|
الإقتصاد السياسي للنفطِ المخلوطِ بكورونا
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6509 - 2020 / 3 / 9 - 22:32
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
قيلَ الكثير ، وكُتِبَ الكثير عن النفط ، واقتصادنا "النفطي" ، وعن نفط "نظامنا" الأسود ، الذي "سوّدَ" وجوهنا جميعاً. كَتَبْنا مُحذّرينَ ، ومُنذِرينَ ، ومُتوَعّدينَ ، ومُهدّدينَ أولئكَ القَيّمينَ على "نظامنا" الإقتصادي، بالويلِ والثبور ، إنْ لم يضعوا حدّاً لمحنتنا "النفطيّة" .. ولم يأتِ ذلكَ بأيّ نتيجة. فهذا "النظام" كما يبدو لا يخافُ من أمثالنا ، ولا يحتاجُ اليهم ، ويترفّعُ عنهم ، ويعتقِدُ أنّهُ في منزلةٍ أعلى وأسمى منهم جميعاً . هذا "النظام" لايخافُ من دَم أبناءهِ النازفِ منذ ستّة أشهر ، ولا يخافُ على مصادرِ الرزقِ الشحيحةِ لفقراءه ، ولا يخافُ حتّى من "الثورة" التي وصلتْ إلى عتباتِ بيتهِ "الأخضرَ" ، الذي تتلطّخُ جدرانهُ الآن ، ببركات ولَعنات الريعِ النفطيّ. ولأنّ"النظام" لايخافُ من ضياعِ غنائم سُلطتهِ المُطلقة على رقابنا النحيلة ، فيجبُ علينا نحنُ أيضاً أن لا نخاف من هذا "الإنهيار" الآني ، لأسعار النفط العالمية. ذلكَ أنّ ليس من مصلحة روسيا-بوتين (وهي من أكبر مُنتجي ومُصدّري النفط في العالم) ، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر ، وإلاّ فإنّ السيّد فلاديمير بوتين سيجدُ نفسهُ خارجَ"ساحة" الكرملين. وليسَ من مصلحة أمريكا –ترامب(وهي من أكبر مُنتجي النفط الصخري في العالم ، ومن أكبر المستهلكين للنفط في العالم) ، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر ، وإلاّ فإنّ السيّد دونالد ترامب سيجد نفسهُ (في نهاية هذا العام) خارجَ"ساحة" البيت الأبيض. و ليس من مصلحة المملكة السعوديّة(وهي من أكبر مُنتجي ومُصدّري النفط في العالم ، والحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية) ، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر ، وإلاّ فإنّ السيّد سلمان ،والسيّد محمّد بن سلمان ، سيجدان نفسيهما خارجَ"الساحة" قبل صلاة الجمعة القادمة ، في الحَرَم المكّي الشريف. وليس من مصلحة أسواق المال العالميّة ، من طوكيو إلى نيويورك ، أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر ، وإلاّ فإنّ هذه الأسواق ستنهار ، وستتكبّدُ الشركات الكبرى خسائر هائلة ، وستُعلِنُ الكثير من البنوك الكبرى إفلاسها على الفور. وحتّى الصين(وهي من أكبر مُستهلكي ومُستورِدي النفط في العالم ، بما في ذلك نفطنا العراقيّ"الثخين") ، والتي يُفتَرَضُ أنّ من مصلحتها أن ينخَفِضَ سعرُ النفط أكثر فأكثر(عسى أن يُعوّضها ذلك عن خسائر محنتها من فايروس كورونا، و من تداعيات الحرب التجارية مع أمريكا-ترامب على صادراتها ووارداتها الرئيسة) .. حتّى هذه الصين ستُدركُ سريعاً أنّ السيّد ترامب لن يسمح لها بإستغلالِ هذه الفرصة ، وسيقرُصُ "إذن" السيّد بوتين ، وسيُنَسّق مع السعودية ، من أجل التوصُّل إلى تحديد أسعارِ نفطٍ "مُعتَدِلة" ومُرضية للجميع ، ولاتُلحِق الضرر بالمصالح الأمريكيّة ، وبعكسه فإنّ السيّد شي جين بنغ ، سيجد نفسهُ خارجَ "ساحة" تيان آن