة.
اطلالة على الواقع الحالي بالعالم:
مليارات البشر خاضعة لنظام الحجر والعزلة الاجتماعية مُهددّة بأن ممارسة حياتها اليومية العادية سيجر عليهم الموت والخراب، تنتظر تعليمات الأجهزة الأمنية في النظم السياسية القومية ( فكل دولة تصدر تعليماتها وتتخذ قراراتها بعيداً عن أي اعتبار عولمي او قاري او اتحادي) وتتخلى الغالبية من الشعوب المقهورة طواعية عن العديد من حقوقها السياسية. بات الناس ينتظرون تصريحات الناطق الحكومي على أحّر من الجمر، ليملي عليهم كيف سيكون شكل حياتهم المستقبلية، ماذا يمكن او يجب عليهم ان يفعلوا وماذا عليهم ان يمتنعوا عن فعله. الفردانية بات لها أنياب أشد حدة من ذي قبل فكل فرد أصبح معزولاً وعليه ان يفكر بتأمين حياته واحتياجاته لذا رأينا الصراعات على الاحتياجات الأساسية في بعض الدول وصل حد الاقتتال والتعارك وبات مشرعناً ومقبولاً صم الأذان عن احتياجات الأخرين من منطلق المصلحة الفردية التي جمّلها الاعلام والأنظمة السياسية بأنها مصلحة وطنية عليا. والفردانية اصبحت اشد وضوحاً بترسيمها حدود الدولة القومية بعيداً عن الاتحادات السياسية والجغرافية التي اقتضتها العولمة مسبقاً.
الدولة القومية والاتحادات الدولية:
مع بداية "الأزمة" أغلقت الدول حدودها تماماً كما في أوقات الحرب بل قد يكون الاغلاق أشد وأكثر صرامة، فعادت الدولة القومية لتتربع على عرشها في أوروبا وفقد الاتحاد الأوروبي المزعوم وجوده ليس جغرافياً فحسب بل أيضاً اقتصادياً فقد أغلقت الدولة القومية حدودها بوجه مواطني الدول الأخرى في الاتحاد وتراخت – ان لم نقل امتنعت- عن تقديم العون للمناطق الأكثر تضرراً من أوروبا نفسها. لعل تخلي الاتحاد عن احدى الدول المؤسسة فيه – إيطاليا – ابرز مثال على تقوقع الدولة القومية على نفسها، وقد يكون منظر احد المواطنين وهو ينزل علم الاتحاد الأوروبي في إيطاليا تعبيراً صورياً للخيبة التي اصابت الشعوب في قوة الاتحاد. لم يفقد الاتحاد الأوروبي صورته كقوة رأسمالية قادرة على المنافسة على المركز الرأسمالي وحيدة بل ان بعض الولايات في نظام الولايات الأمريكية المتحدة أغلقت أبوابها امام الأمريكيين من الولايات الأخرى داعية كل ولاية لتدبر امورها. قد لا يتفكك الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة لكنها بلا شك عبرت عن طبيعة النظام الرأسمالي في ظل مرحلة الأزمة من دورة الاقتصاد بالنظام الرأسمالي. فالعلاقات اقتصادية والسياسية لن تعود لتتحلى بالثقلة ولا الثقل الذي كان قبل هذه المرحلة. حيث ادركت الطغم الحاكمة بهذه الدول كما ادركت الشعوب بشكل عام ان القوة المزيفة التي تتحلى بها اقتصادات هذه الدول هي بالونة معرضة للانفجار بوخزة دبوس.
فبعد ان مرّ النظام الاقتصادي الرأسمالي بمرحلة الأزمة بالأعوام 2007-2009 استمرت مرحلة الركود حتى 2020 وبعد ان توقع الخبراء الاقتصاديين مراراً بأن الانتعاش سيتبع الركود لتستمر دورة الاقتصاد بنمطها الرأسمالي، استمر الركود اكثر مما استمر في بدايات القرن العشرين. واذا كان لزاماً على الرأسمالية بنهايات الثلاثينات ان تشعل حرباً كونية لتخرج من ازمتها وتغير جلدها مشعلة الحرب الكونية الثانية، فأنه قد بدا للعديد ان هذا الركود الحالي لن ينتهي بلا حرب جديدة. وبما ان أي حرب كونية كبيرة قد تكون فيها نهاية الكوكب فعمدت الرأسمالية في المركز لإشعال الحروب "الصغيرة" هنا وهناك ليس تفادياً لدمار الكوكب بل لتضمن استمرار نمطها الاقتصادي وتحقيق مصالحها واشباع جشعها. ان التجربة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية وخروجها من الحرب اكبر دائن في العالم بعد ان كانت اكبر مدين يجعلها تبني على هذه التجربة وتسعى لتجديدها لقلب ميزان مديونيتها الذي عاد للتفاقم منذ الحرب العالمية الثانية وما زال.
