أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - ابو محمود الصباح من غرفة عملية صيدا يرد على تصريح مردخاي غور ، لن تدخلوا النبطية وصور وصيدا إلا على جثثنا ...















المزيد.....


ابو محمود الصباح من غرفة عملية صيدا يرد على تصريح مردخاي غور ، لن تدخلوا النبطية وصور وصيدا إلا على جثثنا ...


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 18 - 16:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


/ كانت الأغلبية غارقة حتى أذانها في العيش والاكتفاء بالخبر ، بأستثناء من في الجنوب اللبناني ، كان هناك رجال يصنعون تاريخاً جديداً للأمة العربية المعاصرة ، لكن كما جرت العادة ، الاستبداد المقعد والمركب الذي يمارسه الحاكم عادةً ، يسمح له دائماً الإقدام على لعبة التبادل والخلط بين الحصان والبيدق ، وبالفعل تمت كما أشرتُ في المقال السابق من العام المنصرم ، إعادة جيش الأسد الأب وقوات الكتائب اللبنانية إلى حدود جزين في جنوب لبنان ، واستمرت المعارك بضراوة وبلا هوادة بين حليفين سابقين وحركة فتح ، عند خطوط التماس وصولاً إلى جبال صنين ، انقسمت آنذاك غرفة عملية صيدا وفرخت غرفة أخرى في الدامور ، قادها بمفرده ابومحمود وكانت هذه الواقعة الوحيدة التى افترقا بها ابو موسى وابو محمود عن بعضهم البعض ، استطاعت حركة فتح إجبار قوات الكتائب بالانسحاب الكامل من القرى والمدن في تلك المناطق ، وأصبحت الطريق بين بيروت وصيدا آمن بوجود قوات ابومحمود ، وللتاريخ ، بفضل تلك المعركتين ، أعاد بشير جميل حسابته وتحالفه مع الأسد ، بل تشكل لديه قناعة بأن الفلسطينيون ليس لديهم أطماع وجودية أو إحلالية في لبنان ، بل ترسخ مع الوقت إيماناً بأن حليفه الأسد يطمح بالسيطرة على لبنان وتحويله رهينة لقراره السياسي ، الذي بعدها مكن ياسر عرفات بفتح قناة مع بشير وجماعة الكتائب ، بالفعل بعد تأمين المنطقة ، عاد ابومحمود إلى صيدا لكنه توجهه مباشرة إلى مكتب التنظيم في الجنوب ، وإلتحقى ابو موسى وجميع أعضاء قيادة الجنوب آنذاك بالاجتماع الأول بعد توقف المعارك على الجبهتين ، كان على رأسهم مصطفى سعد رئيس التنظيم الشعبي اللبناني وواحد من أهم قيادات الوطنية والسياسية اللبنانية والتى اغتالته إسرائيل لاحقاً ، لقد شاركت قواته بجميع المعارك التى خضتها قوات العاصفة ، وأثناء الاجتماع ، جاء نداء عبر الجهاز اللاسلكي ، هكذا ، من أسد واحد إلى مروان 24 ، كان أسم ابن ابومحمود الأصغر رمز حلقة التواصل بين الجميع ، هنأ أبوعمار بالانتصارين ، كانت بيروت ايضاً واجهت معارك ضروس لكن جيش الأسد تمكن من دخولها ، وأطلق يومها أبوعمار لقب على ابومحمود ، ( بابو محمود الجنوب ) ، إذن ، ففي المناطق التى خرجت منها قوات الكتائب ، بدأت على الفور عمليات تمشيط وتمكنت مجموعة قريبة من ابومحمود ومجموعة أخرى تابعة للكفاح المسلح الدخول إلى قصر الرئيس كميل شمعون الأسبق في منطقة سعّدِيات ، الذي شكل فراراً بعد حسم المعارك من قصره ، مستعين بزوق صغير إلى