مين. أمّا "جماعتنا" ، فَإنّهُم سيشربونَ "الصافي" ممّا "يخبطهُ" الآخرون بهذا الصدد .. فهُم في نهايةِ المطافِ لا يَهِشّونَ ولا يَنِشّونَ ، رغمَ أنّ "نوقهم" و "جِمالِهم" كُلّها ، سارحةٌ مارِحة ، في أسواق النفطِ العالميّة. لهذا كُلّه ، فإنّ اسعار النفط ستستعيدُ توازنها سريعا ، ولكن بمعدلاتٍ أقلّ من أسعارها ماقبل كورونا .. وسيبقى "جماعتنا" يأكلون و "يُوصوصون" من بركات "مولانا" خام برنت .. إلى أنْ يقضي اللهُ أمراً كان مفعولا ، ويجدونَ لنا رئيس مجلس وزراء جديد ، يأكُل و"يوصوص" معهم ، سواء أكانَ سعر النفط 100 دولار ، أو 10 دولار للبرميل. وبهذه المناسبة "السعيدة" ، وفي الوقتِ الذي أزُفٌّ اليكم فيه هذه "البُشرى" .. فإنّني أودُّ تذكيركم بأنّ السيّد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي (وكانَ حاضِراً إجباريّاً في حينه) ، لم يقطَع رواتبنا عندما اصبحَ سعر النفط في حدود عشرين دولار للبرميل في نهاية عام 2014 ، وكُنّا يومها في أقسى أيّام محنتنا مع "داعش" .. وبإنّنا بناءً على ذلك ، لن نسمحَ للسيّد عادل عبد المهدي(الغائب طَوْعيّاً) ، ولا لأيّ شخصٍ يحِلُّ محله(سواءِ اكانَ حاضراَ "إجباريّاً" أو غائباً "طوعيّا") ، أنْ يقتَطِعَ فِلساً واحداً من رواتبنا ، لحين زوال هذه الغُمّة عن هذهِ الأُمّة .. آمين.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن تأثير تذبذب أسعار بيع النفط على عجز الموازنة العامة للدول
...
-
التربيةُ -المُنخَفِضَةُ- والتعليمُ -العالي- في العراق
-
الطبقةُ السياسيّةُ في العراق وأنغِلاقُ الحَلَقاتِ المُميتة
-
إذا كنتَ تُريدُ أن تكونَ رئيسَ وزراءٍ ناجحٍ في العراق
-
تاريخُ الغيابِ الحديث
-
كحَبّةِ قمحٍ .. في فمِ نملة
-
عاصفة قُطبيّة
-
القلوبُ حمراء والدببةُ .. والدمُ أيضاً أحمرُ اللون
-
الديموقراطيّةُ العراقيّةُ والتَسَتُّر على العار
-
تُريدونَ تحريرَ فلسطين ؟ حرِّروا أدمغتكم أوّلاً
-
رومانس قصير الأجل
-
هناك هي القدس
-
سيحدثُ شيء .. سيحدثُ شيء
-
من تلقاءِ قلبي
-
مطرُ الوحشةِ .. في الفراغِ الطَلِق
-
المَلاك والتِنّين في إتّفاقاتِ العراقِ مع الصين
-
أنا أُحِبُّكِ جدّاً.. وتوجِعُني روحي
-
أتَعْرِفونَ متى .. يحدثُ هذا
-
تاريخُ الأشياءِ اليابسةِ .. الآن
-
كَمْ أحتاجُ إليك .. في هذهِ اللحظة
المزيد.....
-
بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية
...
-
مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد
...
-
بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر
...
-
ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ-
...
-
رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع
...
-
-حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر قيادة بثكن
...
-
-لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي
...
-
سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا
...
-
طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار
...
-
أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام
المزيد.....
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|