حلول للتعامل مع التغيرات:
لعل الفيلسوف الألماني فيخته Fichte (1762-1814) كان من اوائل من وضّحوا ضرورة ان تخضع الامة لسلطة حازمة وقائد او مرب حازم لتتمكن من ان تصبح قوية وبالتالي تتمكن من الانتصار على بقية الأمم فالحق بين الدول او الأمم حسبه هو للأقوى. وفي أوقات الحروب والأزمات تزيد أهمية هذه السلطة الحازمة وتُغلّب على أي من مفاهيم الديمقراطية والحريات وغيرها فتستمد هذه السلطة شرعيتها من دورها "فوق الطبقي" بحيث انها تخدم المجتمع كله كونه مجتمع واحد وبالتالي تخفي دورها لطبيعي الضروري كممثلة للطبقة السائدة. وقد تبع نيتشة Nietzsche (1844-1900) هذا النهج حين قسّم البشرية الى عرقين، عرق اعلى مهيمن وعرق أدنى تابع بالضرورة لتتحقق الحضارة والازدهار للبشر وبالتالي "شرعن" سيطرة الأقوى على الأضعف وأعطى العديد من الفلاسفة والمفكرين "الحق" للأقوى وللمركز وللدول المتحضرة... في السيطرة على الأقل حظاً بالقوة والحضارة وحتى بالموقع الجغرافي حسب نظرياتهم.
فتم اذن شرعنة الأنظمة الأمنية العسكرية التوتاليتارية الشمولية التي تمنح السلطة السياسية- القائد الحق والشرعية في فرض القوانين والأنظمة، وهذا الاتجاه بات شديد الوضوح خلال الأشهر القليلة المنصرمة حتى في الدول التي تباهت لعقود بخضوعها من كبيرها لصغيرها للنهج الديمقراطي. وان كانت الأنظمة التوليتارتية في السابق تبرز بصورة القائد مطلق الصلاحيات فأنها اليوم تبرز بصورة السلطة السياسية المتنفذة بالبلد وان كانت شخصية القائد الفذ ما زال يمكن رؤيتها في بعض الدول وما زال ممكن العودة لها اذا توفر القائد الكاريزماتي "المناسب". قد لا يكون فرض النظام الشمولي بالقوة العسكرية الفظة بقدر ما اصبح من خلال نظام ترهيب مبني على رؤية سياسية سلطوية ومنفذ من خلال مؤسسات الدولة السياسية والإعلامية وغيرها، فتم تحوير وتشكيل الوعي وتوجيهه بالاتجاه الذي يُهيئ لقبول الهيمنة والسيطرة الحكومية – سلطة الدولة المطلقة وبالتالي إعطاء الطبقة المسيطرة مزيداً من القوة ومزيداً من الشرعية لفرض المزيد من الإفقار على الطبقات الأكثر فقراً وحتى لسحق ما يُعرف بالطبقة الوسطى.
النظام الشرطي- العسكري اليوم عاد ليحتل مرتبة مُصدر الأوامر المباشر والعلني – بعد ان كان مذلك بالخفاء - ويظهر بصورة المنقذ للأمة- الشعب بدل ان يظهر بصورته الوحشية القمعية السالبة للحريات. بات هذا الشكل من النظام أكثر قبولاً لدى عامة الشعب فالشرطي- العسكري أصبح كأنه يمثل المصلحة الوطنية العليا للدولة ولا يمثل بالأساس مصالح الطبقة السياسية المسيطرة. استطاعت الأنظمة الديكتاتورية الرأسمالية والتبعية – سواء التي تبجحت باتباعها الديمقراطية الشكلية او تلك التي كانت تمارس القمع جهاراً- ان تظهر بحلة ملائكة الرحمة. واستطاعت ان تُظهر ادواتها القمعية وكأنها في خط المواجهة الأول مع العدو الجديد.