شمال بيروت ، فجماعة ابومحمود بحثوا عن السلاح وبالفعل كان هناك مخزن ممتلئ بالسلاح الأمريكي والنوعي ، والفئة الأخرى بدأت بنقل صناديق السبائك الذهب والتحف والأموال والصور التاريخية والزيتية في سياراتهم ، كأن شمعون لم يترك شيء عليه العين في خزينة الدولة اللبنانية أو متاحفها إلا ونقله إلى قصره ، باختصار كان سارق كبير للبنان ، أما القوات المشتركة ، اللبنانية الفلسطينية أبدعت في سرقت الدامور وسعّدِيات والقرى المحيطة ، لم يتركوا سلك كهرباء أو أي شيء إلا وسرقه ، صحيح كانت هناك حالة من الغضب بين القوات المشتركة ، لأن قوات الكتائب في حفل ذكرى السنوية لاغتيال معروف سعد ، حليف الثورة الفلسطينية والأب الروحي للفقراء في لبنان ، نفذت الكتائب مذبحة بحق المحتفلون ، التى قضت على 26 شخصاً ، لكن السرقة لم تكن مبررة وكما أشار ابومحمود في كلمته أثناء الاجتماع ، قد نختلف سياسياً مع جهات لبنانية ، لكن هذا لا يعطينا الحق بسرقة أموالهم على الإطلاق أو نتعامل مع مقتنياتهم على أنها غنائم حرب ، بل وظيفتنا الأولى تأمين أرواح الناس وأموالهم ، لكن حالة المياعة وعدم حزم الأمور والمحاسبة ، كانتا دائماً تتفوقان على أي مفاهيم جدية ، وبالتالي هي لا سواها ، هذه السلوكيات كلفت الثورة الفلسطينية ثمناً باهظاً ، بل أفقدت الثورة حواضنها الشعبية الواسعة .

تفرقوا المقاتلون ، جماعة المال والقطع الثمينة والذهب توجه إلى بيروت لمعرفتهم المسبقة بالتوتر التى ستخلقه واقعة النهب ، أما جماعة السلاح والذخيرة جاءت إلى صيدا وبدأوا أفرادها بتخزين السلاح في أماكن آمنة ، وبالطبع ، جماعة الأسلاك والإطارات السيارات وماشابه ، فروا إلى المخيمات والقرى المحيطة في صيدا ، أثناء الاجتماع جاء ( عبد ) وهمس بأذن ابومحمود ، بواقعة قصر كميل شمعون ، عبد كان يعتبر من شباب التنظيم المقربين وقد استشهد لاحقاً في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م ، فرجل بشجاعته المعروفة واجه بمفرده مجموعة من القوات الإسرائيلية التى نزلت إلى مدينة صيدا من البحر ، ومثله الكثير من الذين كانوا أعمدة حقيقية لقوات العاصفة في الجنوب ، للأسف عاشت عائلتهم بعد استشهادهم بأقل من مائة دولار شهرياً وعانوا من الفقر والإهمال ، ما لا يعانيه اللاجئين في أيامهم الأولى من اللجوء ، بالفعل استدعى ابومحمود فؤاد عواد ، كان عواد نائبه وطلب منه باعتقال الجميع ، استطاعوا اعتقال الجهة التى حصلت على السلاح ومن ثم توصلوا مع أفرادها إلى اتفاق ، بإعطاء كل فرد قطعة على أن يسلموا جميع القطع لمخزن التسليح التابع لقوات العاصفة ، وبعد عمليات استخباراتية تبين الآخرون موجودون في بيروت بحماية بعض المسؤولين ، بالفعل أمر ابومحمود بوضع حاجز على نهر الأولى بهدف اعتقالهم ، وبالتالي باتت عودتهم إلى الجنوب وصيدا مستحيلة إلا إذا حصل اتفاق مسبق ، مرت أسابيع وأخذ ابوموسى قرار بنقل سكنه من النبطية إلى الدامور ، لأنها تعتبر منطقة واقعة بين الجنوب والعاصمة وبالتالي يِسهل له التنقل بينهما ، وبعد أيام تلقى ابومحمود نداء على جهاز اللاسلكي الخاص في البيت ، جاء النداء هكذا ، من أسد واحد إلى مروان 24 أجب ، أجاب مروان 24 ، مروان 24 معك حول ، أسد واحد بانتظارك اليوم في موقع 17 ، استعد ابو محمود للانطلاق إلى بيروت وأوعز لاحمد جرادي بالاستعداد ، ولحظة خروجه أصرّ مروان ابنه بمصاحبته ، فنظر ابو محمود في مروان وقال الأفضل أن تبقى لتهتم بدراستك ، لكن إصرار مروان وايضاً بتدخل جرادي أقنعاه بالفكرة ، ركب ابومحمود السيارة الأولى وبجانبه مسدسه وبين ساقيه بندقية صغيرة تسمى ( شتاير أسود اللون ) وإلى جانبه أبوعلي يقود السيارة وبين ساقيه كلاشنكوف ومروان في الخلف بين احمد وعبد ، احمد يحمل أم 16 مقنبلة وعبد يحمل بمب اكشن ومروان حمله أحمد كلاشينكوف ايه كاي 74 ، المُييز بصغره وارتداه الغازي ، أما السيارة الأخرى ، كانت دفع رباعي ، يقودها شاب لبناني وخمسة أفراد آخرين ، الجميع مسلحون بقطع كبيرة ومسدسات بالإضافة إلى صندوقين ، وضع أحمد ثلاثة اربجهات وصندوقين من الذخيرة ، وأبلغ ابو محمود ، نحن جاهزون لخوض معركة مدتها ستة ساعات حتى يأتينا الإمداد ، الآن تحولت مشكلة مروان ليست برؤية أبوعمار ، بل بترك البندقية ، وبالفعل قطعوا السيارتين الطريق بحذر شديد خوفاً من أي كمين يتربص بهم حتى وصلوا إلى الفكهاني مقر ياسر عرفات ، في المربع الخارجي لعمارة 17 ، كانت البقعة ممتلئة بالسيارات والمقاتلين ، بالفعل نزل ابو محمود وقال لمروان يبدو هناك اجتماع ، عندما ينتهي أو لمَّ تخف العجقة ، سأرسل لك أحد الشباب ليأتي بك ، فأجاب ليس بضرورة ، خلص مرة ثانية بشوفه ، بالطبع بالنسبة لمروان أصبحت البندقية لديه أهم من لقاء ابو عمار ، وهذا ما إلتقطه أحمد بذكائه ، عاد أحمد الي السيارة بعد مرافقة ابومحمود إلى المصعد وجلس في المقعد الأمامي وبدأ يتحدث مع عبد ، متجاهلاً أبوعلي لمعرفته بعدم تجاوب الأخير للحوارات وعشقه للصمت ، وبعد حوالي ساعة بدأت الشخصيات تغادر المكان وتساءل أحمد ، هل تعتقد يا عبد ، أبو عمار بحب مروان لدرجة إذا طلب مروان من أبوعمار مسدسه الشخصي يحقق له طلبه ، أثناء حديثهما كان مروان شارد بالبندقية ومخيلته تتوسع وتضيق حسب مساحة رؤيته للأفلام الأمريكية التى اعتاد مشاهدتها في السينما ، لكن كلام احمد دخل كأسهم في أذنيه ، وبدأ ميزان القياس لديه يعمل ويُقيم بين البندقية المؤقتة والمسدس الدائم وعلى الأخص من أبوعمار ، يعني سيكون حدث تاريخي بين أشبال المعسكر ، فقال مروان ، ايه ، طبعاً إذا طلبت منه بيعطيني ، لكن أحمد شكك في ذلك مع إصداره إيهههههات طويلة وقال خلصنا ، مين مفكر حالك ، تدخل عبد ، وقال ، لللللا أبوحميد ، أتوقع بيعطيه ، فأجاب على الفور أحمد بخباثته ، يراد منها دفع مروان على فعل ذلك ، لا أظن يا عبد ، صحيح أبوعمار بحب مروان ، بس مش لدرجة مسدسه الشخصي ، وقتها استشاط غضباً مروان وترك البندقية وخرج من السيارة وتوجه إلى المصعد وطلب من العنصر الأمن بإصاله للطابق 17 ، مكتب القائد العام للثورة الفلسطينية آنذاك .