ان الدولة وادواتها القمعية تريد فرض تصور اننا امام خيارات الخصوصية والحقوق مقابل المراقبة والتدخل بأدق التفاصيل في حياة الفرد والمجتمع. فبدأت تظهر مقترحات لتعطي الشرعية للدولة للمراقبة والمحاسبة والقمع بموافقة ومباركة جماهيرية!! فوجدنا مقترحات لوضع سوار بيولوجي بيد كل مواطن ومراقبة عادات غسل اليدين الكترونياً، ومراقبة التجمعات...الخ. وهذه المقترحات تتناغم مع رغبة السلطة السياسية في فرض برنامجها بحجة صحة المواطن وامانه بينما يتم تناسي او التغاضي عن الحاجة لتمكين المواطنين وتعزيز ورفع وعيهم وتعزيز اتخاذهم لقرارات تضمن سلامتهم وبالتالي سلامة الوطن!! أي ان المواطن أُريد له ان يكون اكثر سلبية واكثر تلقياً للتعليمات بدل ان يكون مشاركاً واعياً في صناعتها.
تقوم السلطة السياسية بالدول باحتكار وسائل الاعلام لتكوين الرأي العام وتوجيهه بما يتناسب وحاجاتها ومصالحها، وبحالة الأزمات يكون هذا الاحتكار اكثر حضوراً وتزيد أهميته. فهذه وسيلة السيطرة الجمعية من خلال توجيه الأراء وتكوين الوعي الجمعي ( او تزييف الوعي الجمعي). السلطة لسياسية ترفع وتيرة تناول أي قضية تريدها ان تصبح واجهة الاحداث، من خلال وسائل الاعلام المختلفة. وهنا مرة أخرى يكون محاولة تدجين المواطن وجعله يقبل سعيداً التخلي عن حقوقه وخصوصياته سيدة الموقف بدل من استخدام وسائل الاعلام لتمكين وتعزيز الدور الإيجابي للمواطنين في صناعة القرار والألتزام الواعي المبدئي الطوعي به.
الطبقات الاجتماعية والشعوب ومفاهيم الحقوق الاقتصادية الاجتماعية:
اما الطبقات الاجتماعية في الدولة القومية فقد أُخضعت لعملية بتر بدون تخدير. فبعد اول شهر من توقف مرافق الحياة الاقتصادية بات واضحاً ان الطبقات الفقيرة من عمال وفلاحين وصغار الكسبة وحتى البرجوازية الصغيرة باتت تحتضر وبات الفتات الذي تلقيه او تعد به الحكومات والأنظمة السياسية الاستغلالية يشكل القشة التي يتعلق بها البعض في محاولة يائسة لاستمرار الاعتقاد بأمكانية الحياة في ظل أنظمة السوق، بينما ادرك الكثيرين هشاشة هذا النظام الاقتصادي وبؤسه لكن هذا الادراك لم يجد بعد ترجماته في حركة ثورية للشعوب وهذا ما سأحاول تعليله بعد قليل.