خرج مروان من المصعد وتوجه إلى الجهة اليُمنة ، كان الباب مفتوح والساحة في الداخل شبه فارغة ، إلا من الكراسي وشخصين أو ثلاثة ، جالسون وبجانب الحائط كاونتر صغير ، كالرسبشين تقف خلفه أم ناصر سكرتيرة ياسر عرفات ، فقال لها تحياتي أخت أم ناصر ، فبتسمت وقالت أهلا أخ مروان ، فقال بدي أشوف القائد العام ، فبتسمت هذه المرة ، لكن مع هز كتفيها ، قالت شو الموضوع ، سكت مروان وأحمر وجهه وبدأت عينيه تلتف يميناً وشمالاً ، تراقب ردة فعل الجالسين بغرفة الانتظار ، ثم قالت يبدو موضوع خاص ، خلص هذا الباب أمامك ، أفتح وأدخل ، بالفعل عندما دخل مروان الغرفة وجد نافذة طويلة وواسعة تطل على مجموعة عمارات بشكل مربعي ، وهناك رجل نحيل شديد الصلع جالس على كرسي جلد بمفرده ، علم مروان فيما بعد بأنه محسن ابراهيم ومن ثم ابو عمار طريح الفراش فوق سرير صغير لكنه عالي والي جانبه ابو محمود وخمسة أشخاص آخرين من بينهم صخر حبش ، كان وقتئذ مدير مكتب ياسر عرفات ، أدى التحية وقال مروان تحياتي أخ ابو عمار ، فأجاب ابو عمار ، تحياتي أخ مروان وفتح ذراعيه وهز برأسه إلى الأسفل ، أي تقدم ، سارع مروان وقفز إلى السرير كأنه أراد أن يثبت له بأنه يقفز داخل حلقة نارية في معسكر التدريب ، الذي استفز أحد الجالسين ، وقال ، انتبه يا عمو الأخ ابو عمار متوعكاً صحياً ، فأجابه ابو عمار ، لا تستمع له يا أخ مروان ، بس الغيرة أصابته ، لكن بلهجته المصرية ، ومن ثم نادى أم ناصر وطلب منها بجلب الشوكولاته ، فقالت أم ناصر أي نوع شكولاته بتحب يا أخ مروان ، عندي نوع كذا وكذا ، على الفور صرخ بوجها ، مستعجاً من مسألة الشوكولاته ، وقال لا أرغب بشوكولاته ، فقالت أم ناصر وهي تضحك ويضحك معها اكتنازها ، طيب شو بدك ، فقال مروان إلى أبوعمار ، أريد مسدسك ، في هذه اللحظة سكتت أم ناصر ، وتدخل أبوعمار وتساءل ، لماذا ترغب مسدسي ، فقال أنت مش فاهم ليش أنا بدي المسدس وضروري ، فضحك ابو عمار وقال ، أنت يا أخ مروان لم تفهمني الموضوع ، ألحق عليك ، فقال مروان وهو ينظر إلى الشخص الذي اعترض على قفزته نحو السرير واحتضان أبوعمار له ، كأن مروان وُضعه بشكل أتوماتيكي في خانة الأعداء ، كل يوم عنا في صيدا يأتي الطيران الإسرائيلي ويقصف من السماء مواقع مختلفة وتبدأ سيارات الإسعاف بنقل الجرحى إلى المستشفيات وفي هذه اللحظة أصعد أثناء القصف إلى سطح العمارة ومعي الكلاشنكوف ، بس مش قادر أتحكم فيه كويس مثل نمر الأسود ، أنت بتعرف نمر اللي بيرمي على الرُباعي من فوق صيدا ، فقال أبوعمار ، ما في حدا بيعرفه غيري ، أكمل مروان ، انا وأحمد وعبد ، كل مدة منتطلع عند نمر وبشوفه كيف مجنن الطيران الإسرائيلي وهو بيرمي عليهم من الرُباعي ، يعني ، إذا أنت عطتني مسدسك ، بصير مثل نمر من منطقة المية والمية ، هو بيرمي عليهم وأنا من سهل الصباغ برمي عليهم وهيك منجننهم ، خيم الصمت في الغرفة ومن ثم نظر أبوعمار إلى محسن إبراهيم ، وقال ، هو يا محسن ، هم الإسرائيليون مفكرين أرض فلسطين يتيمة ، هؤلاء مجانين ، ثم مد يده وقال لمروان هات إيدك ، لم يفهم مروان ما المقصود ، فقال له ابو محمود ، يعني سلم عليه ، فوضع مروان يده بيد أبوعمار ونظر أبوعمار في عينين مروان وقال ، هنصلي أنا وإياك في المسجد الأقصى قريباً ، يرونه بعيداً ونراه قربياً ، أنت مش بتتعلم في المدرسة كتاب الله ، ومن ثم قال سأعطيك في المرة القادمة مسدس خاص بك وهذا وعد مني .