النظام الصحي والتعليمي والصناعة والزراعة وغيرها من الخدمات والقطاعات باتت مشلولة او شبه مشلولة في الكثير من بقاع العالم. فالمنظومة الصحية مثلا كشفت عن عوراتها في عدم تمكنها من انقاذ البشر في اكثر الدول تباهياً بمنظومتها الصحية العظيمة. وبرز بالمقابل الجهود الثورية للطواقم الطبية التي حملت لواء المعركة بجسارة وحاربت على الخطوط الامامية مسلحة بعلمها وأدواتها المتوفرة والتي بان عقمها وضعفها. لكن المنظومة الصحية ككل انهارت امام تدفق الحالات مثلما حصل في إيطاليا والولايات المتحدة. وان كنا رأينا من ينبري يبرر انهيار هذه المنظومة في إيطاليا بأنها لم تكن مستعدة لمواجهة الفيروس، فلدينا أسئلة مشروعة جداً من قبيل: لماذا تخلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن عضو الاتحاد ولم يمد له يد العون الطبي – بينما فعل ذلك الكوبيين بامكانياتهم البسيطة -؟ لماذا فشلت المنظومة الصحية في الولايات المتحدة ومات الاف لعدم تمكنهم من تلقي الرعاية الصحية؟ ان ابسط محاكاة لارتفاع عدد المرضى بأي من الدول القومية سيكشف بلا شك ان العدد الأكبر من المصابين سيتم التضحية بهم. وان كان الفيروس ممكن ان "نتحكم" بتصاعد الإصابة به من خلال وسائل مختلفة بحيث نضمن توزع المصابين على فترة زمنية أطول ونتمكن بالتالي من استيعب عدد اكبر من المرضى ضمن نفس الإمكانيات فهل هذا ممكن بحالة الحروب والكوارث الطبيعية؟
أما المنظومة التعليمية فقد حاولت تخطي ازمتها بما سُمي التعليم عن بعد او التعليم الألكتروني- على اختلاف المفهومين لكن ما يهمنا ان هنالك محاولات جرت للتعليم بعيداً عن مباني المؤسسات التعليمية- فعلى الرغم من قصر التجربة والعديد من الأصوات التي نادت بفشلها الا اني أرى انها افرزت إمكانية توسيع رقعة التعلم كعملية أساسية اذا توفرت شروط الوعي التكنلوجي وتوفر القدرة المادية والتقنية للشعوب على التواصل من خلال الشبكة العنكبوتية. لكن على مستوى اخر ابرزت هذه التجربة القصيرة في التعليم عن بعد إمكان النظام السياسي المهيمن على السيطرة على العملية التعليمية وفردنتها اكثر وأكثر بحيث تصبح المؤسسات التعليمية مثل الجامعات غير قادرة الا على انتاج وتوزيع "العلم" الذي يريده ويولده ويطوره النظام السياسي السائد. لكن هذه معركة غير محسومة لصالح الأنظمة المهيمنة بعد.
النظام الاقتصادي في العالم الخاضع للهيمنة الرأسمالية لم يستكمل دورته بعد الركود وبدل الانتعاش اعتقد انه مر وسيمر بأزمة اقتصادية أشد فتكاً بالشعوب لكن هذه الأزمة لازمة لبقاء وتجدد النظام الرأسمالي، أي ان هذه الأزمة هي التي سيحاول من خلالها النظام الرأسمالي تجديد جلده وفرض مزيداً من هيمنته على الشعوب المقهورة. فبعد ان تدخلت الدولة لإنقاذ نظام الرأسمال الائتماني مناقضة بذلك قوانين السوق الرأسمالي نفسه قبل عقد من الزمن، عادت وستعود لتلعب الدور نفسه لتقوم بدور الحماية للنظام الاقتصادي المنهار على حساب الطبقات الفقيرة بالأساس مكتفية بالقاء الفتات الذي يقيها من ثورة الجياع على امل ان يستكمل الاقتصاد الرأسمالي دورته. ان أزمة المنظومات الصحية والتعليمية والصناعية وغيرها أفرز ضرورة ان تتدخل الدولة المهيمنة لحماية هذه المنظومات كما فعلت مع قطاع الائتمان والبنوك.
الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والحركات الاجتماعية:
لن يكون بمقدور النقابات العمالية الليبرالية ولا الأحزاب السياسية "اليسارية" ان تلعب دورها الطبيعي الضروري في قيادة النضال ضد النظام الرأسمالي الفيروسي المتجدد ليس لأنها تم تدجينها ومأسستها ليبرالياً فحسب بل لأنها مارست الرخاء الثوري والنضال الفندقي كثيراً بحيث لم تعد قادرة على الغوص في وحل العمل الحقيقي.