أثناء العودة من بيروت إلى صيدا ، بعد سلسلة لقاءات في العاصمة أمتدت إلى منتصف الليل ، سارتا السيارتان دون مصابيح بعد منطقة الناعمة إلى مشارف نهر الأولي ، تماماً على العتمة ، ألتقتى مروان لاحقاً أمرين هامين من داخل غرفة أبوعمار ، بأن كل ما يقال خارج الغرفة ليس بالأهمية الكبرى لأن أبوعمار يمتلك المال والقوة العسكرية والعلاقات الدبلوماسية والأمر الآخر ، ياسر عرفات كان بحاجة إلى شخص عصامي مثل ابومحمود لكي يخيف الآخرين ، وبالتالي ، يلجأون إليه من أجل توفير الحماية لهم ، بالفعل مرّ الوقت ، وفي ذات يوم ، تحديداً في عام 1978م ، زار ابوجهاد الوزير مكتب ابومحمود في صيدا التى اغتالته إسرائيل في العاصمة التونسية كرد على محاولته لتفجير مفاعل ديمونا ، همس بأذن ابو محمود وهو عائد من حيث أت ، بأن الأيام القادمة ستكون صعبة من الأفضل أن نكون على جاهزية عالية ، فهم ابومحمود بأن هناك قرار بالتصعيد ، بالفعل وقعت عملية كمال عدوان في إسرائيل بقيادة دلال المغربي ، التى أسفرت عن هزة عميقة في أركان الجيش الإسرائيلي ، على خلفية العملية استنفرت إسرائيل جيشها ، في المقابل استنفرت حركة فتح قواتها في الجنوب ، كان قد أُتخذَ القرار في تل ابيب بضرورة صنع حزام آمن في جنوب لبنان بعمق 10 كليو وتمكين ميليشيا لبنان الجنوبي من المناطق التى يتم تحريرها ، بدأ الجيش الإسرائيلي بالتحرك وأطلق على العملية أسم ( رأس الحكمة ) ، ووقف مردخاي غور رئيس هئية الأركان الجيش آنذاك أمام الصحافة دون أن ينطق بكلمة واحدة ، لتسأله صحفية ، أنت إلى أين ذاهب ، فقال أدعوكم بعد ساعات قليلة إلى صيدا وصور لإجراء معي مقابلة صحفية ، كانت غرفة عمليات صيدا في حالة استنفار دائمة ، عقد ابومحمود الاجتماع الأول مع جميع قيادات قوات العاصفة في الجنوب وقيادات القوات المسلحة التابعة لجيش التحرير ، ورد بتصريح مضاد على مردخاي ورفائيل إيتان معاً ، ونادى من على اللاسلكي لابو موسى بضرورة التوجه من الدامور إلى صيدا ، لكن العدو كان الأسرع بالتحرك ، إنتهى الاجتماع ووضعت الخطط وتفاصيل الإمدادات والخطط البديلة ، تولى عزمي صغيّر ، الذي استشهد لاحقاً في اجتياح لبنان عام 1982م ، مع مسعود الملقب بمسعود صور بالدفاع عن مدينة صور وكلف بلال الأوسط في الدفاع عن الخطوط الأمامية ، الذي استشهد هو الآخر أثناء اجتياح لبنان في معركة ، أطلق عليها النصر أو الشهادة ، رافضاً الاستسلام والخروج من لبنان ، في الجانب الآخر ، كُلف فتحي ابو العرادات بالدفاع عن مناطق جنوب شرق صيدا ، وخرج الجميع من الاجتماع بعد ما أطلق ابومحمود تصريحه الشهير الذي نقله صحفي صيداوي من عائلة بيضون ، كرد على تصريح مردخاي ، بأن دخولكم إلى النبطية وصور وصيدا ، ( لن يكون إلا على جثثنا ) ، لكن ابو موسى الذي تحرك من الدامور تفاجأ بالاسرائيليين أمامه ، وجد نفسه امام بوارج وزوارق اسرائيلية تقطع طريق نهر الأولى ، وترّصد أي تحرك باتجاه صيدا ، لم يتردد ، نادى عبر الجهاز اللاسلكي ، وحدد موقعه ، ومن ثم طالبه ابومحمود بالدخول ، مسافة كليو في حرش النهر ، لكي يتمكن من إرسال من يأتي به عبره ، ثم سأل