فالأحزاب والنقابات وحتى الحركات الاجتماعية لم تعد على مستوى التحديات التي عليها تحملها ولم تعد قادرة على ان تكون طليعة النضال ضد الرأسمالية. فلو كانت كذلك كان يمكن اعتبار الأزمة والركود الاقتصادي الحالي "فرصة" تُخلق من رحم التحدي لتصل الطليعة السياسية للطبقات الأكثر فقراً الى سدة السلطة السياسية ببرنامجها السياسي الاقتصادي الثوري الغائب. انها ليست نظرة متشائمة لدور الأحزاب اليسارية والنقابات العمالية بل توصيف لتمكن الأنظمة السياسية - ممثلة مصالح الطبقات الأكثر غناءً ونفوذاً – من التفرد في السيطرة على حركة الشعوب ومقدراتها وفرض مزيداً من الإفقار عليها. فالمطلوب ان تجدد الأحزاب السياسية اليسارية والنقابات العمالية الثورية برنامجها السياسي ووضع لبنات إعادة تنظيم نفسها لتقوم بدورها الطبيعي في قيادة الجماهير نحو إقامة المجتمع الاشتراكي – بلا خجل من طرح البديل الاشتراكي وكأنه موضة قديمة او سلعة نافقة – وتحقيق مصالح الجماهير في الحصول على حقوقها الاقتصادية والاجتماعية من وصول للخدمات الصحية والتعليمية وممارسة حقوقها السياسية النضالية.
البديل الاشتراكي والأحزاب الراديكالية والنقابات العمالية المبدئية اصبحث اليوم اكثر ضرورة لإنقاذ البشرية من تغّول وهيمنة الرأسمالية الفيروسية واذا لم تتشكل الهياكل السياسية النضالية لتقود النضال الطبقي نحو الثورة الاشتراكية فستستمر الرأسمالية بممارسة هيمنهتا وسيكون على البشرية ان تواجه مزيداً من الاخطار سواء من صنع البشر او من صنع الطبيعة مع بقاء الانسان عاجزاً عن مواجهتها وغير قادر على التعامل معها. فالفردانية في مواجهة هذه المخاطر لن يقودنا الا الى مزيد من التسليم والخنوع لغولنة الرأسمالية وسنكون كبشر وحتى كوكبنا كله وقوداً مستعرة لتحقيق مزيداً من الأرباح لهذا الرأسمال الفيروسي وصولاً لدمار الكوكب شيئاً فشيئاً سواء بوباء او احتباس حراري او حرب كونية نووية.
ان مقولة روزا لوكسمبورغ " الاشتراكية او البربرية" تتحقق صدقها يوماً بعد يوم وان كانت البربرية لم تعد اقصى ما يمكن ان يتحقق في ظل غياب المجتمع اللاطبقي، بل قد يكون الشعار الجديد الاشتراكية او الفناء والعدمية.
انا اعول امالاً كبيرة على ان الطليعة السياسية الثورية قادرة على إعادة انتاج ادواتها الثورية وتحرر البشرية من فيروس الرأسمالية لتتحول بعدها لمواجهة اهوال لطبيعة التي خنقها النظام الرأسمالي وهددها بالفناء كما فعل مع البشر.



#عيسى_ربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في - طبيعية- الموقف من التراث والحاضر
- مراجعة كتاب نبوة محمد التاريخ والصناعة. مدخل لقراءة نقدية
- العمل وفائض القيمة: قراءات مبسطة في كتاب رأس المال
- قراءات في كتاب رأس المال. اطلالة على مفهوم القيمة
- نقد الاقتصاد السياسي : قراءات مبسطة في كتاب رأس المال. مدخل ...
- إطلالة على المدارس والنظريات المثالية والمادية حول الدين
- حول ماهية الدين. مدخل تأسيسي لتعريف الدين والمقدمات التي أسس ...
- الأحزاب اليسارية والفعل الجماهيري
- من اجل التكامل بين الوطني والتنموي: المطلوب رؤية تنموية استر ...
- -ديمقراطية- بالعربي
- تهافت التهافت
- في أسباب تفشّي -ظاهرة- الفردانية في العمل السياسي
- عوامل بروز ظاهرة الناشطين الفردانيين
- حول الشكل التنظيمي لأحزاب اليسار
- ناشطين فردانيين مقابل أحزاب ثورية
- مهماتنا: الجزء الثاني التجربة الفلسطينية
- مهماتنا: الجزء الأول المجتمع المدني
- نحو تشكيل جبهة يسارية ثورية
- مهمات اليسار في ظل الحراك بالشارع العربي
- ازمة اليسار من سوريا


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - عيسى ربضي - وباء الرأسمالية الفيروسية المتجددة