عن احمد ، فقال ابو علي / سائقه ، احمد جرادي ونظمي الحزوري وهشام ايوب وعبد المجيد الصادق وجميع من معنا تركوا السيارات وإلتحقوا مع بلال الأوسط وذهبوا إلى الخطوط الأمامية ، فقال لابوعلي أذهب إلى ابو نصار واحضره على الفور ، كان ابونصار بطل من أبطال كمال الأجسام ومسؤول إتحاد الرياضي ، بالفعل ، كلف ابو نصار باحضار ابو موسى من حرش نهر الأولى عبر السباحة ، خلال ساعة ونصف كان ابو موسى يقف في غرفة عمليات صيدا غارقاً بماء النهر ، فتعانقا وتساءل وقتئذ ابو محمود ، سبحان الله وجودك في الدامور كان فرصة لتنفد من الموت ، فضحك ابوموسى وقال ابداً ، لن أتركك تموت لوحدك ، سنموت معاً ، وبدأت أكبر وأهم عملية واشتباك على الإطلاق في الصراع الإسرائيلي العربي ، وهذا ايضاً ، يُسجل لخبرة ابوموسى العسكرية الكبيرة التى لا تقل عن خبرة ابو وليد سعد صايل ، كانت إسرائيل قد عبرت الحدود بأعداد تصل إلى 60 ألف جندي ، وواصل الطيران قصفه على مدار الساعة واليوم والليلة ، وغطت البوارج والزوارق بحر الجنوب وفتحت نيرانها على المدن والقرى ، وبدأت ميليشيا سعد حداد التابعة للاحتلال بالتقدم نحو القرى تحت قصف جنوني ، استمرت العملية أسبوعين إلى أن استطاع الجيش الاسرائيلي التقدم ومحاصرة كتيبة بلال الأوسط في تلة البازورية ، أصبح إمدادهم بالسلاح والغذاء أمر مستحيل ، وضعت الخطط وكلفا عزمي صغير ومسعود صور بفتح طرق بديلة حتى لو كانت تحت الأرض لإيصال الإمدادات ، بالفعل حصل ذلك ، مع تكليف فتحي ابو العرادات بتكثيف القصف بالكاتيوشا والعمليات الهجومية ، إلى أن اقتنعت قيادة الأركان للجيش الإسرائيلي بأن مهمة دخول النبطية وصور وصيدا أمر مستحيل تنفيذها ، من الواضح بدأت الحكومة الإسرائيلية بوضع خطط بديلة لإنقاذ نفسها من المراوحة وألقى مردخاي تصريح آخر من حدود تلة البازروية ، قال بالحرف ( يوجد خلف هذه التلة ناس يعشقون الموت ) ، وكلفت واشنطن الأمم المتحدة بوضع خطة لإنهاء القتال ، طار موفد الأمين العام إلى بيروت واجتمع مع أبوعمار واتفقا على وقف القتال ونشر قوات أممية ، ( القبعات الزرق ) ، على أن يتزامن ذلك انسحاب إسرائيل إلى القرى الجنوبية المتاخمة للحدود الفلسطينية ، يقابله انسحاب ايضاً لقوات العاصفة خلف نهر الليطاني ، رفضا ابو موسى وابو محمود القرار معاً وأغلق ابو محمود جهاز اللاسلكي ، الذي أفقد التواصل مع بيروت ، شدد في وقتها ابو عمار على ضرورة تنفيذ القرار الأممي بوقف إطلاق النار ، لكن لا حياة لمن تنادي ، استمرت الكاتيوشا بدك الشريط الحدودي ، بالتزامن مع تكثيف العمليات القتالية ، وتطور القتال ، بتدفق المقاتلين من الجنوب وبتوجيههم إلى المواقع المشتعلة ، بهدف تشكيل ضغط لفك الحصار عن كتيبة بيت المقدس ، في عبارة أخرى أنقطعت أقنية الصرف بين الجنوب وبيروت ، وبات الجنوب أرض مغلقة تماماً يوقدها ابو موسى وابو محمود ، وتحولت اللغة من خشنة إلى قطيعة ، أرسل ابو عمار إلى صيدا ابو جهاد الوزير مستفيداً من وقف إطلاق النار في منطقة نهر الأولى ، وصل ابو جهاد إلى غرفة عملية صيدا ، واجتمع مع الطرفين ، وبعد ليلة كاملة من المفاوضات انتهت باستمرار القتال ، بل وصل العتاب ، بأن كان الأولى لقواتنا بشن عمليات من جهة نهر الأولى لفك الحصار عن الجنوب وفتح باب الإمدادات بالمقاتلين والسلاح من بيروت والجبل ، عاد ابو جهاد إلى بيروت وأخبر ابو عمار بقرارهما ، من جانبه لم يتردد في محاولة أخرى ، استدعى ابو صالح وشرح له الموقف الدولي وأهمية إعتراف الأمم المتحدة ب( م ت ف ) وضرورة استثمار إعتراف إسرائيل الضمني بالجانب الفلسطيني من خلال وقف إطلاق النار ، بالفعل وصل ابو صالح إلى صيدا ، كان ابو صالح على مدار سنوات السابقة مسؤول ملف الجنوب باللجنة المركزية ، وفتح جهاز اللاسلكي واستغرقت المفاوضات يومين وانتهى الحصار عن كتيبة بيت المقدس التى يقودها بلال الأوسط وانسحبا الطرفين إلى المواقع التى اتفقا عليها مع الأمم المتحدة ودخلت القبعات الزرق .

كانت حرب الليطاني بداية النهاية ، لكن الجوهر ، هو ما آلت إليه الثورة ، تحديداً بعد معركة الليطاني ، بدأت عملية تجيّشّ المقاتلين من التنظيم إلى جيش التحرير وانتقلت الفكرة من تحرير أرض إلى تحسين ظروف العيش والحصول على رتبة عسكرية أو مدنية ، وبالتالي تورط الشعب بمجموعة من عدمي الكفاءة والمواهب ، بل دارت مطاحن الضمائر وتجبير القيادات والأفراد والتنظيمات والهيئات حتى أعاد الطحن ، بتشكيل الصورة التى عليها الآن ، لكن ما هو الجدير بالتذكير ، بأن الوعد الذي قطعه أبوعمار لمروان لم يتحقق ، لم يصلوا سوياً كما وعده في الأقصى ولم يعطيه مسدساً ، بل الغصن الزيتون الذي كان يلوح به من على منابر الأممية ، أخذه منه وحرمه من زرعه بجانب أسوار القدس ، وجعلوا من فلسطين سجناً كبيراً ، فبدل أن يرفع علم النصر فوق أسوار القدس كما كان يردد ، زرعوا له في كل قرية جدار ووضعوا فوقه علم نجمة داوود. والسلام 



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خلطة الحرية والفلسفة والتحوّل ، تمهد للانتحار ...
- فقط أبن الحرة من يُدير الأزمات بنجاح ...
- محاولة ركيكة مثل صاحبها ...
- البحث عن الهوية ، شعاراً مازال قيد البحث لم يتحقق ...
- إعادة النظر بالبيداغوجيا التقليدية ..
- الأفكار العلمية والفلسفية ممكنة في زمن معين ومستحيلة في زمن ...
- الرأسمالية الليبرالية والرأسمالية بلا ليبرالية ...
- مازالت أنماط التفكير لأجهزة الاستخبارات العالمية تتشابه بالأ ...
- من على الرف إلى الحياة الكاملة ...
- جندرة الحيوان كانت مقدمة لجندرة البشرية ...
- وزير قلق ووزير مرتاح والفرف بين بكين وواشنطن
- كورونا بين القرض الحسن والربوي ...
- عندما تمطر السماء والأرض ترفض الإستجابة ...
- الغزالي بين من الإختزال والإسهاب ...
- الغزالي بين الإختزال والإسهاب ...
- الخطوات الاحترازية عامل أساسي في تقليل الإصابات ...
- الذكرى التاسعة لانتفاضة الشعب السوري ..
- لا خطر يعادل خطره ...
- التعرف شيء والإدراك شيء آخر ...
- الفيروس عموماً يعشق الجبلة الطينية ...


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - ابو محمود الصباح من غرفة عملية صيدا يرد على تصريح مردخاي غور ، لن تدخلوا النبطية وصور وصيدا إلا على جثثنا ...